الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحركات الإسلامية: المصالح والمشالح

حسام كصاي

2014 / 12 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



تتسم الظاهرة الإسلامية التي تغزو الحياة العربية عن طريق أسلمة القيم والمؤسسات, محاولة منها لإلباس العصر بمشالح وعباءات القرون الهجرية الاولى, دون أدنى تغيير في منظومة العقل المسلم, أي إن الحركات الإسلامية هي وليدة الرغبة في الظهور الإعلامي والسياسي وتسجيل حضوراً ميدانياً, أكثر مما هو حضوراً إيمانياً متعلقاً بالخبايا والأسرار وعلاقة العبد بربه, ونحن هنا لا نُحرم الظاهرة الإسلامية من تحويل قيمها إلى قيم نيوية, لكن شرط عليها أن تنزع عنها القداسة التي تتخذها حجة حتى لا أحد يقوى على التشكيك بقيمها, وينقد سياستها وبرامجها التنظيمية, لأنها تريد أن تلعب دور الصحابة والخلفاء الراشدون وهي أقل من أن تلعب دور بني أمية بما هم رواد الملك العضوض والسياسي, وهذه نقطة جوهرية تضع الحركات الإسلامية أمام واقع لا يمكنها تجاهله أو تجاوزه.
لأنها كحركات كان لزاماً عليها أن تتخذ طرفي المعادلة الأمر الذي سيُهيئ المجال المتشنج لها, ويفتح لها خيارات التطرّف, لأن الظاهرة الإسلامية هي بالأساس نتاج طبيعي لانحياز هذه الأمة إلى دينها, وهو حق ديني منزهه وندافع عنه, أما التطرف والإرهاب والعنف المسلح فهو وليد ظروف موضوعية ناجم عن توفر عاملين الاول داخلي (الهيمنة والغطرسة واستهتار نظم الحكم بالشعب والأستخفاف بها), والثاني خارجي (التبعية والغزو ومتعلقاته), لذلك كان بروز الظاهرة أمر طبيعي, أما ولادة التطرف فهو صناعة خارجية, حتى ولو كان المنفذ عربي وإسلامي, إلا إن الأدوات, التمويل, التخطيط, هو أجنبي بأمتياز, الأمر الذي جعل تلك الحركات مُغرر بها, وزُج بها في معركة سياسية صُور على إنها حرب المقدس ضد المدنس والطغيان والجبروت, إيهاماً للناس وتخديراً للعقول, وتضليلاً للحقائق, الأمر الذي جعل الحركات الإسلامية صاحب القوة الكامنة بعد موجة التغيير التي شهدتها المنطقة العربية في عصر ما يُسمى "ثورات الربيع العربي" الامر الذي عرى حقيقة تلك الحركات, وما تصبو إليه. بمعنى إن الحركات الإسلامية كانت تعزف على الوتر الديني غاية في نفس يعقوب, لا حباً بالدين, وإنما حباً بالمردودات الناجمة عن توظيف تلك القيم, وبهذا لعب الحركات الإسلامية بورقة الدين وارتدت المشالح الدينية لأجل المصالح السياسية, وجعل الدين ممارسة ميكافيللية تقبل المساومة, وتقبل التكذيب والتخوين.
أنْ الحركات الإسلامية أحدث فجاً عميقاً, هز حتى نفوس معتنقيه, جعل الناس لا تستصيغ مفهوم الإسلام نتيجة اللغط الحاصل والخلط المشوه بين مفهومي الإسلام والحركات الإسلامية, وكأن الأخيرة صارت هي الإسلام ذاته في مجتمعاتنا, وكل فعل حركي أرهابي تقوم به تلك الحركات ينحسب على الإسلام, صار الإسلام شماعة تُعلق عليها كل الإخفاقات والممارسات اللا أخلاقية واللا شرعية التي تمارسها بعض الجماعات المسلحة, إن فك الأرتباط ورفع الاشتباه بين المفهومين أمر ضروري بين مفهوم الإسلام ومفهوم الحركات الإسلامية (أو الإسلام السياسي) وهي مسالة ضرورة أخلاقية وانسانية ومعرفية, نتيجة ربط الغرب للإسلام بالإرهاب والتخويف والتهويل والتضخيم الإعلامي وتحويلها إلى ظاهرة عالمية, بمعنى إن الحركات الإسلامية لا تسعى من توظيف الدين في الحقل السياسي إلا من باب تحويل الدين إلى أداة ووسيلة, الأمر الذي يدفعها إلى أرتداء الدين كمشالح من أجل مصالح دون مستوى الدين, أو بالإمكان الحصول عليها بطرائق بديلة عن الأستخدام الديني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الآلاف يشيعون جـــــ ثمــــ ان عروس الجنة بمطوبس ضـــــ حية


.. الأقباط يفطرون على الخل اليوم ..صلوات الجمعة العظيمة من الكا




.. إليكم مواعيد القداسات في أسبوع الآلام للمسيحيين الذين يتّبعو


.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم




.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله