الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البحث عن الحقيقة

كمال بالمقدم

2014 / 12 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لو قُـــدّر لكـ أنْ تخوض حــوار مع أي شخص تقريبا مهما كان إنتماءه الفكري و سألته : هل أنت راغب في الحقأأأيقة مخْلص من أجلها ؟ لأجابكـ : نعم .!

هناك شبه اجماع بشري على حب الحقيقة ومهما وجدت من اختلاف و تباين كبير بين وجهات النظر للـــناس فإن هذا الأمر قد يكون من الأمور المُــجمع عليها ... هذا هو المبدأ الأساسي في مسألة البحث عن الحقيقة : [ الجميع يريد الحقيقة ] لكــن هذا المبدأ يقود فيما بعد لممارسات مختلفة بحثاً عن الحقيقة ... منــــاهج متباينة في كيفية تعيين أو الوصول إلى ما هو حقيــقة .

كنت أخوض أحد النقاشات مع أحد الأشخاص و سألته : هل أنت باحث عن الحقيقة ؟ أعني .. هل نقاشنا هذا يصب في خانة [ البحث عن الحقيقة ] سواءً من قبلي أو من قبلك ؟ فأجاب : نعم ... لم يكد يمضي وقت قليل على بدء مناقشتنا حتى بدأ يستخدم معي أسلوب [ أنا أريد هدايتك ] ... ثم أعترف تماما أنه دخل النقاش في محاولة لإقناعي لأنه يعتقد بأنه يمتلك الحقيقة .! الناس في مسألة بحثهم عن الحقيقة يمكن تقسيمهم لفئتين :

1- فئة تنطلق من الصفر باحثة عن ما هو حقيقة أو على الأقل باحثة عن أصوب الأراء من بين الكثير من الأراء .
2- فئة تنطلق من قناعة و تحاول في بحثها تأكيد هذه القناعة .

الفئة المقصودة بهذا الموضوع هي الفئة الثانية ... هل يمكن إعتبار من ينتهج هذا النهج في بحثه عن الحقيقة باحث حقيقي عن الحقيقة ؟

يقول علي الوردي عن هذه الفئة : [عيبهم الكبير أنهم يتبعون مبدأ التناقض فعليا و ينكرونه نظرياً فهم يجرون في أقيستهم المنطقية وراء كل أمر تميل إليه قلوبهم ثم يدعون أنهم يسعون وراء الحقيقة المطلقة ] و علي الوردي يقصد بالتناقض هنا أنك لو سألت هذا الشخص هل أنت باحث عن الحقيقة فسيجيبك : نعم و هذا هو الجانب النظري من المسألة . رغم كون التطبيق [ الجانب العملي ] يعارض هذا المبدأ النظري تماما لأن هذا الشخص لم ينطلق بحثا عن الحقيقة ... هذا الشخص انطلق من نقطة إمتلاك الحقيقة و راح يجري لتأكيدها .! هذا الشخص سيستخدم المنطق فقط عندما يريد أن يؤكد قناعاته و سيكف عن نظرته المنطقية في تناوله لبقية الأراء و الأفكار المعارضة .! هذه ليست عملية بحث عن الحقيقة .. هذه عملية [ صناعة ] للحقيقة حسب المزاج و الهوى ... لذلك يقول نيتشه : [ إن القناعات الراسخة أخطر على الحقيقة من الكذب ] ذلك لأنها تعيق آلية البحث عن الحقيقة قبل أن تبدأ و لا تسمح ببحث مثل هذا أن يتم بشكل صحيح ... بل تقتله في مهده مع الإدعاء بأنها تتبعه بحذافيره و مخلصه في سبيله .

الحقائق التي لا تتعرض للشك و لا تخضع للتفكير هي ليست حقائق ... الحقائق المركونة في رف عالي لا يمس يحق لنا أن نسأل ما الذي جعلها حقائق في المقام الأول ... هناك جانب مضيء حتى لمن يدعي إمتلاك الحقيقة و يرتكز على هذا في بحثه [ إن جاز تسميته بحث ] .

المنطلق من البحث عن الحقيقة ... إنطلاقا من فكرة أنه يملك الحقيقة قد يكون له جانب مضيء : إن كان بحثه ينطلق من رغبته في معرفة هل ما يؤمن به هو الحقيقة فعلا أم لا .. أي أنه ينطلق في بحثه من إيمان بأن لديه الحقيقة لكنه يريد أن يعرضها للإختبار و ليس أن يؤكدها .! يريد أن ينزل تلك الحقيقة من الرف رغم إيمانه بها لكنه يريد تعريضها للشك بكل حيادية حتى يحسم الأمر .

المنهج الإنشتايني : [ الحقيقة هي ما يثبت أمام إختبار التجرية ] ... يمكن أن ينظر لهذا الشخص كباحث عن الحقيقة في حال لم يتمكن منه التحيز و هوى النفس بعد ذلك ... و هذا المنهج أو المنطلق البحثي مقدر تماما إذا ما فهمنا صعوبة أن يتخلى البشر كلية عن ما اعتقدوا بأن الحقيقة طوال حياتهم و يبدأوا من نقطة الصفر .. فالبشر مخلوقات عاطفية أيضا و ليست عقلانية فقط ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله


.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط




.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah