الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحُبُّ حُبَّانْ عَلى الأقل!

أسامة مساوي

2014 / 12 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



الحب!
الحب حبان يتفرعان بدورهما لصنفين!
فالحب الأول عُذْري,وهو حب الأب لأبنائه والأم لولدها والأخ لأخته والفتى لوالدته,أما الثاني-وهوالمحرك الأصلي-فهو جنسي ولابد. إذ لا يستقيم حب فتاة لفتى أو فتى لفتاة إلا على أساس جنسي وإن غير مصرح به.سواء في إطار قانوني مضبوط أو في اللاإطار واللاقانون وليس هذا هو صلب موضوعنا!
ومن ’’الحب الجنسي’’ ينبثق حُبان,الأول ’’حب إسْتِهامي’’ فَنْطازي,أما الثاني ’’فحب واقعي’’ ملموس!
والحب الإستهامي أو الفنطازي,هو ذاك الذي يبنيه أحدنا عن حبيبة بعيدة شغفه حبها دون أن تكون قد أتيحت له فرصة لقياها ومحادثتها والنظر إلى وجهها الكريم عن كثب ولو مرة,أو ربما أتيحت الفرصة في مرات محدودة فبقي طيفها هاربا في شكله الملائكي الطهراني ينادي القلب ليلحق بها ويحلق في أفقها النوراني!
الطيف هارب مستتر وذلم ’’الأحدنا’’ لم تتح له فرصة تَلمُّس شخصية الطيف وجغرافيته لا ماديا ولامعنويا.
ونفس الشيء بالنسبة للفتاة بل أكثر!
فحين تتعلق فتاة بشاب لصورته التي يُسَوِّقها عن نفسه,دون أن تكون قد خبِرَته وقلَّبتهُ على جوانبه المظلمة التي لاتصلها أشعة الشمس,جوانبه التي يمعن كل واحد منا في إخفائها أو طليها بالمساحيق!
هنا تكون الفتاة قد وقعت في فخ ’’حب إستهامي’’ خاصة إن كان الفتى بعيدا عنها,لاتلمحه إلا من بعيد أو لاتحادثه إلا قليلا,فتصوره كفارس أحلام ملائكي تغيب عنه بعد العادات والخصائص البشرية البيولوجية الوَضيعة..وهذا كله يحدث في ذهن الفتاة ليس إلا!
هنا نصبح أمام ’’شاب إستهامي ذهني’’ قد لا تكون تمة أية علاقة بينه وبين ماهو هذا الشاب في واقع حاله ومجرى حياته اليومية,لكن الفنطازيا المشروطة بمحددات سيكلوجية بعينها هي من تفرز هذا الشاب أو تلك الفتاة وتنجزهما ذهنيا ووجدانيا!
فالحب الإستهامي أيها الأصدقاء,غالبا,بل دائما ما يتغذى ويتشكل في حضن الزوايا والأركان المكشوفة المُشمَّسَة فقط,ويغفل أن هناك مساحات كبيرة من الظلام لا تصلها أشعة مطلقا.. وهي الحيز الأكبر منا إناثا وذكورا.
جزء كبير وغائر من ذواتنا يكون متخفيا مُقَنَّعاً,لايعرفه ولايمكن أبدا أن يعرفه من تعلق بنا إستهاميا..مادمنا نعتبر أن الكشف عنه لايليق ولا يتماشى وما يطلبه السوق أو المألوف والإعتيادي واللائق!
فإذا حصل أن اقتربنا منه واحتك الواحد منا بالآخر..يوما بعد يوم إما أن تذوب الصورة الإستهامبة كقطعة جليد تحت أشعة الشمس اللافحة,وإما أن تتعزز وتتكرس,وهو أمر ناذر الحدوث.
وهنا ينتقل الحب من طبيعته الإستهامية إلى طبيعة واقعية مادية..قد تهتز بين الفينة والأخرى,لكن دون الإنهيار الكلي!
والحاصل أن 80 في المائة من الحب الإستهامي,انهار حين انتقل للواقع,فسقط القناع وَولَّتِ الأيام الملائكية الطهرانية عن المحبوب جسدا وروحا.
فالحب الإستهامي المثالي اليوتوبي الطوباوي الحالم..غالبا ما يورث الصدمات والأزمات,حسب إحصائيات علمية دقيقة في مجال علم النفس الوجداني!
وللجماهير أيضا وجداناتها,لها عواطفها وسيكلوجيتها التي لانلمحها ولا نلمسهالكنها كائنة أينما كانت الجماعة..فالجماهير تفرح وتتألم,تعفوا وتقسوا,تثور وتستكين,تزمجر وتخضع..تكره وتحب أيضا!
وحب الجماهير أو لنقل تعلقها بالتغيير,أو بمشاريع التغيير,غالبا ما يكون حُبا أو تعلقا إستهاميا متطرفا للغاية...سواء كانت هذه المشاريع يسارية تتحدث عن الخبز والشعب أو يمينية تخاطب الدين والوجدان في الإنسان.
فكل المشاريع التي عرفناها في العالم العربي إلى اليوم,هي تماما كذلك الشاب الذي يُسوِّق فقط جوانبه المُشَمَّسَة متسترا عن حيز مظلم أو ربما غَامِل كبير جدا,و حتى إن هو كشفه فمطلي بالمساحيق معطر بالعطور لطرد رائحة الغمل,وردم العيوب والنتوءات!
وآخر حب إستهامي سقطت فيه الجماهير العربية في الآونة الأخيرة-بعد تجارب حب فائتة وفاشلة- هو حب ’’مشروع الإسلام السياسي’’(وليس الإسلام!)أقول.
هذا الإسلام السياسي, الذي سوق نفسه بطرق مباشرة وغير مباشرة أنه هو الحل الأخير والملجأ الذي لاملجأ إلا إليه..فماكان إلا أن بار وانهار المشروع-كسابقيه- فانهار الحب معه,وتقلصت شعبية هؤلاء-والشاهد مصر وتونس والمغرب- حينما عاشرتهم الجماهير وحاككتهم واقعيا وعلى السَّرير!
فمثل الجماهير العربية اليوم,كمثل فتاة خاضت تجارب حب كثيرة دون أن يكتب لها نجاح تجربة واحدة..هي الآن تائهة منهارة وجدانيا مكسورة عاطفيا..وقد كَفرت بشيء اسمه ’’الحب’’ إستهاميا كان أو واقعيا.
فمن يعيد لهذه الفتاة تقتها بذاتها وألقها ورونقها والفرح,لتحب من جديد..لكن من وماذا ستحب أصلا؟
قال الفاشستي ’’أدولف هيتلر’’ ذات يوم أن الجماهير أُنثَوية..
ولا أدري إن كان صادقا في كلامه أم لا!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بابا الفاتيكان فرانسيس يصل لمدينة البندقية على متن قارب


.. بناه النبي محمد عليه الصلاة والسلام بيديه الشريفتين




.. متظاهر بريطاني: شباب اليهود يدركون أن ما تفعله إسرائيل عمل إ


.. كنيسة السيدة الا?فريقية بالجزاي?ر تحتضن فعاليات اليوم المسيح




.. كيف تفاعل -الداخل الإسرائيلي- في أولى لحظات تنفيذ المقاومة ا