الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النقد النصي للقرآن - الحلقة الأولى

سامي القسيمي

2014 / 12 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أولاً يجب أن أعرف مصطلح مهم جدا تختص في موضوعنا هذا وهو مصطلح الهرمنيوطيقا.
الهرمنيوطيقا:
إسم هذه النظرية الهرمنيوطيقا بالإنجليزية (Hermeneutics).ومصطلح الهرمنيوطيقا مصطلح قديم بدأ استعماله في دوائر الدراسات اللاهوتية ليشير إلى مجموعة القواعد والمعايير التي يجب أن يتبعها المفسر لفهم النص الديني خصوصاالكتاب المقدس. ويشير المصطلح اليوم إلى نظرية التفسير ويعود أقدم استعمال للمصطلح للدلالة على هذا المعنى إلى عام 1654م وما زال مستمرًا حتى اليوم خاصة في الأوساط البروتستانتية. وقد اتسع مفهوم المصطلح في تطبيقاته الحديثة، وانتقل من مجال علم اللاهوت إلى دوائر أكثر اتسـاعًا تشمل كافة العلوم الإنسانية ؛ كالتاريخ وعلم الاجتماع والأنثروبولوجية وفلسفة الجمال والنقد الأدبي والفلوكلور، والقضية الأساسية التي تتناولها الهرمنيوطيقا بالدرس هي معضلة تفسير النص بشكل عام، سواء كان هذا النص تاريخيًا، أم دينيًا.
فهي المدرسة الفلسفية التي تشير لتطور دراسة نظريات تفسير وفن دراسة وفهم النصوص في فقه اللغة واللاهوت والنقد الأدبي. ويستخدم مصطلح هرمنيوطيقا في الدراسات الدينية للدلالة على دراسة وتفسير النصوص الدينية. وفي الفلسفة هي المبدأ المثالي الذي من خلاله تكون فيه الحقائق الاجتماعية (وربما أيضا الحقائق الطبيعية) رموزا أو نصوصا والتي بدورها يجب أن يتم تفسيرها بدلا من وصفها أو إيضاحها بموضوعية.
فالنقد النصي للكتب الدينية هو علم بحد ذاته وليست هرطقات أوإلحاد كما يزعم مشائخنا الكرام.
سآخذ نظرة سريعة على أوائل من أنتقدوا القرآن ،فكان أوّل الأشخاص الذين انتقدوا القرآن وما جاء فيه كان وثنيو قريش، وقد اعتبروه شعرًا يتلوه محمد وإن ليس له أي مصدر إلهي، وقالوا أنه يصله بإلهام شيطان الشعر، حيث كان العرب يتوهمون أن لكل شاعر شيطانًا من الجن يقول الشعر على لسانه . وقال بعض الأشخاص، مثل النضر بن الحارث أن محمدًا كان ينقل أقوال الفرس من قصص ملوكهم وعقائدهم وخرافاتهم ولم يأخذ من الوحي شيئًا.
وبعد انتشار الإسلام في بلاد الشام والعراق ومصر، ظهر أشخاص من أبناء تلك المناطق وانتقدوا القرآن وما جاء فيه، ومن أبرز هؤلاء القديس يوحنا الدمشقي، المعروف أيضًا باسم "دفاق الذهب"، فقد سارع بالعكوف على القرآن تفلية ونبشًا، وانتهى إلى رأي مفاده أن الإسلام يُعتبر طائفة مسيحية مهرطقة.
يُعد ابن كمونة اليهودي أول مجادل تنصيري من اليهود ضد القرآن، وقد ضمّن جدلياته ضد القرآن في كتابه تنقيح الأبحاث للملل الثلاث، فعقد فصلا للقرآن أورد فيه خمسة عشر اعتراضًا على القرآن، منها ثلاثة تتعلق بأصالته، فقال أن القرآن يجوز أن يكون قد أنزل إلى نبي آخر دعا محمدًا أولاً إلى دينه وإلى هذا الكتاب فأخذه محمد منه وقتله، وإنه يُحتمل أن محمدًا طالع في كتب من تقدمه أو سمعها فانتخب أجودها، وضمّ البعض إلى البعض، ولعلّه سمع ذلك من أهل الكتاب من مسيحيين ويهود في الشام وشبه الجزيرة العربية.وفي العصر الحالي ظهر باحثون وكتّاب نقدوا القرآن بعدّة طرق، ومن هؤلاء عبد الله عبد الفادي، الذي رصد في كتابه "هل القرآن معصوم؟" عدّة مصادر بشرية للنص القرآني، أبرزها أشعار امرؤ القيس الجاهلي، الذي توفي قبل ميلاد محمد بثلاثين سنة، وكانت له قصيدة مشهورة تشبه بعض أبياتها بعض الآيات القرآنية، مثل: "دنت الساعة وانشق القمر" التي يُقابلها "اقتربت الساعة وانشقَّ القمر".
كذلك من مصر الدكتور نصر حامد أبو زيد في كتابة (نقد الخطاب الديني).لقد طالب حامد أبو زيد بالتحرر من سلطـة النصوص وأولهـا القرآن الكريم الذي قال عنه : القرآن هو النص الأول والمركزي في الثقافة لقد صار القرآن هو نص بألف ولام العهد وقال أيضا: "هو النص المهيمن والمسيطر في الثقافة "وقال : "فالنص نفسه - القرآن - يؤسس ذاته دينًا وتراثًا في الوقت نفسه وقال مطالبًا بالتحرر من هيمنة القرآن : " وقد آن أوان المراجعة والانتقال إلى مرحلة التحرر لا من سلطة النصوص وحدها، بل من كل سلطة تعوق مسيرة الإنسان في عالمنا، علينا أن نقوم بهذا الآن وفورًا قبل أن يجرفنا الطوفان.
أثارت كتابات الباحث المصري ضجة إعلامية في منتصف التسعينيات من القرن الماضي. فقد أتُهم بسبب أبحاثه العلمية بالارتداد والإلحاد.
يرى الدكتور سيدالقمني أن القرآن يجسد نصّا تاريخيّا ولاضير من وضعه موضع مساءلة إصلاحية نقدية وإن هذا النقد الإصلاحي لايمثل ردة أو استخفافا بالقرأن حسب رأيه بل هو يعتبره «اقتحاما جريئا وفذا لإنارة منطقة حرص من سبقوه على أن تظل معتمة وبداية لثورة ثقافية تستلهم وتطور التراث العقلاني في الثقافة العربية الإسلامية ليلائم الإسلام احتياجات الثورة القادمة.
وفي كتابه (السؤال الآخر) وحديثه على النص القرآني قال: معلوم أن النص القرآني لم يأتي به محمد في شكل كتلي إنما جاء مفرقا منجما بالتبرير القرآني تقول الآية : (وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً) 106-الإسراء.
فقد تغيرت بحسب تغير الواقع والمتغيرات التي طرأت في زمن الدعوة فتجادل مع أحداث الواقع وفعل فيها وانفعل بها واستجاب لضرورات المتغير الموضوعية،عبر ثلاث وعشرين عاما هي العمر الذي توارت خلاله النصوص القرآنية.
ويستدل الدكتور القمني بعض من آيات القرآن الكريم كالآتي:
بشأن محو الآيات تقول الآية :(يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) 39 – الرعد.
وعن التبديل تقول الآية :(وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُواْ إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ) 101 – النحل.
وبشأن الإنساء والنسخ تقرر الآية :(مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) 106-البقرة.
عبر هذا العمر تغيرت آيات وتبدلت آيات ومحيت آيات ونسخت ورفعت آيات وأنسيت أخرى،وهو الأمر الذي وجد صداه في الآيات القرآنية التي تردد أمورا معلومة في أبواب علوم القرآن،كما في الآيات التي قيلت بمناسبة حديث الغرانيق :
(وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً(73) وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً(74). 73- 74 – الإسراء.
كذلك الآية : (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) 52- الحج.
والباحث المستشرق الألماني تيودور نولدكه في كتابه (تاريخ القرآن) . درس نولدكه سور القرآن من حيث التركيب اللغوي للقرآن والمصطلحات المستخدمه ليحدد زمنها في الترتيب وإلى أي فترة تنتمي .
في مقابلة على قناة الحياة للباحث الفلسطيني الدكتور منذر يونس وأستاذ جامعي متخصص في علم اللسانيات واللغه العربية .
يقول الدكتور أن تاريخ اللغة العربية تاريخ غير معروف ومجهول وأن اللغة العربية الفصحى أرتبطت بالقرآن وهناك روايات كثيرة تقول أن القرآن نزل بلهجة قريش ولهجة قريش لهجة من اللهجات العربية ليست الفصحى ولكن الفصحى مع الزمن اكتسبت هذه المكانة فالمفروض أن لهجة قريش هي التي تكتسب اللهجة الخاصة وليست الفصحى .
طبعا القرآن كما نعلم مر بعدة مراحل وتطورات خصوصا أنه لم يأتينا كما هو الآن بالشكل الحالي حيث أن القرآن لم يكن منقّط وعندما تحاول ترتيب النقاط في بعض الآيات قد تعطيك تفسيرات ومعاني أخرى غير مانعرفه الآن فالقرآن أدخل عليه التنقيط والإعراب وأدخلت عليها آيات وحذفت آيات ونسخت آيات كذلك كما أسلفنا سابقا.
ويقول الدكتور أن القرآن أعيدت صياغته بعد مائة أو مائتي سنة باللغة الفصحى وتم إدخال الإعراب حيث لم يكن موجودا في لهجة قريش وجاء من اللهجات الشرقية والتي تأثرت باللغة الأكادية الموجود فيها ظاهرة الإعراب فتلاحظ تغير قافية القرآن في بعض الآيات.
فإذا طبقنا قواعد الإعراب في بعض الآيات القرآنية والتي تعتبر شاذة في القرآن فتلاحظ بعضها منصوب وبعضها مرفوع كما في آية (مَا هَذَا بَشَرًا) 31 – سورة يوسف.
أو ((إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ)) 63 – طه. فهذه شاذه على قواعد الإعراب ودليل أنه أدخل على القرآن .
في الحلقة الثانية سنعرض بعض السور القصيرة التي ذكرها الدكتور منذر يونس في البرنامج الشهير سؤال جرئ مع الأخ رشيد وهي تحليل في النقد القرآني في سورة العاديات – سورة البلد – سورة التين .

المراجع/

1- تفسيرية الهرمنيوطيقا
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D9%81%D8%B3%D9%8A%D8%B1%D9%8A%D8%A9_(%D8%A7%D9%84%D9%87%D8%B1%D9%85%D9%86%D9%8A%D9%88%D8%B7%D9%8A%D9%82%D8%A7)

2- نصر حامد أبو زيد
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%86%D8%B5%D8%B1_%D8%AD%D8%A7%D9%85%D8%AF_%D8%A3%D8%A8%D9%88_%D8%B2%D9%8A%D8%AF

3- نقد القرآن
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%86%D9%82%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86

4-- الدكتور السيد قمني (كتاب السؤال الآخر)

5- الدكتور السيد القمني
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B3%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%85%D9%86%D9%8A








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بداية موفقة
أحمد السيد علي ( 2014 / 12 / 8 - 20:54 )
السيد سامي القسيمي

تحياتي واحترامي

بداية موفقة وربط جميل وإستشهادات لاسماء مهمة في البحث خاصة القرآن
شكرا


2 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 12 / 8 - 22:10 )
تحقيق متهافت .
الرد :
• نقل القرآن سماعاً من صدر إلى صدر ينفي أهمية المكتوب :
http://www.hurras.org/vb/showthread.php?t=8314
• نزول القرآن على سبعةِ أحرُف و أسبابُه :
http://www.hurras.org/vb/showthread.php?t=8414
• النص القرآني - القراءة القرآنية - الرسم ... و الفارِق بيْنَهُم .. للفائِدة :
http://www.hurras.org/vb/showthread.php?t=18851
• إفحام أتباع الشيطان بإعراب: (إن هذان لساحران) :
http://www.alukah.net/sharia/0/9618/
• شبهة الناسخ و المنسوخ :
http://www.hurras.org/vb/showthread.php?t=435
• النسخ - أو الناسخ و المنسوخ :
http://www.hurras.org/vb/showthread.php?t=7634


3 - التحيه لك
على سالم ( 2014 / 12 / 9 - 00:37 )
اشكرك لهذا التحليل الهام ,يجب القاء الاضواء الساطعه على خرافات القرأن


4 - محنة الشك عندنا 1
أنيس عموري ( 2014 / 12 / 9 - 09:45 )
قلت سيد سامي (عبر هذا العمر تغيرت آيات وتبدلت آيات ومحيت آيات ونسخت ورفعت آيات وأنسيت أخرى)، أفهم من هذا الكلام أنه في مدة 23 سنة، وهي المدة التي تواتر فيها نزول القرآن (بالمناسبة وردت في النص -عبارة -توارت خلاله النصوص القرآنية-، لعل مرادك هو -تواترت-؟) قلت بأن القرآن تواصل (نزوله) 23 سنة، في هذه المدة القصيرة حدث التراجع عن مواقف كثيرة تتعلق بالعبادات والمعاملات بسبب تغير الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وخاصة تغير موازين القوى لصالح محمد ضد (الكفار). وهي المدة التي عاشها محمد (نبيا)، ثم اكتمل القرآن (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي)، وبدأت المحنة الحقيقية لأتباع محمد (الأذكياء طبعا) مع هذا القرآن من خلال حرص حراس الدين على جعله صالحا لكل زمان ومكان بعد أن ارتضاه الله لنا وهو أعرف العارفين لحكمة يعلمها وليس من حقنا التساءل! (لا تسألوا عن أشياء إن تُبْدَ لكم تَسُؤْكم)، ولهذا حرصوا على ألا تتغير حياة الناس مأكلا وملبسا وتجارة وسياسة ... حتى تبقى حياتهم مطابقة للنصوص الثابتة الجامدة جمود الجلمود (كل بدعة ضلالة).
يتبع


5 - محنة الشك عندنا 2
أنيس عموري ( 2014 / 12 / 9 - 09:46 )
حرصوا على منع الناس من الشك عدا الشك في عقولهم بل والشك فيما توصلت إليه العلوم بدل الشك في قرآنهم.
لهذا يلازمني الشعور بالحزن وأنا أتابع كيف يلجأ المفكرون الأذكياء إلى كنوز من الحيل لتفادي التكفير والوقوع بين المطرقة والسندان، بين مطرقة الحاكم الجاهل وسندان رجال الدين وعامتهم، رغم أنهم مقتنعون (منذ القرون الأولى: المعتزلة نموذجا) بتاريخية القرآن وأنه مجرد أفكار أملتها بيئة معينة ومستوى معين من الثقافة يغلب عليها الطابع البدوي القبلي الخرافي، وأنه تعبير عن مستوى متواضع جدا من المعارف حول الكون والتاريخ والجغرافيا وجسم الإنسان والمرأة وغير ذلك، تسبب القرآن المقدس في جعلها حقائق مطلقة يستحق كل ناكر لها أو مشكك فيها أقصى العقوبات (عقوبة ناكر معلوم من الدين بالضرورة).
تحياتي

اخر الافلام

.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال


.. قطب الصوفية الأبرز.. جولة في رحاب السيد البدوي بطنطا




.. عدنان البرش.. وفاة الطبيب الفلسطيني الأشهر في سجن إسرائيلي


.. الآلاف يشيعون جـــــ ثمــــ ان عروس الجنة بمطوبس ضـــــ حية




.. الأقباط يفطرون على الخل اليوم ..صلوات الجمعة العظيمة من الكا