الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المشاعر، ما هي وما حقيقتها؟

ماريا خليفة

2014 / 11 / 11
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


غالباً ما نذكر كلمة "مشاعر" بخفّة. ولكن هل فكّرت يومًا بعمق بمعنى كلمة "مشاعر"؟ تعلّمنا منذ صغرنا الإجابة عن السؤال "كيف تشعر اليوم؟". كما نستخدم هذه الكلمة في حياتنا العمليّة اليوميّة قائلين "أشعر بأنّني أرزح تحت أكوام من العمل". وفي المنزل أيضًا "لا أشعر برغبة في تحضير الطعام اليوم يا حبيبي". استخدام هذه الكلمة شائع لكنّها تستحقّ أن نتعمّق فيها لنجري التغيير الذي نريده في حياتنا.

اكتشف ما هي طريقة تفكيرك وكيف تعمل. المشاعر تشكّل ثلث العملية كلّها. حاول اعتبار المشاعر بمثابة النقطة في نهاية السطر. فالمشاعر تظهر في نهاية عمليّة مؤلّفة من ثلاثة أجزاء.
أوّلًا، أنت تستطيع التفكير ما يعني أنّك كائن عقلاني، كلّك عقل، فالعقل وحده قادرٌ على التفكير. تخيّل ذلك! لم تتوقّف عن التفكير كلّ تلك السنوات من دون أن تدرك أنّ هذا يجعلك كائنًا عقلانيًّا. إنّها معلومة دقيقة. إن كنت عقلًا لأنّك تفكّر إذًا ما امتداد هذه الفكرة؟
إنّه امتداد مثير للاهتمام جدًا. إن كنت عقلًا لأنّك قادرٌ على التفكير، إذًا الموضوع التالي الذي يجب البحث فيه هو ما يسبّبه التفكير. فهل تعلم أنّ تفكيرك يؤدّي إلى حدوث بعض الأمور؟ إليك بعض الأمثلة:
• التفكير في الحزن يسبّب الدموع
• التفكير في الفرح يجعلك تصرخ وتقفز
• التفكير في المرض يسبّب الألم في معدتك
حين يفكّر عقلك، وهذا التفكير يسبّب أمرًا كمنتج نهائي، هذا يعني أنّ عقلك هو المسبّب. وأشدّد على هذا التعبير لأنّ العقل كمسبّب أمر جوهريٌّ. أصبحت تعرف الآن معلومتين تسبقان فهم المشاعر. وأصبحت تعرف أنّ عقلك مسبّب وسبب ما تفكّر فيه.
حين تبدأ عملية التفكير، يريد عقلك أمرًا. قد يكون ذلك الحذاء الأحمر المثير الذي رأيته في المتجر، أو تلك السيارة الجديدة الرائعة. عقلك دائمًا يريد شيئًا. فطبيعته الباطنية هي الرغبة. وهذا بالتحديد ما يقوم به: يرغب في الأشياء.
ثانيًا، الأمر التالي الذي يفعله عقلك المدهش المسبّب للأمور هو التفكير في ما يرغب فيه. فإذا كان الحذاء، تبدأ بالتفكير في اللباس الذي يتناسب معه، وإن كنت تملك الجوارب المناسبة وإن كانت قدماك ستتعبان فيه، وإذا كانت السيارة، تبدأ بتخيّل الرحلات التي ستقوم بها فيها مع أصدقائك. والتفكير يسمّى أيضًا التعليل، حيث تقدّم الأسباب التي تدفعك إلى الحصول على ما ترغب فيه. أمّا إن كنت تميل إلى رفض أمر ما، فعليك تقديم أسباب عدم رغبتك في الحصول عليه. قد تفكّر "سيغضب منّي زوجي إن اشتريت هذا الحذاء ومن الأفضل ألّا أغضبه"، أو "سيخنقني دين السيارة الجديدة فمن الأفضل ألّا أشتريها".
ثالثًا، تخيّل أنّ عملية التفكير والتعليل تشبه الشجرة. تبدأ من رأسك (كالأغصان) عاليًا بين السحب. ترى كلّ الاحتمالات من فوق، وبينما تكمل عمليّة التفكير تنتقل إلى الأسفل مقدّمًا الأسباب الإيجابية أو السلبية التي تدفعك أو تمنعك من تحقيق رغباتك. وفي أسفل عملية التفكير، حدث ينقلك إلى وسط الخطوة الثالثة. وقرب جذور تلك الشجرة، تتّخذ قرارك. تقرّر "نعم أقدر" أو "لا، لا أستطيع" الحصول على ما أرغب فيه.
وصلنا إلى المشاعر. ذلك القرار الذي اتّخذته بوعيك عند قاعدة عملية التفكير هو في الواقع الشعور بالاقتناع. إنّك مقتنع تمامًا بفضل عمليّة التفكير التي أجريتها، بأنّك قادرٌ أو غير قادر على تحقيق رغباتك. شعورك بالاقتناع هو النقطة في نهاية السطر التي ذكرتها سابقًا. فقد تشعر بالفرح والبهجة، أو قد تشعر بالإحباط وخيبة الأمل.
والأهمّ من شعورك هو أنّك بدأت تلك العملية الذهنيّة (أوّلًا)، وملأت الفراغات (ثانيًا) واستنتجت شعورًا نهائيًّا (ثالثًا). وإن لم تعجبك حصيلة استنتاجك، يمكنك إعادة التفكير إلى أن تتوصّل إلى شعور بالاقتناع توافق عليه. ثمّ يحدث أمر مدهش وبطريقة ما، يتحقّق ما تمنّيته في تجارب حياتك، وحين تراقب ماذا حدث تظنّ أن في الأمر مصادفة. وأخيرًا، تقتنع أنّك أنت من يصدر هذه الرغبات بنفسك وأنّ عقلك آلة مسبّبة.
هذا الكلام حقيقي، إنّه الحقيقة التي تحرّرك. سألخّص ما ذكرته فوق لتفهم ما يفيدك في الحصول على كلّ ما تريده في الحياة.
أوّلًا، تشعر برغبة في داخلك تجاه أمر ما.
ثانيًا، تبدأ بالتفكير في تلك الرغبة وتستنتج إن كان بإمكانك تحقيقها في حياتك أم لا.
ثالثًا، الشعور بالاقتناع الكامل سيجسّد الرغبة في حياتك.
إذًا ما هو الشعور؟ إنّه النقطة في آخر السطر. إنّه نتيجة تفكيرك بحالة ما ورأيك النهائي بها، وهذه هي الطريقة الوحيدة التي تتجسّد بها أفكارك في الحياة.
إليك السرّ
تسيطر على المشاعر التي تخالجك من خلال سيطرتك على ما يحدث في الوضعية الثانية من عملية التفكير الذهني. إن لم تجعل عقلك يفكّر في كلّ التفاصيل الضرورية، فلن تستنتج ما ترغب فيه. لهذا السبب يتمّ التشديد على أهميّة التأمّل بشكل كبير. ففي أوقات التأمّل الهادئة يقوم الشخص بالتفكير الضروري ليستنتج شعورًا نهائيًّا، وبالتالي يستطيع تحقيق ما يرغبه قلبه.
الحقيقة الموجودة هنا يمكن أن تجعلك ثريّاً وتمنحك صحة جيدة ونجاحاً في حياتك. تلك هي الأدوات الأساسية التي تحتاجها لتكون أنت التغيير في حياتك. وكلّ ما عليك أن تفعله الآن هو أن تخرج إلى النور كلّ الرغبات التي تريدها وتفكّر فيها بالتفاصيل، وتقتنع اقتناعاً تامّاً بأنّها جيّدة ومناسبة لك، ثمّ تتوقّع تحقّقها. فأنت مسبّب تحقّقها.
أعتقد أنك ربما كنت تتوقّع منّي أن أتحدّث في هذه المقالة عن المشاعر المختلفة التي نختبرها جميعنا. لكني أتصوّر أنني قد قدّمت لك شيئاً أهم. فإذا شعرت أنّك ضحيّة مشاعر سلبية، فارجع إلى عقلك وراقب ما تفكّر به في المرحلة الثانية من التفكير. حين تغيّر تفكيرك، ستتغيّر مشاعرك تلقائيًّا. أصبحت تملك أدواتك الخاصة الآن. فاجلس وخطّط لما ستفكّر به حتى درجة الاقتناع واستمتع بالنتائج.
ما تعلّمته
" الفكر هو كلّ شيء. ما تفكّر به تصبحه" –سقراط
"لست أكثر ذكاء من غيري لكنّي أصرّ على التفكير بالمسألةّ حتى أصل إلى نهايتها"- أنشتاين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - علم نفتقده
.ماجدة منصور ( 2014 / 11 / 11 - 23:44 )
لك يا سيدتي كل الاحترام لما تقدميه من علم نفتقده

اخر الافلام

.. الإمارات وروسيا.. تجارة في غفلة من الغرب؟ | المسائية


.. جندي إسرائيلي سابق: نتعمد قتل الأطفال وجيشنا يستهتر بحياة ال




.. قراءة عسكرية.. كتائب القسام توثق إطلاق صواريخ من جنوب لبنان


.. عضو الكونغرس الأمريكي جمال باومان يدين اعتداءات الشرطة على ا




.. أزمة دبلوماسية متصاعدة بين برلين وموسكو بسبب مجموعة هاكرز رو