الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ديانة التوحيد القمري 6: ((جغرافية العبادات القمرية في الشرق الأوسط))

إبراهيم جركس

2014 / 12 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ديانة التوحيد القمري 6: ((جغرافية العبادات القمرية في الشرق الأوسط))


إنّ حقيقة أنّ الله كان هو إله "القمر" لدى العرب تبدو غريبة، إلى حين يبدأ بدراسة السياق والمناخ الديني لمنطقة الشرق الأوسط. هنا سنبدأ بتأسيس قصير وسريع لمراكز عبادة القمر في الشرق الأوسط. هذه المدن يمكن تحديد مواقعها على خريطة الشرق الأوسط حالياً، هذه المدن هي:
أكسوم، خربة الكَرَك Beth Yerah، حران، حاصور، الحريضة، أريحا، مارب، مكّة، قرناو، شبوه، صحراء سيناء، تيماء، تمنع، أور الكلدانية، وصحراء "تزِن" المذكور في التوراة[1]
في الخريطة الموجودة في النسخة الإلكترونية يمكننا ملاحظة الكثير من المعابد المنتشرة في منطقة الشرق الأوسط. والمشكلة هي أنّ تلك العابد الكبرى الموجودة في العواصم والمراكز الحضرية هي وحدها المذكورة في الكتب التي يقرأها العامة، أمّأ البقية المنتشرة بكثافة في جميع البقاع تقريباً فجرى طمسها أو التعتيم عليها من قبل المؤسسة الإسلامية، أو أنّها ليست مذكورة سوى في كتب وأبحاث علماء التاريخ والأركيولوجيا.
بإمكاننا القول أنّه كان هناك معبد أو حرم وثني ((عَلَى كُلِّ تَلّ مُرْتَفِعٍ وَتَحْتَ كُلِّ شَجَرَةٍ خَضْرَاءَ)) حسبما ورد في التوراة أو العهد القديم[2]. وأغلب الكعبات والحُرُم في منطقة الشرق الأوسط كانت أيضاً معابد لإله القمر في الأزمان الغابرة، بل كانت كل خيمة بدوية تحتوي إلهاً أو صنماً نحت عليه هلال. علاوةً على ذلك، كانت الجواهر والحلي التي يضعها الناس على أعناق الجمال على شكل أهِلّة ((فَقَامَ جِدْعُونُ وَقَتَلَ زَبَحَ وَصَلْمُنَّاعَ، وَأَخَذَ الأَهِلَّةَ الَّتِي فِي أَعْنَاقِ جِمَالِهِمَا)) [قضاة 8: 21-26]، إضافةً إلى أنّ الحلي والمجوهرات التي كان يرتديها العرب واليهود كانت تضمع على شكل أهلّةٍ أيضاً تكريماً وتمجيداً لإله القمر ((يَنْزِعُ السَّيِّدُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ زِينَةَ الْخَلاَخِيلِ وَالضَّفَائِرِ وَالأَهِلَّةِ)) [إشعيا 3: 16-18].
ومع أنّ المسافات قد تبدو شاسعة ما بين شبه الجزيرة العربية والهلال الخصيب، إلا أنّ الاتصال بينهما لم ينقطع يوماً. فشبه الجزيرة العربية في النهاية ما هي إلا شبه جزيرة محاطة بالمياه من جوانبها الثلاث، لذا فجميع الطرق البرية في النهاية تقود نحو الشمال.
وكون أنّ العرق والثقافة والدين واللغة في شبه الجزيرة العربية جميعها كانت مشتقّةً من السامية في منطقة الهلال الخصيب هذا ما سهّل عملية التواصل الواسع بين أجزاء شبه الجزيرة ومنطقة الهلال الخصيب. وهذا يفسّر لنا اعتقاد محمد بأنّ جميع أنواع السحر والشعوذة في الشرق الأوسط كان مصدرها ملَلَكَين مثيرين للجدل يسمّيان "هاروت وماروت" [البقرة: 102]. وقد زعم محمد أنّ هاروت وماروت كانا يعيشان في بئر بالقرب من بابل.
وإذا كان العرب يعرفون أن مصدر سحرهم وشعوذتهم هي بابل، فلابد أنّهم كانوا يعتقدون نفس الشيء بشأن دياناتهم الوثنية. كتب المستشرق تِسدال:
((النقوش العربية المبكّرة تثبت ذلك، فهي تتضمّن أسماء آلهة مثل "سِنْ" [إله القمر] وعشتار [عشتوريت، عِشتار "فينوس"]، التي كان يعبدها السومريون في المقام الأول وبعد ذلك عبدها الساميون الذين كانوا في بابل، وآشور، وسوريا، وبعض أجزاء الجزيرة العربية. ومع ذلك، وبالرغم من أنّه كان هناك عناصر حاميّة [مصريى، لكن نسبةً إلى حام] ضمن السكّان، إلا أنّ الأغلبية الأعظم من السكان ومن أقدم العصور كانت أساساً عناصر سامية في أصلها وفي لغتها وفي سماتها وديانتها))[3]
معظم الجزيرة العربية عبارة عن صحراء قاحلة ومقفرة، وتسمّى في أغلب الخرائط باسم "الربع الخالي"، ذلك المثلّث المحاط بمكّة، الخليج الفارسي واليمن. كما أنّ الحياة في الواحات كانت حياةً صعبة وقاسية أغلب الأحيان، لذا حتى المناطق التي كانت تنتشر فيها مستوطنات كانت عبارة عن قفار ثقافية. والناس الذين عاشوا في هذه المناطق المنتشرة والمأهولة كانوا يتطلّعون إلى مكانٍ آخر من أجل ثقافتهم وحضارتهم.
بالنظر إلى هذه الظروف، لايعود من المفاجئ أنّه وبالرغم من أنّ مدينة القدس كانت تبعد حوالي 1234كيلومتراً عن مكّة، وردت إشارة إلى القدس أو أرض الشام في سورة الروم {فِي أَدْنَى الْأَرْضِ} [الروم: 3] حيث تشير هذه الآية إلى هزيمة الإمبراطورية البيزنطية على يد الساسانيين الفرس وطردهم من أرض الشام/ القدس عام 614م.
بإمكاننا التساؤل هنا: ((لماذا أطلق القرآن على أرض الشام اسم "الأرض القريبة" ولم يطلق ذلك على اليمن؟)). السبب في اعتبار أرض الشام على انها أرض قريبة هو أنّ مكّة تقع في منتصف الطريق إلى شبه الجزيرة العربية على الحافة الغربية. لذا لم تكن مأرب في اليمن أكثر قرباً (901كم) إلى مكّة من الشام/ القدس (1231كم)، والسبب في ذلك يعود إلى أنّ جهة شمال مكّة والمدينة كانت هي الأرض القريبة نظراً لظروف السفر كاستواء الأرض خلوّها من الجبال الشاهقة والمنحدرات إضافة إلى اعتدال المناخ ممّا جعل السفر أسهل في تلك المناطق. أمّا كل ما كان يقع جنوب مكّة والكينة فكان أقرب إلى خط الاستواء، حيث تعجّ المنطقة بالجبال المرتفعة والحرارة العالية.
ظروف الحرارة والوعورة كانت تعني أنّ السفر من صنعاء في اليمن إلى مكّة كان يتطلّب ثلاثةً وأربعين يوماً. إلا أنّ رحلة أكثر برودةً واعتدالاً على طول السهل الساحلي الشرقي للبحر الأحمر كانت تعني أنّ القدس كانت تبعد مسيرة أربعين يوماً على الدمال عن مكّة[4]. ونظراً لاستواء الأراضي في المنطقة، كان الحجّاج يمضون فقط سبعةٌ وعشرون يوماً في رحلتهم من الكوفة في العراق إلى مكّة[5].
هذا يعني أنّ الرحلة من الكوفة إلى مكّة كان أقصر بستة عشر يوماً عمّا تستغرقه من صنعاء إلى مكّة، مع أنّ صنعاء أقرب إلى مكّة سوى من الكوفة بـ(436كم). وبنفس الشكل، كان الحجاج يستغرقون في رحلتهم من دمشق إلى مكّة حوالي 30يوماً [6].
بالنظر إلى هذه الظروف والتوزّع السكّاني المنتشر والمشتت في الجزيرة العربية، كان المكيون يعتبرون مراكز عبادة إله القمر في أي مكانٍ من شبه الجزيرة العبيرة بأنّها "قريبة أو دينا"، تماماً كما كانت أرض الشام هي "أدنى الأرض" بالنسبة للمكيين.
لذا لاشكّ أنّ مكّة كانت أحد مراكز عباة إله القمر إذا كانت مكّة ممثّل ديانة الشرق الأوسط الوثنية كما يؤكّد لنا التراث الإسلامي ورجالاته من مبكّرين ومتأخرين.

*******************
[1] العدد 27: 14، 33: 36، المزامير 29: 8
[2] ملوك1: 14: 23، ملوك2: 17: 10، إشعيا30: 25، إرميا2: 20، 3: 6، حزقيال6: 13، 34: 6.
[3] St. Clair-Tisdall. Sources, p. 30
[4] Lings. Sources, p. 2
[5] Peters. Hajj, p. Xxv
[6] السابق








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 12 / 1 - 15:17 )
أولاً : الرد على قول... الله إله القمر ...؟!!! :
http://www.hurras.org/vb/showthread.php?t=7804

ثانياً : تابع :
وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ حقيقه ام خيال (مصدر الاديان) :
http://antishobhat.blogspot.com/2013/03/blog-post_14.html
+
و إن من امة الا و قد خلا فيها نذير حقيقه ام خيال :
http://antishobhat.blogspot.com/2012/09/blog-post_22.html


2 - اسم مدينة مكة من إله القمر مقة
منـير سـراج ( 2014 / 12 / 2 - 06:04 )
راجع الجزء الثالث من كتاب المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام للعلامة جواد العلي
الفصل 70 أَصنام الكتابات
https://tr.im/5468a
وتعبد السبئيون للاله ((المقه)) إلههم الكبير. ويعد في منزلة (ود) عند المعينيين، ويرمز إلى -القمر-.

اخر الافلام

.. 180-Al-Baqarah


.. 183-Al-Baqarah




.. 184-Al-Baqarah


.. 186-Al-Baqarah




.. 190-Al-Baqarah