الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطيئة النبي والانسان السوي

وسام غملوش

2014 / 11 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


نحن دائما بحاجة الى اشخاص مستنيرين على صعيد الفهم الوجودي لكن دون التشبث بأحقيتهم بأنهم اصحاب الحقيقة المطلقة.
فمنذ بداية وجود العنصر البشري كان هناك فرضيات دينية وكانت بعد فترة زمنية تدحض ويأتي غيرها اكثر منطقية مما سبقها مجارية العقل في كل مرحلة زمنية .
فالانسان خلال رحتله على هذا الكوكب تخطى كثير من الديانات، منها ما كانت فكرته متجسدة، ومنها ما كان مرئيا، الى ان وصلنا اخيرا الى مرحلة عدم التجسد كليا والقوة الخارقة التي لا يشبهها شيء، وهنا بدأ مفهوم جديد، ولكن حصر مبدأ او عقيدة عدم التجسد في مكان واحد هو اشبه باول مبدأ ديني او عقيدة دينية اي( مكانك سر).
لذلك يجب ان يبقى المفهوم الوجودي لاي شخص يدّعي التنور الوجودي ان يبقى ضمن مفهوم الفرضية وليس حقيقة بحتة ليستطيع التناغم مع الفرضيات العلمية المتجددة اتجاه الوجود، ولا يحبس امته في قمقم مما يؤدي بدوره الى سجن العقل وضموره.
فالعلم مهما تطور لن يستطيع ان يفسر الوجود وكل المعلومات التي اقر بها العلم عن اساس الوجود والانفجار الكوني وتعدد الاكوان وغيرها من علوم كونية هو ليس حقيقة صرف وانما هي فرضيات علمية فيها حقائق من ناحية فيزائية الى حد ما.
ولكن ومن ناحية اخرى هي طريقة غربية ماسونية لاخضاع البشر، فمن يملك معرفة عالية بالاضافة الى قوة عسكرية ومالية يملك الرهبة والهيبة ويصبح دائما على صواب في اعين الشعوب الاقل تطورا واقل معرفة او اكثر غباء، ويصبح كما هي الحال شرطي هذا الكوكب، ويصبح هو من يمتلك اعطاء قرار نهائي بما يتعلق بالصح والخطأ. ولن اغوص في هذه الفكرة بل سأدعها لمقال تفصيلي فيما بعد.
وكما العلم يستمر في تطوره هكذا يجب ان تبقى الاديان، فنحن مخلوقات نصفها مادي ونصفها روحي، والتوازن بينهما هو ما يجعل الانسان سوي، ولكن حينما يتوقف الدين في مكان ما كما حصل ويعتبر مقدس لا يجوز المساس به ولا انتقاده هنا اصبحت النكسة كما لو بقينا على اول اكتشاف لاي مبدأ علمي.

فالخطيئة التي اتركبتها البشرية هي القناعة ان عهد الانبياء انتهى وهنا توقفت حقيقة الوجود الروحية عند فرضية واحدة، ولا اقصد بمفردة الانبياء بمفهومها الحرفي وانما فقط من ناحية الاستنارة الروحية فقط .
فالانبياء هم اصحاب رسالة كالاطباء و الباحثين والفلاسفة وغيرهم من من يبدأ ببحث والاخرين يكملون المسير، ويجب ان يكونوا في نفس المستوى التقديسي لأي عالم ولا تصل مرحلة التقديس الى ما نحن عليه الان، فالانبياء هم اشخاص مستنيرين روحيا وهم كاشاخص قليلة تمر بحياة الانسان كاي مبدع او عبقري ولكنهم دائما يمرون لاستكمال ما بدأ به سلفهم.
وبما ان اغلب البشر لا يملكون روحانية كافية اتجاه هذا الوجود الضخم، لذا نحتاج لهذا النوع من العلاج النفسي والتهدئة والطمأنينة لم يؤلمنا من المجهول ،ولكن الدين توقف عند مراحله الاولى، وما زال امام البشرية مسيرة طويلة واودية الظلام فيها كثيرة.
و توقف الدين في مرحلة كان يرمي ظلاله على ضعيفي العقول، فخيم اللجم على الفكرة والتهويل الصبياني وليس التعاطي العقلاني وربما هذا ما كانت تقتضيه تلك المرحلة، لذلك كانت الاستنارة الروحية ربما على حجم العقول من المتلقي(النبي) والملقىن (الانسان)، فكما العقل يتطور خلال رحلته، ايضا هذه الطاقة المسماة الروح تتطور وتصبح اكثر قدرة على اختراق الحواجز التي بينها وبين الطاقة الاساسية او بمفهوم اخر اي الله. لذا لو استمر الرسل بشكل موازي للتطور العقلي وتخليهم عن فكرة النبوة التي تعني الحقيقة المطلقة لكنا انتجنا الانسان السوي لمَ ما سنصل اليه من تناغم روحي ومادي علمي وديني، وايضا لكان ضاق الخناق وتخطينا التعصب الموجود ولكنا وصلنا الى حقيقة روحية عامة تقنع الجميع كما هو الحال اتجاه اي منتج طبي او هندسي او تكنولوجي.
ولكن ثورة العلم الغت مبدأ الوحي، وعندما اقول وحي ليس معناه انه وحي جبرائيل او من الله مباشرة، فالشعراء يكتبون بلغة الوحي، اي هو ما تستطيع الروح بصفائها ان تصل به للطاقة الوجودية العاقلة العارفة، او بعض خيوطها الاساسية، والاندماج معها ولو للحظات، وترى او تسرق بعض المعرفة الوجودية، وليس كما شاع عن الوحي النبوي وما جاراه من اساطير.
ولكن الغت ثورة العلم مفهوم الوحي لما اصبح عليه الدين من سذاجة امام العلم لانه لم يتطور وبقي قابعا بين براثن الجهل الذي اصبح ليس عبئا فقط بل مصدر تدميري لكل انواع التحضر، ولم يعود مجاريا للتطور الحياتي الطبيعي، وكلنا يعلم ان الطبيعة هي رحّالة مستمرة في تطورها منذ بداية وجود الحياة على هذا الكوكب ،وكما يقال (الثابت في الحياة هو المتغير)
والاديان كلها اغلقت باب التطور الروحي اتجاه الوجود في وقوفهم خلف اخر نبي.
وجاء النبي محمد وقال انا هو خاتم النبيين مما سكر الباب على كل متنور روحاني اسلامي، وطبعا حينها كانت كل المنطقة رازحة تحت الحكم الاسلامي وقتا طويلا مما اثر على جميع الاديان بطريقة ولو غير مباشرة ببروز اي شخص او معتقد، وهذا ما اثّر على فكر ابن عربي وغيره، وربما يقول قائل لماذا لم يظهر الانبياء في الغرب، اقول ان الشرق كان له التاثير الروحي وكأنها من القانوني الطبيعي كما هي الحال في اشياء كثيرة على هذا الكوكب تستطيع العيش في مكان ما ولا تستطيع في مكان اخر.
فحقيقة الوجود لا يمكن ان تدرك بالعلم العقلي بالعقل فقط ،بل بالعقل الروحي اي يجب ان نصل بالروح الى مرحلة الصفاء العقلي وهنا يتم الدمج بين التعقل والصفاء الروحي.
فالروح هي من تستطيع ان تصل بنا الى اساس الوجود لانها من النبع الاساسي وفي تعقلها نستطيع ان نفهم ونعي عن طريق ثقلها بالعقل بعض مفاهيم الوجود الغامضة، وليس العقل بمفهومه العام، فلكي نفهم الوجود علينا بالاثنين معا،
فقانون الفيزياء حتى لو استطاع ان يدلنا على مكونات الوجود وهذا ايضا مستحيل، لكنه لن يستطيع ان يقول لنا لما نحن في هذا الوجود او كيف اتينا لهذا الوجود والى اين سنذهب بعد الموت وما هو الموت ولماذا نموت، وليس طبعا مكانيكا وانما منطقيا. ما الغاية من وجودنا وموتنا، لم نحس اننا نعيش قدرية في لحظة ما وفي اخرى نحس اننا احرار ونملك الخيار.
امور كثيرة لا يستطيع العلم الاجابة عليها فيما يتعلق بالماورائيات لذا من الحكمة ان يبقى رجال مستنيرين روحيا لديهم القدرة على التناغم مع الوجود ليستطيعوا دائما ارساء بعض الطمانينة الروحية لهذه المخلوقات البشرية التي تعاني دائما من فكرة المجهول الماورائي، والمجهول الماورائي ينبطق على كل البشر دون استثناء.
فالتناغم بين الروحانية الوجودية والعلم هو اساس التحكم في المسيرة الحياتية لحياتنا وحياة هذا الكوكب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 11 / 12 - 21:07 )
تم التعليق في خانة الفيس بوك , تحت معرف : (أبو بدر الراوي) , و السبب : سعة مساحة الكتابة .

تحياتي للأستاذ | وسام غملوش


2 - حقيقة ثابته
.ماجدة منصور ( 2014 / 11 / 13 - 01:15 )
الحقيقة الثابتة في هذه الحياة...أننا نتبدل باستمرار و نتغير دائما
شكرا


3 - تعليق - خطيئة النبي
ايدن حسين ( 2014 / 11 / 13 - 08:20 )

تحية طيبة

في السابق .. كلما كان الانسان يبتعد عن الدين بعدا معينا .. كان الله يرسل نبيا جديدا

لكن بعد محمد انتهى هذا الخيار

اذا سالنا .. لماذا لن ياتي نبي بعد محمد

فالجواب حسب تقديري هو احدى اثنتين

الاول .. ان ما جاء به محمد كافي الى يوم القيامة

و الثاني .. نضوج الانسان كفيل بان يجد طريقه بدون الانبياء

و سلامي




4 - هناك احتمال ثالث سيد ايدن
منير سراج ( 2014 / 11 / 13 - 18:05 )
الله لم يرسل احد


5 - رد
وسام غملوش ( 2014 / 11 / 14 - 08:58 )
شكرا سيد عبدالله خلف
وشكرا للسيدة ماجدة منصور
ويا عزيزي ايدن حسن اان الانسان ابن الطبيعة او ابن الوجود والوجود والطبيعة مستمرين بتطورهما منذ الازل وكما قلت في المقال ثبوتنا على اي فرضية دينية هو كما لو ثبتنا على اي ابداع علمي
عزيزي السيد منير سراج وانا معك ان الرسل ما هم الا اشخاص مستنيرين

اخر الافلام

.. تربت في بيت موقعه بين الكنيسة والجامع وتحدت أصعب الظروف في ا


.. عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى بحماية قوات الاحتلال




.. 175--Al-Baqarah


.. المرشد الأعلى الإيراني: لن يحدث أي خلل في عمل البلاد




.. 208-Al-Baqarah