الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عبدالله خليفة ... المبدعون لا يموتون

فاضل الحليبي

2014 / 11 / 5
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية



في عام 1975 كانت تجري مباراة في بين قطبا كرة القدم في المنامة ، ناديين النسور ( الأهلي حاليا) والعربي ( النجمة حاليا ) في أستاد مدينة عيسى ، بعد هجمة 23 أغسطس 1975م على الحركة الوطنية البحرينية ( التحرير والشعبية ) ، بحوالي شهر ونصف ، لا أذكر التاريخ بالضبط ، قبل إطلاق صفارة البدء من قبل حكم المباراة ، وقف الجميع دقيقة صمت حداداً على وفاة أم أحد أعضاء نادي العربي ، في تلك المباراة التي أتينا لمشاهدتها ، لم نعرف ذلك الشخص الذي توفيت والدته ، بعد عامين وتحديدا في عام 1977، التقي بالزميل والصديق عيسى خليفة في مدرسة المنامة الثانوية للبنين ، تكونت بيننا صداقة وزمالة ( مجموعة من الطلبة ) ، أذكر منهم الرفيقين المحامي محمد سلمان و الراحل جمال مرهون ، أخبرنا صديقنا عيسى ، بان تلك الوقفة ( دقيقة الصمت حدادا ) قبل بدء المباراة بين النسور والعربي ، في عام 1975م ، كانت على والدته المتوفية ، و الشخص المعني كان شقيقه المدرس المعتقل عبدالله خليفة ضمن كوكبة من مناضلي جبهة التحرير الوطني البحرانية والجبهة الشعبية في البحرين ، الذين تم أعتقالهم في هجمة 23 أغسطس عام 1975م ، وتم حل المجلس الوطني في 26 أغسطس في عام 1975م ، وسادت في البلاد أجواء من القمع والترهيب ، وازدادت شراسة وقساوة الحملة الرجعية على الحركة الوطنية البحرينية بعد أغتيال الكاتب عبدالله المدني في عام 1976م ، عرفنا بان المناضل المعتقل عبدالله خليفة ، بأنه قصاص ( كاتب قصة قصيرة ) ، و أخبرنا الصديق عيسى خليفة ، بأن شقيقه عبدالله ، قد صدرت له مجموعة قصصيه باسم ( لحن الشتاء ) في عام 1975م ، قبل أعتقاله وحل المجلس الوطني في 26 أغسطس من عام 1975م ، المجلس المنتخب أعضاءه في 7 ديسمبر من عام 1973م ، تكونت بيننا صداقة نحن الطلبة الأربعة ، وكنا نزور صديقنا عيسى خليفة في بيته ( بيوت العمال ) في فريق اللينات القضيبية ، تلك المنطقة الفقيرة من المنامة ، التي كتب عنها كثيراً الراحل الروائي عبدالله خليفة في قصصه ورواياته ، طلبت من الصديق عيسى ، استعارة قصة ( لحن الشتاء ) ، للقراءة وأعادتها إليه ، بعد أن قرأتها شعرت بأنها قصة جميلة تعبر عن ( القصص الواقعية ) ، في أحدى قصص لحن الشتاء ، كان يخاطب ( عامل البناء ) علي بأن يعود إلى وطنه البحرين ، وأن الشرطة لا تعرفك لقد كبرت يا علي ، فيما بعد عرفت بأن ، المقصود في القصة ، هو المناضل العمالي علي مدان أحد مؤسسي جبهة التحرير الوطني البحرانية ، والذي أمتهن في شبابه لسنوات مهنة البناء وكانت مصدر رزق له في تلك الفترة ، قضى المناضل الروائي الراحل عبدالله خليفة في سجون البحرين ست سنوات ، أفرج عنه في عام 1981م ، كان السجن محطة له ليؤسس لمشروعه في كتابة الروايات الطويلة ، ولكي يبحر باشرعته في عباب البحر وأمواجه المتلاطمة و يكتب في الفلسفة و التاريخ و التراث العربي والإسلامي ، لهذا أصبح يطلق عليه من قبل العديد من المثقفين العرب بأنه موسوعة فكرية وثقافية لغزارة أنتاجه الأدبي والثقافي ، أن رحيله المبكر خسارة فادحة للفكر والثقافة في البحرين والمنطقة ، أنه مبدع وناقد شجاع ، ودائما يطرح الآراء النقدية الفكرية التي تشكل موضع خلاف وجدل في أوساط المثقفين بما فيهم الماركسيين ، كتب بتاريخ15/08/2014م ، في عموده اليومي ( أفق ) جريدة أخبار الخليج ، قائلا: تداخل اليسار في الشرق مع ولادات الرأسماليات الحكومية فيها ، كانت هذه لحظة لقاء معقدة وتركيبية ، وذات إشكاليات متعددة ، تضافر فيها اليسار الغربي مع الشمولية الشرقية ، والرغبة في القفزة النهضوية مع الاستبداد ، وتسريع الحداثة مع هياكل اقتصادية متخلفة جامدة ، وتم جلب أحدث الأفكار التقدمية لوعي شعوب تعيش في قرون سابقة .




ويضيف : أسرعت قوى سياسية في تنميط موديل سياسي يساري نهضوي رأت فيه الشفرة الموجزة والمتكاملة وجعلت من الدكتاتورية طريقة سياسية لحل كل هذه الإشكاليات .




كتب في يوليو من نفس العام مقال أخر ، عن عزوف المثقفين والسياسيين عن العمل في منظماتهم الفكرية والسياسية والأدبية ، قائلا: الأجيال الجديدة من المثقفين والسياسيين لا يجدون أطراًً يعملون بها ، ويطورون تجاربهم ، وتقوم الانشقاقات بعزلهم وإضعاف تجربتهم حتى تتردى الثقافة الوطنية ويتمكن الانتهازيون من تخريب الثقافة الوطنية .




الراحل الكبير المناضل و الروائي عبدالله خليفة ، شكل أضافة نوعية لقضايا الفكر والثقافة في البحرين والخليج والوطن العربي ، فهو كاتبا وباحثا يساريا مميزا ، يحاول تفكيك المعقد وتبسيط المفاهيم النظرية ، وفق منهجية فكرية مغايرة للسائد في الفكر الماركسي ، لهذا يثير الجدل والخلاف في أوساط المثقفين الماركسيين ، ولا تروق للعديد منهم كتاباته بالرغم من أنه مستلهما جيدا للمادية الجدلية والفلسفة والتاريخ ، وموظفاً قراءته للنظرية الماركسية في كتاباته ومؤلفاته انطلاقاً من الواقع الذي يعيشه ، لكي يتعرف ويتعمق المرء في السجال الفكري والسياسي الذي كان دائماً يطرحه ويعبر عنه في كتاباته و مؤلفاته ، يتطلب قراءة معمقة فيها ، ودعوة المهتمين في شئون الفكر والثقافة لعقد ورش عمل حولهما .

رسام الكاريكاتير البحريني الفنان خالد الهاشمي ، كتب عن وفاة الروائي عبدالله خليفة هذه العبارة ( المبدعون لا يموتون )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزيرة ترصد مطالب متظاهرين مؤيدين لفلسطين في العاصمة البريط


.. آلاف المتظاهرين في مدريد يطالبون رئيس الوزراء الإسباني بمواص




.. اندلاع اشتباكات عنيفة بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين في تل


.. مراسلة الجزيرة: مواجهات وقعت بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهري




.. الاتحاد السوفييتي وتأسيس الدولة السعودية