الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا توقفت عن كتابة مقالي اليومي في (روزاليوسف)؟

نهرو عبد الصبور طنطاوي

2014 / 11 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كثيرون سألوني لماذا توقفت عن كتابة مقالك اليومي في جريدة "روزاليوسف" اليومية؟.

في الحقيقة أنا لم أتوقف عن الكتابة في جريدة "روزاليوسف" بمحض إرادتي، إنما منعت بطريقة غير مباشرة وبأوامر شخصية من البطريرك "نجيب ساويرس" مطران الصحف والفضائيات المصرية، حيث قد أصدر تعليماته المشددة لرئيس التحرير يومها "إبراهيم خليل" الذي جاء خلفا للراحل "عبد الله كمال" بمنعي من الكتابة.

فقد بدأت أنشر مقالي اليومي في جريدة "روزاليوسف" على ما أتذكر منذ عام 2008، فكنت أرسل ستة مقالات أسبوعيا ما عدا يوم السبت، وكنت أتقاضى أجرا جيدا، وكان الراحل "عبد الله كمال" قد طلب مني أن لا أرسل مقالاتي على الإيميل الخاص بهيئة التحرير بالجريدة، وطلب مني أن أرسل مقالاتي اليومية على إيميله الشخصي، وبالفعل ظللت طوال تلك الفترة أرسل مقالاتي على إيميل "عبد الله كمال" الخاص حتى ترك رئاسة التحرير عقب ثورة يناير بشهرين.

لكن والحق يقال لم يحدث طوال ثلاث سنوات التي كنت أنشر بها مقالاتي في "روزاليوسف" قبل ثورة "25 يناير" أن اعترض الراحل "عبد الله كمال" رحمه الله على مقال كتبته، ولم يحدث أنه وجهني ولو مرة واحدة نحو الكتابة في موضوع بعينه، بل إن الرجل كان يتركني أكتب ما أريد دون اعتراض أو توجيه، إلا مرة واحدة فقط اعتذر لي فيها عن نشر مقال كنت قد كتبته حين كان "حسني مبارك" مريضا يجري عملية استئصال "الحويصلة المرارية" في ألمانيا، وقد استفزني يومها تعامل الإعلام المصري الرقيع الوضيع مع هذا الحدث، وكيف أقام الإعلام الدنيا ولم يقعدها، ورأيت كم النفاق والكذب والتملق والتزلف وحفلات "الزار" و"الطهور" التي أقامها الإعلام تقربا إلى الله طلبا لشفاء "السيد الرئيس". فكتبت يومها مقالا بعنوان: (هل تموت الأمم بموت قادتها؟)، وأرسلته، فاعتذر لي الراحل"عبد الله كمال" عن نشره في مثل هذا الوقت وتحجج بأن الوقت غير مناسب لنشر مثل هذا المقال، فقمت بنشره يومها على موقع "الحوار المتمدن".

وعقب ثورة "25 يناير" بشهرين وتحديداً في (22/3/2011) نشرت مقالا بعنوان: (هي الديمقراطية المصرية بالباء ولا بالنون؟). ويبدو أن المقال قد أزعج البطريرك "نجيب ساوريس" مطران الصحف والفضائيات المصرية، فأصدر أوامره بمنعي من الكتابة في "روزاليوسف" بل ومنعني من الكتابة في أية صحيفة مصرية بأوامر مشددة منه.

فقد زرت "روزاليوسف" بعد نشر هذا المقال بعدة أيام، والتقيت رئيس التحرير يومها الأستاذ "إبراهيم خليل" وفوجئت به يقول لي أنه سيخفض أجري إلى النصف، وفوجئت به كذلك يقول لي يا "نهرو" أنا عايزك تركز كل كتاباتك على "الإخوان والسلفيين" وقال لي بالنص: (عايزك تطلع دين أمهم)، فضحكت وظننت أنه يمزح معي، وأحسست أن هناك شيء ما لا أعلمه، وقال لي: (وانت ماشي ابقى عدي على غرفة الكمبيوتر عشان تاخد الإيميل الجديد الذي سترسل عليه مقالاتك). وبالفعل وأنا ماشي ذهبت إلى غرفة الكمبيوتر وهناك فوجئت بالموظف يقول لي: (يا أستاذ نهرو انت جريء جدا في كتاباتك، ومقالاتك خاربة الدنيا وعاملة مشاكل كتيرة). فقلت له: إزاي يعني؟ فقال: (لو عايز تاكل عيش وتستمر في الكتابة ابعد عن "نجيب ساويرس" وقنواته وبرامجه، ولا تنتقده ولا تنتقد من يعملون في قناته ولا سياسات القناة، وملكش دعوة بالإعلاميين والصحفيين وخليك في حالك يابا، الناس دي مسنودة ووراهم أجهزة وحكايات وروايات). ثم فوجئت به يقول لي: (لو انت بتنتقد نجيب علشان توصله وتعمل معاه شغل أنا ممكن أوصلك بحد يعرفه وتظبط أمورك معاه ويعملك برنامج في قناته (ontv) و"نجيب" فلوسه حلوة وسخي). فقلت له: فلتذهب أنت ورئيس التحرير وروزاليوسف والصحافة والإعلام المصري والأنبا "نجيب ساويرس" وفلوسه وبرامجه إلى قاع الجحيم أجمعين.

ثم تركته وانصرفت، فنادى عليَّ وقال: مش هتاخد الإيميل؟، فقلت له: اديه للأنبا "نجيب ساويرس" يبعتلك عليه مقالاته.
ومن يومها توقفت تماما عن إرسال أي مقال لـ "روزاليوسف" ولا لأي جريدة مصرية ولم أدخل مبنى "روزاليوسف" حتى يوم الناس هذا.

هذا هو نص المقال الذي أزعج البطريرك "نجيب ساوريس" مطران الصحف والفضائيات المصرية:

هي الديمقراطية المصرية بالباء ولا بالنون؟
نهرو طنطاوى نشر في روزاليوسف اليومية يوم 22 - 03 - 2011

أثناء ثورة 25 يناير لم يخف علي أحد مدي حالة التذبذب وحالة التردد اللتين كانتا تنتابان كثيرا من السياسيين والمفكرين والكتاب والصحفيين والإعلاميين والفنانين، وغيرهم من فئات الشعب المصري، مما جعل بعض هؤلاء يمسك بالعصا من المنتصف، فكان بعضهم أثناء الثورة يقول كلاما في المساء ثم يقول نقيضه في الصباح، ويقول تصريحا في هذا البرنامج ويقول نقيضه في برنامج آخر، وكانوا يفعلون ذلك حتي إن رجحت الكفة لصالح الرئيس مبارك ونظامه يكونوا هم في السليم، وإن رجحت الكفة لصالح الثورة يكونوا هم كذلك في السليم، كي يتمكن أحدهم بعد أن يقضي الأمر أن يقسم بالله جهد إيمانه أنه كان يؤيد الطرف الفائز والتصريحات تشهد بذلك.
ففي أثناء الثورة وفي ظل ذلك التردد وتلك الذبذبة وجدت علي أحد المواقع الإلكترونية رسما كاريكاتيريا يعبر عن هذه الحالة حول مفكر سياسي مصري بارز وهو يدلي بتصريح يقول فيه: (إشاعة المليارات السبعين دي كذب.. وأنا عضو قيادي في الحزب الوطني المعادي للشعب، وقد قدمت استقالتي من الحزب للسيد الرئيس الشرعي مبارك، إللي لازم يمشي ويسمع كلام الشعب ويستقيل، وأنا أتهم الإخوان لأنهم همه إللي طلعوا شباب الفيسبوك الغوغائيين في المظاهرات المليونية المشرفة لنا، وأنا زي ما قلت أنا مع ثورة الشباب في ميدان التحرير إللي مليان شباب مندسين علشان ياكلوا كنتاكي). وقد وضع صاحب الكاريكاتير تعليقا تحته يقول: (فهمتوا حاجة يا جماعة؟ الراجل ده مع مين بالظبط؟).

وفي المسرحية الشهيرة (شاهد مشافش حاجة) حين كان ممثل الإدعاء في المحكمة يسأل الشاهد (سرحان عبد البصير) ويقول: يا ابني: عبد البصير ولا عبد النصير؟ بالباء ولا بالنون؟ فرد عليه (سرحان) قائلا: (بالبون). هذا الرد هو تعبير حقيقي ووصف واقعي دقيق عن حالة التذبذب والتردد والجمع بين النقيضين والجمع بين المتنافرين التي يعيشها الآن دعاة (الدولة المدنية) من المثقفين والإعلاميين والكتاب والمسيحيين والإسلاميين المصريين عقب انتهاء الثورة وخاصة في الأسبوعين الماضيين السابقين للاستفتاء علي تعديل الدستور.
أنا آخر فرد في الدنيا يفكر في أن يقبل بأن الإخوان المسلمين أو أي تيار إسلامي آخر أو أي تيار علماني أو ليبرالي يصل إلي سدة الحكم في مصر بطريقة ديمقراطية، أقول ذلك لأنني ضد فكرة الديمقراطية علي طول الخط، وأعلن ذلك في صراحة ووضوح، وسوف أبرر حيثيات رفضي لفكرة الديمقراطية في مقالاتي القادمة، وأقول ذلك أيضا ردا علي حالة النفاق الديمقراطي والعهر الديمقراطي والدعارة الديمقراطية التي تعيشها مصر هذه الأيام، فمثلا من يتابع برامج فضائية (البطريرك) نجيب ساويرس (ontv) يجد أن جل برامج هذه الفضائية تعمل لضرب الإخوان المسلمين والتيارات الإسلامية علي طريقة سرحان عبد البصير (بالبون)، ويمكن لأي مشاهد ملاحظة هذا في برنامج (بلدنا بالمصري) الذي تقدمه الأم الراهبة (ريم ماجد)، والبرنامج الشهير (مانشيت) الذي يقدمه الأخ العزيز (الأنبا) جابر القرموطي مطران (ontv) وبرنامج (آخر كلام) الذي انضم به إلي الخدمة مؤخرا الإعلامي الذي أقدره كثيرا الأستاذ (يسري فودة)، حيث تعمل هذه البرامج بطريقة ليبرالية ديمقراطية ولكن (موجهة)، وتتبني (الرأي والرأي الآخر) ولكن من حيث الشكل فحسب، إلا أن مقدمي هذه البرامج يعملون جاهدين علي تشويه الرأي الآخر وحصره في الزاوية والإيقاع به ومن ثم تخويف الناس منه وتحريضهم عليه، وغالبا ما يكون الرأي الآخر هو رأي الإخوان المسلمين، ثم في نهاية البرنامج يقومون بتلاوة الموشحات المعتادة من قبيل: (إحنا بنعرض وجهتي النظر، والخيار في الآخر للمشاهد)، وموشح (إحنا لا مع ده ولا مع ده وهي دي الديمقراطية)، بعد أن يكونوا قد قاموا بسلخ جلد الرأي الآخر ومصمصوا عظامه، بالضبط كما هي طريقة (قناة الجزيرة)، وأتمني ألا يكون القائمون علي قناة (ontv) قد نسوا البرنامج الوثائقي الشهير الذي حمل عنوان (المحظورة)، هذا الوثائقي الذي أعدته القناة خصيصا وعلي نفقتها الخاصة كهدية لجهاز (مباحث أمن الدولة) وقادة (الحزب الوطني) للتحريض علي جماعة الإخوان وتشويهها قبيل انتخابات مجلس الشعب الأخيرة قبل ثورة 25 يناير بشهرين.

وكذلك من يتابع الصحف القومية والخاصة، وكذلك من يتابع البرامج الحوارية وبرامج (التوك شو) في القنوات الحكومية والخاصة في هذه الفترة سيفاجأ بمدي انتشار وتعمق وسيطرة ثقافة: (بالبون) علي مقدمي ومقدمات البرامج وعلي أغلب ضيوفهم، فلقد وجدت كلا من السيدة (دينا عبد الرحمن) في برنامجها (صباح دريم) المخصص فقط للهجوم علي الإخوان منذ عهد الرئيس مبارك، وتشاركها في ذلك السيدة (لميس الحديدي) في برنامجها (من قلب مصر)، والسيد أحمد المسلماني في برنامجه (الطبعة الأولي)، والسيدة (مني الشاذلي) في برنامجها (العاشرة مساء) والسيد (معتز الدمرداش) في برنامجه (90 دقيقة) والسيد (عمرو أديب) في برنامجه (القاهرة اليوم) والسيد (عمرو الليثي) في برنامجه (واحد من الناس) والسيدان (تامر أمين، وخيري رمضان) في برنامجهما (مصر النهاردة).

لقد وجدت هؤلاء جميعا وغيرهم يرددون كل يوم في برامجهم: (يا جماعة إحنا بنطالب بالديمقراطية، وبنحب الديمقراطية، ولا نصادر علي رأي أحد ولا فكر أحد بس اوعوا الإخوان المسلمين)، (يا جماعة الديمقراطية بتحترم إرادة الناخبين بس خلي بالكم من السلفيين)، (يا جماعة الديمقراطية هي حرية الرأي والتعبير وقبول الآخر مهما اختلف معنا بس بنحذركم من فكر الجماعات الإسلامية). هذه الدعارة الديمقراطية هي ديمقراطية سرحان عبد البصير (بالبون)، هذه هي الديمقراطية التي تجمع بين النقيض ونقيضه، هذه هي الديمقراطية التي تجمع بين الدعوة إلي قبول الآخرين وإقصائهم في نفس الوقت، هذه هي الديمقراطية التي تجمع بين الدعوة إلي قبول كل الآراء والتحذير من بعض الآراء في نفس الوقت، هذه هي الديمقراطية التي يسير أتباعها علي خطي فرعون موسي في قوله: (ما أريكم إلا ما أري وما أهديكم إلا سبيل الرشاد)، هذه هي ديمقراطية نظام الرئيس (مبارك) وديمقراطية (أحمد عز) وديمقراطية (حبيب العادلي) التي شاءت الأقدار السيئة للشعب المصري أن يتصدر دعاتها توجيه الرأي العام في الإعلام منذ سنوات قبل الثورة ويظلون في مواقعهم كما هم بعد الثورة، رغم أنوف المصريين جميعا.

رابط المقال:
http://www.masress.com/rosadaily/106111


نهرو طنطاوي
كاتب وباحث في الفكر الإسلامي _ مدرس بالأزهر
مصر _ أسيوط
موبايل : 01064355385 _ 002
إيميل: [email protected]
فيس بوك: https://www.facebook.com/nehro.tantawi.7
مقالات وكتابات _ نهرو طنطاوي:
https://www.facebook.com/pages/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D9%86%D9%87%D8%B1%D9%88-%D8%B7%D9%86%D8%B7%D8%A7%D9%88%D9%8A/311926502258563








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لو كنت لا تدري بالسبب فها هو
مراقب (محمد بن عبدالله) ( 2014 / 11 / 13 - 12:20 )
يا سيد نهرو..مقالك اليوم ومقالك القديم كلاهما غنيان بالألقاب الدينية المسيحية التي تطلقها تحقيرا ونكاية في كثير من السادة الصحفيين الأفاضل

ان كنت تعارض ساويرس أو سياسة القناة فاكتب كما تشاء لكن ان تضمّن هجومك القابا مسيحية من قبيل بطريرك ومطران وأم راهبة وغيرها فهذا غير مقبول عند الأمم المتمدنة التي يتساوى فيها الناس
الأسخف هو أن كثير ممن نعتّ مسلمين

فلا يفهم من ذلك إلا محاولة التصغير لايمانك بالمثل العنصري الساقط المنتشر عند الغوغاء: اللي ياكل عيش النصراني بيحارب بسيفه

هاجمت لميس وعمرو أديب والليثي والدمرداش وغيرهم وهنا لم تتطاول عليهم بالألقاب والنعوت

يا أخي بعد كلامي ده ان كنت لسة مش فاهم يبقى عليه العوض ومنه العوض


2 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 11 / 14 - 00:59 )
انها الديكتاتورية البطريركية الساوريسية المسيحية! .


3 - انت الذى توقف عن الكتابه ام طردوك لتعصبك الاسلامى
حكيم العارف ( 2014 / 11 / 14 - 02:53 )
..

مش انت ايضا المطرود من الازهر ..... ياخى ارحم نفسك .


....

اخر الافلام

.. تغطية خاصة | عمليات نوعية وغير مسبوقة للمقاومة الإسلامية في


.. «توأم الروح والتفوق» ظاهرة مشرقة بخريجي 2024




.. تغطية خاصة | إيهود باراك: في ظل قيادة نتنياهو نحن أقرب إلى ا


.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان ترفع مستوى الإسناد




.. لماذا تخشى الكنيسة الكاثوليكية الذكاء الاصطناعي؟