الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قص العقل و العفو عن القتل

علي جديد

2014 / 12 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لقد صدق الفيلسوف "دينس ديدرو" حين قال: "لم يسبق لفيلسوف أن قتل رجل دين, و لكن رجال الدين قتلوا الكثير من الفلاسفة".. هذه المقولة تختصر معاناة المفكر الكبير أحمد عصيد مع التكفيريين الإسلاميين الذين دعوا إلى قتله ليفرق دمه بين القبائل العربية بعد أن أشبعوه شتما و هجاء..

فلا أحد ينكر دفاع عصيد المستميت عنهم حين كانت عصى السلطة تسلط على رقابهم, إيمانا منه بمبدأ ابن رشد: " من الأجمل أن يأتي الرجل من الحجج لخصومه ما يأتي به لنفسه". و لم يعاملوه أبدا بمثل ما عاملهم به, لأن الفرق بينه و بينهم جوهري لكون:" القتلة لا يبحثون عن فلسفة, بل يبحثون عن أجورهم", بتعبير "شيشرون" خطيب روما..

لم تكن محنة عصيد و ليدة اليوم, بل كان الأمازيغ دائما ضحايا الأمراض و الفتاوى التكفيرية, و غيرها من الكوارث التي كان يطيب لها المقام في بلادهم, فلا تكاد تنتهي كارثة حتى تبدأ أخرى, و أخطرها دعاة القومية العربية و الإسلام السياسي الذين يريدون ل"البربر" أن يتزوجوا و يولدوا و يموتوا كالجرذان دون عقد ازدياد أو شهادة وفاة..

لم يكن الأمازيغ يوما بشرا في نظر الغزاة المستظلين بمظلة هذا الدين الحنيف, بل أدوات تلبي رغباتهم المعيشية و الجنسية, وهو ما فطن له أجدادنا فضحوا بالغالي و النفيس, ضد الظلم و الاستعباد وهو ما يفسر ردتهم عن الإسلام اثني عشر مرة, مفضلين أن يموتوا واقفين على أن يحيوا راكعين, على حد تعبير "تشي غفارا"..

عيب أن يسعى حفدة "الفاتحين" إلى استعباد السكان الأصليين وقد خلقهم الله أحرارا, دون أن يجدوا بجانبهم "إخوانهم" العرب المسلمون -كما يدعون- ينشئون جمعية شعارها "اللهم إن هذا منكر" مثلا, أسوة بجمعية "السلام" الإسرائيلية التي آلت على نفسها الدفاع عن القضية الفلسطينية ضد إخوانهم الإسرائيليين.

لا عجب إذن أن يأتيهم درس آخر من العدالة في أنصع تجلياتها من "سقراط", أعظم فلاسفة العالم, الذي تقبل بصدر رحب اتهام دولة أثينا له بإفساد الشباب و الاستهزاء بمعتقداتها (التهمة التي تلصق بعصيد اليوم) و واجه حكم الإعدام بشجاعة المؤمنين بضرورة احترام القانون و المبادئ, مجيبا تلامذته الذين نصحوه بالهروب قائلا: "كمواطن آثيني يجب أن أحترم قانونها". هذه قصة رجل آمن بالآية الكريمة "يا أيها الناس إن حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل" رغم أنه قضى نحبه قبل نزولها بعشرة قرون, و تستحق أن يقرأها السيد بنكيران الذي رغم اتخاذه لعبارة "العدالة" كشعار للحكم يتخذ من "التماسيح" و "العفاريت" و "القانون التنظيمي للأمازيغية" أعذارا لخرق أسمى قانون في البلاد – الدستور و لمعظم مريديه الكافرون ب "عدالة" القضية الأمازيغية..

لم أسمع يوما برجل عربي ضحى بنفسه ليكون مثالا على ما يحاضر فيه دائما, أو على الأقل لم يحتج على قانون صدر ضده. كما بحثت كثيرا على الإنترنت لعلي أجد, و لم أسمع عن رئيس وزراء "عربي" احترم دستور بلاده و أخرج القوانين التنظيمية التي التزم بها دينيا و أخلاقيا, و لم أجد أحدا إلا الكثير ممن يقولون ما لا يفعلون, و يكثرون الكلام حين يكون السكوت من ذهب, و يسكتون حين يجب عليهم الكلام, و سأكون ممتنا لمن يدلني على عربي مسلم واحد مثل سقراط "الكافر" في احترامه للقانون و لأبناء و طنه..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يؤكد خلال مراسم ذكرى المحرقة الالتزام بسلامة الشعب الي


.. نور الشريف أبويا الروحي.. حسن الرداد: من البداية كنت مقرر إن




.. عمليات نوعية لـ #المقاومة_الإسلامية في لبنان ضد تجمعات الاحت


.. 34 حارساً سويسرياً يؤدون قسم حماية بابا الفاتيكان




.. حديث السوشال | فتوى فتح هاتف الميت تثير جدلاً بالكويت.. وحشر