الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إذا كان الله لا يخاف فالبشر يخافون

عادل صوما

2014 / 11 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إذا كان الله لا يخاف فالبشر يخافون

أغلب الظن ان البابا فرنسيس الاول يعتبر ان ما ورد في الاديان الابراهيمية كافة مجرد اساطير، لأنه بعد شهور من تنصيبه تجاوز حادثة معروفة في "العهد القديم" ووردت في القرآن ايضا، تروي ضرب الله قرى سدوم وعامورة بالنار والكبريت بسبب تفشي اللواط بين الرجال، ومحاولة أهل سدوم مضاجعة الملاكيّن الذي ارسلهما الرب شخصيا إلى هذه القرى للنصح والهداية.
قال البابا فرنسيس الأول في تصريحات لصحافيين على متن الطائرة التي أقلته إثر عودته من زيارة البرازيل في اول زيارة جماهيرية له: "إذا كان هناك شخص مثلي الجنس، يسعى إلى الله، ويتحلى بالإرادة الخيّرة، فمن أنا كي أحكم عليه". وأشار البابا في مداخلته ودردشته معهم إلى تعاليم الكنيسة الكاثوليكية الرومانية التي تقول إنه "بينما تعتبر أفعال المثليين مؤثمة، فإن التوجه الجنسي المثلي ذاته غير مؤثم".
جاء هذا القول على لسان البابا فرنسيس الاول بعدما قال في معرض دفاعه عن القساوسة المثليين :"ينبغي أن يشمل الغفران رجال الدين مثليي الجنس، وأن تُنسى خطاياهم، وإن"التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية يفسر هذا بشكل جيد للغاية"، حيث ينص على "إنهم لا ينبغي أن يهمشوا بسبب هذا ولكن لابد من ادماجهم في المجتمع". كما دخل فرنسيس الاول لاحقا التاريخ بصفته أول حبر أعظم يستخدم علانية كلمة "لوطي"، بدلا من "مثلي الجنس."
شفيع المثليين
دشن ترهل البابا فرنسيس الاول القادم من الارجنيتن وتفسيراته التي تخالف الانجيل وتعاليم الرسل ومار بولس، عصر مفاهيم مستهجنة لم تعرفها الكاثوليكية حتى ايام بيع صكوك الغفران، فقد أعلنت الكنيسة الكاثوليكية بالأرجنتين بعد اقواله هذه، عن موافقتها على تعميد رضيعة تبتنها إمرأتان مثليتان، في سابقة هي الأولى في تاريخ المسيحية ولن تكون الاخيرة، لأن البابا ببساطة يدعم هذا التوجه، عوض عن قول كلمة صدق للمثليين أو دعوة رحمة للمجتمعات التي تنبذهم او تضطهدهم او تسجنهم، إضافة إلى انه لم يردع بعض كهنته الملوثين بالزنا الذكوري، الذين ضغط اللوبي الخاص بهم في الفاتيكان على البابا بنديكتوس 16 فاستقال، لأنه لم يستطع التأقلم مع "علامات الازمنة" الفاجرة التي همس اصحابها لنساء "فيمن" ليتعرين امامه في ساحة القديس بطرس، فاختار الاستقالة في الاسبوع نفسه، لأسباب صحية كما زعم، لكن الوقائع وملامح الرجل تقول إنه صاحب كرامة شخصية وإحساس طهوري مرهف!
يبدو توّجه البابا فرنسيس الاول ان يكون شفيع المثليين في نهاية المطاف، فقد حث كبار المطارنة في "سينودس الاسرة"، الذي انعقد الشهر الفائت وبحث قضايا الاسر ومشاكلها وقضايا الإجهاض ووسائل منع الحمل والمثلية الجنسية والطلاق، إلى ضرورة اتخاذ الكنيسة الكاثوليكية مواقف"أكثر ايجابية" تجاه المثليين جنسياً(ما العلاقة بين مشاكل الاسرة الطبيعية والمثليين؟!)
الزواج اصطلاحا علاقة يعيش فيها رجل (يدعى زوج) وامرأة (تدعى زوجة) لبناء أسرة، وهي علاقة متعارف عليها ذات أسس في القانون وأعراف المجتمعات والديانات إبراهيمية كانت أم غيرها، وهي الإطار المقبول للعلاقة الجنسية وإنجاب الأطفال من أجل الحفاظ على الجنس البشري، لكن ما يحاول المثليون عمله هو تدمير هذا التعريف مدنيا وقد نجحوا، عندما أقر بالزواج المثلي الرئيس أوباما ووهب العاملين منهم في الحكومة الفيدرالية الحقوق المدنية نفسها التي يتمتع بها زوجان طبيعيان، والان نجحوا ايضا في جعل الحبر الاعظم شفيعهم الذي يتجه بخطوات سريعة نحو ترسيخ هذه العلاقة كاثوليكيا ليعلن صراحة اباحة زواجهم كنسيا، أو على الأقل سيورط من يأتي بعده ويجعله محاصرا فعليا بضغوط تتمثل في حريات شخصية وعدم وضع عراقيل امام الزواج فهو حق لكل إنسان، لن يستطيع خلفه تجاوزها.
الخلل الثمين
تقول وثيقة السينودس إياه التي ستجعل الكاثوليكيين ينقسمون: "بدون إنكار المشكلات الأخلاقية المتصلة بالروابط بين المثليين جنسيا، يجب الإشارة إلى أن هناك حالات يبلغ فيها العون المتبادل حد التضحية وتنطوي على مساندة ثمنية في حياة الشركاء". يعني التقرير علاقة الارتباط بين المثليين جنسيا.
وصفت منظمة "كويست" المعنية بحقوق الكاثوليك المثليين جنسيا ومقرها لندن أجزاء من التقرير بأنها "إنجاز"، بينما شجبت منظمة صوت الأسرة الكاثوليكية المحافظة الوثيقة ووصفتها بأنها "خيانة". ووصف أحد مؤسسي المنظمة جون سميتون الوثيقة بأنها "واحد من أسوأ التقارير الرسمية صياغه في تاريخ الكنيسة"، لكن يبدو ان تأكيد البابا فرانسيس على التركيز على الجوانب الإيجابية وليس السلبية للميول الجنسية البشرية، قد كسب تأييد الكثير من المطارنة المشاركين في "سينودس الاسرة"، وهذه ملامح الانقسام القادم الذي سيهدد الباباوية والكاثوليكية، فقد عبّر سلفه بنديكتوس السادس عشر عن علاقات المثلية الجنسية بأنها "تنطوي على خلل جوهري"، وذلك في وثيقة للفاتيكان كتبت في عام 1986، وكان بنديكتوس وقتها يشغل منصب كبير مستشاري البابا يوحنا بولس الثاني لشؤون العقيدة.
بابا البلبلة
في الوقت الذي يتعرض المسيحيون فيه لأبشع انواع التهميش والتهجير والابادة الجماعية في الشرق الاوسط، والخوف من الارهاب الديني في بقية انحاء العالم، خصص البابا فرانسيس معظم خطبته إلى "سينودس الاسرة" لامور مثل اللواط والطلاق وإعادة الزواج والزواج من الجنس نفسه، وحدد تشرين الاول/أكتوبر المقبل للبت في هذه الامور بالغة الاهمية، حسب رأيه، بعدما أظهرت احصاءات تصويت صادر عن الفاتيكان أن ثلاث مواد مثيرة للجدل، بما في ذلك النسخة النهائية، لم تحصل على ثلثي الأصوات اللازمة للبت فيها، لكن البابا قرر أن تبقي حتى المواد الفاشلة، وهي ما يتم حذفها بموجب قواعد السينودس العادية، في الوثيقة النهائية، ما يعني المزيد من الجدل والانشاقات داخل الكاثوليكية، لأن البابا يرى ان خطر الالحاد والاباحية واستغلال الانسان والجمعيات السرية العقائدية والمنتفعين من الاسلام سياسيا والارهاب الذي تحوّل إلى وظيفة وتلاشي الرموز المسيحية في الدول المسيحية واهوال المسيحيين في الشرق الاوسط، لا يشكلون أدني خطر على المسيحية، مثلما يهددها نبذ اللواطية وزواج المثليين!
الله، حسب الحبر الأعظم، لا يخاف التغيير. وقد عنى فرنسيس الاول الخوف من الاعتراف بزواج المثليين.
بصراحة إذا كان التغيير، حسب الحبر الأعظم، هو الاعتراف باللواطية وحقوق زواج المثليين وتعميد اولادهم بالتنبي، وربما زواج المثليين كنسيا في المستقبل، فأنا لا يهمني بتاتا شجاعة الله، لأنني خائف على الحضارة المسيحية نفسها، وتقديري ان تغييرات البابا تهّور غير محمود العواقب على الاسرة المسيحية السوية وعلى العقيدة نفسها، ما سيفتح ابواب جهنم التي أغلقها القديس بطرس بقوة المسيح.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التركمان والمسيحيون يقررون خوض الانتخابات المرتقبة في إقليم


.. د. حامد عبد الصمد: الإلحاد جزء من منظومة التنوير والشكّ محرك




.. المجتمع اليهودي.. سلاح بيد -سوناك- لدعمه بالانتخابات البريطا


.. رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك يزور كنيسا يهوديا في لندن




.. -الجنة المفقودة-.. مصري يستكشف دولة ربما تسمع عنها أول مرة