الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المفكر الدانماركي سورن كيرككورد ، الاسلام الجماهيري و طقوس عاشوراء ..!!

قحطان جاسم

2014 / 11 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ساهم قبل أيام الآلآف بل الملايين من فقراء العراق في مناسبة طقوس عاشوراء. بكوا ولطموا صدورهم وضربوا انفسهم بالسيوف والسكاكين الجارحة بماسوشية لا مبرر لها ، او لا يمكن تفسيرها عقليا. وهي شعائر تجري كل عام . ربما ليس هناك من وجهة نظر الفرد المؤمن ، ما هو مستغرب في هذا الامر ، فلكل الشعوب طقوسها وطرقها للتعبير عن ماضيها وتراثها وآثامها ، لكن ما هو عجيب ومستغرب في الامر ان الدولة والاحزاب الاسلامية ورجال الدين استثمروا هذه المناسبة وغيرها لتحويلها الى مهرجان اسلامي جماهيري وسياحة دينية في محاولة للحصول على اتباع ومناصرين جدد ، بحيث اختلطت السياسة بالمشاريع الاقتصادية و تحولت هذه المناسبات الى ما يسميه د. برهان شاوي "باقتصاد الحسينيات"، اي المشاريع التجارية الربحية التي تقف العناصر الاسلاموية خلفها عبر تنظيم وتنسيق و ترويج تلك الطقوس الدينية.
هذا الاسلام الجماهيري لا يقتصر على العراقيين فقط ، فقد مارستها الحركات الاسلامية ووعّاظها من رجال الدين على مدى عقود في كل الدول العربية والاسلامية . ويمكن الاكتفاء بالاشارة هنا الى مثال واحد وهو اقامة الاخوان المسلمين صلاة جماهيرية في يوم الجمعة في الشوارع والميادين العامة، بحيث تحولت تلك الحشود في هذه الميادين الى ممارسات شعبية دينية لها اهداف سياسية واقتصادية واجتماعية، يعرض فيها الجمهور والحشد ادوارا محددة تقوم وسائل الاعلام عرضها وايصالها الى المتلقي كأي حدث مسرحي واحتفالي.
وقد استخدم الاسلاميون تلك الجُمع ايضا كمناسبات لجمع التبرعات "الخيرية" لسلب آخر النقود من جيوب فقراء مصر ، كما تم بيع الكاسيتات والكتب الدينية والحجاب والالبسة الدينية الاخرى، التي تقف ورائها شركات يملكها الاسلاميون انفسهم. لا اعرف ما علاقة هذه العروض الجماهيرية بالله.
فالمعروف ان الانسان حسب تفسير الاديان ذاتها سيلاقي الله وحيدا وسيكون هو الوحيد المسؤول عن خطاياه او فضائله امام خالقه يوم الحساب. هل الهدف من هذه الاحتفالات الدينية الجماهيرية الايحاء الى المواطن بان حزب الدعوة ، حركة الصدريين ، المجلس الاعلى ، حزب الفضيلة في العراق ، او حركة الاخوان المسلمين في مصر سيقفون للدفاع عن الفرد في ذلك اليوم ويمنحونه شهادة حسن سلوك تؤهله للدخول الى الجنة ؟ ومن سيقوم بهذه المهمة ؟ هل هو نوري المالكي ، مقتدى الصدر، عمّار الحكيم ، الشيخ محمد اليعقوبي ، ام مرشد حركة الاخوان المسلمين وأعضاء مكتب أرشاد الحركة ؟ ثم اذا كان الانسان غير قادر على تجاوز محنته وهو يواجه الموت وحيدا في الحياة فمن يضمن له ان لا يكون وحيدا يوم يواجه الله ؟

تذكرت في هذا السياق الفيلسوف الدانماركي سورن كيرككورد وهو يوجه نقده الصارم لمؤسسة الكنيسة ورجال الدين وهم يقيمون احتفالاتهم وطقوسهم الدينية يوم الاحد مذكرين الفرد بالاخرة والقيم الانسانية والمحبة ومستخدمين تلك الحشود في سبيل مصالحهم وضمان نفوذهم ومكانتهم في الدولة.
ويستشهد كيرككورد بمناسبات التعميد وغيرها، وكيف استخدمها رجال الدين لحشد الناس في مسعى للحصول على انصار جدد. كان كيرككورد يرى ان الايمان فردي ، ولا يحتاج للحشد او الجموع لمعرفة الله ، لان الحشد والجمهور طبقا له ليس سوى مفاهيم وهمية تجريدية ، وليس لها حقيقة ، فالفرد هو المسؤول الاول والاخير عن خطاياه واتخاذ موقفه الوجودي ومسؤول عن حريته الدينية، وآلامه واحزانه تخصّه وحده ، حتى وان شاركه اخرون فيها .
ولهذا طالب كيرككورد من الدولة عدم تدخلها بقضايا الدين ، ورجال الدين العودة الي بيوتهم والكفّ عن تشويه الدين واستخدامه كمجال وأداة من اجل مصالحهم وتثبيت سلطتهم وزيادة ثرواتهم وتأمين مستقبلهم ومستقبل عوائلهم. وواصل نقده للدين الجماهيري الاحتفالي قائلا انه "لا الله ولا الفرد يحتاج الى كل هذه الطقوس" .
فمتى تتوقف دولتنا ورجال الدين عندنا من استثمار الطقوس الدينية للفرد لتحويلها الى احتفالات مسرحية حزينة للتلاعب بمشاعر الناس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقال في الصميم!!
عامر سليم ( 2014 / 11 / 12 - 07:44 )
الاستاذ قحطان
طرح هادئ ومسؤول وبلا مجامله مكشوفه!! فالطقوس ماهي الا عروض بدائيه للوعي المبكر للبشر للتملق للالهه او ذوي النفوذ وطلب مغفرتها!! وممارستها في عصرنا هذا ماهو الا نفاق واضح وتسطيح مبتذل للوعي اي تغييب كامل لارادة للبشر بالقصص والنصوص والخرافات المطبوخه لغرض سهولة قيادتهم كالقطيع و لتحقيق مأربهم المختلفه وعلى وجه الخصوص المنفعه الاقتصاديه كما يقول العالم الاقتصادي والاجتماعي الفذ كارل ماركس
تحيه وتقدير واحترام


2 - بشر عقلاء
.ماجدة منصور ( 2014 / 11 / 12 - 10:43 )
حين نتحول الى عقلاء...سنكف عن هذه الممارسات المخجلة
احترامي


3 - الفرح والحزن مشاعر انسانية مشتركة عبر التاريخ
john habil ( 2014 / 11 / 12 - 12:19 )
أنا أيضاً أستطيع أن أنقل شعوري وأكتب على الورق،، ولكن ليس باسلوب الأديب ، أو بجزالة اتباع سيبوه أ والتقيد بقواعد النحو والصرف ، لكن عن طريق ملامسة احساس الناس ومشاعرهم والتصدي لأسباب آلامهم وحرمانهم ومعاناتهم وخاصة الى بني أهلي العرب..ولن أكتب في سبيل غاية في نفس يعقوب؟!!
سوريا تجري الدماء في شوارعها، رعاع من جميع أنحاء العالم ، وليبيا أصبحت جزيرة ارهابيةيموت فيها التاس ، وتبايع داعش، لبنان احترق من قبل وهو يحترق الآن برياح الطائفية الواردة من سياسة أهل الخليج ، مصر وتونس واليمن محن انسانية يغلب عليها الطابع الديني. وهي الحقيقة دون انكار
إن الإنسان بطبعه وسلوكه كائن اجتماعي يتواصل مع الناس ويشارك معهم افراحهم واحزانهم ، زيارة جاري المريض، او مشاركته في افراح تخرج ابنه، ليست تملق لله بل واجب انساني مفروض عليٌ
ايشع جريمة يحق الاسلام والرسول( كانت قتل أحفاده ) بطريقة بربرية و وحشية
ابشع جريمة كانت تصفية الأرمن من قبل دولتهم تركيا 1915
أجمل مناسبة للإحتفال ونشر الفرح والسلام دون سفك للدماء عيد الميلاد في العالم
لماذا ومن له الحق أن يحرم الناس من التعبير عن احساسهم أو ذكراهم، أو الطعن فيه؟

اخر الافلام

.. على وقع الحرب في غزة.. حج يهودي محدود في تونس


.. 17-Ali-Imran




.. 18-Ali-Imran


.. 19-Ali-Imran




.. 20-Ali-Imran