الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصير الثورات الإسلامية الراهنة

خليل كلفت

2014 / 11 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



يأتى الإسلام السياسى من كل فجٍّ عميق، ويمتد إلى كل مكان، وينتشر فى كل اتجاه انتشار النار فى الهشيم. وقد يبدأ بالدعوة الدينية، وقد يقتصر عليها لوقت يطول أو يقصر، ولكنه يفاجئنا بعد حين بأنه صار إسلاما سياسيا كامل النمو، يؤسس حزبا هنا، ونقابة هناك، ويتسلل إلى كل مسامّ المجتمع والسياسة والحياة، بل يُجبرنا على التعايش معه بوصفه إسلاما دعويا حينا، وإسلاما سياسيا حينا، ومعتدلا فى كل حين، وقد تظهر له امتدادات متطرفة تمارس العنف الوحشى فتُثْبِتُ اعتدال الأصل بعنف الفرع.
وفى العقود الأخيرة اشتعل العنف السياسى الإسلامى فجأة فى كل مكان، وبدا العالم كله، فى أطرافه وحتى فى عواصم مراكزه، مهدَّدًا بفتح إسلامى مبين، بإعصار من العنف الوحشى.
جنون أم وسيلة مجنونة للنضال فى سبيل السيطرة على الاقتصاد والسلطة؟ أما ضميرهم فإنه ينسجم ويرتاح مع الاستغلال الاقتصادى والاستبداد السياسى.
وكان العنف الدينى وغير الدينى قد بدأ من الشرق القديم ولكنه تواصل مع الغرب فى أزمنة فتوحاته الإمپراطورية فى العصور القديمة والوسطى، والدروب المضللة للخروج منها. وكان الهدف هو نهب الشعوب وسلبها وتجريدها من ثروات بلادها، بوسائل القتل والحرق والتدمير والأرض المحروقة بكل وحشية. وهناك لحظة تاريخية ينسى فيها البشر تماما أنهم بشر رُحَماء بينهم، إنها لحظة الأنانية المطلقة الملائمة للانقضاض، كىْ لا تضيع فرصة مواتية "هَرِمَ" المعنيون فى انتظار مجيئها، ويمكن أن تُفلت، إنْ لم ينتهزها المنتهزون. وكل هذا للشبع مقابل جوع الآخرين.
وفى القرن المنصرم أطاحت الثورة الإسلامية الشيعية الخومينية بالنظام الشاهنشاهى وأقامت جمهورية إيران الإسلامية. ويستنكر بعض السُّذَّج إقامة أىّ علاقة بين الإسلام السياسى والثورة. غير أن الإسلاميين وغيرهم يقومون باستثارة وقيادة ثورة شعبية ليس من أجل إنصاف الفقراء بل لاستغلال واضطهاد الفقراء؛ تاركين لهم اجترار شعارات الحرية والإخاء والمساواة فى فرنسا أو شعارات الحرية والعدالة والجنة فى مصر والمنطقة.
ونرى أمامنا ثورات إسلامية بالوكالة تُحَرِّك جيوشا شعبية إرهابية جرّارة. نرى الإخوان وامتداداتهم وتوابعهم فى مصر وغيرها، ونرى القاعدة وامتداداتها المتمثلة فى داعش وجبهة النصرة لأهل الشام فى سوريا والعراق وليبيا ومصر واليمن والصومال، والقاعدة فى المغرب الإسلامى وهى التى تدرِّب وتموِّل فى فى شمال نيچيريا حركة "بوكو حرام"، أىْ "التعليم الغربى حرام"، واسمها الرسمى: "جماعة أهل السنة والجماعة للدعوة والجهاد".
وهناك إيران التى تقوم بدعْم حكم الشيعة فى العراق فى اضطهاد السنة العرب والأكراد وغيرهم مما أدى إلى استفحال رد الفعل السنى الداعشى، ودعْم صمود وتصدِّى النظام العلوى لبشار الأسد، وهو ما فتح الباب أمام تطوُّر حركة إسلامية إرهابية واسعة النطاق فى سوريا، بمشاركة حزب الله التابع لإيران، فى حقن الأسد بقوة مضاعفة، ولا ننسى دور الدعم الروسى للأسد. وصارت الحركة الحوثية تحتل بدعم إيرانى مناطق واسعة من اليمن.
ومع أن هذه الحركات الجهادية تحارب بالوكالة لخدمة أچندة تضعها أمريكا أو أوروپا أو إسرائيل أو تركيا وقطر والخليج أو إيران وروسيا لهذه الحركات والطوائف الإسلامية المتصارعة، فإنها تحارب للسيطرة على سلطة الدولة والاقتصاد فى المنطقة وما وراءها فى أفغانستان، وپاكستان، والهند، وأفريقيا.
فهل تنجح هذه الحركات فى الوصول إلى سلطة الدولة وإقامة أنظمتها الإسلامية فى البلدان المعنية؟
وقد وصلت جماعة الإخوان المسلمين إلى السلطة تحت السيطرة الفعلية للجيش. ولهذا كان من المنطقى أن تتلقى ضربة قاصمة فى 30 يونيو و 3 يوليو 2013، من الشعب والجيش. وتحاول الجماعة أن تعود إلى الحكم كجزء لا يتجزأ من الحرب الإسلامية العالمية الراهنة بالوكالة. وأعتقد أن ما ألحق هزيمة سريعة بالإخوان المسلمين سيحكم عليهم وعلى غيرهم من الحركات الجهادية المحاربة بالهزيمة النهائية.
وكان لا مناص من هزيمة حكم المرشد بحكم توازن القوة. ولكنْ لماذا بكل هذه السرعة؟ أعتقد أن السر يكمن فى الأخونة السريعة للغاية. وتقوم كل قوة سياسية صاعدة إلى الحكم بعملية إحلال رجال عهد جديد محل رجال العهد القديم. ويعنى الإحلال بطبيعة الحال إقصاء رجال الطبقة الحاكمة فى الاقتصاد والإدارة المدنية والعسكرية، بل إرسالهم إلى السجون والمنافى والمشانق. ولا مناص من إجراء هذه العملية البالغة الحساسية والخطورة بمنتهى الحرص والتدريج وبالأخص استنادًا إلى إنجازات كبرى. وقد أساءت الجماعة تقدير الموقف وشرعت فى أخونة بالغة السرعة بلا أىّ إنجازات. من رابعة العدوية وميدان النهضة، إلى الحرب الواسعة على الشعب والدولة فى سيناء والوادى، إلى حرب حماس مرة بالوكالة ضد إسرائيل، ومرات بالوكالة ضد مصر. وقد دفعت الأخونة، كل مؤسسات الدولة المستهدفة بالأخونة، إلى رد فعل بالغ السرعة والحسم.
ولا شك فى أن سوء تقدير الموقف، وعدم إدراك توازن القوة الحقيقى، عند الحركات الإسلامية الأخرى، يقودها إلى نفس الانهيار. ولا أحد يمكن أن يبرر القمع الإجرامى الذى يقوم به نظام الأسد ضد شعب سوريا ولا الدعم الإجرامى الذى يتلقاه من روسيا وإيران وحزب الله، فهو ما طوَّر الثورة الإسلامية الإرهابية فى سوريا بدعم خليجى وإقليمى وغربى، ولا أحد يمكن أن يبرر الاضطهاد الإجرامى الذى تقوم به حكومة المالكى والشيعة ضد السنة العرب والأكراد، وكان هو ما طوَّر عنف ردّ الفعل السنى الذى وصل إلى حدّ ظهور داعش واحتضانه ودعمه فى العراق.
وكما كانت الأخونة متهورة للغاية عندنا نجد نفس التهور الناشئ عن حماقة القوة المتوهمة عند كل الجماعات الأصولية الإرهابية التى ظنت أن قوة نصر الله لهم سوف تعوِّضهم عن نقص قدرتهم. ولا شك فى أن نظام الأسد سوف يلقى الهزيمة، ولكن هزيمته لن تكون لحساب الإسلام السياسى الإرهابى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاستاذ الفاضل خليل كلفت
البدراني الموصلي ( 2014 / 11 / 19 - 07:21 )
تحية الود والاحترام
لامجال لاغماض العيون عن الموضوعية والنزاهة التي تملؤا جميع كتاباتك على الدوام , واظن ان صدرك سيتسع لنقد بسيط قد يكون صائبا او خاطئا .
لقد اختتمت هذه المقالة بالهجوم على المالكي والشيعة والسياسه الطائفية الاجرامية التي أدت بالنهاية الى دوعشة السنة في العراق واقتراب الاكراد من الدوعشة لولا ان اقليمهم المستقل قد نبذ الاسلام السياسي منذ اكثر من عقدين وبذلك قفزوا بخطى سريعة للاندماج بالعالم المتمدن
اتمنى عليك اعادة فحص عضوين من جسد العراق العليل , اولهما تركيبة الحكومة منذ 2003 ولحد الان فستجد ان السنة يشكلون 60% منها , ثاني العضوين هو ان مظلومية الشيعة منذ 2003 ولحد الدقيقة هي اضعاف مظلومية السنة بدليل ان المحافظات الشيعية وعددها ثلاثة عشر محافظة ما زالت ترزح تحت اطنان من النفايات والاهمال والغبن على جميع الصعد الانسانية
انا من اكثر الكارهين للمالكي واجرامه الطائفي , ولو تسنى لك ان تتابع بعض تعليقاتي وكتاباتي لصدقتني ,لقد لعبت الميليشيات الشيعية دورا قذرا جدا , ضد كلا المكونين السني والشيعي وحتى المكونات الصغيرة , يتبع رجاءا


2 - الاستاذ الفاضل خليل كلفت
البدراني الموصلي ( 2014 / 11 / 19 - 07:35 )
وقد افرغت الميليشيات الشيعية البلد من عقلائه وحكمائه ومفكريه ولحساب اجندة اجنبية معروفة للجميع , وبالمقابل تشكلت كتل سنية لمواجهة ذلك الاجرام التعسفي , لكنما تلك الكتل انجرفت مع تيارات اجندات اجنبية معروفة ايضا . وتناطح الجبلان , والنتيجة هي هذا الركام الفوضوي الذي لا يستطيع احد ان يحاول تصفيته وتنقيته , بله الخروج من تحته فقط.
لقد فقد بعض السنة مرجعيتهم الاخلاقية والانسانية بمحاولتهم التشبث بعصرهم الذهبي منذ 1921 ولحين انهياره في 2003 , وفقد بعض الشيعة اخلاقهم ومبادئهم امام بهرج الملك العضوض الذي استلموه بدون ان يعلموا ما معنى الملك والسياسة والحكم .
اتمنى عليك سيدي الفاضل ان تغوص اكثر في علل هذا الجسد المسجى تحت مشارط عشرات بل مئات الجراحين الذين لا يحسنون صنعتهم .
عذرا لتطفلي , وتقديري لجهودك الكريمة , وسعة صدرك .


3 - الزاوية ضيقه ـ 1
هانى شاكر ( 2014 / 11 / 19 - 20:39 )

الزاوية ضيقه ـ 1
______

على خلاف ما عودنا استاذنا .. فى تحليلاته الدسمه .. جاء هذا المقال مبتوراً وأحادى النظرة

الاسلام السياسى بصحه جيده و عال العال .. و أمامنا عقود كامله من ذبح المصلين و توزيع الحلوى و الرقص على الجثث و سبى و بيع النساء


4 - الزاوية ضيقه ـ 2
هانى شاكر ( 2014 / 11 / 19 - 20:40 )

الزاوية ضيقه ـ 2
________


الاستاذ كلفت يسمع الدعوات بخراب و حرق الكفار خمس مرات يومياً ... و يتجاهل قتلى و جرحى الاسلام يومياً فى الشارع او الحى الذى يقطنه هو فى القاهرة - دعك عن بغداد او الموصل !

الاستاذ يتناسى ان نصف الشعب المصرى انتخب مرسى ( لا يهم ان مرسى اهبل او متخلف او متهور - الم يكن كذلك جل الخلفاء والحكام المسلمين ؟! ) .. و ان انصار مرسى و شرعيته تبلغ نسبتهم نصف الشعب المصرى ، و موجودين بوفرة و قوى فى مفاصل الدوله و اجهزتها الامنيه !

الاستاذ يتناسى ان السيسى مُغامر مُختلس للشرعية ( لا يهم مدى خلافنا مع مرسى و الاخوان و صفاقتهم و خيبتهم ) .. و ان مصير السيسى محتوم .. و ان التاريخ سيذكره فقط كسارق و سالب للشرعية من رئيس مُنتخب قانونياً

الاستاذ يتناسى ماقراه و كتبه و تعلمه و علمَه طوال تاريخه الحافل ... ان الاسلام السياسى سيعيش و يزدهر طالما بقى الاسلام ذاته .. وطالما كان هناك دينار او ريال او دولار .. يلهث وراءه القرضاوى او الحوينى او المسعرى او حسان او اى شيخ رمه يبشر بالاوصال المقطوعه و الحوريات ...

عفواً استاذنا

....

اخر الافلام

.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج


.. 101-Al-Baqarah




.. 93- Al-Baqarah


.. 94- Al-Baqarah




.. 95-Al-Baqarah