الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحسين (ع) بين البشرية والإلهية.

محمد أحمد أبو النواعير
(Mohammed Ahmed Ali)

2014 / 10 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الحسين (ع) بين البشرية والإلهية.
*محمد أبو النواعير
تنشأ الثورات في العالم منطلقة عادة من عدد من الأسباب أو التأسيسات المكونة لها, وهي عادة تنقسم وبشكل رئيسي ونهائي الى قسمين: الثورات الإجتماعية الحقوقية الإنسانية, والثورات الدينية الإلهية؛ النوع الأول يتمظهر في أغلب اشكاله, على شكل شعارات تستلهم منها العقول والنفوس معاني حركية, تقود الى فعل وممارسة؛ منها: التحرر من العبودية, الإنعتاق, تصحيح المسارات المعوجة, إيقاظ الضمائر, زلزلة عروش الطغاة, الثورة بإسم الجياع, الثورة ضد الظالمين؛ فهذه المفردات غالبا ما تكون مكونة لمفهوم الثورة, وإحدى أسس تكوينها التي تقوم عليها, بل وتمثل أحيانا روح وجوهر الفلسفات التي تقوم عليها أغلب الثورات في العالم البشري.
النوع الثاني من الثورات, وهو عادة ما يكون أقسى وأشد تأثيرا في إرتداداته الواقعية والقيمية والمادية, ينطلق من أسباب تمثل في جوهرها اجزاء مهمة, من تكوين الشخصية الإنسانية في جانبها العقائدي والقيمي, وترتبط في الوقت نفسه, بجانب يمثل جوهر الوجود الإنساني للجماعات البشرية, وهي الثورات الدينية القائمة على أسس عقائدية, والتي يرتبط بها مصير العقيدة التي تؤمن بها مجموعة بشرية ما.
مع أن النوعان يتميزان بخصائص مشتركة, منها ضرورة وجود مجموعة بشرية تؤمن بمبادئ معينة, وضرورة وجود تحرك أو فعل مضاد ضد وضع قائم؛ إلا أن كلاهما يختلفان في الكثير من الأسس والإتجاهات, بل ويختلفان في النتائج وفي نوع التحرك وقوته؛ وفي رأيي أن الثورة الدينية الإلهية, تكون أوسع وأكثر شمولا وقوة وتأثيرا, وتستغرق فترة زمنية أكبر وأكثر, لأنها في جانب مهم منها تتعلق ببعدين: البعد الحياتي الوجودي القيمي للبشر, ومحاولة الدفاع عن العقيدة الإلهية , وحفظ مساراتها عن الاعوجاج والتحريف والتغيير والتبدل؛ وفي جانبها الثاني , تمثل بعدا ميتافيزيقيا(ما ورائيا) يتعلق بعالم الآخرة, ويتعلق بما سوف يتعرض له الإنسان من حساب وثواب وعقاب.
ما يميز ثورة الإمام الحسين عليه السلام, أنها انطلقت في مساراتها التكوينية التأسيسية, من كلا الاتجاهين, فكانت في جانب منها تمثل ثورة مدنية, يمكن لمبادئها أن تتلاءم مع كل العصور والأزمان, وفي نفس الوقت يمكن لها أن تتلاءم مع مفهوم الدولة المدنية والعصرية الحديثة, حيث تصان بها الحقوق الإنسانية, وتؤسس في الوقت نفسه لما يمكن أن نطلق عليه مصطلح: الدينامكية الرقابية للثورة, وهو إفراز مهم ينتج عن الثورات الناجحة؛ وفي جانبها الآخر تمثل بعدا روحيا دينيا عقائديا, يلهم الثورات الدينية التي تدعو الى إصلاح الفساد, الذي يطال المؤسسات الدينية, المرتبطة عادة بالسياسة, والمتحكمة بمصير الناس وعقائدهم وعواطفهم.
السلطة الدينية تمثل في جانب منها, سلطة قوة تأثيرية, تملك مساحة واسعة من التحرك, الغير قابل للمسائلة من قبل عوام الناس, لما تملكه من شبه حصانة قدسية, غالبا ما يتم استغلالها من قبل ادعياء الدين السياسي على مر التأريخ, وتوظيف ذلك في تسيير الناس وتحطيم الحراك العقلي التطوري لديهم.
ثورة الإمام الحسين ع , جاءت لتبين أنها ثورة ضد هذا الطوق الديني المزيف, ثورة ضد أدعياء الإلهية المزيفة, ثورة تمثل الجانب الإلهي الصحيح, الذي يوفر للبشر الحياة الكريمة, والعقيدة الصحيحة الصافية من التلوث بشوائب الانحراف والإستغلال؛ وهذه الخصيصة, قلما نجدها تجتمع في ثورة من الثورات التي شهدتها البشرية.
ثورة الإمام الحسين, هي ثورة الرب بشكلها البشري.
*ماجستير فكر سياسي امريكي معاصر- باحث مهتم بالآديولوجيات السياسية المعاصرة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الحلقة المفقودة في ثورة الحسين!!.
فهد لعنزي ـ السعودية ( 2014 / 10 / 30 - 06:02 )
لا احد يشك بان تاريخ الاحداث التي حدثت منذ تاسيس الاسلام واسبابها و التي دونت في كتب التاريخ غير قطعية لان يد السياسة لعبت فيها لما يخدم هذا الطرف او ذالك ومنها ثورة الحسين.انني اتعجب من المسلمبن عامة والشيعة خاصة لانهم اكثر المتحمسين لهذا الحدث الجلل لجهل وثيقة الصلح او التنازل عن الخلافة من قبل الامام الحسن لـ معاوية الوثيقة التي وثقت شروط الصلح وكان من اهم بنودها البند الاول والثاتي هما:
تسليم الامر الى معاوية ، على أن يعمل بكتاب اللّه وبسنة رسوله (1) ( صلى اللّه عليه وآله ) ، وبسيرة الخلفاء الصالحين
المادة الثانية
أن يكون الامر للحسن من بعده فان حدث به حدث فلأخيه الحسين ، وليس لمعاوية أن يعهد به الى احد .
نعم لقد نقض معاوية الاتفاق ولكن نقض الاتفاق من جانب واحد لا يبطل الشروط ولكن الغريب في الامر حتى الامام الحسين لم يستشهد بتلك الاتفاقبة عندما دعي للبعة واكتفى بـ تعريف يزيد بن معاوية وعدم اهليته للحكم.والسؤآل لماذا لم يذكر الحسين الامة عن ذاك الاتفاق؟. السؤآل هل ثار الحسين طلبا لحقه ام عدم اهلية يزيد علما بان اولاده بايعوا ملوك زمانهم وهم لا يقلون فجورا عن يزيد.

اخر الافلام

.. 154-Al-Baqarah


.. استقالة أول موظفة يهودية من إدارة بايدن -بسبب سياسة واشنطن م




.. المفكر د. يوسف زيدان: اجتماعاتنا في -تكوين- علنية وبيتم تصوي


.. المفكر د. يوسف زيدان: اتكلمنا عن أشكال التدين المغلوط .. وه




.. دار الإفتاء في طرابلس تدعو ل-قتال- القوات الروسية في البلاد