الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من غير جواب

صفاء سلولي

2014 / 11 / 6
الادب والفن


... من غير جواب

كثيرة هي الأسئلة التّي تعلّقت بلساني، منذ سنوات ميلادي الأولى...
أردت حينها العثور على أجوبة تبدّد حيرتي الأولى..
حيرة إزاء كلام عامّ جعلني صديّة لا أرتوي .

سألت ذات مساء أمّي:
_ أمّي كيف جئت إلى هذه الحياة؟
تلعثمت وأجابت مشيرة إلى بطنها:
_ جئت من هنا، أخرجك الطبيب من داخلي...لقد أجرى لي عمليّة...
سألتها رؤية أثار العلميّة فأخبرتني أنّها امّحت...
وغيّر أبي وجهة الحديث.


وأتذكّر جيّدا، عندما كنت في السّوق ووالدي، أقسم التّاجر أنّ بضاعته من أجود ما يكون.. حينها سألت والدي:
_ من يكون الله وأين يكون وما اسم أبيه وما اسم أمّه وكم عدد إخوته ؟
استغرب والدي سؤالي وقال:
_ "الله لم يلد ولم يولد"، هو الذّي خلقنا جميعا. الله أكبر يا ولدي.
_ وهل خرج من بطن أمّه؟
_ هو الصّمد، لا أمّ له ولا أب.
_ كيف ذلك...طيب أريد رؤيته.
_ ارفعي رأسك نحو السّماء...حيث يكون.


رفعت رأسي ولم أر شيئا غير سحابا غبيا يمشي يمينا وشمالا...ثمّ أعجبني لأنّه في حركته رسم أشكالا أعرف مثلها كالورود والأشجار والسّمك...

فقلت:
_ هل هو الورود أم الأشجار؟
_ الله يرانا ولا نراه.
_ ألا يحبنا؟
_ بلا ...
_إذن لماذا لا نراه؟
_ هو يرانا...
_ونحن؟ أين يعيش؟
_ في السّماء.
_ حيث المطر؟...ألا تزعجه المطر؟ كيف يذهب إلى المدرسة إذا ابتلّت ثيابه؟
_ الله أكبر...لنذهب...سنشتري خبزا.


كالعادة سكت وتركني...


بقيت أتخيّل ملامحه وأصرّح بها حينا وأحتفظ بها حينا آخر... كثيرا ما رسمته في المدرسة: رجلا وسيما عملاقا بلحية كثيفة بيضاء.

قلت يوما لمعلمتي حين سألتني "هل هذا جدّك؟" قلت "لا ... هو الله"... فنهتني عن رسمه وعن التّخمين في شكله لأنّه أرفع من أن يرسم في مخيّلتي وفي ورقي...وسكتت.


وفي عطلة الصّيف البائسة، كنت مجبرة على الذّهاب إلى البحر ليحمرّ جلدي من الشّمس الحمقاء. لم يلبس أخي تبّان السّباحة فأردت أن اخلع مثله لباس السّباحة.
فقال أبي: لا أنت بنت.
فسألت: ولماذا خلقت بنتا وهو ذكر؟ وما الفرق بيننا؟
فظنّ أنّه أجابني: هذه هي مشيئة الله.

أهملني وفتح حديثا مع أمّي... وسكت وبقيت أجري حتى شعرت بدقّات غزيرة بين أضلعي... عدت مسرعة نحو والدي ووضعت يده مكان الطّرق. فقال: دقّات قلبك متسارعة نتيجة الجري.


حينها تصوّرت أنّ المطرقة الخشبيّة التّي كان جدّي يزيّن بها مكتب المحاماة أمام الميزان، لها مثيلتها بين أضلعي.
وهناك رجل صغير يسكن صدري مهمّته الطّرق...


سألت عن الغول والقمر والشّمس والظّلام والموت والأحلام...طلبت أجوبة لكنّي وجدت سكوتا ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عوام في بحر الكلام - الشاعر محمد عبد القادر يروي قصة البطل ا


.. كواليس ولقاءات من مهرجان الموسيقى العربية في يومه الثاني




.. رسالة اليوم الثاني من مهرجان الموسيقى العربية


.. أبطال وفنانين وفنانات الحرانية.. في #معكم_منى_الشاذلي ?? #مع




.. بعض الأعمال الفنية للراحل رمسيس ويصا واصف #معكم_منى_الشاذلي