الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رب ملوم لا ذنب له-المقال التاسع عشر

نبيل هلال هلال

2014 / 11 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وإذا كان الإسلام يقرر حقوق الراعي والرعية - والتاريخ يشهد أن الراعي قد حصل على حقوقه وزيادة ولم تحصل الرعية على حقوقها- يكون قد تم إعطاب الإسلام والحيلولة دونه وتحقيق مصالح الناس , وهي الغاية القصوى من الدين , كل دين . فمن غاياته تقييد الأقوياء من الناس الأثرياء وأصحاب السلطة لمنعهم من التعدي على المستضعَفين , وإذا كنا نرى في الواقع تقويض مصالح الفقراء , يكون قد تم تجميد الدين وتحنيطه . ولكل دين سيرة يجب دراستها للوقوف على حقيقته , فالأديان السماوية انتهت مسيرتها بتحريف غيَّب أهدافها الحقيقية عن "المؤمنين", ودراسة هذه السيرة تبين كيف تم وبسرعة إقصاء أهداف السماء ومنعها من أن تأتي ثمارها على أرض الواقع , إذ يعطلها الملأ وأصحاب المصالح, وينتهي الأمر بتعضيد التعاون بين ثالوث الفساد والشر الأزلي- الأبدي : الملك والكاهن والملأ . ولما فشل الإسلام السلطاني- وكان حتما أن يفشل-في تحقيق الغاية من الدين ,كان لابد من اختلاق أسباب تبرر هذا الانحراف الخطير, فانبرى الكهنة ومشايخ السلطان يفسرون, وانتهوا إلى أن ارتكاب الناس للمعاصي هو السبب-مع أن معاصي الناس دائمة ماداموا بشرا وإلا استبدلهم الله بآخرين يخطئون فيستغفرون فيغفر لهم , وقالوا-أي الكهنة- إن عدم إطعام الطعام وإفشاء السلام والصلاة والناس نيام هي السبب! ورب ملوم لا ذنب له, ولم يجرؤ واحد منهم على التنديد بالخليفة اللص الظالم, إما جهلا وغباء ,أو خوفا على لقمة عيشه, أو حرصا على رأسه . وحولوا الدنيا كلها إلى معبد لا يفتر فيه الإنسان عن أداء طقوس وشعائر تؤدَّى في التكايا والزوايا حتى وإن انصرف عن الضرب في الأرض وعمارتها , وانتفى الغرض الأساسي من إرسال الرسل بالأديان , وهو إقرار العدل والمساواة ورد الحقوق إلى أهلها , تلك الحقوق التي ظلت حبيسة خزينة الخليفة النبوي والتي أسماها بيت مال المسلمين , في حين أنها كانت الخزينة والمصرف السلطاني. والله تعالى يقول:{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} الحديد 25 , فالغاية القصوى من الرسالات ,كل الرسالات , هو القيام بالقسط أي العدل , فإن لم يتحقق العدل فلا دين , هكذا ببساطة , وصدق الله وكذب الخليفة النبوي والفقيه السلطاني . والأديان لا تحمي نفسها بنفسها , بل يقع واجب الزَّوْد عنها على عاتق الناس فهُم أصحاب المصلحة الحقيقية من الدين . أمّا لو استأثر الكاهن- خادم الفرعون - بأداء دور حامي الدين والعقيدة في ظل مباركة السلطان , فاعلم أنه تم احتكار الدين تمهيدا لتعطيله وحبس نفعه عن الناس . (يتبع)-من كتابنا :خرافة اسمها الخلافة-لنبيل هلال هلال








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صلوات ودعوات .. قداس عيد القيامة المجيد بالكاتدرائية المرقسي


.. زفة الأيقونة بالزغاريد.. أقباط مصر يحتفلون بقداس عيد القيامة




.. عظة الأحد - القس باسيليوس جرجس: شفاعة المسيح شفاعة كفارية


.. عظة الأحد - القس باسيليوس جرجس: المسيح متواجد معنا في كل مكا




.. بدايات ونهايات حضارات وادي الرافدين