الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


و ثالثهم الله

زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)

2014 / 12 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كانت والدتي في الماضي البعيد تحذرني دوماً من الاختلاء بأي ذكر في أي مصعدٍ كان حتى و لو كان ذلك المصعد يتواجد في مكانٍ عام كالمركز التجاري المزدحم دوماً بمرتاديه..لم تكن والدتي وحدها من تمارس غرس فكرة التحذير تلك في عقلي فحتى بعض المعلمات اللواتي قُمنَّ بتعليمي في جميع مراحلي الدراسية و المجتمع المحيط بي كثيراً ما كان يرعبني بقصصٍ عديدة عن حالات التحرش الجنسي التي تتم في أي مكان تتوفر فيه شروط الخلوة كالعيادات الطبية على سبيل المثال لا الحصر..بل إن البعض تطرف و حرص على تعليمي أن النتيجة لتلك الخلوة لن تكون دوماً هي التحرش الجنسي بل لربما تمادت لتصل إلى علاقةٍ جنسية عابرة تتم عن تراضٍ من قبل الطرفين!!..و اتبعني للأسفل لمزيدٍ من التوضيح الغير ضروري.

أي أني لو اختليت بذكرٍ أعرفه -أو حتى لا أعرفه- فلربما تحركت رغبتي الجنسية تجاهه كجسد فإذا أقدم هو فأنا لن أكون له من المانعين..و السبب لهذا الأمر من وجهة نظر تلك الفئة بسيط و هو أن الشيطان حتماً سيكون ثالثنا و هو مبرر أكثر من كافٍ بالنسبة لهم لحدوث أي أمر..لأنه بسبب وجود هذا الشيطان تتحرك كل الغرائز الجنسية بداخلنا دون أدنى محاولةٍ منِّا للسيطرة عليها أو على أقل تقدير لضبطها و لو قليلاً.

بل إن البعض تمادى في ذلك اللوم الذي يلقيه على كاهل هذا الشيطان البائس ليخبرني أنه من الأفضل أيضاً عدم الاختلاء بأي شخص من ذات الجنس!!..أي أنني لو ذهبت لأحد تلك المراكز النسائية و التي تحتوي على غرف الساونا يجب أن أحرص على أن لا أختلي بأي أنثى فيها أو على الأقل أحرص على أن لا أطيل النظر إليها و إلى تفاصيل جسدها الشبه عاري.

و لكن بالرغم من هذه التحذيرات الكثيرة منذ الطفولة أعترف أني أستخدم أحياناً المصعد دون أن يكون به أحد سواي و ذكرٌ ما و أعترف أني أذهب إلى عياداتٍ كثيرة و أختلي في غرفها بأطباء عدة و أعترف أيضاً أني عندما أذهب لغرف الساونا فإني أقوم باختلاس النظر للأنثى التي تشاركني المكان و لكنني بالطبع لا أجرأ على النظر إلى جسدها الشبه عاري بطريقةٍ مباشرة..و لكني لا أنكر أيضاً أن كل تلك الأمور السابقة عندما تحدث يكون لديَّ ذلك الهاجس بأن كارثةً ما ستقع حتماً لأن الشيطان لابد أنه ثالثنا في جميع الحالات السابقة.

و لكن لنترك الشيطان قليلاً و لنتحدث عما يحدث عندما يكون الله ثالثنا..نعم أعلم أن أكثر مشهد يرد على أذهان المسلمين -بشكلٍ خاص- عندما ترد هذه العبارة على لسان أحدهم هو موقف الرسول الكريم مع صديقه و خليفته أبو بكر الصديق رضي الله عنه في غار ثور..كانا مطاردين من قبل أفراد من قبيلة قريش بُغية قتلهما و كان الخوف يسكن قلب أبو بكر حتى طمئنه الرسول بأنه لا داعي لذلك الخوف فالله هو ثالثنا و لن يخذلنا..و هنا يتبخر خوف أبو بكر لتحل محله السكينة و الثقة بالنجاة مع صاحبه.

هنا -في هذا الموقف- كان وجود الرب يمثل الطمأنينة و الأمان النفسي للمؤمن بوجوده و الملتجئ إليه في تلك اللحظة..و لكن لو أخبرتني الآن ما معنى أن يكون الله ثالث أحدهم فأول ما سيخطر على بالي هو المشهد التالي و الذي سيزيح بامتياز المشهد السابق من ذاكرتي كما من ذاكرت أجيال قادمة من المسلمين بسبب تواجده الشبه يومي في حياتنا عن طريق وسائل الإعلام و وسائل التواصل الاجتماعي.

أحدهم يمسك سكيناً و يقف خلف شخص آخر يجلس القرفصاء و يُلقي على مسامعنا ببضع كلمات مبعثرة عن سبب تلك النهاية التي سينتهي إليها بعد قليل..البعض يُمنح فرصة إلقاء تلك الكلمات المبعثرة و الكثيرون لا يُمنح لهم ذلك الأمر..فقط ليقوم الواقف خلف ذلك الشخص المشتت بسبب قُرب نهايته بذبحه من الوريد إلى الوريد..و ربما تحمس قليلاً و لم يكتف بذبحه فقط بل يتمادى إلى حد فصل عنقه عن جسده ليلتقط بعدها بضعة صورٍ تذكارية معه!!.

هذا المشهد هو نتيجة لأسباب كثيرة أدت إلى وقوعه و لكن لعل الفكرة الأساسية المحركة له هي ذلك الإيمان الذي لدى من يمسك السكين بيمينه -لأن السنة النبوية تحثه على ذلك- بأن في هذه اللحظة "المقدسة" الله هو ثالثهم.فالله يبارك له ما فعل و لربما حرك يده مُنتشياً بذلك الأمر و لهذا لا ترتعش يد ذلك النوع من القتلة أبداً..فهل ارتعشت يد إبراهيم و هو يتل إسماعيل للجبين؟؟..أليس إيمانه بوجود الرب في تلك اللحظة هو أهم سبب لشعوره -كما سواه- بالطمأنينة و السكينة و هو على وشك أن يفعلها!!..بل لعل إيمانه ذك هو السبب في ثبات يده التي على وشك أن تقوم بأمرٍ سيشمئز -إن لك يكن سيصاب بالرعب- عند التفكير بالقيام به أي إنسانٍ "طبيعي".

الإيمان بتواجد الرب في مثل هذه اللحظات لم يكن وليدة خيالٍ محض أو نتيجة صدفةٍ عبثية كما سيعتقد البعض بل إنه قد يكون كالبهارات التي نضعها في نهاية أية وصفة طعام نقوم بإعدادها..فعشرات الأحاديث المتواترة كذباً منذ القدم تحرضنا على قتل الآخر مُشكِّلةً لنا آثار خطوات الكراهية التي يسير أغلبنا بها مهتدياً إلى طريقه نحو الجحيم الإلهي..و مع مرور الوقت تصبح تلك الكراهية تحرضنا على أن نمارسها لا كفكرة بل كواقعٍ ملموس و لو تردد أي إنسان عند مفترق الطرق ذك ستجد أيضاً عشرات الأحاديث التي تُطمئن قلبك بأن ما أنت موشكٌ على القيام به سيتم بمباركة الرب و حضوره!!.

و بالرغم من هذا كله نجد أن كل من يحيط بنا يحذرنا من أن يكون الشيطان ثالثنا بالرغم من أنه لو فعل فإن كل ما "قد" سيفعله بنا هو أنه سيحرك بداخلنا الرغبة في إشباع غرائزنا -بغض النظر عن نوعها- مما سيمنحنا لذة لا يمكننا إنكار مدى طغيانها على أرواحنا قبل أجسادنا..و لكن عندما يكون الله ثالثهم فإن كل ما سيتحرك بداخلهم سيكون ما هو أسوء من تلك الغرائز التي قد يعتبرها الكثيرون "حيوانية"..فما سيتحرك هو التوحش و لا شيء سواه..ذلك التوحش الذي لو تحرك بداخل أي إنسان -و لو لمرة- فإنه سيفقد صفة الإنسانية و ربما للأبد..و مهما حاول العودة قافلاً إلى إنسانيته و كبح ذلك التوحش الذي أفلت من سيطرته فلن يستطيع فعلها بسهولة ففكرة أن الرب كان يباركه لأنه على تلك الحال حملت لروحه لذة أعتقد أنها تفوق اللذة التي يحملها -و سيحملها- لنا الشيطان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الالهة كثر ولكن الاب السماوي واحد
مروان سعيد ( 2014 / 12 / 4 - 19:31 )
تحية للاستاذة زين اليوسف وتحيتي للجميع
موضوع رائع وبه فلسفة عميقة لمن يريد ان يفهم
وملخص موضوعك بان الشيطان افضل من الاه واعتقد هو واحد لافرق بينهما لاانهم يعبدون الاه باوجه كثيرة ومعه انفصام بالشخصية تارة يقول لاتقتلوا النفس التي حرم الله قتلها الا بالحق اي يجب ان يكون قاضي وشهود على القاتل او المجرم الذي اراد القتل والتفجير وبموقف ثاني يقول قاتلوا الذين لايؤمنون بالله وباليوم الاخر وبما ان الايمان شيئ ضمني لايعرف به سوى الله كيف سيعرفون بانه مؤمن او لا وثم يقتلوه فقط على الظن او لمرض نفسي بداخلهم اتاهم من هذا الاه
وما اجمل ان يكون الاه الحقيقي كاب يعتني بنا ويحمينا وقت الشدائد والصعاب
ويطرد الالهة الشريرة التي تشيع بالارض فساد وشرا
ويصلاتنا له نقول لاتدخلنا بالتجربة لكن نجينا من الشرير امين
الشر ياسيدتي ملىء الاجواء ويقول عنه السيد المسيح هو الاه هذا العالم ومن الالهة ايضا هي النقود وهي الان اقوى الاه وستكون مملكتها العظمة وبسببها الان تجري المعارك والذبح
ومودتي للجميع


2 - نعم
الزنديقة ياقوت ( 2014 / 12 / 4 - 20:24 )
باركك الشيطان يا زينة


3 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 12 / 4 - 21:01 )
براءة (القرآن - الإسلام) من الإرهاب :
• الرد على شبهة آيات القتال في القرآن :
http://www.hurras.org/vb/showthread.php?t=48678
• براءة سورة التوبة من تهمة السيف – الجزء الأول:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=396687
• براءة سورة التوبة من تهمة السيف – الجزء الثاني:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=397188
• براءة سورة التوبة من تهمة السيف – الجزء الثالث:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=401287
• الرد على مقال الارهاب الاسلامي :
http://www.hurras.org/vb/showthread.php?t=25956


4 - مروان
عبد الله خلف ( 2014 / 12 / 4 - 21:03 )
1- هل (العهد القديم) و قوانينه ساري إلى الأبد في المسيحية؟ .
الإجابة : (نعم) , و الدليل :
- يقول (يسوع) : (لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لأُكَمِّلَ) [ متى 5 :17].
- (السرائر للرب إلهنا، والمعلنات لنا ولبنينا إلى الأبد، لنعمل بجميع كلمات هذه الشريعة) [تثنية 29: 29].
- (أعمال يديه أمانة وحق، كل وصاياه أمينة ثابتة مدى الدهر والأبد) [مزامير 111: 7-8].
لذلك , قمت بسن (قانون منطقي) , هذا نص القانون :
[(متى 5 :17) + (تثنية 29: 29) + (مزامير 111: 7-8) = سريان قوانين (العهد القديم) إلى الأبد في المسيحية] .
الرجاء متابعة :
ورطة المسيحيه! :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=434479
2- هل (يسوع) أمر بأوامر إرهابية؟ .
الإجابة : (نعم) , و الدليل :
أتباع (يسوع) يزعمون ان (يسوع) هو (يهوّه) , إذاً , إله (العهد القديم) هو إله (العهد الجديد) , إذاً , (يسوع) هو إله (العهدين القديم و الجديد) , و إلا فالعقيدة المسيحية تصبح تحت الأنقاض , إذاً , كل كلام (الكتاب المقدس بعهديه) هو كلام (يسوع) .


5 - الاستاذة روز اليوسف بعد التحية
عبد الحكيم عثمان ( 2014 / 12 / 4 - 21:16 )
الله ثالثهما تعني الرقابة هكذا افهمها وقد تعني الانيس كما في حادثة الغاروهذا الاعتقاد هدفه تربوي تثقيفي كما اعتقد وكما افهم
فلعدم الشعور بالخوف من الوحده يثقف المسلم على ان الله معه يرقبه وينظر حاله
واما معنى الله ثالثهما اورابعهم
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۖ-;- مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَىٰ-;- ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَىٰ-;- مِنْ ذَٰ-;-لِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا
يثقف المسلم انه تحت المراقبة الربانية حتى لايرتكب الفاحشة او الجريمة طبعا اذا كان صاحب ضمير حي(ماعلينا بالشواذ)
اما الشيطان ثالثهما
فأنا كما افهمه هي الغريزة الجنسية والهورمونات التي تتفاعل بجسم الانسان ذكر أو انثى ولاقدرة لكليهما على ردها او السيطرة والتحكم بهما, وعند نزول القرآن لااعتقد ان احد يعرف ماهي الغريزة وماهي الهورمونات, فوصفت بالشيطان لسهولة الاستيعاب, هكذا افهم عبارة ثالثهما الله وعبارة ثالثهماالشيطان ولك التقدير والتحية ۖ-;-

اخر الافلام

.. احتفال الكاتدرائية المرقسية بعيد القيامة المجيد | السبت 4


.. قداس عيد القيامة المجيد بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية برئا




.. نبض أوروبا: تساؤلات في ألمانيا بعد مظاهرة للمطالبة بالشريعة


.. البابا تواضروس الثاني : المسيح طلب المغفرة لمن آذوه




.. عظة قداسة البابا تواضروس الثاني في قداس عيد القيامة المجيد ب