الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدراويش ما بين النضال والتقييم1

خالد حسن يوسف

2014 / 12 / 3
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


مسمى الدراويش ومفرده دارويش, هو مسمى صوفي يتداوله المسلمون المتصوفين, ودلالة المفهوم أن صاحبه مجرد انسان بسيط, وبغض النظر عن العودة إلى الجذور الأولى لمفهوم "دراويش" وجغرافيا ظهوره الأول, ولن يتوقف المقال عند هذه الجزئيات.

ومن الأقطار الافريقية التي عرفت مصطلح "الدراوشة", بلاد السودان والتي مر عليها الشيخ محمد عبدالله حسن, قبل عودته إلى الصومال في عام 1897, حيث كان قد أنتقل من بلاد الحجاز إلى السودان حينها.

وخلال تواجده في السودان, أطلع على تجربة الحركة الوطنية السودانية(المهدية), في السودان, وتأثر بها وقطن لفترة في مرفئ سواكن بشرق السودان.وقدوم الشيخ محمد عبدالله حسن, نحو السودان, لم يأتي من فراغ أو لمجرد الزيارة لهذا البلد, فالرجل أتى إلى سواكن بدافع التعلم والأخذ من التجربة السودانية, والتي قادها الأمام محمد أحمد المهدي ورجاله.

وما يشير إلى تلك المحاكاة هو أن الشيخ محمد عبدالله حسن, قد نقل مسمى "الدراوشة", والإطار التنظيمي الصوفي من تجربة مهدية السودان, وواضح أن هذه التجربة النضالية السودانية, كانت تراوده وهو في بلاد الحجاز, خاصة وأنه كان متشبعا بالمفاهيم العقدية الفقهية التي جمعته مع الحركة المهدية في السودان.

حيث كان حاضرا في تفكير الشيخ الصومالي النضال ضد الأستعمار في الصومال, خلال فترة وجوده في مكة, وبتالي فإن انطلاق نضاله عند عودته إلى الصومال لم يكن مجرد مصادفة تاريخية فرضتها الظروف الموضوعية التي انطلق منها, بقدر ما أن الأمر كان قد أخذ منه تفكير مسبق وعزم على خوض تجربة النضال والتحرير.

ومع حلول الشيخ محمد عبدالله حسن, إلى الصومال ونزوله في مرفئ بربرة, أكد من خلال رفضه دفع تلك الضريبة التي كانت السلطات البريطانية تحصلها من الصوماليين في بلدهم, وكان رد فعل الشيخ محمد, مع تلك الواقعة حاسم جدا, حينما أكد لطرف البريطاني, رفضه القاطع لدفع الضريبة.

وخلال تلك الفترة فقد أطلع الشيخ محمد, على ملامح الحياة الصومالية في مدينة بربرة وجوارها, وقد شده بعض التغيير الاجتماعي الذي كان قد طرأ على حياة المجتمع.

فحالة الإندماج والتقارب الاجتماعي ما بين الإدارة البريطانية والأهالي في المرفئ, لم تنل رضاه, وتأثر كثيرا من وجود الكنيسة الإرسالية في محيط بربرة, والتي مارست التبشير الديني مع عدد كبير من الأطفال الصوماليين, عبر مدخل التعليم وتربيتهم مباشرتا من قبل الكنيسة, خاصة وأن ذلك كان وضعا قائما, وفي ظل معرفة أهالي مدينة بربرة, ونتج عنه تنصير عدد كبير من الأطفال الصوماليين, واصبحت تلك التجربة والواقعة بمحفز اجتماعي وسياسي مضاعف وبالغ الأهمية في تحفيز الشيخ محمد, لمواجهة الوجود الأجنبي في الصومال.

وقد أستوعب الشيخ محمد, أن حواضر السواحل تمثل بمراكز قوة لتواجد المستعمر البريطاني, وهو ما كان قد دفعه إلى التوجه نحو الداخل الصومالي, فحل على المضارب القبلية الصومالية في الأرياف والتي رأى فيها بيئة خصبة ومناسبة لمشروعه النضالي والتحريري.

فحل حينها على مضارب بعض العشائر الاسحاقية, وأصبح في أوساطهم كرجل دين وقاضي للبث في المنازعات التقليدية, وبذلك فقد نال التعاطف والترحيب في تلك الأوساط الاجتماعية, حتى أنه أثنائها كان قد خاض أولى مواجهته المسلحة مع بريطانيا والقوة الاجتماعية التي أرتبطت بها.

ومن ثم أنتقل إلى مضارب قبيلة الذولباهنتي, والذين كانوا يمثلون بأخواله- ناهيك عن ميلاده وسطهم منذ زمن, فحرك فيهم روح العاطفة الاسلامية وصلة الدم لمواجهة المستعمر البريطاني, ونال ترحيب جزء كبير منهم, وبذلك تحصل على موطن قدم قوي أستطاع من خلاله أن يبلور نضاله وحركته الأولى.

وعند قراءة برنامج المناضل محمد عبدالله حسن, خلال اللحظة التأسيسية, يتضح أن العامل الموضوعي هو ما فرض عليه إتخاذ مسلك النضال والمواجهة مع المستعمر الأوروبي والذي كان فارضا نفسه على المجتمع الصومالي.

ورغم أن قبيلة الأوجادين والتي أنحدر منها الشيخ محمد, لا تبعد أراضيها كثيرا عن مضارب أخواله, إلى أنه فضل الانطلاق من "أراضي" الذولباهنتي, حيث كانت نوجال وهود, كمناطق بمعزل عن التواجد البريطاني والحبشي, فحساباته كانت منطقية وذكية للغاية, وبذلك تفادى منطقة ذات حضور عسكري حبشي, وأستطاع أن يأخذ انفاسه لبلورة مشروعه السياسي, وانطلاقا من قراءة معطيات الواقع والحاجات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اليمين المتشدد يتقدم في استطلاعات الرأي في بريطانيا.. والعما


.. بشأن مطار -رفيق الحريري-.. اتحاد النقل الجوي اللبناني يرد عل




.. قصف روسي على خاركيف.. وتأهب جوي في ست مقاطعات أوكرانية | #را


.. موسكو تحمّل واشنطن «مسؤولية» الهجوم الصاروخي على القرم




.. الجيش السوداني يوافق على عقد لقاء تشاوري مع تنسيقية -تقدم-