الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رؤية المفكر وحيرة النخبة: لويس عوض دراسة حالة

محمد السعدنى

2014 / 12 / 11
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


أعمى يقود بصيراً لا أبا لكم .. قد ضل من كانت العميان تهديه، هكذا قالها بشار بن برد، وهكذا أتذكرها كلما مرت ببلادنا أزمة تغيب فيها النخبة بخلافاتها وأطماعها وجهلها، وتحضر الجماهير مبكرة بوعيها ومبادراتها. يحدث هذا ومنذ سنوات، وصولاً لحالة الخوف والرجفة من دعاوى الصغار لـ 28 نوفمبر الذى هولت منه الحكومة والإعلام، ولم تكن النخبة على مستوى الوعى والفهم والحدث. سيمر 28 نوفمبر كما مرت من قبل تهديدات الإخوان وتنظيماتهم ومفرخاتهم الإرهابية، وسيظل الشعب قادراً على الصمود والمقاومة وتظل الحكومة مترددة مرتعشة، وتظل النخبة على عهدها بالغياب والتخلف، كما كانت معظم مواقفها فى تاريخنا المعاصر.
كانت نكسة 1967 مزلزلة، هزت الصدمة عقول وقلوب المصريين، وكعادة النخبة المصرية وقفت حائرة تدين النظام والظروف والجيش والقيادة، ولم تنظر إلى أبعد من دوائر السلطة ولم يتجاوز إبصارها حدود أخطاء الداخل لترى ترصد الخارج الذى وجدها فرصة للقضاء على الأسد الجريح وجعله عبرة لمن يتحدى سياسات الغرب العدوانية الاستعمارية، فيقوم بالتنمية ويحرض على عدم الانحياز ويساعد حركات التحرير فى العالم الثالث، ويؤسس للحرية والاشتراكية والوحدة فى حركة القومية العربية، وكلها سياسات تهدد مصالح الغرب الاستعمارى ومقاصده فى الهيمنة والتحكم وترسيخ التبعية. ووقعت نخبتنا المصرية التى امتازت فى كثير من مواقفها بالخفة والنزق والتسرع، إلا قلة ممن رحم ربى كانت قدرتها على الرؤية دافعة لاختيار سلاح المقاومة بالفكر والعلم والعمل والسياسة والأدب. ولولا يقظة عبدالناصر وخياره للصمود والتحدى وإزالة آثار العدوان، التى بدأها من اليوم الثالث للنكسة فى معركة رأس العيش وبناء حائط الصواريخ بالتعاون مع الإتحاد السوفيتى وحرب الاستنزاف التى كانت إعلاناً أن هذا الشعب يصعب تركيعه، فقد كان الشعب دائماً أوعى وأسبق من النخبة، ولقد جاء حضوره دائماً وعبر كل معاركنا الوطنية فى العصر الحديث عوضاً عن غياب النخبة فى خطابيتها والتباس مواقفها وتأخرها فى المبادرة، الشعب كان دائماً أسبق، ولقد استشعر بحسه الوطنى ومخزونه الثقافى وإرادته العنيدة أن هدف النكسة هو كسر عبدالناصر وضرب مشروعه الوطنى فى التحرر والتقدم والنهضة، خرج الشعب فى كل أرجاء مصر يعلنها عالية" لاتتنحى" وأصر على استدعاء القائد لمسئولياته واستكمال مشروعه الوطنى الكبير رفضاً للاستسلام، بينما انهالت الأغانى والقصائد تسخر وتؤنب، واتجه الأدب إلى محاور الغضب واليأس، واتخذت النخبة السياسية طرقاً متعرجة كان تعبيرها عن الإحباط أكبر من تمسكها بالمقاومة، كانت مواقف النخبة السياسية والإعلامية ولاتزال حتى اليوم فى خياراتها الهشة المتعجلة محدودة الأفق.
ولأنه مفكر كبير فأختار أن يعبر عن صدمته وألمه لنكستنا فى 1967 بسلاح المقاومة بالفكر والعلم والثقافة، كان يعرف أن له دور فى التاريخ، وأن عليه كمفكر ومثقف عضوى أن يعيد تأسيس منطلقاتنا الفكرية بما يدعم أهدافنا الوطنية، لم يستسلم الدكتور لويس عوض لخضة النكسة رغم إدانته العنيفة لأسبابها وإنما تجاوز ذلك كله وراح يكتب مقالاته فى الجمهورية والأهرام، دراسات في النظم والمذاهب، عام 1967، دراسات في الحضارة، البحث عن شكسبير، عام 1968، تاريخ الفكر المصري الحديث، عام 1969، دراسات أوروبية، تاريخ الفكر المصري الحديث، الثورة الفرنسية، صورة دوريان جراى، المسرح العالمي، الاشتراكية والأدب، دراسات أوروبية، رحلة الشرق والغرب، كانت غايته المقاومة بالكتابة التى تعيد صياغة أفكار الأمة وتقدم لها حافز التاريخ وتجارب الأمم الناهضة، قرر أن يؤطر لماغاب عن تجربتنا من أسباب المنعة والقوة بترسيخ الديمقراطية وتوسيع دوائر الحريات العامة، وربما ليحفز العقل المؤسسى للدولة للأخذ بعناصر مشروع فكرى جديد للمقاومة والإنتصار والنهضة يضع هو بكتاباته أهم منطلقاته وعناصره، ولم يعجب ذلك القيادة، وأيضاً لم يعجب الناقد والمثقف الكبير سامى السلامونى وكتب مقالاً ربما فى روز اليوسف يعجب من منحى د.لويس عوض منكراً عليه هذا "الروقان" والرفاهية الفكرية والترف الثقافى الذى تصوره غير مواكب للحدث الجلل، وكما حكى لى عميد الإعلام وأستاذ أساتذة الإعلاميين العرب د. فاروق أبوزيد، جاء رد لويس عوض قاسياً حيث أشار فى مقاله كم كان ينظر إلى السلامونى باعتباره من طليعة المثقفين والنخبة وإذا به فى ضيق فهمه لما يقوم به لويس عضو يضع نفسه فى دائرة الدهماء والرعاع. ولم يكن السلامونى أبداً من الرعاع، لكنها مواقف النخبة.
ماذا أريد ان أقول: الرسالة هى ماأحوجنا لمواقف مفكرينا وعلمائنا وكتابنا كما فعل لويس عوض، حيث نخبتنا الثقافية والإعلامية والسياسية لاتزال "بعافيه"، والقياس هنا مع الفارق بين مصر تحت النكسة، ومصر الآن على طريق النهضة رغم عدم فهم النخبة وقصور رؤيتها الذى استحال علامة مسجلة عبر كل الظروف والأوقات. وإلا كيف تفسر إصرار النخبة رغم العمى أن تقود شعباً مبصراً صاحب رؤية وبصيرة. وماذا تقول عن حكومة هشة تهدد وتتوعد الإرهاب وتنام فى أحضانه بعد ذلك. واسأل الداخلية لماذا لم تقبضوا على الداعين لهذا التخريب وتقديمهم للنيابة؟، ولماذا تتركون تحالف دعم "المهلبية" يجتمع علناً ويهددكم علناً؟ ولماذا تحتفى الحكومة وتبسط حمايتها ورعايتها على مشايخ الفتنة وداعمى إرهاب الإخوان، ويستقبل رئيس الحكومة أكبر غلاة مشايخ الأزهر عباس شومان الذى ثار عليه المصلون فى مسجد حسن الشربتلى حين خطب الجمعة 30 نوفمبر 2013 داعماً محمد مرسى وإعلانه الغير دستورى واعتبره من الخلفاء الراشدين وأن من حقه القضاء بين الناس والعصف بخصومه، وأن هذا هو شرع الله ومن لايقبل فليبحث له عن شرع آخر، إنه منطق التكفير وفكر الدواعش، وكما قال إبراهيم عيسى فى برنامجه التليفزيونى، كيف يمثل هذا الرجل الأزهر ويجلسه رئيس الوزراء مجالس عليا لمحاربة الإرهاب وتحديث الخطاب الدينى ومراجعة التشريعات، ويالها من مفارقة! تؤكد أن نخبتنا إنما هى نخبة النكسة ومالم نفيق فهى الكارثة، حمى الله مصر وشعبها من كل شر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تقارير تتوقع استمرار العلاقة بين القاعدة والحوثيين على النهج


.. الكشف عن نقطة خلاف أساسية بين خطاب بايدن والمقترح الإسرائيلي




.. إيران.. الرئيس الأسبق أحمدي نجاد يُقدّم ملف ترشحه للانتخابات


.. إدانة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب توحد صف الجمهوريين




.. الصور الأولى لاندلاع النيران في هضبة #الجولان نتيجة انفجار ص