الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلم والدين

سامي القسيمي

2014 / 12 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بعد أن خلق اللهُ تعالى الماء والعرش خلق القلم الأعلى ثُمّ اللّوح المحفُوظ ثُمّ السموات والأرض والملائكة والجن والبهائم وآدم وحواء.قال تعالى ((وهو الذي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ )) [هود:7] .
خلق الله آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض فجاء بنو آدم على قدر الأرض فجاء منهم الأبيض والأحمر والأسود وبين ذلك. والخبيث والطيب والسهل والحزن وبين ذلك فبل التراب حتى عاد طينا لازبا، واللازب هو الذي يلتصق بعضه ببعض ثم قال للملائكة : قال تعالى ((إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ ،فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِين)) [ص:71 - 72].

وفي الكتاب المقدس يبيّن كيفية بداية الخلق :
(( 1فِي الْبَدْءِ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ. 2وَكَانَتِ الأَرْضُ خَرِبَةً وَخَالِيَةً، وَعَلَى وَجْهِ الْغَمْرِ ظُلْمَةٌ، وَرُوحُ اللهِ يَرِفُّ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ. 3وَقَالَ اللهُ: «لِيَكُنْ نُورٌ»، فَكَانَ نُورٌ. 4وَرَأَى اللهُ النُّورَ أَنَّهُ حَسَنٌ. وَفَصَلَ اللهُ بَيْنَ النُّورِ وَالظُّلْمَةِ. 5وَدَعَا اللهُ النُّورَ نَهَارًا، وَالظُّلْمَةُ دَعَاهَا لَيْلاً. وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْمًا وَاحِدًا )) تكوين [1: 1- 5 ] .
ويصف خلق آدم:
((7وَجَبَلَ الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ تُرَابًا مِنَ الأَرْضِ، وَنَفَخَ فِي أَنْفِهِ نَسَمَةَ حَيَاةٍ. فَصَارَ آدَمُ نَفْسًا حَيَّةً.))[تكوين2: 7]
هذا الجزء من القرآن والكتاب المقدس هو مثال نموذجي بما كان ومازال المسلمون والمسيحيون يعتقدونه قبل ظهور العلم والعلماء اللذين أتوا بتفسيرات منطقية وأجوبة علمية لأغلب الأسئلة التي شغلت العقل البشري منذ آلاف السنين الى يومنا هذا .
من الممكن طبعا هنا أن أعرّف أن النظرة الدينية بالنسبة لبداية الخلق أو الكون والتي تدّعي أنها خلقت وتكونت عن طريق قوى غير مرئية خارقة وبأنها لاتتفق مع النظرة العلمية القائمة على أسس مدروسة وبحثية ومنطقية والتي لاتؤمن بالخوارق وإنما بالماديات فقط.
ولكن في كل اشكالها التقليدية النظرة الدينية الخارقة للطبيعة تضع هناك فرضية ( مسلّم بها) أن الكون وسكان هذا الكون خلقوا بواسطة قوى خارقة أو من قبل كائنات تجاوزت العالم المادي وأن هذا العالم المادي هو انعكاس لخطة غامضة مصدرها هذه القوى والكائنات الخارقة وهي خطة يمكن معرفتها من قبل قلة قليلة من البشر توحى اليهم بشكل خارق كذلك ودائما لديهم إجابة لكل شي مهما كان غموض وصعوبة السؤال.
وإذا حاولت إنتقاد أو معرفة أيّ جزء من هذه الخطة أو المساس بها فأنك تعتبر من الخارجين عن الإخلاق والآداب العامة وخارج من الملة حيث لايجوز نقد الأديان وقد يهدر دمك لذلك . ولكن هذه العقليات كانت موجودة في مامضى في العالم الأول في القرون الماضية وقد تخطوا هذه الأفكار الهدامة وغير البناءة خصوصا من قبل الديانة المسيحية والتي كانت تحاصر فكرهم وتقوم بتعذيبهم وحرقهم ويطلقون عليهم المهرطقين ولكن الديانة الإسلامية مازالت تمارسها كحق شرعي، تسجن و تعدم أي شخص يمس دينهم في أي شيئ فإزدراء الأديان محرّم هنا ومازالت قائمة إلى الآن ومثبت في القرآن، فالمسلم تعوّد أن لايسأل عن أشياء اذ تُبد له ستسيئه وتُبعده عن الايمان :
قال تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ)) [المائدة : 101]
وكما جاء في مقالة للأخ رشيد (من حق أي إنسان أن يعلن عن رأيه في وسائل الإعلام دون أن يتعرض للتنكيل والتهديد والوعيد أو السجن أو القتل أو أي عقوبة كانت لأن الإعلام العالمي لحقوق الإنسان يكفل هذا الحق حيث يقول:
المادة 18 : لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين، ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته، وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها سواء أكان ذلك سراً أم مع الجماعة.
المادة 19: لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية.
فالنقد العلمي المبني على النصوص لا يدخل أبدا في إطار شتم الأشخاص، لأن محمدا شخصية عامة والإيمان به جزء من العقيدة الإسلامية، فلا بد من التعرض لحياته إن أردنا تقييما سليما للإسلام، وكل العقائد تتم دراستها وإبراز ميزاتها وعيوبها وتتم المناظرة بشأنها، وبالتالي ستجد المؤمنين بها وغير المؤمنين بها، وكل يدافع عن رأيه بالفكر والقلم والحجج والأدلة، فعدم السماح بالنقد يعد تعديا على الحريات الشخصية للناس في التعبير عن آرائهم ومعتقداتهم، ويعتبر وصاية على تفكير الأشخاص وإرساء لمبدأ الفكر الواحد، وأقل ما يمكن أن يقال عنه أنه استبداد فكري تحت مسميات كثيرة).
ولكن مازالت هذه العقلية في نقد الأديان والسؤال عن الدين أو الذات الإلهية محرمة في دول العالم الثالث الإسلامي أو الدول التي تملؤها الفقر والجوع والتخلف والمرض كدول أفريقيا وبعض دول العالم العربي ولايعيرون لحقوق الإنسان هذه شيئا.
والعلم عندما ينتقد هنا من الناحية الأخرى بأسس ومنهجية علمية بحتة وبعيد عن الأديان، ينكر أن هناك قوى خفية خارقة أو غير ماديه وأن أي قوى موجودة في محيط الكون وأنها ناتجة من فعل عشوائي وتكونت بشكل عشوائي تحكمها قوانين طبيعية وكان نتاج هذا الفكر هو ظهور العلوم التي عشنا وتعايشنا في ظلها سنين طويلة وهي علوم الفيزياء والجيولوجيا والأحياء والكيمياء... الخ.
طبيعة هذه القوى الخارقة وكل المعارف العلمية لن تكون واضحة إلاّ من خلال جهد الإنسان والبحث والتدقيق والقراءة والتجربة .والكون يفتح المجال للإنسان أن يسأل الكثير من الأسئلة التي تدور بخاطره وأن يجد اجابات علمية لها من خلال القراءة والبحث ودراسة العلوم... الخ. فهذه هموم الإنسان من قديم الأزل لمعرفة أسرار هذا الكون .
وبشكل آخر من البديهي أن الكون لن يأتي الينا ويرد على جميع أسئلتنا بكل سهولة يجب أن نذهب اليه نحن ونعمل بجهد اكبر لنعرف كل الإجابات التي تدور بخواطرنا.
إن العلم والدّين كأنهما في معركة وبدأت هذه المعركة منذ بداية عصر العلم والعلماء إلى يومنا هذا الحرب مستمرة كلاً منهم يحاول أن ينتصر في هذه المعركة بكل ما اؤتي من قوة وكلاُ منهم يدافع عن مبادئه ويؤمن بها ومستعد للموت من أجل ايصال الحقيقة التي يؤمن بها كلٌ بطريقته أكان بالخدع الدينية أو البحث العلمي الصريح.
منذ ذلك الحين لقد أجاب العلم عن أغلب مايخطر ببال البشر من أسئلة وتفسيرات عن هذا الكون فبتالي لقد غير الإنسان مبدئه بالاستسلام الى العلم وبدأ الإنسان بالتفكير بشكل آخر وأن يتجه إلى عدة إتجاهات تزيد من سعة فكره وبدأت عصر الفلسفة الدينية والنقد الديني مع وجود كثرة بوطننا العربي مازالوا متمسكين بالأفكار القديمة أفكار عدم السؤال عن المجهول رافضين أي جدال من هذا النوع .
لذلك بدأ شعور الناس تجاه الدين يضمحل شيئا فشيئا وأصبح يشعر أنه أقل ثقة وليس آمنا كما كان بالسابق قبل ظهور العلم.ولكن مع مرور السنين أتضح للإنسان المعاصر خصوصا الغرب وأصحاب الديانات الأخرى أن لا وجود للآلهة وليس هنالك من يراقبهم أو يبقى يقضا من أجل سلامتهم أو مراقبتهم. لذا فلا مناص من أن الأديان لدينا الآن سوف تتلاشى شيئا فشيئاً كما في الأديان التي أختفت في العصور القديمة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 12 / 6 - 15:56 )
تابع :

• إنكار وجود الله يقود الى إنكار وجود العقل :
http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?30627-إنكار-وجود-الله-يقود-الى-إنكار-وجود-العقل

• الحجة الكونية على وجود الخالق :
http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?52146-الحجة-الكونية-على-وجود-الخالق-Fine-tuning-amp-Cosmological-constant

• من أين جاء هذا العالم؟ :
https://www.youtube.com/watch?v=OmBQLNL4phE&feature=youtu.be

• المعايرة الدقيقة للكون دليل على وجود الخالق :
https://www.youtube.com/watch?v=KmvgBy3lmFY

اخر الافلام

.. خدمة جناز السيد المسيح من القدس الى لبنان


.. اليهود في ألمانيا ناصروا غزة والإسلاميون أساؤوا لها | #حديث_




.. تستهدف زراعة مليون فدان قمح تعرف على مبادرة أزرع للهيئة ال


.. فوق السلطة 387 – نجوى كرم تدّعي أن المسيح زارها وصوفيون يتوس




.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال