الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في دولة الخلافة ,كان الناس هم -الحمير- التي يركبها ولي النعم , والبهائم التي يذبحها-المقال السادس عشر

نبيل هلال هلال

2014 / 10 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ويتوهم دعاة وصل الدين بالدولة أن الفصل بينهما يعني إبعاد الدين عن حياة الناس , والسؤال الذي يفرض نفسه الآن : هل يتم الآن تفعيل الدين في حياة الناس؟ والجواب بالنفي إلا إن كانوا يرون أن إقامة الشعائر في المجتمع هو دليل وصل الدين بالدولة , والدين- بهذا المعني- مُبْعَد عن حياتنا منذ 1400 سنة تقريبا .
وفي واقع الأمر استغنى الخلفاء عن الدين إلا مظاهره وإعلان التمسك به طلبا لمشروعية الحكم المغتصَب ولإيهام عموم الناس أنهم محكومون بخلفاء عن النبي ( نسب العباسيون أنفسهم للعباس عم النبي , ونسب الفاطميون أنفسهم لفاطمة الزهراء بنت النبي صلى الله عليه وسلم )أو الله(زعم الخلفاء العثمانيون أنهم ظل الله في الأرض ), وأنهم يرعون مصالحهم ويقيمون الدين ويحرسون الملة .
ونختلف مع من يقول :" إن أصول الديموقراطية السياسية عندنا في البيعة والشورى"( القائل هو يوسف القرضاوي في كتابه الصحوة). وهذا كلام يتم فيه مقارنة واقع الديموقراطية العملي في الغرب حيث يتم تداول السلطة بالانتخاب والتعددية الحزبية وفي ظل صحافة حرة وحماية مؤسسات سياسية , يقارن ذلك كله بأصول نظرية في الإسلام لم يتم تطبيقها طوال التاريخ الإسلامي كله . فالقول بأن لدينا أصول الديموقراطية على النحو الموصوف يُعد مغالطة شديدة , فمتى بايع المسلمون عن رضا خليفتَهم الملكَ المستبد ؟ أكرر: بعد الخلافة الراشدة, لقطع الطريق على المزايدين والمغالطين , ومتى مارس الخليفةُ الشورى مع الناس ؟ تلك أصول عامة وردت في القرآن وسرعان ماتم تعطيلها حتى قبل العمل بها .
والديموقراطية وُلدت في الغرب وهي ابنة ثقافة راسخة وممارسات استغرقت وقتا طويلا , وبذلت شعوبها من دمائها الكثير ثمنا لها, لذا لا يمكن "استيراد" هذه الديموقراطية وتفعيلها في مجتمعات غير مهيأة لاستخدامها والانتفاع بها . لذلك لا يجوز القول - دون الوقوع في خطأ جسيم -"إن أصول الديمقراطية عندنا في البيعة والشورى" فهي ليست نظاما سياسيا وإنما هي وصف جامع لمجموعة من الأدوات : الانتخابات الحرة , وتعدد الأحزاب , وحرية الصحافة , والنقابات المهنية , والمؤسسات المدنية , والتمثيل الشعبي , والبرلمان , وحرية الرأي , والتداول السلمي للسلطة , والشفافية ...ومع ذلك لا يقف الأمر عند مجرد استكمال مؤسسات المجتمع المدني , وإنما تحفيز وعي الطبقة الوسطى وتفعيل خطاب ثقافي مؤسِّس للممارسات الديمقراطية في كل هيئات المجتمع ومؤسساته- بدءا من المدارس والجامعات والمصانع والنقابات والأحزاب-ويكون ذلك بتبني المؤسسات الإعلامية والدينية والثقافية والتعليمية هذا الخطاب .
ويرى البعض أن الدولة كانت في خدمة الدين , وهذا تكلُّف , فالدولة (وهي السلطان وأسرته) كانت في خدمة السلطان وأسرته , فخدمة الدين تكون بتحقيق أهدافه بوضع السلطان في خدمة الناس , لكن الفقهاء وضعوا العربة أمام الحصان , فوضعوا الناس في خدمة السلطان , وبدلا من أن يقوم السلطان بدور"الحصان" الذي يجر عربة مصالح الناس , أصبح الناس هم "الحمير" التي يركبها ولي النعم , والبهائم التي يذبحها .(يتبع)-من كتابنا :خرافة اسمها الخلافة -لنبيل هلال هلال البنا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المسيحيون الأرثوذوكس يحيون عيد الفصح وسط احتفالات طغت عليها


.. فتوى تثير الجدل حول استخدام بصمة المتوفى لفتح هاتفه النقال




.. المسيحيون الأرثوذكس يحتفلون بعيد الفصح في غزة


.. العراق.. احتفال العائلات المسيحية بعيد القيامة وحنين لعودة ا




.. البابا تواضروس الثاني يستقبل المهنئين بعيد القيامة في الكاتد