الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يأجوج ومأجوج

سمير إبراهيم خليل حسن

2005 / 8 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عملى فى هذا ٱلمقال هو فى ذات ٱلسبيل ٱلذى سرت عليه فىۤ جميع أعمالى. ومعه ما يحمله من تطور فىۤ إدراك دليل بعض كلمات ٱلقرءان. وماۤ أدركه فى مسآئل علمية حديثة. تساعدنى فى أعمال ٱلعقل بين ٱلبيان ٱلعربى وبيان ٱلبحث ٱلعلمى. ليس من أجل ٱلقول أنَّ ٱلمسألة مذكورة فى ٱلقرءان ثم أستريح لقولى وأطمئن لما تراكم لدى من عادة إيمانية. بل من أجل ٱستنباط هداية ترشد أعمال ٱلبحث ٱلعلمى للتقليل من أفعال ٱلفساد فى ٱلأرض وٱلوصول إلى ٱلتوقف عنها. ومن أجل ٱستنباط ٱلمفاهيم ٱلتى نبنى عيشنا ٱلمشترك علىۤ أرض ٱللَّه من دون إكراه فى ٱلدين ومن دون عدوان على فرد أو على جماعة.
وفى مقالى هذاۤ أوجّه قدرتى إلى دليل ٱلفعل أجج وٱلاسم ٱلمتعلق بدليله. وقد ورد فى ٱلقرءان ٱسم يأجوج ومعه ٱسم مأجوج. وٱلاسمان من دليل واحد هو دليل ٱلفعل أجج inflame ٱلذى تدل عليه ٱلأفعال (أثار وألهب وأهاج وأغضب وأشعل). ويبين ٱلاسمان أنَّ أحدهم يأجوج هو ٱسم لأولئك ٱلذين يُثيرون ويُلهبون ويُهيجون ويُغضبون. وهم ٱلذين يدفعون فريقا من ٱلبشر لا ينظر ولا يفكر فى صدق ما يفعله ويقوله يأجوج. وهو فريق يُثَارُ ويُلهَبُ ويُغضَبُ. فيندفع مأجوجًا يُرجف بأفعاله ٱلناس ٱلأَمنين ويشعل ٱلحروب وٱلتخريب وٱلقتل فى عيشهم.
وقد سرى بين ٱلناس مفهوم لـ أبى هريرة يزعم فيه أنَّ ٱلنبى قاله (تفسير ٱلقرطبى) وحدَّد هؤلآء بـ (ٱلترك وٱلصقالبة). وهذا ٱلأمر يبين أنَّ ٱلتحريف ٱلجارى هو تحريف جاهل فى ٱلمفهوم. ومن يتبع هذا ٱلمفهوم علىۤ أنَّه صناعة عالمٍ فى ٱلدين أو فى علم ٱلِّسان فهو جاهل مثله.
لقد عرض ٱلقرطبى فى تفسيره لأرآء متناقضة فىۤ أصل ٱلاسمين. وأحدهم (ٱلجوهرى) رأىۤ أنهماۤ أعجميان بدليل أجنبى لاسم أعجمى. ورأيه يبين جهله فى دليل ٱلاسمين. وأخر (ٱلأخفش) رأىۤ أنهما من أصل ٱلفعل أجج وهما على وزن يفعول ومفعول وقد أصاب.
إلاۤ أنَّ ما قاله أبو هريرة هو ٱلذىۤ أخذ به ٱلناس وعلمآء دينهم.
وفيما يلى ٱلقول ٱلعربى ٱلذى تخبط ٱلمفسرون فى فهمه:
"وَيَسئَلُونَكَ عَن ذِى ٱلقَرنَينِ قُل سَأَتلُوا عَلَيكُم مِّنهُ ذِكرًا(83) إنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِى ٱلأَرضِ وَءَاتَينَٰهُ مِن كُلِّ شَىءٍ سَبَبًا(84) فَأَتبَعَ سَبَبًا(85) حتَّىٰۤ إذا يَلَغَ مَغرِبَ ٱلشَّمسِ وَجَدَهَا تَغرُبُ فِى عَينٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندها قَومًا قُلنَا يَٰذَا ٱلقَرنينِ إمَّآ أن تُعَذِّبَ وإمَّآ أن تَتَّخِذَ فِهِم حُسنًا(86) قالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إلىٰ رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَبًا نُّكرًا(87) وأمَّا مَن ءَامَنَ وعَمِلَ صَٰلحًا فَلَهُ جَزَآءُ ٱلحُسنَىٰ وَسَنَقُولُ لَهُ مِن أَمرِنَا يُسرًا(88) ثّمَ أَتبَعَ سَبَبًا(89) حتَّىٰۤ إذا بَلَغَ مَطلِعَ ٱلشَّمسِ وَجَدَها تَطلَعُ علىٰ قومٍ لَّم نَجعَل لَّهُم مِّن دُونِها سِترُا(90) كَذَٰلِكَ وقد أحَطنا بِما لَدَيهِ خُبرًا(91) ثّمَ أَتبَعَ سَبَبًا(92) حتَّىٰۤ إذا بَلَغَ بَينَ ٱلسَّدَّينِ وَجَدَ مِن دُونِهما قَومًا لَّا يَكَادُونَ يَفقَهُونَ قولا(93) قالوا يَٰذَا ٱلقَرنينِ إنّ يَأجُوجَ ومَأجُوجَ مُفسِدُونَ فِى ٱلأرضِ فَهل نَجعَلُ لَكَ خَرجًا علىٰۤ أن تَجعَلَ بَينَنَا وَبَينَهُم سَدًّا(94) قالَ مَا مَكَّنِّى فيهِ رَّبِّى خَير فَأَعِينونِى بِقُوَّةٍ أّجعَل بينَكُم وبينَهُم رَدمًا(95) ءَاتُونِى زُبَرَ ٱلحَدِيدِ حتَّىٰۤ إذا سَاوَىٰ بَينَ ٱلصَّدَفَينِ قالَ ٱنفُخُوا حتَّىٰۤ إذا جَعَلَهُ نارًا قالَ ءَاتُونِى أُفرِغُ عليهِ قِطرًا(96) فَمَا ٱسطَٰعُوۤا أن يَظهَرُوهُ وما ٱستَطٰعُوا لهُ نَقبًا(97) قالَ هَٰذا رَحمَة مِّن رَّبِّى فإذا جآءَ وعدُ رَبِّى جَعَلَهُ دّكَّآءَ وكانَ وَعدُ رَيِّى حَقًّا(98)" ٱلكهف.
وفهمنا لهذا ٱلبلاغ ٱلقصَّة أنَّ ذى ٱلقرنين هو ٱلذى عاش فى طورين. ٱلطور ٱلأول ٱنتهى بفعل ٱلفساد. وٱلطور ٱلثانى يبدأ بمن بقى من ٱلنَّاس. وتبيّن ٱلقصَّة أنَّ ذى ٱلقرنين متمكِّن فى ٱلأرض "إنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِى ٱلأَرضِ وَءَاتَينَٰهُ مِن كُلِّ شَىءٍ سَبَبًا".
وهو مثل يوسف:
"وكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيوسُفَ فى ٱلأرضِ يَتَبوَّأُ مِنها حيثُ يشاۤءُ" 56 يوسف.
وتبيّن ٱلقصّة أكثرية جاهلة يمتد وجودهم على ٱلأرض بين مطلع ٱلشمس ومغربها.
كما تبيّن قدرة ذى ٱلقرنين على ٱلحركة بين ٱلسَّدين (مشرق ٱلأرض ومغربها) وهى قدرة تشبه قدرة ملإ ٱلولايات ٱلمتحدة ٱليوم على ٱلحركة فوق ٱلأرض.
وذو ٱلقرنين فى ٱلقصَّة يتبع سببًا. وهو لا يتحرك من دون سبب لحركته وعلم به. وتبيّن ٱلقصَّة أنَّ بين ٱلسَّدَّين موقع هو مكان (على ٱلتقدير) يتماثل مع موقع بلادنا ٱليوم (ٱلشرق ٱلأوسط). وحال ٱلقوم ٱلذين وجدهم يتماثل مع حالنا نحن "قَومًا لَّا يَكَادُونَ يَفقَهُونَ قولا". وقد طلبوا من ذى ٱلقرنين (على ٱلرغم من جهلهم) ٱلمساعدة على منع ٱلخطر ٱلذى يسببه يأجوج ومأجوج مقابل خرج "فَهل نَجعَلُ لَكَ خَرجًا علىٰۤ أن تَجعَلَ بَينَنَا وَبَينَهُم سَدًّا". هم طلبوا منه سدًّا بسبب جهلهم وظنهم أنَّه قادر على ٱلفعل كما يفعل ٱللَّه. فٱلسَّدُّ بين ٱلمشرق وٱلغرب هو بحر محيط. وفى جواب ذى ٱلقرنين بيان علمه بقدرته من دون غرور "قالَ مَا مَكَّنِّى فيهِ رَّبِّى خَير فَأَعِينونِى بِقُوَّةٍ أّجعَل بينَكُم وبينَهُم رَدمًا". وٱلرَّدم يشبه ٱلسَّدّ لكنه ليس سدَّا. فقد صنع من زبر ٱلحديد ردمًا وصبَّ عليه معدنًا سآئلا فجعله جدارًا عازلا هو مثل ٱلجدار ٱلذى تبنيه ٱليوم دولة إسرائيل.
لقد وصل هؤلآء ٱلذين "لَّا يَكَادُونَ يَفقَهُونَ قولا" إلى موقف ساقتهم إليه صعوبة ٱلعيش ٱلتى ولَّدها فى ٱلأرض من حولهم يأجوج ومأجوج. وهما فريقان ٱلأول يأجوج ينفخ فى نفس ٱلثانى مأجوج ويجعله يثير فى ٱلأرض ٱلرعب وٱلرجفة وٱلتخريب وٱلقتل.
ومَثَلُ يأجوج ٱليوم هو فى مشايخ دين ٱلإسلام ٱلسياسى وفلاسفة ٱلفكر ٱلقومى. وهم ٱليوم ٱلذين يُثيرون ويُلهبون ويُهيجون ويُغضبون أتباعهم ٱلمأجوجين من ٱلجاهلين ٱلذين يندفعون فيشعلون ٱلحرآئق ويحدثون فى ٱلأرض ٱلرجفة ويزرعون ٱلرعب فى جميع ٱلمجتمعات. وهم يقتلون ٱلنَّاس بٱسم دينٍ أخذوه عن ءابآئهم ٱلسَّلف. وما ورد عن ءابآئهم من فهم للبلاغ ٱلعربى يبيّن جهلهم وجهل أتباعهم من ٱلشيوخ ٱليأجوج.
ورد ٱسم ٱلمحدث فى ٱلصحيفة (دستور دولة ٱلمدينة) ليدل على ٱلمأجوج ٱلذى ينطلق ليحدث ٱلتخريب وٱلرَّجفة وٱلقتل بتأثير يأجوج:
"ٱلبند ٱلثانى وٱلعشرون: وَإِنّهُ لَا يَحِلّ لِمُؤمِنٍ أَقَرّ بِمَا فِي هَذِهِ الصّحِيفَةِ وَآمَنَ بِاَللّهِ وَاليَومِ الآخِرِ أَن يَنصُرَ مُحدِثًا وَلَا يُؤوِيهِ وَأَنّهُ مَن نَصَرَهُ أَو آوَاهُ فَإِنّ عَلَيهِ لَعنَةَ اللّهِ وَغَضَبَهُ يَومَ القِيَامَةِ. وَلَا يُؤخَذُ مِنهُ صَرفٌ وَلَا عَدلٌ".
ووصف ٱلبلاغ ٱلعربى (ٱلقرءان) يأجوج ومأجوج بٱلمفسدين فى ٱلأرض على لسان قوم "لَّا يَكَادُونَ يَفقَهُونَ قولا". كما وصف يأجوج بٱلمنافقين وتوعَّدهم وبيّن ٱلردّ عليهم وعلىۤ أتباعهم مأجوج وهم ٱلذين يحدثون ٱلرجفة فى ٱلمدينة:
"لئن لم ينتهِ ٱلمنافقون وٱلَّذين فى قلوبهم مرض وٱلمرجفون فى ٱلمدينة لنغرينّك بهم ثمّ لا يجاورونك فيهآ إلا قليلا(60) ملعونين أينما ثُقفوا أُخذوا وقتّلوا تقتيلا(61) سنّة ٱللَّه فى ٱلذين خَلَوا من قبل ولن تجد لسنّّة ٱللَّه تبديلا(62)" ٱلأحزاب.
وفيه بيان يتعلق بٱلمنافق يأجوج. وهو ٱلذى ينفخ فى صدور ٱلجهلة من ٱلناس ويحرضهم على ٱلحدث. فٱلذين فى قلوبهم مرض هم ٱلذين لا يدركون ولا يعلمون. وهم يتَّبعون قولَ ٱلمنافق بسبب مكانته ٱلاجتماعية أو ٱلسياسية. وهؤلآء هم مسلمون للمنافق يأجوج. وهم يظنون أن قوله هو ٱلحقّ. ومنهم يخرج ٱلمرجفون ٱلمأجوجون فى ٱلمدينة. وهم ٱلذين يُحدثون فيها فعلاً يباغتون به ٱلناسَ ٱلغافلين. يؤذون به من يؤذون ويقتلون من يقتلون. وهؤلآء يُعرفون ٱليوم بٱسم إرهابيين.
لقد بين ٱلبلاغ ٱلعربى أن قتل ٱلمنافقين وٱلمرجفين (يأجوج ومأجوج) لا يخضع لمحاكمة. فهم "ملعونين أينما ثُقفوا أخذوا وقتّلوا تقتيلا". أى يطاردون ويقتلون بعد إلقآء ٱلقبض عليهم. وقد بيّن ٱلبلاغ أنَّ ذلك "سنّة ٱللَّه فى ٱلذين خَلَوا من قبل ولن تجد لسنّّة ٱللَّه تبديلا".
إنَّ أعمال ٱلتحريض على ٱلقتل ٱلذى يبثّه رجال دين ٱلإسلام ٱلسياسى ومعهم حلفاۤؤهم من رجال ٱلفكر ٱلقومى هى مثل أعمال ٱلمنافقين. فهم يحرضون ٱلذين يتبعونهم على ٱلقتل وإحداث ٱلرجفة فى مدينة ٱليوم. وهى ٱلأرض كلَّها. ويأتى تحريضهم بوعدٍ كاذب لأوْلـٰئك ٱلذين يصدِّقونهم أنَّه لهم ٱلجنَّة. وقد بيَّن ٱلبلاغ ٱلعربىُّ كذب هٰذا ٱلوعد:
"وقالوا لن يدخلَ ٱلجنة إلا من كان هودًا أو نصٰرى تلك أمانيّهم قُل هاتوا بُرهٰنكم إن كنتم صٰدقين"111 ٱلبقرة.
وما قولهم إلاۤ أمانى كاذبة. وهم فى كذبهم يطلقون ٱسم ٱلشهيد على من يُقتل من ٱلمرجفين. وهو ٱسم ٱلحى ٱلقيوم ٱلسميع ٱلبصير ٱلذى يعلم غيب ٱلسَّمٰوٰت وٱلأرض.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مختلف عليه - الإلحاد في الأديان


.. الكشف عن قنابل داعش في المسجد النوري بالموصل




.. شاهدة عيان توثق لحظة اعتداء متطرفين على مسلم خرج من المسجد ف


.. الموسى: السويدان والعوضي من أباطرة الإخوان الذين تلقوا مبالغ




.. اليهود الأرثوذكس يحتجون على قرار تجنيدهم العسكري