الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التحرر .. مَرْبَط الفرس

يارا عويس
(Yara Owies)

2014 / 11 / 12
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لكل مفهوم نقيض، والنقيض مع المفهوم ذاته يشكّلان الكلّ، كخط رقمي أفقي تظهر عليه درجات المفهوم لتحدث التناقض الملحوظ ظمناً لإدراك الفرد. ولو تساوت درجات المفهوم لالتقت في نقطة، امتدادها عمودي يشكل المعنى الكلّ، المفتوح للاحتمالات الإدراكية... ولفهم ماهية الإنسان دعونا نتساءل ما هو نقيض الإنسان، سيكون الرد التلقائي السطحي بأن نقيض الإنسان هو الحيوان، في حين أن الرد المعمق بأن النقيض هو اللاإنسان.
وماذا لو اسقطنا درجات المفهومين الأفقية في التضاد لنجمعهما في نقطة امتداد الخط العمودي للمعنى؛ والتي يتضح بها جوهر امتداد المعنى...
أن تكون لا شيء وتكون عدماً وروحاً.. فأبدياً، هنا يكمن جوهر من تكون، فلما تريد أن تكون شيئاً أو وجوداً أو إنسان له نهاية.....؟ في حين أنك الكلّ ولست النقيض.
إن هذا المفهوم المعمّق يقودنا إلى أن نعرف هويتنا الكونية بماهيتنا اللاشيئية أو اللامادية، فمتى ما أيقن الفرد لا شيئيته، تمكن من فهم كل ما حوله، وأصبح هو الكل في عيون المحيطين.
لا بأس فتلك الأشياء المحيطة تخرج من اطار اللاشيئية للحظات لتتشيىء، أي تصبح شيئاً مادياً ملموساً، عندها يدرك اللاشيئي ماهية الاشياء بتفاصيل مادتها، ويخضعها لأن تكون عدماً.. وأن تكون عدماً لا يعني أن تفقد الأشياء قيمتها بالمطلق، بل أنها تتماهى مع الأبدية في كيان الروح وما تحمله من مادة. عندها تتفكك مفردات عبثية وضعتها قيم ومعتقدات خاطئة، بنيت على أساس تجريبي إنساني مادي، فتأخذ الأشياء معانيها وفقاً للفرد اللاشيئي كدليل لها، و حيث هنا وفقط هنا تٌبنى المعاني وتبدو الملامح التصويرية للاشياء وبالتالي القيّم، بمرجعية اللاشيئي للمعاني، وليس بمعاني الاضداد التي اعتادت التشويه الفكري لادراك الفرد وفقاً لبيئته ومتطلباتها.
من هنا فإن الوجود المطلق من خلال اللاشيئية للفرد.. يتعامل مع لا شيئية المادة، فيبني المعاني مع فقدان المعنى؛ كوحدة حاليّ النقيض الذي أوضحت سابقاً أنه كلٌ، ولكنه بدرجات متفاوته لدى الشيئيين او لدى الماديين، فيدركون تناقضه لا كلّه.
"هنا مربط الفرس" مثل شعبي دارج يدل على الخلاصة أو نقطة الاساس، فما أردته " هنا حرية الفرد من مَربطه"؛ والذي يستطيع ببراعة مطلقة أن يشكل ذاته، ويصنع من ذاته ذات ذاته، وذات الاشياء من حوله، فيسخر جوهر الاشياء وفقاً لمعانيها المرتبطة بجوهره، لا لمعانيها المرتبطة بالسائد المُعتقد.
ونصيحتي هنا بأن لا تقف على خط المعنى، بل مرّ عليه بتدرجاته؛ لأنك حين تسير على خط المعنى فإنك بيسر تفقد المعنى، وتلتقي باللامعنى فتدركه... هنا وفقط هنا يتضح لك المعنى .. فتعود اليه بخشوع الراهب.. وتصالح المعنى مع اللامعنى عمودياً .. فتعمل من مزيجهما وحدة حال...
إن معاني الاشياء نحن نصنعها، ونحن نبطلها، والتناقض يفصلها فيخنقها، والعدم يُجمِّعها فيحررها...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. النزوح السوري في لبنان.. تشكيك بهدف المساعدات الأوروبية| #ال


.. روسيا تواصل تقدمها على عدة جبهات.. فما سر هذا التراجع الكبير




.. عملية اجتياح رفح.. بين محادثات التهدئة في القاهرة وإصرار نتن


.. التهدئة في غزة.. هل بات الاتفاق وشيكا؟ | #غرفة_الأخبار




.. فايز الدويري: ضربات المقاومة ستجبر قوات الاحتلال على الخروج