الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقشيف مهزلة -التقشف-

سمير عادل

2014 / 11 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عودتنا الحكومات المتعاقبة في العراق بقديمه وجديده الذي يضاف اليه البرلمان المبجل "ممثلي الشعب" بتمرير الاكاذيب والتفنن بها، الى جانب ابتكار المقولات والعبارات مثل الشفافية والنزاهة ومحاربة الفساد وتشكيل اللجان التحقيقية..الخ كلها كلمات وعبارات لتأطير وتجميل تلك الاكاذيب.
ان "التقشف" الذي تطرحه وزارة المالية ولجنة المالية في البرلمان والناطقين بأسم الحكومة لتفادي الازمة الاقتصادية التي يمر بها العراق، جراء انخفاض اسعار النفط في السوق العالمي وانهيار الاوضاع الامنية كما يروجون من مسوغات سياسية وقانونية واقتصادية، هي واحدة من تلك الاكاذيب اذا لم نقل عنها ليس اكثر من الضحك على الذقون.
عن اية سياسة تقشف يتحدثون، اذا كانت البطالة تضرب جذورها في عمق المجتمع لتصل نسبتها الى اكثر من 23% حسب احصاءات وزارة التخطيط قبل سقوط الموصل في 10 حزيران او اكثر من 40% حسب ارقام المنظمات الدولية مثل الامم المتحدة. اما اليوم وحسب احصاءات بعثة الامم المتحدة فان عدد النازحين وصل الى قرابة مليونين شخص، ويضاف الى ارقام وزارة التخطيط في نسبة العاطلين عن العمل مع اضافة ارقام العاطلين عن العمل في المشاريع الاقتصادية التي توقفت بسبب الاوضاع الامنية، والتي تعني تسريح المئات من العاملين اذا لم نقل الألوف في عموم العراق. ولكن كما تعودنا ان نقول لكم ليس هذا كل القصة، فالتقشف يعني في الدول التي لديها استقرار امني وسياسي وتمر بأزمة اقتصادية تحميل الازمة الاقتصادية على كاهل العمال والكادحين، وتعلن الحكومات في تلك الدولة عن رزمة اصلاحات والتي تعني تسريح الآلاف من العمال، لعدم قدرة المؤسسات الاقتصادية والمالية في دفع رواتب العاملين فيها، ورفع الضرائب على المحروقات والمواد الاساسية ويعني خصخصة مؤسسات الدولة ..الخ كما حدث في اليونان والبرتغال واسبانيا وايطاليا وفرنسا والولايات المتحدة الامريكية...
وفي "العراق الجديد" ليس هناك ما يضاف اليه لتقشيف سياسة التقشف، لان التقشف اعلن منذ كان صدام حسين ونظامه البعثي الفاسد يرئس العراق لتستكمله اليوم حكومة العبادي، والتي ستستغل الاوضاع الامنية المفروضة على المجتمع لتنفيذ السياسة الليبرالية الجديدة التي اعلنها في برنامجه الحكومي، وهي هيكلة الاقتصاد والمضي قدما نحو الخصخصة، والتي تعني تصفية القطاعات الصناعية والخدمية والصحية والتعليمية وبيعها الى رجال الاعمال من حزب الدعوة والمجلس الاسلامي الاعلى والتيار الصدري والمتحدون والعراقية....الخ ورفع اسعار المحروقات والغاء البطاقة التموينية التي قوضتها من قبل حكومة المالكي. ومع هذا لا تقف سياسة التقشف عند هذا الحد، فالحكومات التي جاءت بعد بول بريمر لم تترك مجالا للتقشف! فكل واحدة منها دلت بدلوها في مص دماء الاغلبية المطلقة من الجماهير من الفساد والسرقة وفرض الشروط المتدنية للعمل في جميع القطاعات الصناعية والخدمية.
ولا تعني سياسة التقشف التي تحاول حكومة العبادي ومعها البرلمان بإسلامه الشيعي والسني وقومييه العروبيين والكردايتيين وبديمقراطييه المدني والهمجي، اقول غير التقشف في الفساد والتقشف في السرقة والتقشف في النهب والتقشف في المحسوبية....... واذا كانت حكومة العبادي التي يطبل لها الذين يسمون انفسهم بالليبراليين قبل غيرهم جادة في تغيير الاوضاع السياسية والاقتصادية والامنية لصالح الجماهير، فعليها ان تقدم قبل كل شيء الفاسدين في الحكومة السابقة للعدالة، وعليها تقديم مشروع الغاء امتيازات الرئاسات الثلاثة وامتيازات البرلمانيين واصحاب الدرجات الخاصة...الخ. ولنكن على يقين لن تستطيع ان تتقدم خطوة الى الأمام لان حكومة العبادي ولدت من نفس الرحم الذي جاء منه حكومات علاوي والجعفري والمالكي.
واخيرا نريد ان نبين بأن التقشف لا يعني غير رفع درجة الفقر والعوز والفاقة على المجتمع، فخلال السنوات الحالكة التي لم يتحدث اي واحد من تلك الحكومات عن التقشف، الا ان الجماهير في العراق لم تنعم لا بالمياه النظيفة ولا بالكهرباء ولا بالخدمات مثل تخليص المدن من النفايات ومن مياه الصرف الصحي ولا بالشوارع المعبدة والنظيفة ولا بالبيئة الخالية من التلوث، فأي حال سيسود في المجتمع بعد التقشف؟
انه اي التقشف لا يعني غير تملص حكومة العبادي وبرلمانه من المسؤولية بشكل قانوني وشرعي من كل الالتزامات اتجاه المجتمع وترسيخ عبودية الانسان سواء كان عامل او غيره تحت عنوان التقشف. ان اعلان التقشف لا يجلب شيء جديد بالنسبة لجماهير العراق سوى التقليل من السرقة والفساد والنهب في احسن الاحوال، في المقابل التشديد من شقاء الجماهير. وعليه يجب ان لا تقبل الجماهير تحت اي مبرر تلك السياسة الحقيرة والمهينة لكرامة الانسان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 158-An-Nisa


.. 160-An-Nisa




.. التركمان والمسيحيون يقررون خوض الانتخابات المرتقبة في إقليم


.. د. حامد عبد الصمد: الإلحاد جزء من منظومة التنوير والشكّ محرك




.. المجتمع اليهودي.. سلاح بيد -سوناك- لدعمه بالانتخابات البريطا