الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لعنة ابليس .. ومهزلة الجبر والاختيار

عبده جميل اللهبي

2005 / 8 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


.لم يخرج جزافاً .. فلقد كان خروجه طلباً للحرية .وطلباً للتعالي والسمو بعيدا عن مسائل الذل والعبودية ..خصوصا بعد ان طرد من الجنة التي كان ينعم بها ...
فطفق الكون يبحث عن مكان يعيش فيه بعيدا ً عن مؤسسة التمييز والمفاضلة التي سئمها...

فبداء يحث نفسه عن معنى قوله "قال أخرج منها مذءوماً مدحورا لمن تبعك منهم لأملان جهنم منكم اجمعين "..
لماذا خاطبني بهذه القسوة ؟ وبعد كل هذه الخدمة الطويلة التي قدمتها له ...
ولماذا اختارني لهذه المهمة الصعبة لافرق بينه وبين عباده ..ابناء ذالك الاديم الغبي وأمرأته العوجاء التي لاتعرف غير الزينة والاكل..
ثم ماهي الحاجة لان اعاقب بذنب غيري ؟ وماهو الجرم الذي ارتكبته سوى انني ارشدت ضيفين تائهين على ان ياكلا من شجرة واقفة قد اهرمها الدهر ..
كم هو قاسي القلب ..انني احبه ومع ذالك "افردني اوحدني حيرني طردني لئلا اختلط مع المخلصين ، منعني من الاغيار لغيرتي ،غيرني لحيرتي ،حيرني لغربتي ، حرمني لصحبتي قبحني لمدحتي احرمني لهجرتي ، هجرني لمكاشفتي كشفني لوصلتي "..
أخذت قدماه يخطان الارض وقلبه يتقرح الماً وحسرة وعيناه يقطران دماً ، لما عاينه من جفا وبعد ...
بالمصادفة رأى جبريل ..فناداه وبداء يتوسل اليه ويترجاه بان يشفع له قائلا"لماذا نزلت بي اللعنة الى يوم الدين .. الم اكن انا معلم السجود ؟الم اكن انا العبد الذليل الذي طالة خدمته ؟لماذا تصرف معي بكل هذه الوحشية؟؟
هون عليك يااخي فما نزل بك امر لايستدعي منك كل هذا الاهتمام .. خصوصا وانت تعلم جيدا بانه "خلق كل شيء بقدر "..
فرد عليه قائلا :هل تتشفع لي عنده بان ارجع ولكن دون ان اسجد لذالك الاديم الغبي وزوجته العوجاء ..
مستحيل تدري انه لن يقبل بذالك ...
اذا ..لماذا عفى عن ذالك الغبي ولم يعف عني وانا صاحبه منذ الازل ، فهو من جعلني سببا لوجود الزلة والخطيئة وعلة لسماع الامر والنهي..ام ان مكره لم يتحقق الا علي ؟ فبماذا تفسر ذالك ؟
وقف جبريل متسمراً ومتحيراً لايدري بماذا يجيب على سيده الذي علمه السجود ..وما عاد بمقدوره النطق في امر لو تحدث به اكثر لضاعت كل مصالحه وغدا مثل سيده يجوب البلدان دون مأوى او سكن .. فقدم اعتذاره لسيده بصحبة حشرجات في الصوت ودموع في العينين ..وغادر المكان خوفاً على مصلحته من الزوال ..من حاكم جبار عتيد ذو قوة وبطش شديدين ...
نظر ابليس الى السماء وقال بكل تحد " فبما اغويتني " ولم يضف شيئاً الى ذاته بل ارجع كل شيء الى مصدره الحقيقي وظل يردد :
القاه في اليم مكتوفا وقال له ..................اياك اياك ان تبتل بالماء
وتمسك ابليس بتحديه ، وانطلق ليكمل مشواره الاخير غير عابهاً بما توعده به الحاكم الجبار ، جاعلا الامور للمستقبل تفعل ماتشاء ..
مستخلصا ان مشيئة الله قاسية وفاشلة في الوقت نفسه ..وبداء يقول مستهزاءً :خلق الخلق فانقلبوا عليه وهم صنيعة يديه ودعاء كلمته ونفخة روحه فعادوه واسفوه وانشاء يقاتل بعضهم بعض ويحترس من من بعضهم في السماء بمقاذفة النجوم ويبعث لمقاتلتهم ملائكته وجنوده ، وبعد ذالك يدخل الله النار من يشاء والجنة من يشاء ..فعلا انها لعبة مقدسة تستحق الخوض في غمارها الى يوم الدين ....
واخذ يقهقه ويضحك ساخراً غير عابهاً بما يجري من حوله ...
كان امامه الامر الالهي يقف على نقيضين بان يقع ساجدا لادم وفي الحين ذاته تقف امامه المشيئة الالهية الداعية للتوحيد والتقديس والتسبيح والتي لا تسمح بالسجود لاحد لغير الله ، فاذعن ابليس لمتطلبات المشيئة وعصى بذالك امر السجود فطرد ولعن وكتب علية الياس المطلق من الرجوع الى داره ...
فعلا لقد عجز ابليس في ان يجد مخرجا من هذه المحنة مما جعل الامر اكثر تعقيدا ...
لقد وضعه امر السجود في الميزان " فالامر يهب والارادة تنهب " لقد كان بحاجة الى من يساعده ويرشده ..
فابليس لم يكن غريبا فحسب بل كان غريبا بغربته ..وهكذا قال ابليس : لقد انتهت مراسم العبادة ، واخطاء المجتهد في اجتهاده ، وزال الرئيس عن رتب الرئاسة فسواء انا عبدت ام لم اعبد ، فلا بد من الرجوع الى الاصل وسابقة البدء ، فانا من النار خلقتني ولذا لابد من الرجوع اليها ..فمنها خلقناكم وفيها نعيدكم ..والعناصر دائمة الرجوع الى عناصرها....................








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أفكار محمد باقر الصدر وعلاقته بحركات الإسلام السياسي السني


.. مشروع علم وتاريخ الحضارات للدكتور خزعل الماجدي : حوار معه كم




.. مبارك شعبى مصر.. بطريرك الأقباط الكاثوليك يترأس قداس عيد دخو


.. 70-Ali-Imran




.. 71-Ali-Imran