الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جدار برلين الإسلامية

ميشيل نجيب
كاتب نقدى

(Michael Nagib)

2014 / 11 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أحتفل العالم بالذكرى الخامسة والعشرين لسقوط جدار برلين الفاصل بين ألمانيا الغربية وألمانيا الشرقية الدكتاتورية، وأصبح سقوط الجدار رمزاً كبيراً للعالم كله لإسقاط كل الجدران المضادة للقيم والحقوق والحريات الإنسانية، وكما سقط جدار برلين سقط وأنهار الأتحاد السوفيتى وسقطت بعده أنظمة دكتاتورية مثل بولندا ويوغسلافيا وغيرها، كما سقط فى منطقتنا العربية أنظمة سياسية فى تونس ومصر واليمن وأزيلت أنظمة أخرى بالقوة فى العراق وليبيا ولا يزال شعب سوريا يعانى من نظام الأسد ومن الذين أختطفوا ثورته، وأصبحت الحياة الإنسانية لا قيمة لها وتداس تحت أقدام مرتزقة الأديان النازيين الذين يستعيدون ذكريات مؤلمة من تاريخ الحروب والغزوات الدموية، التى كانت تسلب وتقمع وتنتهك حقوق وحريات البشر وسط بيئات خيم عليها الظلام وتاجروا بالبشر فى سوق العبيد.

إن برلين العرب لها جدران من الكراهية والأحقاد الطائفية والدينية والهيمنة الأصولية على العقائد والثقافات، جاء الوقت ليدرك ويفهم الجميع أنها جدران تعطل مسيرة الحياة الطبيعية وتقيم جدران عازلة تقف عائقاً أمام عمل التقدم والإبداع الإنسانى، إنها جدران قاتلة يستخدمها الطغاة للقضاء على معارضيهم وتبقى فى مجتمعاتنا الجدار الأشهر فى أيامنا هذه الجدار الإسلامى الدينى المُستغل من جميع الأنظمة السياسية، التى تحرك مشاعر الملايين الدينية لتكتسب من وراءها البقاء فى الحكم والشعوب سعيدة بقتل وسفك أعداء الدين والدفاع عنه، هذا الجدار الذى يقف الفرد العربى عاجزاً أمامه لأنه تم تقديسه من الغالبية، لذلك لا يستطيعون التمييز بين الوهم والحقيقة بين الأساطير والتاريخ الواقعى إنه جدار يقومون ببناءه داخل عقول المؤمنين منذ الصغر ليسيطر عليه الدين ورجاله.

تلك الأسوار والجدارات والسياجات الكثيرة أقامتها الثقافة العربية الإسلامية فى عقول تابعيها والتى تفصل بين المؤمن وبين الآخر الكافر، تحتاج إلى إزالتها وهدمها بالقضاء على الأمية التعليمية والثقافية لتزيد مساحة الحرية والقدرة على التفكير الذاتى،على سبيل المثال يوجد جدار أسمه إحتكار الحقيقة من الملاحظ خروج الكثير من الأفكار الأصولية والعنصرية المتطرفة، التى تفرض إحتكارها للحق والحقائق فى الإسلام ورجاله العلماء والفقهاء والمشايخ، هذا الجدار يحتاج الهدم فى عصرنا هذا لأن ما كان ثوابت وحقائق منذ آلاف السنين بوقوعه تحت مرآة العقل الثقافى الحضارى الحديث، الآن أصبحت مجرد جزء من التراث والتاريخ الإنسانى تخضع للتغيير والنظر فيها، لكن من الصعب أن يتقبل ذلك من نشأت شخصيته على إحتكار المعرفة والثقافة والعلم والدين، لكن عن طريق تفكيك كل الأفكار والقيم والمعارف التى سجناها فى سجن المقدس والخصوصية والملكية الخاصة لما يسمى بحقائق ثابتة وهى ليست كذلك نستطيع إسقاط الجدران العازلة والفاصلة لأبناء المجتمع الإنسانى.

فى عصرنا هذا الحاجة ماسة إلى توحيد الجهود ودعمها لتحقيق حياة إنسانية عصرية تجدد ثقافاتنا المتخلفة الموروثة، حتى لا نفقد هويتنا البشرية القائمة على الحياة المجتمعية التى يتشارك فيها أبناء المجتمعات لبناء حاضرنا ومستقبلنا، ولا نتغافل عن حاجة كل فرد إلى عملية تأهيل ثقافى متحرر من جدران القيود والتحريمات والتكفيرات، بنظرة فاحصة لأفراد المجتمع نجدهم يتحركون بإشارة من أيادى الدعاة وقادة الدين والعلماء، وبكلمات خطابية حماسية تثير مشاعر المسلمين فيتحركون أفواجاً كالطوفان، وهذا دليل على أنهم لا يفكرون ولا يستخدمون عقولهم ولا يفكرون بها بل يتركون التفكير وإتخاذ القرار لسلطة رجال الدين على أنفسهم.

هناك جدران وأسوار أنشأتها الأديان من الظلم والأستبداد والعنصرية والعنف والتطرف لخدمة رسلها وآلهتها، تلك الأسوار والجدران الدينية الإستبدادية والشمولية بدأت ترتفع أكثر وأكثر بفضل الحداثة والتقدم وقيم الديموقراطية، وتجددت معها الأحلام والأفكار الإسلامية لرجال الدين وقادة التوسع الإستعمارى يعتقدون أن فى إمكانهم إرجاع عجلة الزمن إلى الوراء، وينتظرون من يقودهم من التنظيمات والدول الإسلامية إلى تحقيق حلم الخلافة بتطبيقه على الدول العربية ثم ينطلقون بعدها بجيوشهم الجرارة لغزو وإسترجاع الأندلس وبقية دول الكفار، هذه الاحلام الغير واقعية والتى لا تتفق وعصرنا الحديث تقودنا للتخلف والجمود والوقوف محلك سر، لأنها أفكار تجتر تاريخ قديم أرتكب فيه مجازر تعتذر عنه الدول الحضارية الآن ولا يريد أحداً تكرار تلك المآسى الإنسانية التى وقعت فى الغزوات والحروب الصليبية والحروب الإستعمارية.

علينا النظر إلى هذه الذكرى التى قامت بتوحيد الألمانيتين بعيون تمتلك حرية التفكير والإرادة فى إقامة جسوراً نعبر عليها إلى الآخر للعيش معاً ونصنع إزدهار وتقدم البشرية، وليس جدراناً تحجبنا عنه لأن الجدران كيانات تشوه أفكارنا وتصيبنا بالعزلة وتدفعنا للكراهية والقتل بدماء باردة، تنفيذاً لجدار مرفوع عليه شعار خاطئ يحتاج إلى إزالة: " من ليس منا فهو عدونا"!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حتة من الجنة شلالات ونوافير وورد اجمل كادرات تصوير في معرض


.. 180-Al-Baqarah




.. 183-Al-Baqarah


.. 184-Al-Baqarah




.. 186-Al-Baqarah