الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سمير قصير ومحمد بونفور ... الرسالة الخالدة

عبدالله هاشم

2005 / 8 / 25
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


سمير قصير ومحمد بونفور ... الرسالة الخالدة
التقيته في‮ ‬باحة وكان الوقت نهاراً،‮ ‬أشجاراً‮ ‬وأشعة شمس تصل إلى ما تحت قدميه،‮ ‬رجلاً‮ ‬شارد الذهن وكأن هما عظيماً‮ ‬يعصف بجنبات رأسه‮ ‬يحدق في‮ ‬أفق لايراه،‮
‬فأسررت إلى نفسي‮ ‬همساً‮!! .. ‬أنه‮ ‬يُخيط حُلماً‮ ... ‬فمن هذا؟ اقتربت واغتربت وإذ بي‮ ‬أقف مجبراً‮ ‬طائعاً‮ ‬مستكين وشعرت بأن طيفاً‮ ‬يماثل الجُرف‮ ‬يحول بيني‮ ‬وبينه‮ .‬ التَفَتَ‮ ‬وإلتقت صرامة النظرات،‮ ‬وتقدم نحوي‮ ‬وتوقف عند حافة الطيف‮ ..‬ ‮ ‬فقلت له‮: ‬هل التقينا في‮ ‬أي‮ ‬من لحظات الزمان،‮ ‬قال‮: ‬لم نلتق كأشخاص ولكن ألتقينا أحلاماً‮ ‬وعوالم،‮ ‬فقلت له‮: ‬لماذا لانقوى على أن نتصافح،‮ ‬فتبسم،‮ ‬وقال‮: ‬أنها الشهادة،‮ ‬فنحن أحياء عند رب العالمين نرزق كما ترزقون،‮ ‬وأنتم أحياء إلى أن‮ ‬يأخذ رب العالمين أمانته إلى‮ ‬يوم تبعثون،‮ ‬فقلت له‮: ‬وهل حضيت بشرف الشهادة؟ قال‮: ‬نعم‮. ‬فقلت‮: ‬من أنت ؟ قال‮: ‬أنا سمير قصير‮ .. ‬فعندها علمت لماذا أحسست بأن دماً‮ ‬متماثلاً‮ ‬يجري‮ ‬في‮ ‬عروق الرجوليين فهو دم عربي‮ ‬أبي‮ !! ‬وأدركت بأني‮ ‬أقف أمام رمز لأكثر حقب الحلم اللبناني‮ ‬بهاء وأملا‮.. ‬فسألني‮ ‬ومن أنت ؟ قلت له‮: ‬رفيق بعيد وقريب،‮ ‬رافق بألمٍ‮ ‬فادح جريان الدم وصعود الحُلم،‮ ‬وسألته‮: ‬وما هذه الباحة من حولنا؟ قال‮: ‬أنها ساحه الشهداء،‮ ‬حيث زَرَعَتُ‮ ‬روحي‮... ‬وكان وقع كلماته بمثابة إتصال شفير النصل بنياط القلب‮. ‬قلت له‮: ‬نعم‮. ‬ياسمير أنك أحد صناع ساحة الشهداء ملاذاً‮ ‬للإنسان العربي،‮ ‬جميعهم هناك،‮ ‬جميعنا هناك،‮ ‬أدياناً‮ ‬تتعدد وطوائفاً‮ ‬تتعدد ومنابع الفكر والموقف تتعدد‮ .‬ فأجابني‮ ‬مبتسماً‮ .. ‬ولكن حلم الحرية واحدٌ‮ ‬لايتعدد‮ ..‬ ‮ ‬فقلت له‮: ‬إن بدواخلي‮ ‬طموحاً‮ ‬وأمل‮.. ‬فقال‮: ‬ما هو؟ قلت له‮: ‬أن تقبل بحمل رسالة؟‮ .. ‬فقال‮: ‬وهل من في‮ ‬عالمي‮ ‬يحمل رسائل؟‮.. ‬قلت‮: ‬نعم لأن من ستحملها إليه‮.. ‬سوف‮ ‬يكون حيث تكون وستكون حيث‮ ‬يكون‮.. ‬قال‮: ‬وما‮ ‬يجمعني‮ ‬به؟‮.. ‬قلت‮: ‬القنبلة الغادرة‮.. ‬فكلاكما تشظى جسده بقنبله،‮ ‬وكلاكما تحول عنوانا للتضحية،‮ ‬وكلاكما قاد المرحلة‮.. ‬فقال‮: ‬من هذا؟ قلت‮: ‬الشهيد محمد بونفور‮..‬طليعة المقاتلين وحجة المتحاورين ومن على سيرته ودربه عمدت صفوف المناضلين‮ .. ‬عندما ضاق به حارس الكرسي‮ ‬ذرعاً‮ ‬وصال أسمه في‮ ‬المصانع والمجالس والأزقه،‮ ‬كان أسماً‮ ‬مخفياً‮ ‬لأصحاب السلطان ومن آلت إليه خيرات الزمان‮..‬ ‮ ‬لاحت تلك الفكرة المجرمة أتت لحظة التصفية‮.. ‬فكانت قنبلتين‮.. ‬الأولى في‮ ‬البحرين والثانية في‮ ‬لبنان‮.. ‬فقال‮: ‬إذن ذات المصير وبذات الطريقة‮.. ‬قلت‮: ‬نعم،‮ ‬فيا أخي‮ ‬عندما تجلسان وتتصافحان احكي‮ ‬له ما فعلته في‮ ‬زمانك فيكحى لك ما فعله في‮ ‬زمانه‮.. ‬احكي‮ ‬له كيف أئتلفت القلوب وغابت الضغائن وماذا تعني‮ ‬أنتفاضة ‮٤١ ‬مارس ‮٥٠٠٢ ‬كيف شُكلت اللجان وعبئت ونظمت حركة الشعب كيف انتصرت الإرادة وكيف أضاءت بيروت زوايا الدنيا،‮ ‬يحكى لك كيف تمرد العمال وأندلعت أنتفاضة ‮٥ ‬مارس ‮٥٦٩١‬،‮ ‬كيف قادها الشباب وملاحم الصدام بأجهزة الأمن كيف صمدت المحرق المدينة الباسلة طوال ثلاثة أشهر في‮ ‬معركة واحدة متصلة‮. ‬ ‮ ‬فقال لي‮.. ‬أتعرف‮ ‬يا أخي‮ ‬نحن نحيا حياتين ننشد الحرية في‮ ‬الأولى ونعيشها في‮ ‬الثانية،‮ ‬الديمقراطية بالنسبة إلينا نظام حكم نسعى إليه ولكن على قاعدة الحرية نتطلع إلى عدالة إجتماعيه‮.. ‬لقمه كريمة وأخلاق لاتدنس‮.. ‬ومجتمع‮ ‬يرتقي‮ ‬بنا ولشعبنا،‮ ‬نكون هناك ثم‮ ‬يؤول وجودنا إلى هنا‮..‬قلت له‮.. ‬سبقتني‮ ‬يا أخي‮ ‬فهذا مضمون الرسالة حملتها أنت بين الحشود وصغت فحواها آلاف المرات بمداد قلمك علمتها شباباً‮ ‬واعداً‮ ‬يحمل ذكراك وتبادلتها خبزاً‮ ‬يومياً‮ ‬بين رفاقك والبسطاء من شعبك،‮ ‬لذلك سوف تبقى ساحة الشهداء حافظة لوعدك،‮ ‬فاحملها إلى قائد كما أنت ليعلم بأن أجيالاً‮ ‬من بني‮ ‬الإنسان،‮ ‬مِن مَن تتصل أرواحهم ومعتقداتهم بمناهضة المظالم‮ ‬يتوارثون حمل الرسالة الخالدة رسالة الدفاع عن الطرف الأكثر فقراً‮ ‬وعوزاً‮ ‬ومن أعيته الحيلة في‮ ‬مواجهة من تسلط وتجبر وتحكم في‮ ‬توزيع الثروة،‮ ‬إحملها إلى من سبقك إلى عالمك قبل إثنين وثلاثين عاماً‮ ‬إلى من أحس بما أحسست به لحظة الحسنيين النصر والشهادة فكلاكما أستنكه رائحة البارود عندما تفحم اللحم،‮ ‬وفصل العظم عن العظم،‮ ‬وكانت لحظة الألم الأخيرة التي‮ ‬لايعلمها من في‮ ‬علمنا،‮ ‬هي‮ ‬لحظة صعود الروح إلى بارئها‮.. ‬فإلى روحيكما وإلى ذكراكما وإلى المبادئ الإنسانية التي‮ ‬حملتما‮.. ‬سلاماً‮.‬أبتسم الشهيد أبتسامة تحاكي‮ ‬الإنتصار وحدق بي‮ ‬ورفع‮ ‬يده وخطى خطوتين إلى الوراء وأستدار ماضياً‮ ‬إلى عالمه ثم توقف وأستدار نحوي‮ ‬ورفع‮ ‬يده ملوحاً‮ ‬فرفعت‮ ‬يدي‮ ‬وقلت‮.. ‬ياسليل الأحبة وداعاً








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب العمال البريطاني يخسر 20% من الأصوات بسبب تأييده للحرب ا


.. العالم الليلة | انتصار غير متوقع لحزب العمال في الانتخابات ا




.. Mohamed Nabil Benabdallah, invité de -Le Debrief- | 4 mai 2


.. Human Rights - To Your Left: Palestine | عن حقوق الإنسان - ع




.. لمحات من نضالات الطبقة العاملة مع امين عام اتحاد نقابات العم