الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف وقعت أحداث لندن ؟

البشير رويني

2005 / 9 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عادل بكوان ترجمة : البشير رويني
من أيام كتب صديقنا المثقف العراقي البارز عادل بكوان من باريس تحليلاً سوسيولوجيـًا في جريدة "ليون كابتال" حول أحداث لندن الاخيرة ، وكان حدثني عنه في آخر لقاء بيننا قبل نشره فأحببتُ نقله هنا الى العربية، علما أن الافكار الواردة فيه لا تخص الا صاحبها الاصلي.


الاسلام والاسلاموية

يهدد الاتهام بمعاداة الاسلام اليوم كل الكتاب الذين يتعرضون لمسألة الاسلاموية.
وبادئا أود أن أوضح أنه في ما يتعلق بموقفنا فإننا نفرق جيدا بين الاسلام بكونه دينا والاسلامويةباعتبارها مشروعا سياسيا.
إننا هنا لا نخلط بين المسلمين والاسلاميين, وتحليلنا يتجه أساسا الى الاسلاموية و فاعليها لا الى الاسلام والمسلمين.

هوية واضعي القنابل

إن واضعي قنابل لندن هم ما يسميه الباحثون بـ/الأ صوليين الجدد ، أي أصوليين في قطيعة مع مفهومين للا سلام : من جهة هم يرفضون الاسلام التقليدي بدعوى أنه لا يتوافق مع إرادة الله غير انه في الحقيقة كونه لا يتوافق مع اتجاههم الايديولوجي.
ومن جهة ثانية هم في قطيعة مع كبرى التيارات الاسلامية (الاخوان المسلمون وغيرهم) التي تعارض من جهتها العمليات الانتحارية ضد الغرب.
نقطة أخرى تبدو لي مهمة هنا : مفجرو العمليات التفجيرية في لندن هم أصوليون جدد بريطانيون نشأوا وترعرعوا وكبروا في بريطانيا،
غير أنهم بدل الاندماج في المجتمع البريطاني والتأقلم معه، فانهم صاروا أصوليين جددا!
néo-fondamentalistes
. وهنا أؤكد وألح على كلمة (صاروا)، لان هذه الصيرورة هي ثمرة مسار: إنهم لم يولدوا أصوليين جددا بل صاروا كذلك.

طبيعة الاصولية الجديدة

لفهم هذا المسار الذي أثرناه، يجب الرجوع سنوات عديدة الى الخلف، أي فترة الستينات والسبعينات.
في تلك الفترة هاجر الى بريطانيا اسلاميون من عدة اتجاهات بسبب ما لا قوه من اضطهاد في بلدانهم.
لقد غادروا مصر وسوريا والسعودية وغيرها الى بريطانيا التي فتحت ذراعيها لاستقبالهم.
هذه الهجرة كانت بالنسبة لهؤلاء الاسلاميين اكتشافا جديدا لأرض جديدة. لقد اكتشفوا مجتمعا قائما على مبدأ حقوق الانسان: مجتمعا لا يمنع الممارسة الدينية ولا حرية الرأي ولا تأسيس الجمعيات، الخ.
وباختصار : كل ما هو ممنوع في بلدانهم مسموح به في هذا المجتمع الجديد.
بالمقابل، انطلق هؤلاء الاسلاميون المهاجرون في مسار إعادة أسلمة مسلمي بريطانيا. ونؤكد هنا على اعادة الأسلمة لأن الاشخاص الذين نعتقد بأنهم مسلمين ليسوا في الحقيقة مسلمين من وجهة نظر هؤلاء الاسلاميين.
أنهم في نظر هؤلاء الاسلاميين لم يدخلوا الاسلام الكامل الشامل، وهم بسبب ذلك في حاجة الى مشروع اعادة أسلمة.

موقف بريطانيا

بالنسبة لبريطانيا، فإن وجود الاسلاميين المهاجرين لا يشكل خطرا ما داموا يحترمون قواعد اللعبة.
وايديولوجية هاته الجماعات كانت قائمة على كره الغرب، الاتهام بالكفر الموجه للمستشرقين كما للمستغربين، التربية الجهادية في المساجد، وخطب الجمعة التي يتولاها أئمة متشددون، ارسال الشباب الى افغانستان للقيام بالجهاد ضد الاتحاد السوفياتي، الخ، كل ذلك لم يكن يشكل خطرا عاجلا .

ماالذي حدث ؟

في اطار دراسة في علم الاجتماع قمنا بها في جامعة ليون الثانية، اشتغلنا من خلالهاعلى مسائل الاسلام، الخمار، فرنسا والحداثة.
في هذه الدراسة بحثنا في شكل من السلفية الجديدة للجيل الثالث للهجرة في فرنسا.
وحسب ايديولوجية هذا الاتجاه من السلفية يعتبر الجهاد فريضة دينية تماما مثل الصلاة، غير أنه سيقوم ضد من؟
ضد الكفار !
لكن هذه التسمية يطلقونها على قسم عريض من سكان العالم . فباعتقادهم نحن كلنا تقريبا كفار: مسلمون غير ملتزمين، غربيون يرفضون اعتناق الاسلام،مسيحيون يهود، الخ الخ.
واحداث لندن هي نتاج هذه الايديولوجية ذاتها، ومرتكبوها تعلموا وتكونوا على يد ذلك الجيل من الاسلاميين الاصوليين.
ولكن لماذا حدث هذا في لندن ولم يحدث في باريس ؟
في بحثنا بيـــّــنا أن هذا ليس الا مسألة وقت وفرصة، ببساطة لانه بالنسبة لهؤلاء الاسلاميين فان الحرب عالمية وميدانها لا يمكن ان يختصر في أرض معينة.
فبالنسبة لهم فأن بغـــــداد وباريس ولندن وبرلين كلها سهام مقبولة.
وأكثرية أصوليي الحرب في العراق هم أصوليون اوربيون تنقلوا بالمناسبة: الاصوليون ليس لهم حدود، وهم يضربون أين سنحت لهم الفرصة.
الصحافيون دوما يقولون لنا أن لندن تم ضربها لانها شاركت في حرب العراق! هذه الفرضية ربما خاطئة، لأن السعودية ومصر لم تشاركا في حرب العراق، ومع ذلك كانتا ضحيتي تفجيرات الاصوليين الجدد.!


النتيجة


المشكل الحقيقي، أن هؤلاءالاصوليين بلا حدود لم يعودوا أبدا تحت مراقبة الاسلاميين التقليديين، ولا تحت الحكومات الغربية.
وأضافة الى ذلك فهم لا يطلقون لحية ولا يرتدون أزياء سلفية ولم يعودوا يذهبون الى المساجد. أنهم يختلطون بالمجتمع العادي. هذا هو الذي يجعل في تقديري فهم الرموز السرية لهؤلاء مهمة غاية في الصعوية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استقالة أول موظفة يهودية من إدارة بايدن -بسبب سياسة واشنطن م


.. المفكر د. يوسف زيدان: اجتماعاتنا في -تكوين- علنية وبيتم تصوي




.. المفكر د. يوسف زيدان: اتكلمنا عن أشكال التدين المغلوط .. وه


.. دار الإفتاء في طرابلس تدعو ل-قتال- القوات الروسية في البلاد




.. -حافظ البهرة على سرية طقوسهم الدينية عبر العصور بعد اضطهاد ا