الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مَشروع ُ خُفَاش ٍ في الفصل

سيومي خليل

2014 / 12 / 23
التربية والتعليم والبحث العلمي



كي أُوصلَ مَعنى الشَّك المنهجي لتلامِيذ وتِلميذات الجِدع المُشترك ، لا اكتفي بِكتابة تعريفِه على السَّبورة ، لأني لا أَرَ هذا الأَمر كَافيا لإستيعاب المَفاهيم ، بل أَعمل على تقريب المفهوم عَبر وضع التلميذ في عُمقه ، هكذا فكرت أَن أَكتُب على السبورة معلومة تُلقن لَهم على أنها حَقيقة ،كي أَطالبهم بعدَها بِوضعها في غُربال الشك المنهجي ،وأطلب أخيرا منهم البَدء في هَدمها مُعتمدين على ما يَتبادر إِلى أَذهانهم من شك فيها ، وأَنا أفكر في المُعلومة التي سأُقدمُهَا على أساس أَنها حقيقة ، انتبهت إلى هَذا الفصل الفكري الذي يَحمله التَّلاميذ والتلميذات عن بَعضهم بعضا ، وعلى تَصنيفهم فِكريا على أساس الجنس ، فَكتبتُ العبارة التالية على السبورة :

القدرات العَقلية للرِّجال أهمْ من القُدرات العقلية للنساء .

ثم طلبت منهم أَن يُمارسوا عملية الشك المنهجي عليها ، وكي أَفتح لهم باب النِّقاش أكثر ، قلت لهم :

إنْ قُدمت لي هذه المعلومة على أساس أَنها حقيقة ،فسأشك فيها ،وساعْتبرها غير صحيحة، وذَلك لأن من يَحصل على أعلى نُقط في القسم عندي هن الفَتيات ، بل إن الإحصاءات الحالية تَتحدث عَن أَن النساء أكثر تفوقا من الرجال في التَّحصيل الدراسي ...

بالفعل ،كان المثال الذي قَدمته ، بادرةً لإبتداء نِقاش جميل دَاخل الفَصل الدراسي ، ورأيت أيادي تَرتفع ،وتلميذات وتلاميذ يرغبنَ ويَرغبون في إعطاء أَجوبتهم .

انساقت الأجوبة المقدمة لي فِي نَفس سياق المثال الذي قَدمته في الأول ،وترواحت أجوبتهم ، بَين من اعتبرت أنَّ الأنثى أَصبحت تحتل مناصب إدارية وفكرية عالية ، وبَين من اعتبر أَن المرأَة شاعرة وأَديبة وفيلسوفة وعالمة ،بل قدمت تلميذة نَجيبة فكرة ممتازة ، صرحت بها أن القَمع الذي تَعرضت له المرأة جعلها لا تخرج كل قدراتها ...

كنت أطلب منهم بَعد كل جواب ، تَقديم جوابٍ آخر أكثر وُضوحا ودلالة ،كَي يشرعوا ، ويشرعن في هَدم فكرة تقدم لهم ولَهن باعتبارها حَقيقة لا يدخلها الباطل من بين يديها .

وأَنا مُستمر في إِعطاء الكلمة لمن يَرغب ، رفع التلميذ *إكس* يَده ، طَلبت منه الحديث، ولم أَكن متوقعا القذيفة التي سيحملها كلامه ، قال :

*وعلاش يا استاذ العيالات كيديرو الدعارة ...*

في هذا الجو البارد سَيكون أصعب عِقاب أتعرض له هو تَلقي جَواب مِثل هذا ، فكأَنه سطل ماء باردٍ سُكب عَلي وأَنا عار بالكامل ، لقد انتبهت إلى أَعين التَّلاميذ والتلميذات التي جمدت مَكانها ، فربما هي الآخرى لم تكن تَتوقع مثل هذا الجواب ، نبهته إلى ضرورة الحديث باللغة العربية بَدل الدارجة ، وقلتُ له إترك الدارجة في الشارع ، ثم صحت فيه :

هذا عنوان للتفكير الداعشي ...

لقد حمدت الله أَنه لم يفهم المقصود بالعبارة ، وتَذكرت أَن الكثير من مدرسي هذا التلميذ يَحملون فكرة عن تفوق الرجال على النساء عَقليا ، ومازال أحدهم رغم سَخافة إيمانه بهذه الفكرة صَديقي ، إذن كيف سَيتم هدم هذا الهراء الذي يُطلي عقل هذا التلميذ .

قلت له؛ هل لك والدة وأخت وترغب في زوجة وستكون لك إبنة ؟؟؟. أجاب ؛ نعم .عقبت ُ؛ هل تراهم على صورة غَير مشرفة؟؟؟؟. أحمرت وجنتاه قليلا ، وقال؛ لا .قلت له؛ إذن حَتى النِّساء الأُخريات لسن بالضرورة كما قلت - وَكنت أحاول جَاهدا أن ابتعد عن كلمة دعارة التي استعملها التلميذ - ثم أَضفت ؛ لما تَحصر هَذا الأمر في النساء أليس الرجال طرفا فيه أَيضا ، فَإذا كان الأمرُ دليلا عَلى عدم قُدراتهن العقلية فسيكون أيضا دليلا على عَدم قدرات الرجال العقلية وضعفها؟؟؟ . لكني تَذكرت أن منطق التلميذ هو نَفسُه ُ منطق الشيوخ، والفقهاء ، فالفصل المجحف يأخذ أسوأ حَالاته في هذا الأَمر ، ألم يكن رجال الكَهنوت يطالبون بمعاقبة المرأة الزانية وترك الرجل؟؟؟ .المرأة عندهن عُنوان الدنس ، ويكفي أن ترتَدي تنورة جَميلة ولا تظهر أي شيء من عَورتها ،كي تتهم في عفتها . أردتُ أن أُوضح له مسأَلة آخرى ،مرتبطة بالجانب العقلي والأخلاقي ، كان بودي أَن أَقول له ، القدرات العقلية لها جانب خاصة بها، وهو ليس نَفسه الجانب الذي تَشتغل به الأخلاق ، فَفكرت أن هذا الأمر سيوتيهُه أكثر مما هو تائه ، فأحجمت عن التصريح.

أشفقت على التلميذ ، لأَنه نتيجة حصار خَطير ، حصار فكري يأْخذ قُوته من الفصل الممنهج بين الذَّكر والأنثى في القُدرات العقلية ، وفي الممارسات الأَخلاقية ،وفي الممارسات المهنية والوظيفية . لقد أُقحمت أفكار خطيرة في هذا الرَّأس الصغير ، لدرجة أنه من الممكن أن يَرى أخته الصغيرة مَشروع داعرة ، ومن يدري ربما إن تعَوسجت هذه الأَفكار أَكثر يتهم أُمه ، ويتهم كل نساء الكون . لم يعلم هذا التلميذ أَن الأنثى هي نصف الوجود ، وأَن الدنس صفة تأَتي نتيجة الممارسة ،وليست حكما يُعمم على جنس دون آخر ، لقد شَاهد الفصل المقيت بينه وبين أخته التلميذة في كل مراحل تعليمه ، وسَمع بهذا الفصل على أَلسنة مُعلميه وعائلته وكل الجهلة *اللي بلانا الله بيهم *، فكيف لا يُصرح في لحظة نقاش فلسفي هادف ، بِخرائه هذا ، هذا الخراء هو نَفسُه الذي يَحمله الكثير ممن يُقبلون أقدام المومسات من أجل لمسة ، وبعدها يبصقون بصقة كريهة حين يسمعون حديثا عن مومس، وهُو نفسه من يحمله الكثير من الطهرانيين ، أو مدعي الطَّهرانية ، الذين لا يرون المرأَة مهما عفت وطهرت إلا مقدمة للدخول في نص طويل من الفجر والدنس .

لا أعرف إن كنْت قَد أزلت الهراء من رأس التلميذ ، لكن ما أصبحت أعرفه أن الظَّلام يحتل الفصول الدراسية ، فرغم المجهودات التي يقوم بها رجال التعليم الصادقين ، إلا أن الهراء والجهل يكثر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 12 / 23 - 22:50 )
اعداء المرأة هم : (الملاحدة) و (المسيحية) , تابعوا :
• الإلحاد يرى المرأة (حيوان مُعاق مُشوه) :
http://laelhad.com/index.php?p=2-1-131
• اقوى نصوص اهانة وتوبيخ المرأة في الكتاب المقدس (المسيحية) :
http://ya66ereg.blogspot.com/2013/07/blog-post_2032.html

اخر الافلام

.. معرض -إكسبو إيران-.. شاهد ما تصنعه طهران للتغلب على العقوبات


.. مشاهد للحظة شراء سائح تركي سكينا قبل تنفيذه عملية طعن بالقدس




.. مشاهد لقصف إسرائيلي استهدف أطراف بلدات العديسة ومركبا والطيب


.. مسيرة من بلدة دير الغصون إلى مخيم نور شمس بطولكرم تأييدا للم




.. بعد فضيحة -رحلة الأشباح-.. تغريم شركة أسترالية بـ 66 مليون د