الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العبادي والهوية الطائفية

سمير عادل

2014 / 11 / 10
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من مدينة كربلاء وبمناسبة عاشوراء أعلن حيدر العبادي رئيس الوزراء بأنه اعد خطة مع التحالف الدولي لتحرير الموصل والقضاء على داعش.. إعلان العبادي هذا يحمل في طياته رسائل سياسية الى العديد من الإطراف الا ان إطارها واحد اذ لا تتجاوز الهوية الطائفية ولن تكون عابرة لها مهما حاول المتوهمين به اي بالعبادي بانه سيكون افضل من سلفه والمنقذ للعراق ونقله الى بر الامان.
بالنسبة لنا ليس عجيبا ولا غريبا تصرف العبادي، فهو جاء من رحم حزب الدعوة الذي يستند على ايديلوجية طائفية بأمتياز، وعلى الرغم من أن العبادي حاول في كلمته ذكر الجريمة التي ارتكبت بحق عدد كبير من اناس من عشيرة البو نمر اذ قال "هؤلاء يقتلون حتى جماعتهم، يزعمون أنهم يدافعون عن أهل السنة وقد قتلوا الكثير من السنة"، الا انه وبشكل واعي لم يكن يريد تشويه صفائه الطائفي الذي كان المالكي افضل منه في بدايات ولايته الأولى حيث حاول الابتعاد عن المناسبات الطائفية وتقريب نفسه من المناسبات غير الدينية. والعجيب ان طيف واسع من النخب السياسية والثقافية حاولت كظم غيظها او قرأت رسالة العبادي على مضض او غضت الطرف عنها او في افضل الاحوال حاولت التغافل عن تلك الكلمة بمناسبة "عاشوراء"، وكأنها لم تكن ولم تكتب كي لا يصحو من أحلامهم الوردية ليصطدموا بالكابوس الواقعي الذي يجثم على صدورهم.
اعلان العبادي ليس فيه شيء جديد، الا ان الجديد في توقيته ومكانه، اذ اراد ان يقول لدولة الخلافة الاسلامية وحماتها من داعش بأنهم "سنة"، وان "الشيعة" يحيون ذكرى العاشوراء كي يستمدوا منها البطولة والحماسة ليقاتلونكم ويقضون عليكم، اذا قال في نفس الكلمة "أما نحن فنكون مع الحسين ومع الإسلام ومع العراق ضد هؤلاء، النصر حليفنا والعار والخزي لمن يحاربون الحسين والعراق والإسلام"، ومن جهة اخرى اراد ان يعبر للجميع بدءا من الدول الاقليمية التي تحمل اللواء الطائفي السني مثل تركيا والسعودية وقطر قبل حلفائه في العملية السياسية بأن هويته "شيعية"، وانه لو لا تحالف الاسلام السياسي الشيعي لما وصل الى سدة الحكم وان العراق وفي ظل سلطة الاسلام السياسي لن يغير من لونه ولا من طعمه، اضافة الى ذلك فان كلمته ايضا حملت رسالة واضحة الى اخوته في التحالف الشيعي بأن حزب الدعوة كان خلال اكثر من ثمان سنوات وسيبقى هو من يقود تحالف الاسلام السياسي الشيعي ولا يقبل من احد ازاحته، اما على الصعيد الاجتماعي اراد استغلال المناسبة المذكورة لتسويق كلمته في السوق الطائفية التي لها هذه الايام رواج اكثر من القومية والديمقراطية.
ان العبادي استغل مناسبة احياء ذكرى عاشوراء بشكل اكثر ذكاء من اسلافه لترميم الشارع الطائفي الشيعي، بعد ان هز تمدد داعش واعلان دولة الخلافة الاسلامية والهزيمة الماحقة للاجهزة الامنية والجيش عرش سلطة الاسلام السياسي الشيعي. ان الاشراف المباشر للعبادي على الخطة الامنية لتأمين احياء المناسبة المذكورة، وزيارة كربلاء ولقاء ممثل السيستاني فيها والاشادة بفتوى الجهاد الكفائي الذي وصفها بأنها حافظت على وحدة العراق، واصدار مكتبه بيان بالمناسبة وقبلها القاء كلمته المذكورة، كلها محاولات للتعبئة الطائفية واعادة البريق للشارع الطائفي الشيعي تحت لواء حزب الدعوة.
ومن هنا يجب ان يدرك اولئك المتوهمين بالعبادي ان ما يقوم به من الغاء المكتب العام للقوات المسلحة واحالة بعض القادة العسكريين الى التحقيق، والدعوة الى محاسبة بعض من عاثري الحظ على فسادهم، والتهويل الاعلامي للتعددية والديمقراطية والمحاولة لتغيير بعض الشكليات على مسودة النظام الداخلي لمجلس الوزراء التي قدمها سلفه نوري المالكي.. كلها خطوات شكلية لتفريغ الغضب والسخط العارم بين صفوف الجماهير والتفاف على الازمة الحقيقية، وهي فشل العملية السياسية وفشل الاسلام السياسي في ادارة السلطة في العراق وفشل مشروع "العراق الجديد"، عن طريق تحميله للذين لا حول لهم ولا قوة بينما رؤوس الازمة السياسية تتمتع بالحصانة والامن والامان.
ان المشاركة الفاعلة للعبادي في مناسبة احياء ذكرى عاشوراء لا تعني على الصعيد المحلي غير انه يريد ان يبلغ الجميع، بأن السلطة السياسية هي اسيرة التقسيم والمحاصصة الطائفية والقومية مع سبق الاصرار والترصد. وان الازمة السياسية في العراق ستبقى ملازمة للعملية السياسية المحتضرة ولكن ستأخذ اشكال مختلفة في كل مرحلة جديدة.
واخيرا ان العبادي ليس اكثر من عابر سبيل ولن يكن افضل من رفيقه المالكي، فالطائفية هي الايديلوجية التي تستند بوصلته عليها والمضي اكثر من ذلك، يعني اما التخندق مع الاسلام السياسي الشيعي او الانتحار سياسيا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الحكم
فريد جلَو ( 2014 / 11 / 10 - 16:34 )
لازال الحكم فيه تجني لانه مبكر جدا وموقف واحد اواكثر غير كافي وبكل الاحوال على الجميع ان يتهيءايجابا اوسلبا للقادم

اخر الافلام

.. 158-An-Nisa


.. 160-An-Nisa




.. التركمان والمسيحيون يقررون خوض الانتخابات المرتقبة في إقليم


.. د. حامد عبد الصمد: الإلحاد جزء من منظومة التنوير والشكّ محرك




.. المجتمع اليهودي.. سلاح بيد -سوناك- لدعمه بالانتخابات البريطا