الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف أشهد للملحدين عن إيماني بربي يسوع المسيح؟ ( 1 )

إبراهيم عرفات

2014 / 10 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يسمعني صديقي الملحد أناقش وأتحاور فيبادرني بالقول: إنت مشروع ملحد بامتياز يا إبراهيم. إنه قد سمع طريقة تفكيري حيث حرصت على أن أقرأ ما يقرأ وأن لا أتحدث معه عن عالمه من خارج بل أن أكون ملم إلمام صادق بكل ما لديه. كيف أتحدث مع إنسان وأنا لا أعرف لغته؟ الفكر المحض هو لغة الملحدين وما خرج عن إطار الفكر لا يقبلونه. ينظر الملحد للمؤمن نظرة أبو العلاء وهي أن المؤمن يعتقد بما يحدس ويظن لا بما تحقق منه من خلال الفحص العملي المادي. هنا لابد لنا وللملحد أن نتفق على أن الدين، أي دين أيًا كان، غير قابل للإثبات أو النفي بما أنه قائم على الوحي والإعلان الإلهي، وتلك أمور تتجاوز العقل ويفترض فيها الارتقاء بالعقل لسماء الله حتى ما يسكنها المؤمن وتأتي إليه السماء وهو لا يزال بعد على الأرض. نتعلم أبجديات الفكر الإلحادي فنقرأ كتابات داروين ذاتها وليس مجرد الرد عليها. نقرأ كتابات زكي نجيب محمود وعبد الرحمن بدوي وريتشارد دوكنز وبرتراند رسل وكتب دار الطليعة ودار رياض الريس للنشر وغيرها وغيرها فنقرأها كما هي ونكون فكرة شاملة في أذهاننا عما يدور في ذهن من نحاوره فنفكر بعقله وكلنا تقدير وإشفاق صادقين. المهم لك وأنت تشهد عن المسيح هو أن تشهد بكيانك، أن تفوح بالحضور الإلهي وأنت "رجل الصلاة"، أن تكون قناة من خلالها يجتذب الله النفوس إليه، وهذا هو "برهان الروح" والأقوى تأثيرًا عند الحديث عن أمور الإيمان وإلا صار كلماتك نحاس يطن وصنجًا يرن وتذهب في الهواء دون تأثير.

الإيمان لا يحتاج إلى لوغاريتمات عقلية! والإيمان ليس لـ "الواصلين"، وإنما هو أن تكون في بساطة هذا الفلاح وهو يرمي الحَبّ في الأرض وكله يقين أن هذه البذور سوف تنبت؛ أن تصدق في أمر أمامك على أنه حقيقة وطريقتك في التفكير كلها قبول وتصديق. تحس بالفكرة وتعيش معها وبها على أنها حقيقة وبالفعل تصبح حقيقة يصدقها عقلك فتستقر في عقلك الباطن وعندها يتحرك الله الكلي القدرة داخل روحك ويستجيب لك ويكون لك ما تريد؛ وبحسب إيمانك يكون لك. ما تؤمن به سوف يشكلك إمّا سلبًا أو إيجابًا وحياتك كلها سوف تظهر ثمار ما انغرس في باطنك. اختر الحياة لا الموت.

في مرة من المرات خرج القديس فرنسيس للتمشية فرأى شجرة لوز في عزّ الشتا فطلب منها إنها تكلمه عن ربنا وفي الحال اخضرّت الشجرة وامتلأت أزهار. "لغة الحياة" هي أفضل لغة نعبر بها عن ربنا وهي أفضل دليل على وجوده وحضوره وعمله. ننتعش بالحياة لأن الله هو الحياة وبه فقط تكون الحياة وهو مصدر كل حياة تسري في كل كائن حيّ. الخطيئة تصيبني بالعطب والذبول وحضور الله في جسمي يمدني بالحياة فأقول: أنا إبراهيم عرفات، كنت ميت والآن أنا حي، ولا يستوي الموت والحياة. وأنت أتيت لعالمنا يا سيدي المسيح كي ما تكون لنا الحياة وكي ما تفيض فينا فيضًا وافرًا وأن تحيا بحياتك فيّ فأتمتع بالامتلاء.

المسيحية ليست ديانة ولكنها "شخص حيّ" مُتفاعِل يريد أن يملأ كيانك بروحه الحي داخلك فيأخذ مما لك من إنسانية ويعطيك مما له فتشترك في طبيعته الإلهية وأنت تنمو إلى ملء قامة المسيح. والكتاب المقدس ليس تعليمات عن الحلال و الحرام، و الصح والغلط وإنما هو يقودك لمعرفة الله و محبته ولعشرة حقيقية معاه.
المسيحية ليست "أخلاق كويسة"، ولا هي هدفها إننا نبقى مؤدبين ومحترمين لأن العالم مليان ناس أخلاقها كويسة ولكنهم لا يؤمنوا بوجود ربنا أساساً. الأخلاق "ثمر" عمل الروح ولكن الأهم هو أن يملك الروح نفسه على قلب الإنسان فينقاد بالروح لا بالجسد. عندها يحدث تغيير داخلى مستمر، يوم بيوم ولحظة بلحظة، وتتغير فى نظرتك لنفسك ولإخواتك ولربنا. بعين الإيمان تنظر إلى الله فترى فعلا أباك الحقيقي؛ ثم تنظر إلى كل الناس فتعرف أن البشر هم إخوانك ، وتنظر إلى نفسك فتتيقن من أنك محبوب ومقبول فى المسيح. أما الملكوت السماوى فلا يقتصر على مجرد حياة تحياها بعد الموت الجسدى لأن ملكوت الله داخلك الآن لو أن الله هو الملك الحقيقي على حياتك وأنت ملتصق بالله فى محبة وعشرة حقيقية. ملكوت الله يبدأ داخلك؛ تفتح قلبك لربنا الملك حتى يأتي ويملك وتعد الطريق لدخوله وتنضف قلبك وتهيئه له كي يكون مسكن الله، وتفتح كل الغرف المظلمة لنور المسيح وحضور المسيح هو الذي يبدد أي سلطان للخطيئة على حياتك.

المسيح المُعلم تفوق على معلمي الكتبة والفريسيين لأنهم كانوا يرددون تعاليم أباءهم وأسلافهم وأما المسيح فكان التعليم يفيض من كيانه شخصيًا، وليس مجرد أفكار نظرية، بل كان روح وحياة، من قلب الآب وحياة الله شخصيًا. لو أنت كنت عايش أيام المسيح والمسيح تطلع إليك فنظرته تنفذ إلى قلبك وتقلب حياتك رأسك على عقب وعندها ينعقد لسانك ولا يسعك إلا أن تقول له: يا سيدي الحبيب، إليك نفسي وفكري وكل عمري.. أصغر طفل كان يشاهد المسيح وينبهر بإشراق هذا الوجه الجميل البشوش ويجري إليه فرحان دون مقاومة. هناك شيء أكبر من مجرد الكلام.. هناك شخصية المسيح.. المسيح اللى لو حضر في المكان سيعطيه دفء يلهب قلوبنا ويزيح عنا شتاء الحزن البارد القارس ونستعطفه: يا سيدي، امكث هنا قليلاً فما أحلى الجلوس معك.. اسمح لي أن أمكث معك أوقات أطول وبحياتك أخلص.. أنت خبزي وزادي وفرحي وسروري.. أنت الأرض الصلبة التي أقف عليها فأشعر بالإطمئنان التام. امكث معي قليلاً.

يسألني الملحد: إنْ كان هناك إله فعلاً فلماذا لم يعطينا الآليات التي يمكن من خلالها إدراك "الماورائيات" كخط بديل للعلم و المنطق؟؟ لماذا كل هذا الغموض و التخمينات ؟ هل من أسباب منطقية؟ 

لا توجد أي أسباب منطقية تجعلني أومن أو ألحد، فكل "سبب" يطرحه الدينيون يرد عليه الملحدون، وكل ما يطرحه الملحدون يرد عليه الدينيون، ولا توجد "أسباب" قاطعة تجعل هذا معقولاً أكثر من غيره وبالتالي ليس أحد فيهما أفضل من الآخر. السبب هو أنهم يحاولون نفي أو تبرير اللا معقول، ما يتجاوز العقول، سرّ الإيمان الذي تحارّ فيه العقول، بالمعقول. كل شيء يتم الرد عليه بما هو من جنسه حتى يكون الإقناع ممكنًا، وكل شيء له حيّزه الخاص به فلا يتعدى على الآخر.

وعن الأسباب المنطقية نقول إن أرسطو "أبو المنطق"، المعلم الأول وأكبر رأس موسوعي عرفته البشرية في جماع تاريخها، كان يدين بتعدد الآلهة ولم يرفض فكرة الاعتقاد بالله. وعندما مات أوصى بأن توضع لأمّه صورة في معبد الإلهة "دِميتِر"، وأن يشيّد في "أسطغرة" (مسقط رأسه) تمثالان من الرخام: أحدهما "لزيوس" كبير الآلهة، والآخر للإلهة "أثينا" (إلهة الحكمة عند اليونان). 

سقراط كان يدين بالآلهة ولم يشجبها بل آخر وصية له كانت ما قاله لتلميذه بأن يوفي بالنذر وأن يقدّم ديك لـ الإله إسكولابيو. قال: علينا ديك لأسكولابيو. كانت آخر ما قال.

أفلاطون، أستاذ أرسطو، لم يستبعد "آلهة الأفلاك" في محاورة "تيماوس"، فيما عدا عن أن صفة "الألوهية" نفسها تسربت إلى نظريته الشهيرة في "المُثُل". 

مفهوم "لوغوس الرواقيين" لا يبعد كثيرًا عن فكرة "الله كلي القدرة" في الكتاب المقدس والقرآن. وقد كان و"الفارابي" و"ابن سينا" الذين تشبعا بنظرية "أفلوطين" الفيضية عن "الأول" و"الواحد" في تساعياته كان مفهوم "الله" دائمًا في صميم اهتماماتهما ولم يتعاليا عليه لمجرد تفوقهما العقلي، وهذا جعلهم يتبنون مفهوم"الحقيقة المتلقاة" عن طريق "العقل" من ناحية وعن طريق "الوحي" من ناحية أخرى. وهذه الفكرة نفسها هي ما حاول "ابن رشد" أن يؤصّل له في العقل العربي؛ والفكرة ذاتها تبناها "فيلسوف المسيحية الأول توما الأكويني" وأصّلها في التراث المسيحي الغربي الذي هو أصل حضارتنا الحديثة. 

المقصود من كل هذا الكلام أن "العقل والمنطق"، والكثير من أربابهم، لم يستطيعا أمس أن "يشّلا" حركة "الدين" ولن يستطيعا اليوم ولا غداً لأن "الدين" يتعامل مع أمور لا يستطيع "العقل" أن يجاريه فيها. فالدين هو "ميدان اللامعقول وساحته وحلبته"، واللا معقول لا يستطيع أن يتقيد بالعقل لأنه عند ذلك يغدو مفارقاً لجوهره. العقل يحرك الجسد والمادة ويتفاعل معهما ويفعل بهما، الدين يحّرك القلب والروح والوجدان فيفعل بهم وينفعل بهم. مكان العقل الدماغ بشكل عام، ومكان الدين القلب. لهذا فنحن لا نستطيع أن نتحدث عن "أسباب منطقية" أو "أسباب عقلانية" لتبرير موقف شخص ما من الدين، مؤمناً كان أم ملحدا. فهذا الشخص، مهما كانت معارفه وعلومه ودرجته من الذكاء، لم يبلغ بعد منزلة يستطيع بها أن ينقض الإلحاد أو الدين، لأن البشرية جميعها ما زالت حتى اليوم غير قاطعة في هذا المجال. ولقد استعرضت فوق عدة أسماء لامعة انضوت تحت راية الدين بشكل أو بآخر رغم عقولها الفذة.

حركاتنا نحن البشر تبدأ من النقطة "أ" وتنتهي عند النقطة "ب"، وكل شيء معلوم وله حدود وأما الله ففيه تجتمع جميع الأضداد، إنه المعلوم والمجهول معًا، الظاهر والمختبيء معًا، وبالتالي تصورنا عنه كثيرًا ما يكون مختلف عما هو عليه وعن الكيفية التي يعمل بها في حقيقة الأمر. ليس المطلوب أن يخضع لفهمنا ولكن أن نخضع نحن له ولطريقة عمله وهنا نكتسب "حس الروح" لما يكون لسان حالنا "عرفني طرقك وعلمني سبلك يا رب" وهو سيجعل مع الوقت طرقه في قلبك وتصبح طرقه طرقك بقدر ما تنسجم أنت معه ولكن لن يخضع لفهمك حتى تتبعه ويجذبك لتتبعه ولكن أنت الذي يجب أن يكون على موجته هو، موجة الروح، فتقرن الروحيات بالروحيات وتترك كل شيء وتتبعه، تترك نفسك، تترك فهمك، تترك أسئلتك، وترتمي فيه بكامل الثقة، وهنا يكون للروح سلطان عليك والروح نفسه سوف يفهمك كل شيء وتصير أنت متعلم من الله الروح وتصبح إنسان روحاني.

موضوع الدموية مرتبط بـ "آلية القراءة" للكتاب المقدس وكيف نقرأ أحداثه: هل هي تاريخ مادي بالمفهوم المادي الحديث أم أن المقصود شيء أكبر؟ التاريخ في الكتاب المقدس تم تدوينه بصورة مختلفة يمكن تسميتها بـ "التاريخ المقدس" أي أن الأحداث والشخوص وكل هذا تزود الإطار لإبراز عمل الله، إله العهد، وهو ينفذ خطة الخلاص من أجل تحرير الإنسان ومنحه الراحة الحقيقية. وهنا أقترح قراءة كتب دار المشرق وعلى رأسها كتاب الأب اسطفان شربنتييه "دليل إلى قراءة الكتاب المقدس" وكتب كوستي بندلي بهدف تكوين منهج عن القراءة العلمية الواعية لأحداث التاريخ في الكتاب المقدس. ليس المطلوب أن نلوي أعناق الكلام في الحوار ولكن أن نكبر نحن في وعينا ونكوّن آلية ذكية علمية مستنيرة في قراءة نصوص الكتاب المقدس الذي به نركع ونصلي.

والقول بأن المسيحية كانت السبب في تخلف أوروبا غير صحيح وجاء نتيجة نقمة الكثيرين على الاستبداد الذي كان بالكنيسة وقتها وأما "عبدالرحمن بدوي" فيتحدث في كتابه عن "فلسفة العصور الوسطى" (طبعة النهضة المصرية – القاهرة – 1969) فيقول أن هناك تياراً عقلياً سرى وبرز وقويت شوكته في أوروبا منذ القرن الثالث عشر. هذا التيار الذي دخل عن طريق الكنيسة كان معنيًا بالبحث في الطبيعة وفي العلوم الدينية ويكاد أن يصرف معظم قواه للبحث فيها والاقتصار على قليل متضائل شيئاً فشيئاً من اللاهوت. حتى إن القرن الثالث عشر في أواخره والقرن الرابع عشر عشر بأكمله ليشهدان تطوراً هائلاً في اتجاه العصر الحديث. ويعود الأستاذ عبد الرحمن بدوي فيعطي الحق لمن يقولون إن "النهضة" المزعومة (رينيسانس) لم تكن نهضة بل كانت تطوراً طبيعاً واستمراراً لتيار قوي بدأ من أواخر القرن الثالث عشر. إذن فالعقل لم يتحرر لأول مرة في عصر النهضة، بل تم تحرره بالتدريج منذ ذلك التاريخ حتى بلغ أوجه في القرن السابع عشر. وهذا الاتجاه إلى إعادة تقويم العصور الوسطى وتقديرها على نحو عادل نزيه قد بدأ بعد الحرب العالمية الأولى، والأبحاث المتوالية في هذا الميدان تزكّيه". 

هناك"إتيان جيلسون" وهو المحاضر في "كوليج دي فرانس" وفي "هارفرد" وفي سكوتلندا ويحدثنا عن "أصالة الفكر المسيحي" وفرادة فلسفته وتميزها، ويفرد لهذا كتاباً كاملاً يعربه الدكتور "إمام عبد الفتاح إمام" ويتمنى في مقدمته "أن يظهر بين شبابنا الذين يدرسون الفلسفة الإسلامية "جيلسون" آخر يقوم بإبراز العناصر الجديدة في الفكر الإسلامي"، ويضيف "هذا أمل نرجو أن يتحقق في المستقبل القريب، والله نسأل أن يهدينا جميعاً سبيل الرشاد" (روح الفلسفة المسيحية في العصر الوسيط، تأليف : إتين جلسون Etienne Henry Gilson ، ترجمة: إمام عبدالفتاح إمام؛ استاذ ورئيس قسم الفلسفة جامعة الكويت، طبعة مكتبة مدبولي، القاهرة، طبعة ثالثة، 1996). 

ربما لك أخ وعبر صدمات متكررة في الحياة انتهى به الأمر أخيرًا للإلحاد، والآن هو لا يحب أن يسمع شيء عن المسيحية. فما العمل؟
أولاً، ممنوع النصح والإرشاد بتاتًا لأن هذا يضعك في مرتبة أعلى منه وهذا يخلق فجوة وهدفنا هنا عبور الفجوات لا تبعيد المسافات؛ العبور إلى جانبه، حيث هو قائم الآن، والاقتراب الصادق منه. وإحدى طرق العبور هي التعبير، أن تحاول إظهار تفهم صادق لما هو فيه فتبدي إعجاب بالجميل في كلامه وتستحسن الحسن مما عنده، وفي كل هذا لا تتحدث له عن المسيحية حتى لا ينفر وتأتي ردود أفعال عكسية. وثانيًا عليك بقراءة ما يقرأ ومناقشته فيما يحبه لأنه من الجيد أن نتكلم لغة الشخص الآخر. وأخيرًا، حينما يظهر انتقاد لأمور الإيمان لا تندفع بدافع الحمية الإيمانية فتدافع وإنما حاول أن تمتص غضبه. لا تنصح ولا تعظ وكن مضيء. ضياء الله في أحشائك سوف يظهر على وجهك في صورة سلام وهدوء عجيب وسيأتيك هو في يوم من الأيام ويطلب منك أن تصلي لأجله.

طيب ما ذنب الإنسان في أن يرث خطيئة آدم وحواء التي لم يرتكبها هو من الأساس؟

لا أحبذ مصطلح الوراثة وإنما أقول بخطيئة متأصلة في الإنسان. هذا التأصل يتناقله الإنسان جيلاً تلو جيل. والدتي عصبية مثلاً؛ وأنا تكويني يميل للعصبية، العصبية ضعف لا قوة، وأنا ورثت هذا الضعف. الإنسان لم يرث خطيئة آدم ولكن الخطيئة متأصلة فيه من حيث هو كائن آدمي أي ترابي والترابية تعني الضعف والنقص والاحتياج ومن ثم قولنا بالتعبير الشائع بالخطيئة الموروثة. باختصار اّدم الاول هو الاصل وجميع البشر نسخ منه. فلو كان لدينا قطعة ورق انسكب عليها حبر بالتالي لو وضعناها في مكنة تصوير هتطلع كل النسخ مشوهة. وبالتالي نحن ورثنا القابلية للخطأ وفساد الطبيعة. ولما اراد الله إصلاح طبيعة الانسان اتخذ جسد لكي يصير اّدم الثاني ويصلح الاصل من جذوره. وموت المسيح على الصليب لم يكن عقابًا له على خطايانا بل اختيارًا منه لأن يكمل المسيرة حتى النهاية بدافع الحب.

الخلاص خطة الله للبشرية منذ ميلادها من أول لحظة، وهذه الخطة قائمة بصرف النظر عن ما يفعله الإنسان. نحن لا نخلص بسبب سقطة أبوينا الأولين وإنما لأننا مع الجميع ساقطون وبحاجة لمن يعتقنا من قبضة الخطيئة، لمن يعتقنا من ذواتنا، من أنانيتنا، من عبوديتنا لأهوائنا. يتم هذا التحرير من الداخل وهو عمل إلهي ونسميه "خلاص" أي شفاء في حالة نوالنا لهذه الحرية المعطاة لنا من الله أبينا السماوي. المسيح ما جاء ليكفر عن خطيئة الأسلاف من أجدادنا ولكن ليهبنا نحن الذين نعيش اليوم الحرية، ليهبنا حق التمتع بالله دون حجب ودون قيود ودون فرائض. جاء المسيح ليعلن هذه المحبة ففاض بما في قلب الآب من محبة وأفاضها على البشرية فيضًا في الصليب لأن في الصليب جلال المحبة الكاملة والتي فيها البار يسفك دمه لأجل الفجار وهذا الدم لا يذهب هباء وإنما يتطهر به من يغتسل بهذه الذبيحة الإلهية ويصبح شريك مع المسيح في صلبه؛ وبهذا هو لا يتفرج على العمل الإلهي من الخارج وإنما يشترك فيه بحق البنوة. كان عبدًا لذاته والآن هو ابن لله لا يتسلط عليه شيء لأن إبن الله قد حرره حقًا.

قد نسأل: فلان ألحد.. تفتكر رايح السما؟ ولا السما لينا احنا المؤمنين بس؟

السما ليست محطة وصول، ولكن من ليس له الله فليست له السماء لأن الله هو سماؤنا وحيث كنت يا رب فهناك تكون سمائي، وحيث غبت فهذا هو الجحيم بعينه فلا تسمح لي أن أغيب عنك أو أن تغيب عن بالي لحظة واحدة. لو قلنا أن الملكوت "مكان" فالله له إذن مكان يتقيد بـ "الحدود" ومحل إقامة، هذا لا يليق به. وعندما سأل التلاميذ الرب يسوع عن ملكوت الله قال لهم ملكوت الله داخلكم؛ وهناك حضور الله وحيث حضر الله حضر الملكوت، وحيث ملك الله فهناك الملكوت؛ وأفضل مكان يملك فيه الله هو قلب الإنسان؛ وآه لو الإنسان جعل قلبه قدس أقداس الله! وأما الجحيم فهو أن تقول لله لا أريد أن يربطني بك أي شيء وأريد أن أنفصل عنك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق1
عبد الله خلف ( 2014 / 10 / 29 - 08:51 )

أهلاً بك أستاذ | إبراهيم عرفات , تحيه .
عندنا عدد 2 من المشاكل , و الرد عليها كالتالي :
أولاً : مشكلة إيمانك بـ(ألوهية و ربوبية) المدعو | (يسوع) , و هذه المشكله تم الرد عليها في السابق , راجع :
- يسوع الناصري يؤكد بشريته و لا يؤكد ألوهيته :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=429552
- (يسوع) يعترف أنه ليس إله 19 مره :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=429761
- الرد على بعض النصوص التي يزعم المسيحيين أنها تؤله (يسوع) :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=430278
نتمنى لك قراءه ممتعه .


يتبع


2 - تعليق2
عبد الله خلف ( 2014 / 10 / 29 - 08:52 )
ثانياً : مشكلة الإلحاد .
• الإلحاد مرض نفسي , و هو قائم على إدعاء ميتافيزيقي .
- يقول عالم الفلك (فريد هويل ) في كتابه mathematics of evolution p.130 : (في الحقيقة كيف لنظرية علمية واضحة جداً تقول أن الحياة جمعها عقل ذكي ومع ذلك فإن الشخص يتعجب ويتساءل، لماذا لا يقبلها بشكل واسع باعتبارها بديهية ‍‍‍…لكن أغلب الظن أن الأسباب نفسية أكثر منها علمية) .
- كتب العالم النفساني الشهير (كارل يونج) قائلا :- (كل مرضاي يبحثون عن نظرة دينية إلى الحياة) , راجع : (عندما دقت الساعة صقرا) لجون تيلر .
• رئيس أمريكا يحتقر الملاحدة و يعتبرهم حثالة المجتمع الأمريكي , في عام 1987 سأل صحفي الرئيس بوش الأب :- (هل يمكن اعتبار الملحد الامريكي متساوي في الجنسية والمواطنة مع غيره من الامريكان؟) , و أصبح رد السيد بوش مشهورا :- (لا اعرف اذا كان من الممكن اعتبار أن الملحدين مواطنين أو حتى اعتبارهم محبين للوطن هذه أمة موحدة تحت راية الله) .
Atheist cannot be considered as patriotic citizen

يتبع


3 - تعليق3
عبد الله خلف ( 2014 / 10 / 29 - 08:53 )
• بحسب بحث استقصائي على مدار عامين قامت به جامعة (مانيسوتا) الأمريكية , فإن الملحدين هم الأكثر اضطهادًا في أمريكا، و يفوقون في ذلك الشواذ جنسيا و المسلمين المتطرفين.
http://newsjunkiepost.com/2009/09/19/research-finds-that-atheists-are-most-hated-and-distrusted-minority/
• حقيقة الملاحده :
فضائح الدروانيه وفضائح اخلاق الملاحده الاجراميه (متجدد) :
http://antishobhat.blogspot.com/2012/11/blog-post_2522.html
و لذا يرى [جون لوك] -مؤسس الدولة المدنية- في رسالته في التسامح أن (الملحد) غير مقبول في المجتمع المدني، يقول : (لا يمكن التسامح على الإطلاق مع الذين ينكرون وجود الله , فالوعد و العهد و القسم من حيث هي روابط المجتمع البشري ليس لها قيمة بالنسبة الى الملحد، فإنكار الله حتى لو كان بالفكر فقط يفكك جميع الأشياء) .
المصدر : كتاب : (رسالة في التسامح ص57) لـ[جون لوك] .

يتبع


4 - تعليق4
عبد الله خلف ( 2014 / 10 / 29 - 08:54 )
• إنكار وجود الله يقود الى إنكار وجود العقل :
http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?30627-إنكار-وجود-الله-يقود-الى-إنكار-وجود-العقل
• الحجة الكونية على وجود الخالق :
http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?52146-الحجة-الكونية-على-وجود-الخالق-Fine-tuning-amp-Cosmological-constant
• الإلحاد هو الميتافيزيقيا السوداء , يستحيل تجاوز جدار بلانك، فكيف تُلحِد؟... :
تخيل أنك داخل قصر منيف يا ملحد ، و تعيش عمرك كله داخل هذا القصر، و يستحيل طبقاً لقوانين ذلك القصر أن تتجوز جدران القصر لتطلع على ما في خارجه، هل الموقف العقلي و المنطقي السليم أن تُنكر وجود صانع لذلك القصر؟... نحن في كون مُعد بمنتهى العناية و المعايرة الدقيقة (fine-tuned universe), و يستحيل تجاوز (جدار بلانك) و التي تعني جدران الكون، فيستحيل علمياً معرفة ما قبل (الهيجزات الأولى) و لا ما قبل (ثابت بلانك الزمني)، الذي يعادل (10 أُس -37 ثانية)، فهل من المنطقي أو العقلاني أن نقول أن الكون بلا صانع؟... أليس هذا قول غيبي معارض لضبط الكون و معايرته الدقيقة و وجوده في حد ذاته؟... الإلحاد هو الميتافيزيقيا السوداء .

تحياتي المخلصه


5 - اللهم اتيني ايمان العجائز
عبد الله اغونان ( 2014 / 10 / 30 - 00:58 )

الغ عقلك
وغمض عينيك
وسد أذنيك
وامن بالمسيح ابن الله
بس
فاقد الشيئ لايعطيه


6 - الله الله
محمود صالح ( 2014 / 10 / 30 - 07:14 )
لو أنت كنت عايش أيام المسيح والمسيح تطلع إليك فنظرته تنفذ إلى قلبك وتقلب حياتك رأسك على عقب وعندها ينعقد لسانك ولا يسعك إلا أن تقول له: يا سيدي الحبيب، إليك نفسي وفكري وكل عمري..

الله عليك يا ابراهيم

ايه كل الجمال ده ؟

مقال ده ولا رسالة دكتوراه ؟

أنا محتاج أقراه تانى وتالت واستوعب كل كلمة بهدووووء

يارب يكتر من أمثالك فى حياتنا .. انت نور من الله على الأرض يا ابراهيم


7 - الاسلام تلوث عقلي
سرجون البابلي ( 2014 / 10 / 31 - 20:32 )
اذا كان هناك مرض نفسي اسف ليس مرض نفسي بل فقدان الكلي للقابلية التفكير فهو ان تعتنق الاسلام و المسلم مصاب بالهلوسة والتلوث الفكري


8 - أخويا الحبيب محمود
إبراهيم عرفات ( 2014 / 11 / 1 - 00:00 )
أشكرك بشدة على حضورك وكلامك العسل والناس العسل تقول كلام عسل وانت كدة.

الأخ سرجون: زعلت عشان كلامك حاد مع المسلمين. لا يليق أبدًا أن نصف إنسان مخلوق على صورة الله ونقول له إنه عنه مرض نفسي وكلام كهذا. عيب. وأنا أعتذر للمسلمين بالنيابة عنك. بلاش الكلام الحاد ده لا يليق بنا كمسيحيين.

اخر الافلام

.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية


.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟




.. محاضر في الشؤؤون المسيحية: لا أحد يملك حصرية الفكرة


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي




.. التحالف الوطني يشارك الأقباط احتفالاتهم بعيد القيامة في كنائ