الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التفسير العلمي لطقوس الحزن في عاشوراء في العراق

فيصل خالد

2014 / 11 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ليس من السهل أن تجد سندا عقائديا لهذا النوع من الطقوس في المصادر العقائدية الاسلامية وفي مقدمتها الكتاب والسنة النبوية ،وبالتالي فأن هذه الطقوس ليست موضوع الادراك وجداني ولا ادراك عقلي ، بل هي نوع من الموروثات التي تناقلتها الاجيال جيلا بعد جيل ، من دون أن تعرضها للأسئلة العقلية أو للشك والدحض ، وأن التمسك بها أصبح مدفوعا بعواطف مثل محبة أهل البيت أو محبة الطائفة او أنها اصبحت مناسبة لإعادة انتاج التحشيد الطائفي أو تعزيز الانفعالات الوجدانية الشعورية واللاشعورية التي تترافق عادة مع تلك الاجواء والطقوس الحميمة
وحتى أن نجح البعض في التوصل الى قناعات عقلية بأن تلك الممارسات مغلوطة ، ولا تقف على ارض عقائدية صلبة ، فأن تلك القناعات سوف لن تدفعهم الى التخلي عنها خوفا من الخروج على الاجماع المذهبي او الطائفي او المجتمعي
ومهما بذلت من جهد علمي وعقلي لا يمكن أن تقنع أي عراقي بالتخلي عن الحزن على الحسين في هذا اليوم مهما قدمت له من ادلة عقلية تثبت له أن المغالاة في اظهار مشاعر الحزن ليست من الاسلام في شيء بل هي في الغالب امتداد لطقوس البابليين وحزنهم العميق على الهتهم تموز ، ولذا يهدف هذا المقال الى التذكير فقط بأن طقوس العزاء الحسيني هي امتداد لطقوس العزاء البابلي ،فقد ورد في النصوص السومرية والبابلية كثيرا من الاساطير التي تصف عودة تموز الى الحياة ثانية, فقد صورت اسطورة الخلق البابلية احتفالات رأس السنة الجديدة التي تقام سنويا في موسم الربيع حينما يتساوى الليل والنهار, حيث يؤخذ الآله بل - مردخ -(تموز) أسيرا الى العالم السفلي ويحجز هناك, غير ان عشتار تحرره من أسره بعد ايام من البكاء والنحيب وترتيل المراثي الحزينة, حتى انتصار ه في الاخير على قوى الشر والظلام.
وتعود الاحزان الجماعية في تاريخها الى العصر المعروف بفجر السلالات بحدود 3200 ق. م. ففي بابل كانت المواكب الدينية تخترق شارع الموكب سنويا لندب الاله تموز, إله الخصب والنماء, للنواح عليه اثر الفوضى والخراب الذي حل بالارض عند هبوط تموز الى العالم السفلي, ونواح عشتار عليه. وكان الكهان يقومون بتنظيم هذه المواكب التي كان الملك يشارك فيها ايضا, التي تخترق بوابة عشتار وتقيم مهرجانات تستمر اثنى عشر يوما. وفي اليوم السابع تقام دراما محزنة تمثل موت الإله تموز. وتنتهي هذه الاحتفالات في معبد مردخ الذي يقع قرب نهر الفرات, حيث تعاد فيه تمثيلية" قصة الخليقة".
والسؤال الذي يتبادر الى الذهن: هل هي صدفة ان يكون هناك تشابه, مع الفارق بين الغاية والهدف, بين انطلاقة مواكب العزاء الحسيني يوم عاشوراء من اطراف المدن وبخاصة كربلاء لتذهب الى المساجد والحسينيات والمراقد المقدسة لاستذكار يوم عاشوراء, وبين ما كان يجري في سومر واكد من مواكب واحتفالات باستذكار عودة تموز من العالم السفلي؟!!
يرى بعض الباحثين بأن استشهاد الامام الحسين كان ايذانا ببعث الاحزان الجماعية من جديد عند المسلمين المعارضين لشكل الحكم القائم آنذاك, وان هذه الاحزان لم تظهر فجأة وبصيغة مشابه لما عهدناه لدى السومريين والبابليين, وانما لبست ثوبا اسلاميا يلائم مفاهيم العقيدة الاسلامية. ويعود ذلك في الواقع الى اسباب عديدة, من أبرزها فشل الثورات المتتالية في تحقيق أهدافها واستمرار غياب الشريعة عن المسرح السياسي وتفريغها من محتواها, وهو ما ادى بهذه الجماعات الى تبني رموز تموز في الندب والبكاء على فقدان العدالة, وبخاصة بعد ان حدث نوع من الانتعاش السياسي لهذه الافكار في عهد البويهيين. والى جانب ذلك فقد وجد العلويون في مجالس الوعظ والارشاد خير وسيلة لأحداث توعية فكرية وبخاصة ما تركه استشهاد الامام الحسين من آلام, وهو موضوع خصب ترك آثارا اجتماعية وسياسية ودينية عديدة.
ان العلاقة الميثولوجية بين احتفالات بل - مردخ –تموز, في بابل وبين احتفالات عاشوراء, من الممكن ان تشكل امكانية التشابه فكريا ووجدانيا كتعبير عن انتصار الخير على قوى الشر, وان نواح عشتار على تموز, سنة بعد اخرى, انما تمثل طاقة خلق وتجديد لمبدأ الارض - الخصوبة - الحياة, مثل الاحتفال بذكرى عاشوراء الذي يمثل تجديدا واحياءا لمبادئ الحسين في الرفض والتحدي والشهادة, التي بقيت حية في الوجدان الشيعي.












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - والختان ايضا
صلاح البغدادي ( 2014 / 11 / 3 - 13:59 )
الاستاذ فيصل...تحيه
ذكرني مقالكم هذا بعادة الختان اليهوديه(ومن ثم الاسلاميه),فالختان طقس فرعوني استمر لعدة اجيال,والمحافظه على الموروث جزء من ثقافة الانسان يصعب التخلي عنه,ومع الدين اليهودي الجديد تم اعتماده لكن بالباسه صبغه من هذا الدين وارجاعه الى عهد بين الله وابراهيم,انها مقدرة الانسان العظيمه على التكيف حتى وان كان مبنيا هذا التكيف على الاساطير....وشكرا


2 - الربط
رائد الحواري ( 2014 / 11 / 3 - 14:13 )
المقال يربط تاريخ المنطقة، وهذا هو اتفسير المنطقي لمثل هذه الطقوس الدينية، فحنى الاسلام العظيم لم يستطع ان يمحوا ارثا تراثيا دينيا، وهذا تاكيد على هو المنطقة الثقافية التي تتميز بها،


3 - هل هو تفسير علمي ام تفسير غير علمي؟؟
فهد لعنزي ـ السعودية ( 2014 / 11 / 4 - 06:37 )
قبل الدخول في الموضوع اسالك هل قرأت كتب الشيعة عن ثورة الحسين وملابساتها وما يترتب عليها وما ورد فيها من احاديث لانك تنفي اي سند عقائدي في الكتاب والسنة ونسيت ايها الاخ ان الكتاب والسنة غير متفق عليها فما يعتقده السنة غير معترف به عند الشيعة والعكس هو الصحيح. اذا هناك سنتان وكتابان متحدان في الجوهر ومختلفان في التفسير.لذا لا نربد الدخول في التفاصيل لانه موضوع شائك ولكن اعيد واكرر هل قرآت كتب الشيعة ام ان تحليلك لطقوس الحزن هو من باب تحفيز العقول حول اللا منطقية في هذا الفعل. اخي الكريم ان احياء ذكرى عاشوراء لا يمثل تجديدا للرفض والتحدي فقط بل تدخل فيه عوامل اخرى وهو الشفاعة والفوز بالجنان استنادا على احاديث موثقة عند الشيعة لذى ترى الملايين من الشيعة من كل اقطار العالم تؤم العراق خاصة فيي المناسبات كـ عاشوراء. واليك بعض الاحاديث الواردة في هذا الشان: من زار الحسين يوم عرفة كمن زار الله في عرشه. دمعة على الحسين تغفر الذنوب ما تقدم منها وما تاخر. البكاء على الاموات مذموم الا على الحسين وغيرها الكثير.اما الحديث الوارد عن الرسول حسب قول الشيعة هو:


4 - هل هو تفسير علمي ام تفسير غير علمي؟؟ ـ تابع
فهد لعنزي ـ السعودية ( 2014 / 11 / 4 - 06:44 )
يقول الحديث: نزل جبرآئيل على الرسول واخبره بما تلاقي عترته من بعده من ظلم وغيره واخبره بمصارع ابنآئه وعند ذكر كربالاء وما يجري على الحسين الشهيد بكى بكاء شديدا فقالت له ابنته فاطمة الزهراء ما يبكيك فاخبرها بما قال جبرآيل فبكت وسالنه متى يكون ذالك فقال : في زمان خال مني ومنك ومن ابيه ومن اخيه فقالت من يكون الناذب عليه فقال : يتشئ الله له شيعة يندبونه جيل بعد جيل. قالت و ما جزآؤهم يا ابي: قال جزآؤهم انا اشفع للرجال وانت تشفعين للنساء, هذا هو الدافع الفعلي لاقامة الشعائر وان كنا لا تشك في بعض الدوافع الاخرى. وللافادة وبدون لف او دوران ان الحسين الشهيد وواقعة كربلاء اصبحت تحارة رابحة للملالي والروزخونية واصحاب النقل والفنادق والا هل تصدق ان اعتلاء المنبر لـ نصف ساعة ليلا ونصف ساعة نهار ولمدة عشرة ايام قيمته 25000 ريال سعودى؟؟.هل هذا احياء لمبأدئ الحسين للرفض ام ابتزاز باسم الحسين؟؟. اخي الكريم ليس هناك اسلام واحد بل هناك اسلامات متعددة وكل يكيفه حسب مصالحه والضحية هم المغفلون.
للتنويه: انا بهذا لا انتقد الشيعة لاني اعتقد بحرية الاعتقاد وان بدى شيء يعتبر اسآءة فهو مجرد رأي وكل حر في راييه

اخر الافلام

.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah


.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في




.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج