الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التحزب والارادة الجماهيرية.. والوعي الاجتماعي

عادل احمد

2014 / 11 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ان تأريخ كل مجتمع البشري الى يومنا هذا، لم يكن سوى تأريخ صراع بين الطبقات. هذا ما كتبه كارل ماركس وفريدرك انجلس في بداية بيان الحزب الشيوعي عام 1848. وان هذا الصراع هي حاصل اصطدام مصالح الطبقات مع بعضهما البعض. فالطبقات الحاكمة سياسيا واقتصاديا تحاول بكل امكاناتها تحطيم الارادة والمقاومة لدى الطبقات المظلومة لادامة سلطتها وادامة استثمار الطبقات المنتجة اجتماعيا. وعلى هذا الاساس تحتاج القوة المتسلطة والى ادوات وأجهزة القمع والترويع وكذلك بث افكارها عن طريق مؤسساتها وادارتها بين المجتمع. ان اجهزة القمع من الجيش والشرطة والمخابرات وبناء السجون وأقرار عقوبة الأعدام وعمليات التعذيب ماهي الا وسيلة الطبقات الحاكمة لكسر وتحطيم ارادة ومقاومة الطبقات المحرومة (الطبقة العاملة والجماهير الكادحة حاليا). وعن طريق تحطيم هذه الارادة بأمكانها مواصلة سيطرتها الاقتصادية.
وبالمقابل حاولت الطبقات المظلومة عبر التأريخ البشري، مقاومة واظهار ارادتها لقلب الاوضاع لصالحها عن طريق الثورات والاصطدامات الاجتماعية. ان هذه الارادة والمقاومة ادت الى تطور المجتمع البشري عن طريق "حرب تنتهي دائما اما بأنقلاب ثوري يشمل المجتمع بأسره، واما بأنهيار الطبقتين المتصارعتين معا." كما يقول ماركس وأنجلز في البيان الحزب الشيوعي.
في يومنا هذا تحاول البرجوازية وطبقة الرأسماليين الحاكمة بكل امكاناتها وبشكل صريح وواضح كسر وتحطيم ارادة ومقاومة الطبقة العاملة والجماهير الكادحة، وابعادها عن الممارسة الثورية عن طريق تدخلاتها وحروبها واستخدام وكلاءها وعملاءها في الصراعات الاقليمية، وكذلك صرف مليارات الدولارات سنويا على اجهزتها الاعلامية لبث الكذب والرياء وعدم اظهار الحقيقة الكاملة الى الجماهير. وان احدى خصائص المرحلة الحالية في نضال الطبقة العاملة العالمية هو ضعف الارادة والمقاومة امام هجمات البرجوازية وازمتها الاقتصادية الخانقة، والتي ادت الى أطلاق يد البرجوازية وبتطاول مباشر على حياة ومعيشة الطبقة العاملة والجماهير الكادحة. وان ضعف الارادة لدى الطبقة العاملة يعني مد البرجوازية بالقوة والجبروت، وان المعادلة هي معادلة عكسية.
ان ليس كل هيجان او تظاهرة تأتي بمثابة ظهور الارادة الثورية ولكن اظهار الارادة الجماهيرية من اجل التغيير هي دائما ثورية. اي عندما تنزل الجماهير بمطالبها وتتحد حول اهدافها الانسانية وبروح المثابرة، تنفتح افاقها اكثر وتنظر الى المجتمع في نطاق ونظرة اشمل واعمق وتشعر اكثر بإنسانيتها وبإنسانية الاخرين. وكذلك تشعر بقوتها الانسانية وارادتها وقدرتها على التغير مهما يكون صعبا. ان الارادة الجماهيرية هي مفتاح كل تغير في نمط حياتنا ومعيشتنا. ان الارادة الفردية حتما تؤدي الى نجاح شخص ما في حياته وايضا تؤدي الارادة الجماعية والجماهيرية الى النجاح وتقدم المجتمع الى الامام. ان احدى مهام القوة الثورية والشيوعية في وقتنا الحاضر هي استرجاع هذه الارادة وأعادتها الى الجماهير العمالية والكادحة للاعتماد على قوتها وامكاناتها في تغير حياتها نحو الأفضل. لا تستطيع الطبقة العاملة ان تترك بصماتها على الاحداث والتغيير في المجتمع بدون اظهار ارادتها الجماهيرية. وان اظهار هذه الارادة لا يمكن في يومنا هذا الا بوجود حزب سياسي. وان مهمة وجود هذا الحزب السياسي والشيوعي العمالي هو المران اليومي لاظهار الارادة العمالية والجماهيرية في التغيير المستمر.
ولدينا امثلة عديدة في اظهار الارادة العمالية والجماهيرية في نظال الطبقة العاملة، من ثورة عام 1848، وكومونة باريس في فرنسا، وثورة 1905 ثورة اكتوبر في روسيا، وثورة 1979 في ايران.. وكذلك النظال اليومي والمحلي للطبقة العاملة امام ارباب العمل والرأسماليين هي ايضا امثلة حية لاظهار هذه الارادة الثورية. وان تجربة الحركة المجالسة في كردستان العراق مثال أخر وكذلك ما يحدث في كوباني اليوم هو ايضا مثال على اظهار هذه الارادة الثورية. وان اي حدث يؤدي الى اظهار الارادة الانسانية يستحق الدفاع عنه، ويجب ان نعمل من اجل انتصاره لانه يقوي الشعور بتغيير النمط الثوري للحياة والوعي الاجتماعي.
ان على قوى الشيوعية العمالية استرجاع هذه الارادة الثورية الى الطبقة العاملة. ان ارادة التغيير في المجتمع الرأسمالي تقع على عاتق الطبقة العاملة، وان ارادة تغيير الطبقة العاملة الى القوة المؤثرة والفعالة ورفع وعيها الاجتماعي والطبقي يقع على عاتق أحزاب الشيوعية العمالية. ان الطبقة العاملة بدون حزب سياسي ليس بأمكانها الانتصار على مستغليها ومستثمري خيراتها اي على الطبقة البرجوازية.. وليس بأمكانها حتى تحقيق قسم من مطالبها وحقوقها الديمقراطية. ان البرجوازية اليوم قوية وبأمكانها حتى السيطرة على نمط تفكيرنا ونمط معيشتنا ونوع المأكل والملابس... لا يمكن مواجهة هذا النمط من البرجوازية بحركة عفوية وبصورة بسيطة وفوضوية، بل يمكن محاربتها بنفس السلاح والقوة. بقوة التنظيم وبقوة السلاح الفكري وبقوة التحزب والارادة الثورية. ليس بالأمكان هزيمة البرجوازية بدون تعبئة الجماهير العمالية بروح المثابرة والارادة الحديدية.. بدون الاعتماد على قوتها الانسانية. ان التغير لا يأتي بالصدفة بل بالأرادة. والارادة لا تأتي الا بوجود قيادة تمتلك روح المثابرة وصاحبة ارادة ولديها نظرة ثاقبة الى الامور والاحداث واستغلال الفرص للتقدم الى الامام وتعبئة الجماهير بروح الاعتماد على الذات. ان المجتمع الرأسمالي يحتاج الى مكانة الطبقة العاملة من اجل التغيير، والطبقة العاملة تحتاج الى التحزب من اجل ان تحتل هذه المكانة، والتحزب يحتاج الى قادة تضع جميع هذه التعقيدات في اماكنها الصحيحة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السياسي اليميني جوردان بارديلا: سأحظر الإخوان في فرنسا إذا و


.. إبراهيم عبد المجيد: لهذا السبب شكر بن غوريون تنظيم الإخوان ف




.. #جوردان_بارديلا يعلن عزمه حظر الإخوان المسلمين في حال وصوله


.. رأس السنة الهجرية.. دار الإفتاء تستطلع هلال المحرم لعام 1446




.. 162-An-Nisa