الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرج مشروع

مزوار محمد سعيد

2014 / 11 / 25
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع



حرج مشروع

يبني الفرد الإنساني مآسيه على رقعة ضيقة للغاية، أين تولد المأساة مضطرة من رحم البهجة والرأفة، وعلى أساس التماهي يموت التناهي، لتبدأ الصفحة الجديدة عنوانها بأقرب مساءلة روحية، حيث يكون للإنسان لسانه الخاص، وتعود الأمور إلى قضاياها المألوفة، فيكون كل فرد على هواه، ويكون الهوى لكل فرد.
لطالما كنت ألوم نفسي عندما أنظر إلى مشهد التآلف الذي يسلب المجتمع شرعية وجوده، تحت عنوان الأخلاق في أغلب الأحيان، وعلى فترات أخرى يكون السبب والحجة هو الدين أو التحريم، لكن على الرغم من هذا كله، وعلى حسب اعتقادي لقد أصبحت الضرورة البيولوجية محرمة في نظر هذا الطرح، ما السبب وما الدافع؟
كلما نظرتُ إلى ذاك الثنائي المتجانس في احدى محطات القطارات بالجزائر، رأيت التراجيديا على وزن نتشه حاضرة، ابتسامات وعيون تتحدث بهجة ومودة، وألم يصاحب كليهما وهما يفترقان أمام محطة الوصول، لينسحب الحب أمام القسوة الاجتماعية، هذا ما أثارني للتعبير عن الروح أمام كلياتها المتبوعة بأغراض الثقافة المستوحاة من تشبيه المقال للمآل.
لا تملك لحظات الطيش مشروعية في نظر المسؤول عن الضياع، لكن الأمر يكاد متروكا للقدر، إنه قدر ظالم إن ما تعامل الفرد الإنساني مع لغته المعهودة، فتسير العلامات على وزن الأيقونات بتوازن، فيكون الإنسان هو الضحية الوحيدة من هذه الحفلة الاجتماعية المتخبطة بين الوجود والتعدي، أي كل ما هو ضروري لصفاء الروح يبقى بعيد المنال في عالم يشعر بانفصام الكينونة الفردية عن كليتها العامة، فتبدأ المأساة بالترجيح ما بين ما هو مستور وما هو مُساء.
كثيرة هي أوقات الضعف بالنسبة للإنسان، وكون أن التأثير الذي يواجه الفرد هو متدخل في حياته بلا استئذان، فإن العملية الشعورية هي أدرى بما يحتويها الفعل المنطقي اللا-واعي لدا كل ممارس لحياته في مواجهة عالم يلفظه بلا هوادة، إن المعلم الذي يسير عليه الفرد في استرداد حقوقه الطبيعية قد يُغضب المجتمع، لدا يعمد هذا الأخير إلى معاقبته بلا رحمة، وهذا ما هو حاصل ويحصل لكل مغامر يسعى لإدراك ما يعتبره من حقه بكافة المقاييس.
ما يجعل الروح الإنسانية تعبر عن مقتضياتها بمخالفة أحكام المجتمع البشري هي حاجاتها التي تستسيغ الظالم الاجتماعي دون رجعة أو تراجع، ليس من حق مجتمع أن يظلم أفراده سوى لأنهم خالفوا ما اشتهاه هو من عادات مستهلكة وتقاليد بالية ومثقوبة، ما لا يقبله العقل عبر آلياته المحددة والواضحة يبقى من غير صلاحيات التدخل الاجتماعي.

"... لذلك أنتم كالأولاد الذين يلعبون على الشاطئ: يبنون أبراجا عظيمة من الرمل بصبر وثبات، ثم لا يلبثون أن يهدموها ضاحكين صاخبين... "
(جبران خليل جبران، النبي، دار تلانتيقيت-بجاية، 2003م، ص: 63)

عندما تختل الموازين وتصب في اتجاه وحيد، فإن ذلك يدفع بالمخالفين إلى الانفجار، هذا ما يشكل هوسا يتعاظم مع الوقت، مما يؤدي بالعملية النفسية إلى السير بمحاذاة الهاوية، هاوية ثقافية-دينية-اجتماعية، ليتأسس على اثر ذلك حب وانجذاب شديد لكل ما هو غير مباح، لتنفجر القيم من الداخل، وتعالج الأمور بأضدادها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حملة ترامب تجمع تبرعات بأكثر من 76 مليون دولار في أبريل


.. القوات الروسية تعلن سيطرتها على قرية -أوتشيرتين- في منطقة دو




.. الاحتلال يهدم مسجد الدعوة ويجبر الغزيين على الصلاة في الخلاء


.. كتائب القسام تقصف تحشدات جيش الاحتلال داخل موقع كرم أبو سالم




.. وزير المالية الإسرائيلي: إبرام صفقة استسلام تنهي الحرب سيكو