الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعليقا على مقال السّيّد إبراهيم أحمد: الصّور والرّسوم المسيئة للمسيح

مالك بارودي

2014 / 11 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تعليقا على مقال السّيّد إبراهيم أحمد: الصّور والرّسوم المسيئة للمسيح

طلع علينا "السّيّد إبراهيم أحمد" اليوم (23 نوفمبر 2014) على موقع الحوار المتمدّن (محور: العلمانيّة، الدّين السّياسي ونقد الفكر الدّيني) بمقال عنوانه "الصور والرسوم المسيئة للمسيح" وهو أحد المقالات المنافقة التي تتكاثر وتتكرّر وكلّ همّ أصحابها منصبّ، في نهاية الأمر، وبطريقة ملتوية ومنافقة، على تمجيد الإسلام ومحمّد بن آمنة مدّعي النبوّة وتمسّح على أعتاب أصحاب الأديان الأخرى المصنّفة على أنّها "سماويّة" (اليهوديّة والمسيحيّة) طمعا في النّجاح في إيهامهم بأنّ الإسلام دين وبأنّ محمّدا رسولٌ مثل الذين يتبعونهم وبأنّ الإسلام يحترم الأديان الأخرى ورسلها وبالتّالي لا يجب إنتقاد الإسلام ورسوله وقرآنه لأنّ الإسلام كرّم رسلهم وإعترف بأديانهم... ولعلّ كثرة المقالات المدافعة عن الإسلام بشتّى الطّرق وإتّباعها أساليب وحيلا كثيرة ومتنوّعة أفضلُ دليل على درجة الإحراج التي أصبح يجد فيها المسلمون أنفسهم، (وهم محصورون بين مطرقة منتقدي وناقدي الإسلام والسّاخرين من خرافاته وهلوسات قرآنه وحيوانيّة وإرهاب رسوله بإسم حرّيّة التّعبير والضّمير وفي ظلّ إنفتاح دول العالم إعلاميّا على بعضها البعض وسندان القداسة الجبريّة والإجباريّة التي طالما بنى الإسلام عليها سلطانه وتعاليم هذا الدّين البدويّ الصّحراوي المنافق الذي لا يُحبّ الأسئلة ولا يرى في التّفكير وإستعمال العقل والمنطق إلاّ شرّا وكفرا والذي يعاقب الخارج عنه بالموت مثلما تعاقب المافيا من ينشقّ عنها من أعضائها) والتّطوّر الثّقافي والقيمي والحقوقي والتّكنولوجي وظهور وسائل جديدة تنطلق من مناطق في العالم ليس لهم عليها ولا على قاطنيها أيّ نفوذ لتنشر ما لا يُسمح بنشره على الوسائل التّقليديّة التي تخضع لسلطة المسلمين وفي بلدانهم فتحقّق وصول المعلومة دون رقابة إلى أعداد غفيرة من البشر... إنّها أكبر ورطة يجد الإسلام نفسه واقعا في فخّها وأظنّها آخر ورطة ومحنة يجب عليه تجاوزها بتغيير لباسه البدويّ الصّحراوي وتعاليمه البالية المزرية أو الإندثار نهائيّا.

ينطلق الكاتب في مقاله بإيراد جملة من الأحداث التي تعرّضت فيها صورة المسيح للإساءة والتّصوير الفاضح، ويقول في خضمّ كلامه "والعياذ بالله من تصاوريهم كلها"... وقد ركّز الكاتب بخبث منه على الأحداث التي كان مسرحها الغرب، ولم يتطرّق لشيء ممّا يحدث في البلدان الإسلاميّة من تشويه للمسيح وإستهزاء بموسى وحرق للأناجيل وللكنائس، إلخ، ولكنّنا نتفهّم أسلوبه الإنتقائيّ الذي أراد من خلاله ترك صفحة المسلمين بيضاء ناصعة ليستطيع تمرير أكذوبة أنّ الإسلام والمسلمين يحترمون كلّ الأنبياء والرّسل وكلّ الدّيانات بسهولة. فالإسلام دين ملائكيّ والمسلمون حملان وديعة لا يصدر عنها شيء من هذا القبيل...

وفي معرض حديثه عن تلك الأحداث، وعند تطرّقه لقصّة البريطاني "جون ويلكس" (John Wilkes) يقول الكاتب: "ولكن ويلكس كان قد أرسى مبدأ السخرية مما يشاء ولو كان الله نفسه، وتلك هى ركيزة حرية الإبداع والتعبير السارية فى الغرب منذ أن أخذ بالعلمانية دينًا بديلاً عن الدين وأسكن المسيحية الكنائس والكاتدرائيات والأديرة، فلا تلامس حياة البشر إلا على سبيل الطقوس والإحتفالات." ولنا بعض التّعليقات والملاحظات على هذه الجملة بالذّات نوردها كما يلي:

أوّلا، "جون ويلكس" هو أحد الذين ساهموا وكانوا، بأعمالهم وكتاباتهم، سببا في إقرار أحد أهمّ الحرّيّات التي يتمتّع بها الإنسان في وقتنا الحاضر: حرّيّة التّعبير والصّحّافة. كاتبنا الجهبذ "السّيّد إبراهيم أحمد" هو نفسه يتمتّع بثمار "جون ويلكس" وأمثاله، ثمارٌ لم يكن للعرب ولا للمسلمين أيّة مساهمة فيها، لكنّهم يطالبون بها لأنفسهم ويريدون منعها عن الآخرين في نفس الوقت (وهو منطق "حلال علينا، حرام عليكم" المنافق الذي بُني عليه الإسلام كلّه)، بل يُفصّلونها على مقاسهم ويضيفون إليها خرقا بالية من هنا وألوانا أخرى من هناك وكأنّهم هم أصحابها ومالكوها.

ثانيا، هل يريد الكاتب إيهام القارئ بأنّ العلمانيّة دين؟ إن كان الجواب نعم فهذه مهزلة وإن كان الجواب لا فما الدّاعي لهذا الخلط؟ أم هي محاولة للحشو، فقد يكون من بين القرّاء من يعتقد، لسبب أو لآخر، أو بسبب جهله المدقع، أنّ العلمانيّة دين فيزيد إقتناعه رسوخا عند قراءة هذه العبارة؟

ثالثا، العلمانيّة هي التي تحفظ لكاتبنا العزيز حقوقه حين يذهب إلى الغرب، فلا يقع التّمييز بينه وبين الآخرين على أساس ديني مثلما هو الحال في أغلب البلدان العربيّة والإسلاميّة حيث تتواصلُ مهازل وخرافات الإسلام وتعمّق الفوارق بين المواطنين. والعلمانيّة هي الحصان الذي ركبه المسلمون في الغرب للمطالبة ببناء مساجد ومراكز إسلاميّة فبنوا وتوسّعوا وإستغلّوا تلك الحقوق أبشع إستغلال، في حين أنّ الإسلام يمنعُ أن يجتمع دينان على أرضٍ واحدة (في صحيح مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب إخراج اليهود والنّصارى من جزيرة العرب: "وحدثني زهير بن حرب حدثنا الضحاك بن مخلد عن بن جريج ح وحدثني محمد بن رافع واللفظ له حدثنا عبد الرزاق أخبرنا بن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول أخبرني عمر بن الخطاب أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع إلا مسلما"). أليس هذا عدلا من طرف الغرب يقابله نفاق إسلاميّ لا حدود له؟ أم أنّ علمانيّة الغرب جميلة مادامت تُلبّي طلبات الإسلام ويتمتّع بها المسلمون ولكن لا يجبُ إستيرادها لأنّها ستصبح عدوّا له على أرضه؟

رابعا، حصر الدّين في المعابد هو الذي جنّب الغرب ما تُعاني منه البلدان العربيّة والإسلاميّة اليوم من تكفير وتحريض على القتل بإسم الإسلام وإنتاج أجيال من الإرهابيّين الطّامعين في دخول وكر الدّعارة الإلهي والتّمتّع بنكاح حور العين والغلمان. وحتّى الإرهابيّون المسلمون الذين ظهروا في الغرب كان ظهورهم إنطلاقا من المساجد الإسلاميّة المتمركزة هناك وبسبب أئمّة وشيوخ جرذان. لو كان الغرب يتعامل مع الدّين مثلما يتعامل معه المسلمون (فوضى قنوات تكفيريّة، خطابات كلّها سبّ وشتم وإهانات مقدّسة، أي بأدلّة من القرآن والأحاديث، إلخ) لكان حاله مثل حال الدّول الإسلاميّة: مصانع منتجة ومصدّرة للإرهاب بإسم الله. فهل أخطأ العلمانيّون الغربيّون؟ بالطّبع لا.

خامسا، من أصول الحرّيّة أن يقول الإنسان ما يريد وأن لا يتعرّض لأيّ تضييق. وهذا ما يدّعيه الكاتب نفسه في مقال سابق عنوانه ""، وفيه يستنكر عدم حياديّة الإعلام المصري. سيقول البعض أنّ هناك فرقا بين الإعلام والله، وسنردّ بقولنا أنّ الإعلام مجرّد فكرة تراها أنت من منظورك وأراها أنا من منظوري وقد ترى في الإعلام المصري إنحيازا لطرف مّا دون غيره وأرى فيه أنا حياديّة ويرى شخص ثالث أنّ الإعلام المصري مجرّد وهم، وهكذا. نفس الشيء بالنّسبة للآلهة والأديان: الله في نظرك أنت حقيقة (ولا أدلّة لديك على ذلك بطبيعة الحال، لكنّنا لن نناقش هذا الأمر هنا) وفي نظري خرافة تافهة لا تساوي شيئا وقد يأتي شخص آخر ليقول أنّ الله الحقيقي هو الشّيطان (ولا دليل لديه هو أيضا على صحّة قوله)... في نهاية الأمر، لك أن تعتقد ما تريد، لكن لا تحاول إجباري على إحترام خرافاتك. ومن هذا المنطلق، لي كامل الحرّيّة في أن أسخر من ربّك كما أريد. فمقدّساتك لا علاقة لي بها ولا تلزمني في شيء. وحدها حرّيّتي تهمّني. ولك الحقّ في قراءة قرآنك، بشرط أن لا تحاول تطبيق تعاليمه البدويّة الصّحراويّة عليّ (الشّريعة) وأن لا تنعتني بما جاء فيه من تفاهات... لكن، بما أنّ المسلمين مقتنعون بأنّ دينهم "صالح لكلّ مكان وزمان" وأنّ ما في كتابهم "حكمة إلهيّة" وبأن رسولهم الإرهابيّ "على خلق عظيم"، فمن الطّبيعي أن أسخر من هذا الكتاب ومن ربّه الوهمي الذي يدّعي الحكمة وهو مثال للجهل والتّفاهة والعصبيّة والإرهاب ومن رسوله المهووس بالنّهب والقتل والنّكاح. وأنا بذلك أدافع عن حرّيّتي وعن إنسانيّتي.

في نهاية الأمر، ليت الكاتب قام بإستغلال الوقت الذي أنفقه على كتابة هذا المقال الفارغ المنافق بطريقة أخرى... وليته يعيد حساباته بعيدا عن خرافات الإسلام ووهم المقدّسات فيمنح عقله فرصة ليفكّر بعقلانيّة ومنطق يتلاءمان مع زمننا الحاضر... ولو كان الله موجودا فعلا لتكفّل هو بنفسه بالدّفاع عن رسله وأنبيائه ضدّ الإساءة والتّشويه وبعقاب المعتدين، ولما ترك مهمّة الدّفاع عنهم للمتديّنين وهلوساتهم ونفاقهم.

-----------------------
الهوامش:
1.. مدوّنات الكاتب مالك بارودي:
http://utopia-666.over-blog.com
http://ahewar1.blogspot.com
http://ahewar2.blogspot.com
2.. لتحميل نسخة من كتاب مالك بارودي "خرافات إسلامية":
http://www.4shared.com/office/fvyAVlu1ba/__online.html








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عبداللات الواوي
سرجون البابلي ( 2014 / 11 / 23 - 15:45 )
كانب المقالة ملحد بجدارة وهو لايادفع عن المسيح والمسيح ليس بحاجة الى بشر للدفاع عنه وانت مثل البقرة التي تجتر تعيد وتجتر كلامك البايخ الم تتعب من الحقد الذي في داخلك على المسيح الذي يعتبره كل العالم حتى رسولك التعبان بانه احسن البشر وانبلهم على مدى التاريخ البشري باكمله


2 - الجمل لا يرى اعوجاج رقبته
شاكر شكور ( 2014 / 11 / 23 - 17:25 )
اغلب الرسومات التي رسمت للأستهزاء بالسيد المسيح مسّت امور جسدية لا تعتمد على اي توثيق تاريخي ولم يتجرأ اي فنان ان يرسم له صورة وهو يقطع رؤوس اعدائه بالسيف ولو اعطيت نفس الحرية في البلدان الأسلامية لرسموا صور بشعة لجرائم رسول الأسلام وهذا ينطبق على الأفلام ايضا ، الدين المبني على العقل وحرية الأختيار وليس مبني على الأرهاب لا يهمه النقد والأستهزاء برموزه ولكن من يمنع النقد فدينه هش ويخاف عليه من الأنهيار وسيأتي يوم وهو قريب بفضل احفاد محمد من الدواعش سيقلب المسلم العبارة التي تلحق بأسم نبيه من (ص أ ع ) الى (ل أ ع) ، تحياتي للأستاذ بارودي


3 - ماهذا؟
ياقوت ( 2014 / 11 / 23 - 22:23 )
ابارك لك سيد مالك فوز الحزب العلماني بتونس ودامت خضراء نستمتع فيها برونقها و ثقافة شعبها ادعوك استاذ مالك ان تقلل حدة الخطاب و الظاهر ان متمكن مما تكتب و عندك وعي و تحس باننا في مؤخرة الحضارة بسبب افكار دين الرمال و انت عندك قلب انساني حقيقي ارجو ان تطربنا بمقال عن الجمال او الإنسانية كروحك الجميلة


4 - لك وحشة يابارودي
بارباروسا آكيم ( 2014 / 11 / 24 - 16:20 )
الأستاذ بارودي ، مشتاقين يارجل والنعمة ..المتسلقين اليوم وقناصي الفرص كثيرين..وابن امنة قد علم جموع الهمج التابعة أن التقية هي وسيلة لتحقيق غاية ، والغاية هي تأسيس امبراطورية دينية لها أول وليس لها اخر.! والناس في تلك الأمبراطورية صنفان (( مسلم وذمي كافر )) والذمي الكافر يدفع الجزية ويضرب في قفاه..هؤلاء ايتام الطاغية ابن امنة..لم يتركوا زاغور الا وحاولوا دخوله طمعا في ايقاف نقد ابن امنة، وما تشاهده اليوم من جموع المنافقين الدواعش الذين يتذرعون بمختلف العناوين ليظهروا أن النقد لا يجب أن يطال فلان وعلان لأسباب واهية هم اشخاص لهم اجندات ، مخربين ، ارهابيين ، مدنسين ، أنا لا اعرف من هذا الشخص الذي تكتب عنه ولا يشرفني حتى ان اعرف هؤلاء الدواعش ، ولكن المشكلة أن تلك صارت فكرة عامة...فتحية شكر وتقدير لمالك البارودي ولكل شريف يقف متصديا لهؤلاء الدواعش المحمديين

اخر الافلام

.. 158-An-Nisa


.. 160-An-Nisa




.. التركمان والمسيحيون يقررون خوض الانتخابات المرتقبة في إقليم


.. د. حامد عبد الصمد: الإلحاد جزء من منظومة التنوير والشكّ محرك




.. المجتمع اليهودي.. سلاح بيد -سوناك- لدعمه بالانتخابات البريطا