الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مؤتمر الأزهر لتشريع القتل

ميشيل نجيب
كاتب نقدى

(Michael Nagib)

2014 / 12 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إن النمط المضاد للطبيعة والفطرة والعدل الدينى والإنسانى والمضاد لكل القيم الأخلاقية يجب أن يتوقف، ذلك أن الإدانات النمطية التى تقوم بها المؤسسات الدينية وقادتها عندما ترتكب أعمال قتل فى العراق وسوريا ومصر، وتزهق الأرواح بالعشرات والمئات نجد المؤسسات الإسلامية الوسطية تستنكر وتعلن سواء لوسائل الإعلام أو خلال المؤتمرات، لأنه كلام يعيد ويكرر نفس الصفات والمصطلحات التى تحاول عدم تحديد القضية وتسطيحها أكثر وأكثر، وإعتبار أعمال القتل والضحايا الأبرياء والمشردين هى أشياء عادية معترف بها والجميع متفق على أنهم ضحايا المجتمع الأخرس كله، لكن عندما تسأل كيف أصبحوا ضحايا سفكت دماءهم؟ يأتيك الجواب خادعاً ومنافقاً هزيلاً لأنه بدلاً من القول بأن هؤلاء الضحايا تم قتلهم وذبحهم على أيدى قتلة، يلتفون ويدورون ليخرج إبداعهم المتقن ليشتركوا فى جريمة قتل الأنفس ويقولون بأنهم متطرفين يغالون فى أفكارهم!!

نعم عندما يعلن شيخ الأزهر فى المؤتمر الدولى الذى عقد فى الثالث والرابع من ديسمبر، تحت عنوان" الأزهر فى مواجهة الإرهاب والتطرف"، فالموضوع إذن بعيد عن الحقيقة وما زال مجرد شعارات خادعة أى أن المشكلة هى مجرد إرهاب وتطرف، يقول الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر فى كلمته الأفتتاحية للمؤتمر الدولى: «لا ينبغي أن نغض الطرف عن أفكار الغلو والتطرف التي تتبنى الفكر التكفيري، وإعتناق التفسيرات المتطرفة والعنيفة، مثل تنظيم القاعدة والحركات المسلحة، التي خرجت من عباءتها وتعمل ليل نهار على مهاجمة الأوطان وزعزعة الاستقرار».، من وجهة نظره يتلخص الموضوع ومشاكله فى أفكار الغلو والتطرف والتكفير وأعتناق تفسيرات متطرفة عنيفة تهاجم الأوطان وتزعزع الأستقرار، وأقف أمام نقطة جوهرية فى معتقد شيخ الأزهر ومخاطر تعميم ذلك المعتقد أو الفتوى حيث يقول" ولقد حُرِّفَ مفهومُ الجهادِ عند هذه التنظيماتِ المُسلَّحةِ المُتطرِّفةِ والطائفيَّةِ، وراحوا يَقتُلون مَن يشاؤون زعمًا منهم بأنَّه جهاد، وأنهم إن قُتِلوا فهم شُهَداءُ في الجنةِ... وهذا من أشنَعِ الأخطاءِ في فهم شريعةِ الإسلامِ"، فى كلامه هذا يعتبر تلك التنظيمات الجهادية القتالية وجرائم القتل الذين يرتكبونها من أشنع الأخطاء فى فهم شريعة الإسلام!!!

راحوا يقتلون مَن يشاؤون زعمًا منهم بأنَّه جهاد، وأنهم إن قُتِلوا فهم شُهَداءُ في الجنةِ، أى أن تقتل مثلهم كما تشاء بكل حرية هو مجرد خطأ شنيع أى ليس جريمة تحاسبك عليها الشريعة أو القانون، فعندما تكفرك تلك الجماعات وتستحل دمك رد الفعل المشين والمهين لهذا الإجماع الإسلامى الوسطى هو الدخول فى جحورهم وتسريب بيانات الإدانة التى تفضح ضعفهم وقلة حيلتهم فى التصدى لأعمال التكفير والقتل، لكن لو كانوا حقاً أقوياء ويريدون التصدى للتطرف والغلو فى تأويل النصوص، كان المفروض على هذا الإجماع الوسطى بقيادة الدولة والأزهر أن يقوموا بإيقاف وتجريم كل إنسان يخطر على باله تكفير أى مواطن فى الدولة والمجتمع سواء كان مسلماً أو لا، هذا إن كانوا صادقون فى إيقاف هذا الجهاد الإرهابى، لكنهم حتى اللحظة يعتبرون القتل مجرد خطأ شنيع!!!

هناك إجماع عام من القيادات الدينية والسياسية والفكرية والشعبية على التصدى للإرهاب، وهو شئ لا يختلف عليه أثنان لكن كيف سيتم التصدى؟ يجيب هذا الإجماع : بتصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام وطرح مبادئ الإسلام الوسطية السمحة التى تعكس وسطية الأمة الإسلامية!!!

مهما ذهبت وأستمعت وشاهدت ندوات ومؤتمرات وخطب الجمعة والمقررات التعليمية بالمدارس والمعاهد والجامعات والمراكز الإسلامية فى أوربا وأمريكا، ستجد نفس الإجماع الإسلامى سواء كانوا معتدلين وسطيين وأصوليين وسلفيين، أى أن الجميع يدور فى حلقة مفرغة فالكل مشغول بالتصدى للإرهاب بتصحيح صورة الإسلام وتقديم صورة وسطية عنه، وبذلك يتركون التصدى لأعمال القتل والذبح وعلاجهم وما يشغل الجميع عدم التصدى للإرهاب وإنما التصدى لآثار الإرهاب من تشويه لصورة الإسلام، وليذهب للجحيم تشويه البشر وتعذيبهم وذبحهم ولعب الأطفال برؤوس بشرية تم ذبحها حسب الشريعة بالهتاف: الله أكبر، كل هذا من تشويه للنفس البشرية هى أخطاء وليست مشكلة تزعج الإجماع الإسلامى والمسيحى المشارك فى مؤتمراتهم وندواتهم، بل الإزعاج الأكبر والمخيف هو من تشويه يحدث لصورة الإسلام وتعاليمه السمحة الرحيمة والتصدى للإرهاب لعلاج تلك المشكلة الخطيرة.

أخيراً, إذا كان هناك إرادة صادقة فى منع وحظر الإرهاب ومنع وجود جماعاته، من الواجب أن تقوم الدولة والأزهر ومساجده ومعاهده وجامعاته المختلفة بتصحيح المناهج التعليمية التى قضاياها الجوهرية الزنى والجنس والمرأة ونكاح الشيطان لنفسه ودعوات الكراهية..إلخ، وذلك بنشر النصوص التى تستند عليها الجماعات الجهادية وشرحها على العلن ليستفيد جميع المسلمين منها، ويقتنعون بالتفسير الوسطى قبل الوقوع فى براثن تلك الجماعات، وإلى أن يحدث ويطبق هذا: متى تصدر قرارات وقوانين بمحاكمة صانعى الإرهاب وأعوانهم؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عادات وشعوب | مجرية في عقدها التاسع تحفاظ على تقليد قرع أجرا


.. القبض على شاب حاول إطلاق النار على قس أثناء بث مباشر بالكنيس




.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت




.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا