الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خذ دولارا واترك الميدان

مزوار محمد سعيد

2014 / 10 / 31
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


حتى يمل الإنسان حياته فإنه يحاول أن يتذكر زمنا كان بالنسبة له جميلا، فيحرك خياله باتجاه كل ما هو متوافر لديه، من حالات الراحة والتأمّل، هذا ما جعل البشر يلوح بين الفينة والأخرى برايات العمل، فكان دائما موجودا حتى يحيي الأمل.
ما هو مستساغ في فناء التفكير أن يكون للفيلسوف أو المتفلسف أفقا يعمل من أجل وله، فيصطلح على تلك الأعمال الفكرية ما لا يوجد لدا المضامين الأخرى، لتصبح بذلك أهم المخذولات في عالم التحوّلات.
المستهلك لكافة أنواع الأفكار هو غير مدرك بما للفكرة من فعالية أمام العملة الواقعية، لهذا فإن المهمة الكبرى لهذا المتأمّل الفيلسوف هي العودة إلى المرعى الفكري الذي من شأنه اتخاذ كل الاجراءات المعنوية التي لها الحق في التأثير على الواقع والأحداث بطريقة موجهة، لتكون الموجودات أصلا للوجود، وفاعلة فيه.
عندما يحب الإنسان فإنه يعمل على حبه، يحاول ليكشف ما لم يفهمه في تسلسل مشاعره الرطبة، لتكون الرطوبة أغلى ما يمكن للفرد العاشق تذكره في دوامات الرغبة والانجذاب، لهذا فإن العلامة الواضحة من إدراك الموجات العالية، تلك التي تخترق المعقولات من أجل الوصول إلى المعلومات، هي ذاتها تدخل ضمن ما لا يمكن الأخذ به سوى في حضرة المحبوب.
فعندما يعبّر الإنسان على أموره المعنوية يصبح جريئا للغاية في نظر الواقع، لكن الواقع هذا هو نفسه الذي يعترف بحق الفرد الإنساني في التعبير عن أفكاره المعنوية، هو حب يُراد له أن يكون سريا في عالم يرفض الظهور، ومن يظهر التزامه بهذا الحق المعنوي، فإنه يُحاكم في محكمة التقاليد والعادات المثقوبة.
المعايير هي التي تحدد التوجه العام أو الخاص بالنسبة لكل فرد يحاول تحديد اطار حياته، معايير إذن تخرب الأمم والمعنويات، معايير سطرها التاريخ وفق التلفيق والتزييف والتمويه، ومع ذلك فإن الأموات لا يزالون يتحكمون في الأحياء، وفي كل تفاصيل الحياة.
لقد أعطى العالم الحر دروسا لبقية مناطق الأرض في كفيات التحرر، تحرر من القيم، تحرر من العادات، تحرر من البشرية، كما تحرر من إنسانية لا تدرك ذلك سوى في مصفوفات الشعر أو بضع أنغام النثر.
لطالما عملتُ ضد العادات والتقاليد المثقوبة فيما يخص شخصي في الحد الأدنى، تلك التي تقتل المعنوي بشكل خال من الرحمة، ومع هذا بقيت هذه التقاليد تحفر في محيطي لتضع ألغاما عديدة وشديدة الانفجار، في أي لحظة يمكن أن ينفجر احداها في وجهي.
برد المنبوذ أفضل بكثير من حرّ المعهود، إنه أمر فصلتُ فيه منذ أمد، لا يهمني إن كانت مسيرتي على ألسن البشر حسنة أم غير ذلك، ما يهمني قولا وفعلا هو ما أعقله وأعمل عليه.
كغريق وسط الحريق يصرخ، بين موج المياه أو النيران، لا أحد يجيب، المشترك بينهما هو انعدام استجابة النجاة، هذا ما هو عليه الوضع، لا كثرة الأسئلة هي حافز، ولا عمق المأثور هو المجيز، الكل منخرط في لعبة الروح فيها هي الملامة، فإلى متى؟ متى يكون هناك فرج بعد كل هذا؟
جسم المرأة؛ هذا الهاجس الذي يحرّم على الرجل، هذا الموضوع المستفحل في مناطق عديدة من العالم، ويسعّر بشكل أكثر وأشد من السعير، إنه الكارثة التي عجزت عن وصفها لغات الكوارث، هذا ما يؤجج أفكارا مسمومة للغاية، لم ترد في الفلسفات ولا في الديانات، ولا حتى في العلوم والعمليات؛ جهل يلبس ثوب العفة.
حرم على الفكّر أو المتأمّل أن يفكر، حتى وإن فكّر فإنه يعامَل معاملة تشبه تلك التي دفعت أبي حيان التوحيدي لحرق كتبه وأعماله التي أفنى عمره يقاوم ويجتهد لتخريجها للمسلمين من هذه الأمة.

"... وما يحدث يعكس الأفق الضيق لهاته النخبة التي تجد نفسها دوما كالظل التابع، الذي تسبقه الأحداث فلا يجد مكانا له بداخلها، إنه الرهينة بامتياز لمن يديرون سيرك الأحداث... "
(محمد شوقي الزين، إزاحات فكرية، منشورات الاختلاف – الجزائر، 2008م، ص: 87)

الحتمية الموجودة بين الأعمال الفكرية وعدم الاهتمام بها هي التي تدفع المفكرين إلى الانتحار المعنوي، كل من يحاول العودة إلى العمل على تحريك الوثوقية هو "مجرم" في نظر هذا الكل الذي يمثل الكتلة المعنوية الموجهة، لدا لم يبق لي إلاّ القول على وزن الطفل الشقي الذي عاش في صحراء أميركا: خُذ حصتك وانصرف.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الهدنة في غزة: ماذا بعد تعقّد المفاوضات؟ • فرانس 24


.. هل تكمل قطر دور الوساطة بين حماس وإسرائيل؟ • فرانس 24




.. 4 قتلى وعدة إصابات بغارة إسرائيلية استهدفت بلدة -ميس الجبل-


.. القوات الجوية الأوكرانية تعلن أنها دمرت 23 طائرة روسية موجّه




.. حماس وإسرائيل تتمسكان بشروطهما.. والضبابية تحيط بمصير محادثا