الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ارتباط الديكتاتورية بالمقدس

محمد الشريف قاسي

2014 / 12 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إن أخطر إهانة للمقدسات هو إستعمالها و إستغلالها وإستثمارها في تبرير الإستبداد و التعسف في إستخدام السلطة و نشر الفساد. لقد أعتدي على الدين الإسلامي الحنيف من طرف أبنائه أكثر من أعدائه ، إلا أننا لا نمارس النقد الذاتي نحن المسلمون ، و إلا لعرفنا أننا بعيدين عما يريده هذا الدين للبشرية، بل أننا نعاديه و نبعد الناس عنه بسبب ما نقوم به من تصرفات و سلوكات لا إنسانية و نبررها بالدين. و لذلك يجب أن نكون إنسانيين قبل أن نكون مسلمين فكم من طاغية مستبد حكم الأمة حسب شهوته و هواه
و إستعبدها و أذلها و إرتكب من المجازر و الجرائم مما لم يرتكبه حتى فرعون ، و وجدنا له الأعذار و المبررات، بل أعطيناه الغطاء و الصبغة الدينية و القدسية ( أمير المؤمنين، الخليفة، ناصر الدين ، خادم الحرمين، آية الله العظمى، الزعيم، القائد الأعلى) و نصور لغير المسلمين أن هذا هو الإسلام، الذي ندعوكم إليه ، مسحنا كل عيوبنا و إخفقاتنا السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية في الإسلام، ثم نقول أن الغرب يعادي الإسلام، أو أنه لما يعادينا لسلوكاتنا و جرائمنا
( المنافية للإسلام) نقول أنه يعادي الإسلام، ويكأنه نحن الإسلام، و لذلك يجب أن لا ندخل الإسلام في كل صراع، لماذا كل أصحاب الديانات الأخرى لا يدخلون دياناتهم في صراعاتهم الداخلية أو الخارجية إلا نحن المسلمون، نقحم الدين في كل شيء رغم أننا لا نلتزم به كما أمر، لماذا هذا الإستغلال المشين لهذا الدين العظيم، خاصة الإستغلال السياسي، فجعلنا من هذا الدين، دين عنف و إرهاب أو دين فساد و إستبداد أو دين تخلف و جمود. لقد لام الله اليهود لما لم يتمسكوا بتعاليم التوراة، و لم يستفيدوا مما فيها من التعاليم و القيم الإنسانية، فقال ( كالحمار يحمل أسفارا) كما لام و وبخ الشعوب التي جعلت مما يسمى برجال الدين، من أصحاب العمائم( الذين قاموا بإستغلال الدين في تبرير شهوات الحكام و ظلمهم لشعوبهم، كما أنهم جعلوا الدين مصدر إسترزاق لهم و لعوائلهم) فقال تعالى ( إتخذوا أحبارهم
و رهبانهم أربابا من دون الله) فالإسلام جاء لتحرير العقل
و للعمل به و لقد ذم التقليد و التقيد بكل ما هو قديم، فقالوا
( إن وجدنا أبائنا على أمة و إن على آثارهم مقتدون) كما ذم سبحانه الإتباع بلا علم و إستعمال عقل للمشايخ و العلماء، فقال عنهم ( إذ تبرأ الذين أتبعوا من الذين أتبعوا و رأوا العذاب و تقطعت بهم الأسباب) فعلينا عدم الإستهانة بالعقل المفكر، هذه النعمة الإلهية الكبرى التي إستطاع العقل الغربي و الشرقي( اليابان و الصين و كوريا ) لما تحرر من الخرفات و الأوهام أن يتقدم في كل ميادين الإيدولوجيا و التكنولوجيا لخدمة البشرية جمعاء، جزاهم الله عنا خيرا، فالإتباع
و التقليد بلا علم و لا عقل و ترديد كلام الأخرين كالببغاء،
و تعطيل عقول الناس و فرض الوصاية عليها ( كما يقولون من تمنطق تزندق) و ملء عقول الأتباع بالخرافات و الأوهام و تخميرها (الخمر ذهاب العقل) و تخديرها (المخدرات) لسنين طوال، و إتباع قاعدة( إتبعي و لا تناقشني) و(بيع صكوك الغفران) كل هذه الأساليب و الخدع لا تخفى على عاقل، و التي يقوم بها دعاة الإستكبار بدعوى الفهم و العلم
و السلطة و الجاه لإستعباد المغفلين و السذج من الناس ليكونوا حطبا لنار الفتنة و قضاء مصالح الكبار، و لذلك حذرنا ربنا في القرآن الكريم من هذا الصنف من الإستغلالين و الإستكباريين، فقال( فقال الضعفاء للذين إستكبروا إنا كنا لكم تبعا، فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء) فالتنازل عن أخص خصائص الكرامة الإنسانية و الحرية الشخصية في التفكير و الإعتقاد و الإتجاه، و جعل الإنسان من نفسه تبعا لغيره مهما كان مستوى هذا الغير، يعد عند الأسوياء و العقلاء جريمة، فإدعاء الضعف و القصور ليس عذرا، فالله تعالى خلق الناس سواسية و كرمهم بالعقل على سائر المخلوقات، فلا (لحيوة الإنسان) فلسنا قطيع من البهائم نساق إلى حتفنا بأنفسنا، و لذلك يعاقب الله تعالى هؤلاء الضعفاء، ضعفاء العقول الذين نزلوا أنفسهم إلى مرتبة البهائمية و ذلك ما أسميناه القابلية للإستعباد وها نحن المسلمون نردد في كل يوم في صلاتنا ( إهدينا الصراك المستقيم ) و لو نظرنا لواقعنا نظرة نقدية و تأملية لوجدنا أنفسنا نحن الضالون و المغضوب عليهم أنظر إلى واقع المسلمين اليوم و ما يعانون منه من الضلال و التيه، ضلال في الفكر و الإيدولوجية وضلال في السلوك و التكنولوجية ، طفيليون و عالة على الأمم الأخرى في كل شيء، أي مثال قدمناه للعالم نحن المسلمون، أي دعوة و أي إسلام...أإسلام الطالبان أو إيران أو السعودية أو الصومال ، أإسلام بني أمية أو بني العباس أو الأتراك، هذا في التطبيقات، أما الإيدولوجية فأي إسلام نقدم للعالم، إسلام الشيعة أم السلفية أم الصوفية ... إني أتسائل دائما لو ولدت في اليابان أو أمريكا أو أروبا هل كان بإمكاني إعتناق الإسلام، و من الذي يدفعني لإعتناقه و أنا أرى حال أتباعه و ما هم عليه .
فكيف يحق لي أن ألوم هؤلاء القوم على ماهم عليه ، و هل حقيقة أكون سعيدا لو ولدوا في بلداننا العربية و الإسلامية
و ما إخترعوا لنا المصباح الذي يضيء شوارعنا في الليل
و منازلنا و الموبايل الذي طوى المسافات و قربها و جعلنا نقضي مصالحنا و نحن على أرائكنا و الكمبيوتر و الأنترنات الذي سهل لنا كل المهمات و جعلنا نتواصل و نذيب الفوارق الإيدولوجية و العنصرية و كأننا من أسرة واحدة، و الطائرة
و السيارة والمبرد، إلى غير ذلك من المنتوجات والمخترعات
و التسهيلات التي جاء بها هذا العقل الغربي الذي خمر و خدر في عالمنا العربي الإسلامي سنين طوالا. فلا يمكن أن ننتج
و نفكر بعقل مخمر و مخدر منذ قرون، لقد أصبنا حقيقة بالغيبوبة الفكرية و العقلية و لبد لنا من صحوة و صعقة كهربائية لعلنا نفطن من هذه الغيبوبة،أحيانا أتسائل من الضال التائه و المغضوب عليه، و أتسائل لو كان هؤلاء القوم
(الكفار لعنهم الله كما يقول مشايخنا )في كوكب أخر غير كوكبنا(لأنني أخشى دائما أن يجدوا كوكبا أخر فيه الحياة فيذهبوا إليه و يتركوننا هنا للفقر و التخلف والجهل والظلم) لو فعلوا ذلك، هل كان بإمكاننا أن نصل إلى ما وصلوا إليه اليوم . حتما نرجع للسيف و البعير و (القربة) و حكم القبيلة ، و العيش في الظلم و الظلمات كما كنا سابقا و لازلنا. كلما أرى على شاشة التلفاز( التي هي من صنع الكفار طبعا) كل يوم من إقتتال بالمجان بين السنة و الشيعة في العراق و إيران
و باكستان و أفغانستان، و ثورات سلمية و أحيانا دموية بين الشعوب المقهورة و الحكام في الجزائر و السعودية و إيران و مصر و تونس و ليبيا و البحرين و سويا و العراق و اليمن و السودان و الصومال، إلى غير ذلك من بلاد المسلمين
و العرب ، و تخلف في كل الميادين الحياتية و إستبداد و فساد على كل الاصعدة ، و لن تجد هذه الأحداث إلا في بلاد الإسلام و العرب، و بالمقابل تسمع عن إجتماع مجموعة الثماني
(G8) و عن الوحدة الأروبية، و أن مجموعة السلام الأخضر تعترض قافلة للمواد السامة و الملوثة للجو، و تعرض نفسها للخطر من أجل حماية الأرض و ما فيها من كائنات(حتى المسلمين)، و أن إمراءة عرضت نفسها للخطر من أجل إنقاذ حيوان من الغرق و أخرى من حريق... هل هؤلاء من عالم غير عالمنا، وهل هذا يدفع شعوب العالم إلى إعتناق هذا الدين العظيم الذي جاء ليقيم العدل و المساواة و يعطي الحريات
و يحقق الإستخلاف في الأرض و إعمارها و يدعو إلى فعل الخيرات، قال تعالى ( ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون) و قال ( هو أنشأكم من الأرض
و إستعمركم فيها)وقال( ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السموات و ما في الأرض و أسبغ عليكم نعمه ظاهرة
و باطنة) .

يقول الإمام محمد عبده : " كل ما يُعاب على المسلمين ليس من الإسلام ، وإنما هو شيء آخر سمّوه إسلاماً".
ويقول المفكر عمر عبيد حسنة : " هل أخطر من أن نأتي إلى صوَر من تخلفنا فنرفع فوقها شعارات لتصبح هي الإسلام ؟!"
ويقول المفكر مالك بن نبي : " التخلف هو عقوبة إلهية أوقعها الإسلام بأتباعه جرّاء تخلّيهم عنه ، إن المسلمين تأخروا لأنهم تركوا الإسلام لا لأنهم تمسكوا به ، فحقّ عليهم قوله سبحانه : (( وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ))
وقد نجح الإعلام الغربي – للأسف – باستغلال تخلف المسلمين فوظفه لصالح أطروحاته المعادية للإسلام والعرب .
يقول الأفغاني : " أفضل وسيلة لإقناع الغربيين بالإسلام، أن نقنعهم أولاً بأننا لسنا مسلمين كما ينبغي"
هكذا يقول أهل الفكر المتنور و الغيورين على حال أمتهم، بهدف إستنهاظ الأمة من غيبوبتها و سباتها العميق، أما أن نبقى نمدح في تخلفنا أو نبكي على الأطلال و عن ماض تليد، وحتى لا ننسى واقعنا المر و مستقبلنا المظلم، فلنقم بغربلة تراثنا و نبني مستقبل أنبائنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا مقدس الا بالديكتاتورية الفكرية !!
فهد لعنزي ـ السعودية ( 2014 / 12 / 24 - 03:45 )
هل امة ترضى وتبارك باحتلال مهد اسلامها شبه الجزيرة العربية وتحويلها ياسم عائلة مارقة وباسم الاسلام واستنادا على احاديث موثقة وبتعزيز من فقهآئها وهم يرون بام اعينهم نهب ثرواتها لصالح الاسرة الفاسدة وللامبرالية والصهيونية ويتباهون عند ذكرها ـ المملكة العربية السعودية ـ وحاكمها خادم الحرمين الشريفين وهو لا يخدم الحرمين بل الحرمين وسكان الجزيرة العربية هم خدامه واكبر دليل على ذالك عائدات الحجيج التي تدخل جيوبهم باسم الله وكان الله اوجد اليبت الحرام كرامة لهم فهل هذه الامة ـ اي امة الاسلام ـ تستحق ان يقال لها امة ام دمية؟؟. لكن السؤآل من اين اتت هذه الاهانة؟؟. اليست من الاسلام نفسه؟؟. اطع الامير وان جلد ظهرك وهتك عرضك اطع الامير ان برا او فاجرا؟. هل هناك حمورية اكبر من هذه؟؟.لعلك نقول المسلمون اسآؤا نفسير قرآنهم ولنا ان نسال فاذا كان الاسلام دين سماوي وقرآنه منزل من السماء فهل من الحكمة ان يتركه رب العباد للمنافقين كـ القرضاوي وعبد العزيز آل الشيخ ومن لف لفهم ان يفسروه حسب الاهواء خدمة لاولياء نعمهم ام ان الاسلام برمته هو حبكة سياسية منذ نشاته واول ضحاياه هم من انشؤوه؟؟.


2 - لا مقدس الا بالديكتاتورية الفكريةـ 1
فهد لعنزي ـ السعودية ( 2014 / 12 / 24 - 03:45 )
لماذا هرول الاصحاب الى السقيفة لتقاسم المناصب ورسولهم لم يدفن بعد ولماذا تم ابعاد ال بيت نبيهم عن اتخاذ القرآر بل عدوا عليهم بعد استباب الامر؟؟.معاوية خال المسلمين ورضي الله عنه ويزيد ابن خالهم ورضي الله عنه والحسين خرخ على ولي امره ورضي الله عته وام المؤمنين حاربت امير المؤمنين ورضي الله عنهما وعلى الاصول نبتت الفروع ولا زلنا نتغنى ونقول ان هذا ليس من الاسلام فاين الاسلام الصحيح ومتى كان يا رعاك الله؟؟.اليس اردغان التركي الناطق الرسمي باسم العرب السنة والولي الفقيه الايراني الناطق الرسمي باسم الشيعة وابو بكر البغدادي الخليفة الوارث للسلف؟؟. اليس الانتحار وقتل الابرياء شهادة وثمنها فروج الحور؟؟. اخي الكريم دعنا نضع العواطف جانبا ونعلنها صراحة ان الاديان هي سبب شقاء الانسان لانها كانت ولا زالت حبكة سياسية لاستعباد الضعفاء باسم الله ودعنا نطالب بوضعها في محلها الصحيح ولتكن شانا شخصيا لا علاقة لها بادارة البلاد والعباد وعندها نكون امة تستحق الذكر الحسن وسنبدا التفكير في التقدم في ركب الحضارة. من يعتقد ان ولاة الامور الفجرة هم ضلال الله هو لاشك حيوان في زي انسان وان ركب الطآئرات ....


3 - رد على موضوع
حيدرية ( 2014 / 12 / 28 - 15:07 )
لا علاقة لي الدين بالدكتاتورية ولكن ووجود دجالييين ومصاصيي دماء في الامة العربية يلبسون عباءة الدين ويقررون نصوص دينية واحاديث مزورة تخدم اهوائهم و مطامعهم الشخصية هم من جعلوا الدين يظهر في صورة السجان .

اخر الافلام

.. حديث السوشال | فتوى فتح هاتف الميت تثير جدلاً بالكويت.. وحشر


.. حديث السوشال | فتوى تثير الجدل في الكويت حول استخدام إصبع أو




.. عادات وشعوب | مجرية في عقدها التاسع تحفاظ على تقليد قرع أجرا


.. القبض على شاب حاول إطلاق النار على قس أثناء بث مباشر بالكنيس




.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر