الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خواطر في العلمانية والدين

جاسم ألصفار
كاتب ومحلل سياسي

(Jassim Al-saffar)

2014 / 11 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لا ادري ما الذي يسعى اليه الاسلام السياسي، هل ان يطغى الدين على الحياة الدنيا، لنموت في الدنيا ونعيش في الاخرة. هذا المنطق يتعارض مع الحكمة الالهية عن مغزى الخلق. كما انه يتعارض مع مغزى نزول الاديان. فالدين النصيحة، وهو الدعوة الطيبة للخير ولتشييد حياة انسانية لا ظلم فيها ولا اكراه.
وعندما اقارن بين تجربتي في الاتحاد السوفيتي الذي لم يكن نظامه مكترثا للأديان ثم روسيا الاتحادية القائمة على العلمانية، اجد اني خلال اربعين عاما عشتها هناك، لم ارى ذلك القدر من الظلم الذي وجدته في العراق بكل منظوماته السياسية والاجتماعية.
في روسيا العلمانية تزدهر المؤسسات الدينية بكل انواعها، وتساعد الدولة في اعادة انشاء وتطوير كل بناها التحتية. والدولة هي التي تحمي وتصون حق المواطن باختيار اي دين يرى فيه طريقه نحو الصلاح والخلاص الروحي، وتدافع عن حقه في ممارسة الشعائر التي يفرضها تدينه في حدود احترام النظام وعدم الاساءة للآخرين او تعريض اي مجموعة او افراد من المواطنين، بما فيهم المتدينين ذاتهم، لأي مخاطر صحية او نفسية قد تنتج عن ممارستهم للشعائر الدينية.
لذا وفي هذه الحدود، ودون تجاوز على الاديان، منع محافظ موسكو اي مظاهر علنية لذبح الطيور والماشية، سواء مارسها اليهود او المسلمين. كما انه اشار الى مفتي المسلمين في روسيا بتنظيم الصلاة في موسكو ايام الاعياد لكي لا يقطع المصلين الشوارع العامة.
ولم يكن في ذلك اي تمييز للمسلمين دون غيرهم، فلم يسمح للمسيحيين الأرثوذوكس، وهم اغلبية السكان في روسيا، باستخدام الشوارع العامة لممارسة شعائرهم. وانا اذكر مشاهدتي مرة لمراسيم الاحتفال بعيد القيامة التي في جزء منها يقوم الرهبان مع زوار الكنيسة من المتدينين بالطواف حول مبنى الكنيسة، بينما كانوا سابقا، في العهد القيصري، يطوفون في شوارع المدن وحولها.
كما ان الدولة العلمانية، في دفاعها عن حق المواطن بالتدين، لا تستثني من هذا الحق اي من مواطنيها، بما فيهم رأس الدولة العلمانية. فرئيس دولة روسيا الاتحادية فلاديمير بوتن ورئيس وزرائه ديميتري ميدفيدف يحضرون مع المتدينين الى الكنيسة في مناسباتها الدينية ويمارسون الشعائر في حضرة الرهبان لا كرؤساء للدولة العلمانية بل كمواطنين فيها.
ولم يمنع انتماء رئيس جمهورية الشيشان في روسيا رمضان قديرف للديانة الاسلامية من ان يكون رئيسا لجمهورية روسية تخضع في ادارتها الى نظام حكم علماني، لا بل ولم تحول الاصول الاسلامية لوزير الدفاع الروسي شايكو من ان يكون الشخصية الاولى المسؤولة عن حماية الدولة الروسية العلمانية.
وليس في تناولي للمثال الروسي، الذي عشت تفاصيله، اي انتقاص لأفضليات النظام العلماني في اوربا وامريكا واستراليا وحتى في اسيا وافريقيا في صونها وحمايتها لأتباع الديانات المختلفة، بما فيها اتباع الديانة الاسلامية، وتوفير الحرية لهم لممارسة شعائرهم الدينية. وتبقى غصة في حلقوم كل اوربي، ان من قدموا لهم العون والحماية من اتباع الاسلام السياسي اصبحوا مصدرا للرعب والجريمة والاخلال بالنظام العام الذي كافح الاوربيون قرونا من اجل تشييده.
وقد ينفع هنا التذكير بأن اغلب رموز الاسلام السياسي في العراق، عاشوا لاجئين في الدول الاوربية العلمانية التي حمتهم من بطش صدام حسين ونظامه الدموي اكثر من ربع قرن من الزمان. ولم يشعروا بالأمان في اي دولة عربية او اسلامية اكثر مما شعروا به في دول اللجوء الاوربية، ولم يكونوا ليصلوا الى السلطة في العراق لولا الدعم اللوجستي والعسكري من قبل الغرب.
وللاسف، لم يكن لينتظر العراقيون من الاسلام السياسي السني والشيعي الذي ادار الحكم بعد سقوط الصنم غير نظام مسخ لتقاسم الثروة والعنف وركوب الموجة الطائفية وتشجيع مظاهر الفرقة والاحتراب الاهلي الذي انتج التهجير والقتل على الهوية، واخرها العجز عن حماية الاقليات الدينية من همج واوباش ينافسونهم السياسة في الاسلام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أفكار محمد باقر الصدر وعلاقته بحركات الإسلام السياسي السني


.. مشروع علم وتاريخ الحضارات للدكتور خزعل الماجدي : حوار معه كم




.. مبارك شعبى مصر.. بطريرك الأقباط الكاثوليك يترأس قداس عيد دخو


.. 70-Ali-Imran




.. 71-Ali-Imran