الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا لو عاد المسيح اليوم؟

شوكت جميل

2014 / 12 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يقولون لا تنظر إلى الوراء..بيد أنه من الأجدر بالإنسان أن يلتفت إليه بين الفينة و الفينة؛ليعلم أين كان،و إلى أين يذهب،و ليعلم كيف كانت الدعوات و الرسالات العظيمة،و إلى ما انتهت... و ليعلم كيف يناقض الأحفاد جدودهم،و كيف يلتف لبلاب الفروع على أصل الشجرة فيخنقه..

جاء المسيح،قبل كل شيء،ليصلح ما قد أفسدته تقاليد الشيوخ،ويخلص ما قد أهلكته شكلية الأديان،جاء ليجدد طبيعة الإنسان،ويخلق فيه الضمير الصالح القادر على التمييز و الفرز ،فيخرجه إلى رحابة الضمير الإنساني،و يخلصه من ربقة العادة والادعاء،ونير الشرائع والشعائر، التي تستحيل في النهاية، لو عدمنا هذه الطبيعة الجديدة رياءً محضاً،ويستحيل الناس إلى طائفةٍ من الكتبة والفريسيين ،يعفون عن البعوضة ويبلعون الجمل.

جاء المسيح في النهاية ليعلم الناس أن السبت للإنسان وليس الإنسان للسبت.

كانت دعوة المسيح ثورة جذريةً على الشرائع و الشعائر،و ثورة على رجال الدين،فالمسيح لم يكن قاسيا مع أشر الناس قسوته مع "حرّاس الدين"الذين يعرضون العصائب،و يحب أن يناديهم الناس سيدي سيدي ..أترى لو عاد المسيح،سيجد سدنة الدين الذي كان يحاربهم،على عرشه و تحت اسمه وشعاره!

كانت دعوة المسيح "دعوة الحب و حرية الضمير"..أترى لم يزل فينا من يمسك بأحجار خطاياه المستورة ،ليرجم تعس الحظ الذي انكشفت خاصته،صائحاً أرجمه أرجمه!

؟أترى لم يزل فينا من لا يكسر السبت ولكن لا يحفل بظهر أخٍ له منحنٍ منكسر؟
أترى لم يزل فينا من يقول في وقت الشبع(أوصنا)، وفي وقت الحاجة (اصلبه اصلبه).خيرا أن يموت إنسان واحد عن الشعب كله؟...رسالة المسيح، يا أتباع المسيح، هي الحب والروح لا الشكل والعظام.

أتذكر في إحدى روايات الكاتب الروسي العظيم(دستيفسكي)_وقد لخصها العقاد في _حياة المسيح_:
((...يتخيل بطل من أبطال الرواية أن المسيح عاد إلى الأرض في طوفة عابرة نزل بأشبيلية في إبان سطوة التفتيش فوعظ الناس وصنع المعجزات وأقبل عليه الضعاف والمرضى والمحزونون يلثمون قدميه ويسألونه العون والرحمة....
وانه ليمضي بين الشعب يضفي عليهم حبه وحنانه ويبسطون له شاكياتهم و مخاوفهم و إذا برئيس ديوان التفتيش_المفتش الأعظم_يعبر بالمكان ويتأمل السيد والشعب من حوله هنيهة ثم يشير إلى الحراس ويأمرهم أن يعتقلوه!ويودعوه حجرة السجناء في انتظار التحقيق.
ويأتي المساء فيذهب المفتش الأعظم إلى الحجرة ويسأل السيد المسيح:((إنني أعرفك ولا أجهلك، ولهذا حبستك، لماذا جئت إلى هنا؟..لماذا تعوقنا وتلقى العثرات والعقبات في سبيلنا؟..).
ثم يقول له فيما يقول:((انك كلفت الناس ما ليست لهم به طاقة.كلفتهم حرية الضمير، كلفتهم مئونة التمييز، كلفتهم أن يفرزوا ما بين الخير والشر لأنفسهم...والآن وقد عرفنا نحن داءهم وأعفيناهم من ذلك التكليف، وأعدناهم إلى الشرائع والشعائر والنواميس، تعود إلينا لتأخذ علينا سبيلنا وتحدثهم من جديد بحديث الاختيار وحرية الضمير؟!

..ليس أثقل على الإنسان من حمل الحرية،وليس أسعد منه حين يخف عن محملها وينقاد طائعا لمن يسلبه الحرية ويوهمه في الوقت نفسه انه قد أطلقها له،فلماذا تفتح عينيه الآن...تجعله يتوق أن يختار لنفسه ما يشاء ،وهو لا يعلم ما يشاء؟!
..ويستمر الحديث إلى أن يقول المفتش ((فدع هذا الإنسان لنا وارجع من حيث أتيت،وإلا أسلمناك لهذا الإنسان غدا وسلطناه عليك وحاسبناك بآياتك وأخذناك بمعجزاتك،وسوف ترى أن الشعب الذي لثم قدميك اليوم مقبلا علينا مبتهلا لنا أن نخلصه وان ندينك كما ندين الخارجين)).

قال ايفان كرامزوف بطل الرواية((إن السيد المسيح لم ينبس بكلمة،ولم يقابل هذا التهديد والعداء بعبوس أو ازورار،وتقدم إلى المفتش الاعظم_وهو شيخ فان في التسعين_فلثم شفتيه وخرج إلى ظلام المدينة وغاب عن الأنظار)).
.......................
و الحق أقول لكم،لقد علم المسيح ما سيطال دعوته و إيمانه،أليس هو القائل:(..و لكن متى جاء ابن الإنسان،ألعله يجد الإيمان على الآرض؟)لوقا 8:18

وفي النهاية أهنئكم بعيد ميلاد المسيح،وأتمنى أن نثمن ما ولد المسيح من اجله،و ما حاول أن يزرعه في قلوب الناس...فما أسهل العبودية وما أصعب الحرية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المسيحيون في غزة يحضرون قداس أحد الشعانين في كنيسة القديس بو


.. شاهد: عائلات يهودية تتفقد حطام صاروخ إيراني تم اعتراضه في مد




.. بابا الفاتيكان فرانسيس يصل لمدينة البندقية على متن قارب


.. بناه النبي محمد عليه الصلاة والسلام بيديه الشريفتين




.. متظاهر بريطاني: شباب اليهود يدركون أن ما تفعله إسرائيل عمل إ