الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أصفاد في الأيدي ,وأحجار في الأفواه-أو كيف تكون محتالا بلا عناء-المقال 24من سلسلة خرافة الخلافة

نبيل هلال هلال

2014 / 11 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ومالم تُسند المسؤولية-كل المسؤولية-إلى الجماعة والمواطن الفرد ضمن الجماعة , في إدارة جماعية لشؤون حياته فلن يتحقق مراد الإسلام من الناس , وستقع السلطة في يد حاكم فرد يدير البلاد والعباد لمصلحته , ويتم عندئذ تسخير الكهنة رجال الدين لخدمة الفرعون والحرص على ألا ينكشف غطاؤه وتظهر سوأته . لذا يجب محاذرة السقوط في الهاوية والوقوع بين فَكَّيْ الأسد وبراثنه , ألا وهو إسناد سلطات سياسية أو إدارية إلى الكهنة , فهم إما يستأثرون بها لأنفسهم - كرجال الكنيسة في القرون الوسطى - أو يحركون خيوط الدُّمَى من وراء الستار لخدمة أنفسهم والفرعون في علاقة أزلية وحلف شيطاني يضمن بقاء الحبل في أعناق الناس والأحجار في أفواههم . وعندما استبد الخلفاء بشرعيات دينية باطلة , وكانت مبررات هذه الشرعية المزيفة أساسية لدوام حكمهم , كان إظهارهم التمسك بالدين ضروريا لتأكيد هذه الشرعية . وضَرَبَ السلاطينُ أعناق المعارضين بدعوى مناهضة الزندقة والحفاظ على الملة . وقال فقهاء السلطان بإمامة السلطان للناس في الصلاة , ولم يقولوا بمنعه من نهب بيت المال , وأسرف الخلفاء في بناء المساجد الفخمة , تماما كما فعل المماليك الذين حكموا مصر والشام , فذلك كان مظهرا دينيا تعويضيا ليوازنوا بين واقعهم السيئ وتظاهرهم بالتدين. وكان من الحتمي أن تسير الأمور إلى بوار إذ ألقى الخليفةُ النبوي الحَبَّ إلى الفقهاء فلقطوا , وسلط السيف على الحق ولم يسلط الحق على السيف . ويكشف لنا التاريخ كيف تعاون الفرعون (أو السلطان أو الملك أو الخليفة) مع الكاهن (أو الحاخام أو الفقيه) على نهب الناس ووأد الحريات وتقويض العدالة والمساواة , وكيف تعاونا على خلق الطبقيات والامتيازات , وكيف استأثرا بالثروة والأراضي والأموال والعبيد وإن كان المقابل هو سحق الفقراء والتضحية بالدين والملة والمقدس , وكيف استثمر رجال الدين أديانهم للارتزاق والاحتيال على المغفلين من "المؤمنين" ! فقد انعقد تحالف أزلي- لا جعله الله أبديا - بين السلطة الدينية والسلطة السياسية للسيطرة على الناس وترويضهم . وكان هذا التحالف الشيطاني هو رأس الحربة المغروس في أعناق خلق الله منذ عرف الإنسان الدين والسلطة على هذا الكوكب . ويحق لسائل أن يسأل : هل فعلا الأمر دين وعقيدة أم مكاسب ومنافع؟ فالراصد لمكاسب السلطات الدينية على مدار التاريخ , يجدها مكاسب ضخمة هائلة . كان ذلك في العصور الخوالي أيام الشرق القديم , ومصر القديمة , وأيام البطالمة والرومان , وفي القرون الوسطى حيث استأثرت الكنيسة أيضا بثروات هائلة , ومثل هذه الثروات استولى عليها الملوك والسلاطين . والفرق الوحيد هو أن فراعين الأمم تقاسموا المنهوبات مع الكهنة ورجال الدين , إلا في حالة خلفاء المسلمين , فقد استأثروا بكل المنهوبات لأنهم في واقع الأمر كانوا يمثلون السلطة الدينية أيضا .
"وفي أيام رمسيس الثاني لم يكن في البلاد كلها سلطة بشرية تعلو على سلطته إلا سلطة الكهنة , ثم قام النزاع في مصر كما قام في غيرها من البلاد خلال جميع العهود بين الدولة والدين , فقد كانت أسلاب كل حرب والجزء الأكبر من خراج البلاد المفتوحة تتدفق في أثناء حكمه وحكم خلفائه الذين تولوا الملك بعده مباشرة إلى خزائن الهياكل والكهنة .... , وكان من شأن هذه السياسة أن يصبح الملوك خُدَّام الآلهة عاجلا كان ذلك أم آجلا . فلما جلس على العرش آخر الملوك الذين تسموا باسم رمسيس , اغتصب المُلْك الكاهن الأكبر للإله آمون , وحكم حكما كان له فيه السلطان الأعلى. وأمست الإمبراطورية المصرية حكومة دينية راكدة ازدهر فيها البناء والتخريف , واضمحل فيها كل ما عدا هذين من مقومات الحياة القومية . ووضعت الرُّقََى لتصبغ كل قرار يصدره الكهنة بالصبغة المقدسة الإلهية . وامتص الكهنة "باسم الآلهة " كل ما في مصر من مصادر الحياة حتى نضب معينها في الوقت الذي كان فيه الغزاة الأجانب يعدون العدة للانقضاض على كل هذه الثروة المتجمعة (المرجع :ول ديورانت -قصة الحضارة).يتبع-من كتابنا :خرافة اسمها الخلافة-لنبيل هلال هلال








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صلوات ودعوات .. قداس عيد القيامة المجيد بالكاتدرائية المرقسي


.. زفة الأيقونة بالزغاريد.. أقباط مصر يحتفلون بقداس عيد القيامة




.. عظة الأحد - القس باسيليوس جرجس: شفاعة المسيح شفاعة كفارية


.. عظة الأحد - القس باسيليوس جرجس: المسيح متواجد معنا في كل مكا




.. بدايات ونهايات حضارات وادي الرافدين