الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المغرب :هل الفيضانات تدعو للشماتة ؟

التهامي صفاح

2014 / 11 / 30
المجتمع المدني


ضربت العواصف والثلوج و الأعاصير أمريكا (الحضارة والعمران والغنى على حساب الشعوب الأخرى ) و سقط خلالها ضحايا كثيرون من الشعب الأمريكي ليسوا لا من اللوبي اليهودي ولا من الحكام وتحطمت طرقات و مباني و غير ذلك كثير ، فقال الذين لا يفرقون بين الحكومة والشعب أمثال المقبور في الماء بن لادن بشماتة (غضب من الله) ولم يقولوا أن تلك الكوارث عرت عورة النظام الأمريكي مثل ما قال قيصر روسيا الجديد بوتين الراعي للإرهاب في الشرق الأوسط و شمال إفريقيا هذه الأيام أن مظاهرات فيرغسون التي كانت بسبب قتل شاب أسود أنها عرت مساوئ الديموقراطية الأمريكية مما يعني أنه يعترف ضمنا أنه ديكتاتوركبيريتمسخر على شعب من أعرق الشعوب في الثورة و التغييرمقابل شعاره "الدولة القوية خير رد على الإمبريالية" ضاربا بعرض الحائط قوة المجتمع و حرياته و كأن قوة الدولة وقوة المجتمع متناقضان .ثم ضربت الأمطار الطوفانية و السيول المملكة السعودية و الأماكن "المقدسة كثيرا" (مكة وما جوارها) و مات كثيرون فقال أهل مكة الأدرى بشعابها (إبتلاء من الله) بينما قال معارضون لآل سعود بشماتة إنه (غضب من الله على آل سعود) .
نرى هنا أن تعليقات الناس على نفس الكوارث يختلف فقط بسبب مشاعرهم و تصوراتهم وتربيتهم و تموقعهم بالنسبة لتلك الأحداث و ليس موضوعيا على كل حال .
نفس الشي حدث في أوروبا التي في بعض المرات خسرت الملايير من اليورو في إنفجار مركبات فضائية تحولت لنار و رماد ثوان بعد إنطلاقها لو تم إنفاقها على إفريقيا التي كانت مستعمرة من طرف هذه البلدان ربما لعوضت سكانها عما فات و لربما وفرت الهجرة لأوروبا من الجنوب نحو الشمال.وكوارث طبيعية كثيرة ضربت هذه البلدان المتقدمة و القوية صناعيا و إقتصاديا و عسكريا وهشمت مبان و طرقات و مؤسسات كثيرة و قتلت الكثير من الأبرياء ولم يقل أحد من المتكلمين الآن عن كوارث المغرب فرادى و منظمات مستغلة للدين مثل العدل والإحسان بشماتة أنها عرت أنظمة أروبا ربما لأنهم يعتقدون أن هؤلاء ملائكة جاؤوا من السماء رغم أن محاكم أوروبا تعج بملفات الفساد على أعلى المستويات بين حكامها.
إن حرية التعبير و أي مطالب معقولة بالتغيير نحو الأفضل و إقرار الحقوق الشرعية للشعوب في الحرية والكرامة والعدل لا تلغي الموضوعية والأمانة العلمية التي يجب أن نتحلى بها حين نتناول بالكتابة مختلف الموضوعات التي تهم بلداننا من فرط هاجس الحرص على مصالحها العليا وفق ما نعتقد أنه الصواب ، أو تعفي من بعد النظرو الرؤية السديدة للأمور المعقدة التي تتدخل فيها عوامل كثيرة جيوسياسية و تراكمات تاريخية وغيرها ربما تتجاوز الحكام و الأنظمة المقصودة بالنقد كلما حلت كارثة بالبلدان المعنية إذا إفترضنا حسن النوايا.
لأنه لا يمكن الحكم بغير سوء النية على أمثال المتفكهين والشامتين الذين قالوا ، وهم يكتبون ضحكات شديدة على صفحات مواقع أنترنيت مختلفة تتحدث عن فيضانات المغرب ، بأن صلاة الإستسقاء التي أقيمت قبل هذه الأمطار الطوفانية كانت وبالا على المغاربة و عليهم الآن القيام بصلاة الإستجفاف هكذا بكل وقاحة ، عوض أن يقدموا إقتراحات حلول أو يساهموا بأي طريقة للتعبيرعن مواساتهم وتضامنهم مع المواطنين المتضررين لأنهم يحملون هويتهم الإنسانية أو على الأقل أن يصمتوا كي لا يكشفوا المستوى الأخلاقي المتدني و عورات الجهل التي عبروا عنها .
و هو الجهل بأبسط قواعد علم الفيزياء .فالمعروف أن قوة التيارات المائية و الرياح أو الموجات الزلزالية هي التي تتحكم في حالة تماسك الأجسام الصلبة و البنايات أو تكسرها .وهذه موضوعيا ظاهرة فيزيائية خالصة لا تكون بالضرورة ناجمة عن غش في البناء .فأعتى البنايات فوق الأرض ولو في العالم المتقدم يمكنها أن تتعرض لفقدان تماسكها إما تدريجيا أو بصفة مفاجئة بسبب قوى أكبر منها كقوى الموجات الزلزالية الشديدة أو موجات التسونامي كما رأينا في اليابان وغيرها ولا علاقة لهذا بالنظام السياسي الياباني أو الشمال رإفريقي . هذا لا يعني أن إختلاس الأموال أوالفساد أوالغش في مواد البناء أو البناء بتصاميم أو طرق غير ملائمة للبيئة المحيطة كالبناء على أراض هشة دون دراسة الطبقات الصخرية التي يُنوى البناء فوقها ، لا يمكن أن يكون سببا بشريا في سقوط البنايات وتلاشيها يُعفى المسؤولين عنها .
في مثل هذه المناسبات الطارئة ، فإن التراخي في الإنقاد وتقديم ما يلزم من المساعدة للمتضررين في الآجال المعقولة - وهو ما لا أعتقد أنه وارد في أي كارثة تصيب المغاربة الغاليين كباقي شعوب شمال إفريقيا والشرق الأوسط الذين يستحقون كل إحترام وتقدير- هو ما يُتوقع أن يتحدث فيه الناس لتحديد المسؤوليات .لأنه هو الذي يُظهركيف يُنظر للمواطنين .شخصيا لا أعتقد أن المغاربة يتهاونون في مثل هذه الحالات بل هناك متطوعون كثيرون ،كما تربى الجميع ، وبطريقة عفوية تدعو للإعجاب والشهامة و الشعور بالتضامن مع من تصيبهم الكوارث ، يخاطرون بحياتهم من أجل إنقاذ الآخرين دون تعليمات من أحد ليس فقط في المغرب بل حتى في دول أجنبية .المغاربة ليسوا جبناء ولا ينقصهم الشعور بالمسؤولية حينما يتطلب الأمر ذلك في حدود إمكانياتهم .
وأخير فإن تقديم التعازي الحارة والفلبية و المواساة لأسر الضحايا و التضامن المطلق معهم ومع الشعب المغربي ومسؤوليه بمناسبة هذه النكبة الطبيعية ،إذا كان البعد عن مسرح الأحداث يمنع المرء من تقديم أي مساعدة مباشرة ، هي أقل شيء معقول يمكن التعبير عنه بالنسبة للمغاربة كواجب أخلاقي نبيل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -اقطعوا العلاقات مع إسرائيل-.. طلاب يتظاهرون بجامعة غرناطة د


.. اليوم الجمعة.. دعم منتظر من الأمم المتحدة لمساعي فلسطين إلى




.. مشاهد لآلاف النازحين الغزّيين يتكدسون في دير البلح


.. طوابير ممتدة من النازحين في خان يونس




.. معاناة النازحين في رفح تستمر وسط معاناة إنسانية كبيرة