الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانسان هو المقدس الاكبر فمتى يؤمن العرب؟

جعفر نجم نصر
أكاديمي وكاتب

2014 / 12 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



اطلت علينا كل ديانات العالم اجمع من ديانات الاقوام البدائية وماتلتها من اقوام تعتقد بوحي السماء وهي تقدم لنا مرتكزها العقائدي الجوهري الاوهو المقدس، الذي هو بنظرها القوة الغيبية التي تنتشر في كل مكان وتحضر في كل كل زمان، وهذا ماعبرت عنه الديانات التي تؤمن باله مشخص او باله غير مشخص، واندفعت نحو معتقدها هذا حتى قدست النهر والحجر والشجر ومن ثم قدست البشر اي قدست شخصيات بشرية محدودة العدد لاسيما تلك التي قالت عنها او هي قالت عن ذاتها انها على تواصل مع المقدس الاعلى/الغائب وايا كان لديها فتارة هو (تاو لدى الصينيين، او الاله راع لدى المصريين، او يهوه لدى اليهود، او الاقنوم المقدس لدى المسيحيين، او الله لدى المسلمين....الخ).
فكان مفهوم المقدس ومازال يعد حجر الزاوية الرئيس في كل الديانات للتعبير عن القوة التي يجب ان يظهر لها البشر الخضوع والعبودية لانها منزهة/عليا/غائبة/قوية/مالكة، ونحن اذ نتعرض لهذا المفهوم وتداعياته انما نحاول ان نعيد قراءته ضمن دائرتين رئيسيتين هما [دائرة الدينين]و[دائرة اللادينين]، فمن معين الدائرة الاولى ظل مفهوم الانسان العابد/المؤمن هو المقدم على الانسان /العاصي/الخطأ غير المؤمن، وبالتالي فدائرة الخلاص ستلحق الاول ودائرة العذاب ستلحق الثاني، وهذا بالمفهوم اللاهوتي المغلق/المتشدد (الاصولي).
ولكن الوجه الاخر للاهوت المغلق هذا هو اللاهوت المتحرر الذي يعبر عن جوهر الاديان وبداياتها التي كانت تقدم الانسان بوصفه (الخليفة للمقدس) لا الخليقة المتوجه نحو المقدس على نحو جامد/مغلق،وهذا الامر تؤكده التوجهات الاولى لسائر الانبياء الذين وجدوا في الانسان صورة الله، او بالاحرى ان معيار خلق الانسان هو التماثل مع الصانع/الخالق وهذا ماورد في الاثر [ان الله خلق ادم على صورته!؟]، وان مدار الكون برمته هو [الانسان] بعبارة ادق يتفق عليها سائر الخط المقدس للإنسان من [متصوفة ورهبان] والذين هم الوريث الشرعي لسائر الانبياء لأنهم بخلاف الفقهاء او سائر اللاهوتيين الذين هم ابناء النص؛ وهنا قضية جوهرية لابد من التوقف عندها وهي: ان صورة المقدس وقدسية الانسان هل هي التي يقدمها اصحاب التجريب والتذوق المعرفي لجوهر ما يؤمن (الله) ام اصحاب النصوص والمواريث الذين تأولوا واجتهدوا فيما اختلف فيه وهو [النص المنزل]!؟ والذين يقدمون الاله المقدس الاعلى فحسب.
بالتاكيد ان اصحاب التجريب لا المواريث هم الذين يعرفون المقدس وقدسية الانسان، لهذا فالانسان لديهم مقدس ان كان مؤمنا بما آمنوا هم به او لم يؤمن، فما دام ان الانسان هو من صنع [المقدس الاول] فان سائر المخلوقات ولاسيما الانسان هو المقدس ولهذا قالوا [ان الواجد والموجود واحد] اي اندفعوا نحو ماعرف بنظرية وحدة الوجود أي ان الله والعالم شيء واحد، بل وقالوا ان الله في اعماق ذواتنا تتراى قدسيته وليس بخارج الذات، بمعنى اننا حقيقته هو.
اما الدائرة الاخرى (دائرة اللادينيين) فمرتكز ما انطلقوا منه هو الخروج على هذا اللاهوت الذي اعلى من شأن المقدس على حساب الانسان، فأعلوا من شأن الانسان وبشتى الطرق والاساليب وهذا ما اندفع في سبيله اغلب منظري ومفكري عصر الانوار/الحداثة فألهو الانسان وعدوه هو حجر الزاوية الرئيس، وان كانت اندفاعاتهم تلك اردت عليهم برؤى اخرى تدعو
الى المزاوجة بشيء خفي يجمع الوعي واللاوعي في بوتقة الخيال المعرفي للبحث عن مكامن هذا المقدس والذي مازال مناخ ركبه ومحط رحله هو الانسان بذاته ليس الاو بالتالي كانت الانظمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية تدور في فلك هذا الانسان ايا كانت إثنية او عقيدته او مدركاته او مستواه المعرفي والاقتصادي،فهو المقدس الاكبر، وهذا الامر ترسخت معالمه في ثقافتهم وحياتهم اليومية اذ ينظرون الى بعضهم البعض على انهم كائنات قدسية مثلما ينظر العرب الى انبيائهم واوليائهم بل وحتى قادتهم الدينيين، فالراسمال الحقيقي بالنسبة لديهم هو الانسان بذاته وليس الدين بذاته وذلك جوهر الوجود بنظرهم وهو ذلك [المواطن/ الانسان] المقدس لانه الكنز الاكبر، وهذا ماتؤكده دساتيرهم وقوانينهم وتشريعاتهم وهيآتهم وسلطاتهم التي تقوم على خدمته ذلك الانسان/المواطن لا الانسان/ المؤمن/العابد.
ام العرب فيقدمون الانسان/المؤمن/العابد على سائر الاضافات التعريفية المعاصرة للانسان والتي على رأسها [المواطن] الذي لديه حقوق و واجبات ايا كان معتقده، فالذي يدخل في الاسلام فهم معه ولكن اي اسلام، بالتاكيد الاسلام الطائفي/ثم ينظرون اليه باية دائرة من الاسلام الثالث /الاسلام الايديولوجي اي هل ينتمي الى ذات توجهاتهم الحزبية/المؤدلجة،فالانسان في العالم العربي/الاسلامي يمر بثلاث دوائر(الاسلام) ثم الاسلام الطائفي (السني/الشيعي) ثم (الاسلام الايديولوجي) حينئذ يحظى بالاحترام والتقدير ولكن على المستوى الشعبي فحسب حتى ينال [القدسية الاعلى] وتفتح له ابواب مؤسسات الدولة على مشراعيها ،ولأنها مزيفة لانها قدسية [مصالح] ليس إلا فضلا عن كونها قدسية خوف، وبالتالي فهي قدسية وقتية لااكثرولااقل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 12 / 16 - 22:44 )
فائدة :

كيف ينظر الغرب إلى الملحد؟ :
https://www.youtube.com/watch?v=kbTiGIMgozs

يرى [جون لوك] مؤسس (الدولة المدنية) في رسالته في (التسامح) أن (الملحد) غير مقبول في المجتمع المدني، يقول : (لا يمكن التسامح على الإطلاق مع الذين ينكرون وجود الله , فالوعد و العهد و القسم من حيث هي روابط المجتمع البشري ليس لها قيمة بالنسبة الى الملحد، فإنكار الله حتى لو كان بالفكر فقط يفكك جميع الأشياء) .
المصدر : كتاب : (رسالة في التسامح ص57) لـ[جون لوك] .

اخر الافلام

.. أول موظفة يهودية معيّنة سياسيا من قبل بايدن تستقيل احتجاجا ع


.. البابا فرانسيس يعانق فلسطينياً وإسرائيلياً فقدا أقاربهما على




.. 174-Al-Baqarah


.. 176--Al-Baqarah




.. 177-Al-Baqarah