الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانسان كائن إشكالي!..

سامي فريدي

2014 / 12 / 23
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


سامي فريدي
الانسان كائن إشكالي!..
(عمانوئيل- 1)

الحياة.. التاريخ.. المجتمع.. المعرفة.. الوجود.. وكلّ ما يشتق منها ويتفرع ويتعدد إلى ما لانهاية، يحيل على دالة واحدة: الانسان. ما هو الانسان؟..يقال انه سيّد الوجود أو صانع الحياة أو بطل التاريخ، لكنه كائن ناقص، ولغز عاجز عن فهم ذاته.
استطاع الانسان انجاز أشياء كثيرة وعظيمة وما يزال يريد ويفكر ويستطيع، ولكنه مهما فعل عاجز عن ادراك مرتبة القناعة والسعادة والسيادة في ذاته. هذا هو مصدر الاشكالية. كلّ ما فعله الانسان كان في طريق بحثه عن نفسه وعلّة ذاته واللغز الذي يربطه بالوجود، ولكنه بعد كل منجزاته ومراقيه، ما زال ضعيفا وجاهلا يشعر باليأس والاحباط إلى حدّ يدفعه للانتحار وتدمير ذاته وما حواليه، لكن ذلك أيضا لا يمنحه نتفة من الحقيقة، بل يزيده حيرة وتوهانا.
إذن.. ماذا ينتفع الانسان بعقله وقدراته الذهنية والعضلية..
ماذا ينفع الانسان علمه وسلطانه وأوهام عظمته..
وهو لا يعرف متى يداهمه ألم أو مرض عضال أو موت يقضي عليه، دون أن يسطيع معه شيئا..
الانسان المغرور بالوهم يدرك أنه ضعيف وناقص..
الانسان وهو يرنو للفضيلة والسموّ عاجز عن مفارقة الانحطاط والابتذال والرذيلة..
الانسان الذي يكذب بجدارة.. لا يطيق أن يكذب عليه احد..
والقاتل المستلب العدواني المستعبد بجدارة، لا يطيق أن يكون ضحية للكذب والقتل والاغتصاب والعبودية..
الانسان المغلوب بفكرة الكمال والتفوق، غالبا ما يغلبه الشعور بتفاهة ما يعمل ولاجدواه..
الانسان في ميله للوحدة والتفرد والانفراد غير قادر على مغالبة شعوره النفسي والجسدي بالحاجة لشخص آخر يؤنسه ويعينه..
وهو المحسوب كائنا اجتماعيا، غالبا ما يجد نفسه في حاجة للانفراد والاعتزال بذاته والابتعاد عن جحيم المجتمع.
ماذا يريد الانسان.. ولماذا يعاني..
كلّ مفردات حياته إشكالية مزدوجة الوظيفة والمعنى..
عاجز عن التحرر من الخوف والنقص والحاجة..
عاجز عن بلوغ الكمال والاشباع والأمان والسلام والمحبة والمعنى..
الانسان كما يصفه الفلاسفة [most meaning- seeking creature] ولكنه بعد كلّ ما تحقق من حضارة وتاريخ وفلسفة وتطور، ما يزال صفر المعنى في ادراك لغز ذاته وسرّ وجوده.
الريح تعرف من أين تأتي وإلى تذهب، أما الانسان فلا يعرف!.
وكلما زاد فكر الانسان، ازداد همّا..
*
[ليس مستحسنا أن يكون الانسان لوحده، سأجعل له نظيرا معينا]
وعندما وجد له نظيرا معينا، لم يطق أن يقاسمه أحد إرادته ويفرض عليه رغبته وينافسه في كلّ شيء.. وهنا بدأ فصل جديد من المعاناة والألم.. المعاناة الاجتماعية والمعاناة النفسية هي من أصعب وأقسى مكابدات البشر..
هذا هو الانسان إذن.. يريد ولا يريد.. يحبّ ولا يحبّ.. يهفو وينكص.. يسمو وينحطّ.. كلّ ما يريده أو يعمله يسبب له الدمار..
ليس له ضمان ولا قانون.. وكلما شرع شيئا أو بنى بناء أو قال قولا، وجد أمامه من يخالفه ويناقضه ويناكده..
عندما شرع المحبة.. ظهر أمامه من يكرهه..
عندما أراد البناء.. وجد أمامه من يهدم ما يبني..
وعندما هفا للسلام.. تكالب عليه الأعداء
ومن هو العدوّ.. انه نظيره والمفترض أنه معينه.. الخارج من صلبه وذريته..
والانسان لا يسطيع أزاء نفسه وما عداها شيئا.. انه بكلمة واحدة: عاجز عن بلوغ غايته!..
*
هو كائن حي، وسرّ حياته ليس فيه..
انه موجود.. وعلّة وجوده خارج ذاته..
يهفو للكمال في كلّ شيء.. وعاجز عن ادراك غايته..
يتحدث عن البرّ.. وبرّه ليس فيه..
يشتاق للخلاص.. ومفتاحه ليس في متناوله..
يتحدث عن المستقبل.. ولكن بغير ضمان..
يعتقد أنه سيّد العالم والتاريخ والوجود.. وفي لحظة يموت وتفنى حياته..
الانسان مخلوق جميل وأليف وحميم.. وفي لحظة ينقلب إلى ضدّه..
البصير يفقد بصره، والذكي يفقد عقله، والمقتدر يصاب بالشلل.. والغني يفتقر..
[من اعتمد على نفسه ملّ.. ومن اعتمد على غيره ذلّ.. ومن اعتمد على ماله قلّ.. ومن اعتمد على عقله اختلّ..].. على أي شيء يعتمد الانسان إذن.. وأين يضع رجاءه.. وما هو مصدر فخره؟؟..
الانسان.. ما هو الانسان..
انه مجرد صورة.. حقيقتها خارج كيانه..
انه مجرد فرع.. وأصله خارج عنه!..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قادة الجناح السياسي في حماس يميلون للتسويات لضمان بقائهم في 


.. دعوات أميركية للجوء إلى -الحرس الوطني- للتصدي للاحتجاجات الط




.. صحة غزة: استشهاد 51 فلسطينيا وإصابة 75 خلال 24 ساعة


.. مظاهرات في العاصمة اليمنية صنعاء تضامناً مع الفلسطينيين في غ




.. 5 شهداء بينهم طفلان بقصف إسرائيلي استهدف منزلا في الحي السعو