الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تغريدة الاربعاء: الشياطين

ابراهيم الخياط

2014 / 11 / 12
المجتمع المدني


يقال ان الحادثة جرت في ايطاليا، ولكني أقول أن الزعيم عبد الكريم قاسم هو من دعا فنانا تشكيليا شابا، وأشار عليه أن يرسم رسمين متناقضين عند باب احدى هيئات النزاهة في بغداد، وتوصلا أن يرسم صورة ملاك ويرسم مقابلها صورة الشيطان، للدلالة على الفضيلة والرذيلة.
بحث الرسام عن مصدر يستوحي منه الصور، ومع احتفالات الذكرى الاولى للثورة البهيجة عثر على طفل وسيم، تملأ وجهه البراءة والسعادة، فذهب معه الى أهله واستأذنهم في استلهام صورة الملاك من خلال جلوس الطفل أمامه كل يوم حتى ينهي ذلك الرسم مقابل مبلغ مالي. وبعد شهر أصبح الرسم جاهزا ومبهرا للناس، ولم ترسم لوحة أروع منها في ذلك الزمان. وبدأ الرسام في البحث عن شخص يستوحي من وجهه صورة الشيطان، و كان الرسام جادا في بحثه، لذا بحث كثيرا، ولأنه وفيّ ويعتقد أن الزعيم ينظر اليه من وجهه المثبت على القمر، فانه لم ييأس بل طال بحثه لأكثر من خمسين عاما. كان يبحث عن أكثر الوجوه إثارة للرعب، فزار السجون والعيادات النفسية والحانات، لكنهم جميعا كانوا بشرا بامتياز ومن صفوة الناس طلة وخلقا واخلاقا. ورغم أن النزاهة ـ الان ـ صارت هيأة مستقلة فان الفساد صار مؤسسة هائلة غير مرئية ومخيفة، فأصبحت الحاجة ماسة جدا لصورة الشيطان، وصارت الرغبة أقوى عند الفنان الشاب/ الشيخ لانجاز عمله.
قبل أيام، وهو يعبر حديقة الامة بالباب الشرقي سيرا، عثر الفنان الشيخ على (الشيطان!)، وكان عبارة عن رجل قميء يكرع زجاجة خمر مغشوش في زاوية ضيقة قذرة. فاقترب منه الرسام وحدثه حول الموضوع، ووعده بإعطائه مبلغا ضخما من المال، فوافق الرجل. وفرح الفنان لان مبتغاه كان بحق مقرفا، قبيح المنظر، كريه الرائحة، له شعرات واقفة أعلى رأسه كأنها رؤوس الشياطين! كما كان ميت الروح ولا يأبه بأي شيء، ويتكلم بصوت عال مقزز، وفمه خال من الأسنان.
من لحظته، جلس الرسام أمام الرجل/ الشيطان وبدأ يرسم ملامحه، وتفاجأ حين لمح دمعة تنزل على خد موديله. سأله مستغربا عما إذا كان يريد ان يدخن أو يحتسي الخمر!
فأجابه بصوت أقرب الى البكاء المختنق:
ـ يا سيدي أبكي من البعث والاحتلال والقاعدة وداعش وملوك الطوائف وتقرير السفارة الامريكية ببغداد الذي يذكر أن الثروة المالية لقوانا السياسية الحاكمة ولبعض نوابها هي "خرافية" فمجموعها يبلغ فقط 700 مليار دولار!
ـ ماذا تقصد يا عزيزي (ردّ وهو منهمك باكمال الرسم)؟
ـ أنا لا أقصد، أنا أخاف، ولكن أسرّك يا سيدي، فأنت قابلتني قبل أكثر من خمسين عاما حين كنتُ أنا طفلا صغيرا!! واستلهمت من وجهي صورة الملاك، وها أنت تأتي اليوم لتأخذ من وجهي ايضا صورة الشيطان. نعم يا سيدي لقد غيرتني الأيام والليالي حتى أصبحت نقيض ذاتي! ولكن والله بسبب الشياطين!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شهادة محرر بعد تعرضه للتعذيب خلال 60 يوم في سجون الاحتلال


.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار




.. بقيمة مليار يورو... «الأوروبي» يعتزم إبرام اتفاق مع لبنان لم


.. توطين اللاجئين السوريين في لبنان .. المال الأوروبي يتدفق | #




.. الحكومة البريطانية تلاحق طالبي اللجوء لترحيلهم إلى رواندا