الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محنة إبليس ومكر الله

سامي القسيمي

2014 / 12 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إبليس هو كبير الشياطين حسب الديانة الإسلامية، وهو جان كان من الجن العابدين لله في الأرض، ومن عبادته لله كرمه بأن رفعه الله في الملأ الأعلى، ورد في القرآن: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنْ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ). (سورة الكهف، الآية 50)،لكنه عصى الله بامتناعه عن السجود لآدم. كما يطلق اسم "شياطين" على الذين يسلكون سلوك الشيطان من البشر، والشيطان هو عدو الإنسان الدائم إلى يوم القيامة ( إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) (سورة فاطر، الآية 6)، وكان هو السبب في إخراج آدم وحواء من الجنة بعد أن جعلهما يأكلان من الشجرة المحرّمة، ( فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ ) (سورة الأعراف، الآية 20) ،وهو من الجن حيث يستطيعون أن يرونا نحن البشر في حين أننا لا نستطيع رؤيتهم ( يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ) (سورة الأعراف، الآية 27).
هنا سنتطرق بأن مفهوم السياق الديني والنقد الديني للآيات إنما تحمل في طياتها الكثير عن ابليس وليس كما فهمه المسلمون الفهم الخاطئ عن ابليس.

ابليس (أصل التسمية)

يعتقد أن أصل كلمة إبليس في اللغة العربية هو من الفعل بَلَسَ (بمعنى طُرِدَ)، عندها يكون معنى إبليس هو "المطرود من رحمة الله".ولكن العديد من اللغويين يجمع على ان معنى الفعل هو "يئس" وبالتالي يكون المعنى "الذي يئس من رحمة الله" ويظن بعض المستشرقين أن أصل الكلمة هو من اللغة الإغريقية لكلمة " .
عبر الحلاج محنة إبليس فيقول:-
((لما قيل لإبليس اسجد لآدم ! خاطب الحق : أرفع شرف السجود عن أسري إلا لك حتى اسجد له؟إن كنت أمرتني قد نهتني))

التناقض بين الأمر والإرادة الإلهية

يقول الإمام المقدسي عن هذا التناقض : ( فإني نظرت بعين اليقين دائرة الشقاوة والسعادة: تدور على خط الأمر ومراكز الإرادة،وبينهما تدقيق يدق عن التحقيق،ومضيق يفتقر سالكه إلى رفيق التوفيق.فالآمر يهب والإرادة تنهب،فما وهبه الآمر نهبته الإرادة.الآمر يقول افعل والإرادة تقول لاتفعل).
نرى الإمام المقدسي يشدد على عنصر التناقض الذي واجهه إبليس وعلى عجزه عن أن يجد مخرجا لائقا لنفسه مما جعل الإختيار الذي كان عليه ان يقوم به اختيارا مصيريا تتوقف عليه شقاوته الأبة أو سعادته الأبدية ،فهو إما يسمع إلى خالقه وإرادة خالقه ويسعد إلى الأبد أو يخضع لإرادة نفسه ويشقى إلى الأبد،فهو الآن في الميزان ( الآمر يهب والإرادة تنهب) و (الآمر يقول افعل والإرادة تقول لاتفعل).
فابليس في محنة من أن يختار، لايوجد من ناصح هنا له ليس لديه إلا أن يتخذ قرارا في ذلك فهو الآن في وحده تامة فأي قرار يتخذه فيعتبر هو مصيره الأبدي .

عناصر المأساة في محنة ابليس

1- دائما المأساة إذا جاءت تأتي بشكل مفاجئ في حين أن قرارك وتصرفك تجاه هذه المأساة تستوجب عليك أن تقرر بين خيارين على الأكثر فقرار قد يكون لصالحك وقد لايكون فإما تعيش شامخا تعيسا وإما ذليلا مطيعا.
عندما أمر الله ابراهيم بقتل ابنه اسماعيل فسارع ابراهيم لقتل ابنه دون قرار من داخله ودون أي تراجع وانما بخضوع وخشوع كان سيردي ابنه اسماعيل قتيلا ولكن أتت مشيئة الله في آخر اللحظات .
كان ابليسا كما يقول الإمام المقدسي ساكن البال مستقيم الحال صالح الفعال ولكن بينما هو في حضرة الشهود اتى الله بآدم الى الوجود وأمر له بالسجود،فاتقلب كل شيئ بلحظة فاهتز نظام الملأ الأعلى اذ على الجبين الذي لم يسجد إلا للأحـد ان يذل بالسجود لبشر وعلى معلم الملائكة في التوحيد أن يجحد التقديس والتسبيح وعلى النار أن تخضع للصلصال.لكن ابليس رفض السجود فلعن وطرد إلى يوم الدين.
فابليس كان في قمة عزه واصبح في حضيض بؤسه وهيبته نفس قصة الملك أوديب عندما كان في ذروة مجده وسلطانه ثم تاه في متاهات اليأس والعذاب والألم فقد أصبح كل منهما مذموما مكروها ومشوها بعد أن هوى إلى أدنى مهاوي الشقاء فأصبح كل من كان عونا لهما عونا عليهما.

2- لابد من أن أتطرق الى مسرحية أنتيغون (سوفوكليس) تعالج مسرحية (انتيجوني) مسألة التمرد على نظام الحكم المستبد من خلا‌ل صراع بين (انتيجوني) المرأة التي ترفض قرار الملك (كريون) بعدم دفن أخيها لا‌نه بحسب الملك لا‌ يستحق أن يعامل بكرامة ويدفن لأ‌نه يمثل الشر فيما يسمح بدفن اخيه الا‌خر الذي قتل معه لا‌نه يمثل الخير.
تطرح هذه المسرحية قضية من أهم القضايا في تاريخ الإ‌نسان ألا‌ وهي : أين ينتهي حق الحاكم ومن أين يبدأ حق الشعب؟
كان كريون يتوعد كل من تسول اليه نفسه مخالفة النظام بأشد أنواع العقاب وجميع هذه الإجراءات أمور طبيعية في مدينة (ثيبة) عانت من ويلات الحرب والوباء والفوضى ماعانته ثيبة عندما تسلم كريون مقاليد حكمها وكانت النتيجة ذلك الصدام المفجع بين متطلبات السلطة الزمنية وضروراتها متمثلة في شخصية كريون،وبين متطلبات السماء وأوامر الآلهة متمثلة في شخصية انتيجونا وحصد الجميع الموت واليأس والمأساة.
عندما يسأل كريون انتيجونا (كيق جرؤت على مخالفة هذا الأمر؟) أجابت :ذلك لم يصدر عن > ولا عن <<العدل>> ...ولا عن غيرهما من الآلهة الذين يشرعون للناس قوانينهم،وماأرى أن أمورك قد بلغت من القوة بحيث تجعل القوانين التي تصدر عن رجل أحق بالطاعة والإذعان،من القوانين التي لم تكتب،والتي ليس إلى محــوها من سبيل...ألم يكن من الحق عليّ إذن أن اذعن لأمر الآلهة من غير أن أخشى أحدا من الناس ؟ وقد كنت أعلم أني ميتة وهــل كان يمكن أن أجهـل ذلك حتى لو لم تنطق به؟لئن كان موتي سابقا لأوانه فما أرى من ذلك إلا خيرا... .
إذا نظرنا إلى قصة ابراهيم واسماعيل من هذه الزاوية تبين أنها تحتوي على تناقض شبيه بالتناقض الذي صوره سوفوكليس في مسرحيتة المذكورة،لابد أن ابراهيم عانى الأمرين بالتناقض بين احترامه لمتطلبات الأبوة العاطفية وواجباتها الإخلاقية من جهة وبين ضرورة الإذعان للأمر الإلهي القاضي بذبح اسماعيل من جهة أخرى.
فمحنة ابراهيم مشحونة بعناصر المأساة إلى درجة أعظم من مسرحية انتيجونا حيث أن التناقض الأساسي في مسرحية سوفوكليس كان بين السلطة الزمنية وبين أوامر السماء الأزلية.أما ابراهيم فإن طرفي التناقض يعودان في نهاية الأمر إلى مصدر واحد هو الله.عندما خالفت انتيجونا لأوامر السماء خالفت بذلك أوامر السلطات الزمنية بينما حين خضع ابراهيم لأمر ربه ووضع المدية على عنق ولده خالف بذلك القواعـد الأخلاقية المطلقة التي أنزلها الله على عباده عن كيفية معاملة الآباء للأبناء والعكس.بعباره أخرى لما أطاع ابراهيم ربه من الناحية الدينية اضطر لأن يعصيه من الناحية الإخلاقية.
لاتختلف محنة ابليس عن محنة كل من انتيجونا وابراهيم فهو إما يسجد لآدم بأمر من الله أو كانت أمامه متطلبات المشيئة الإلهية الداعية للتوحيد والتسبيح ولاتسمح للسجود لأحد سوى الله.فأذعن ابليس لمتطلبات المشيئة وعصى بذلك أمر السجود فطرد ولعن.
مأساة ابليس كانت فاجعة ومأساوية وأعظم من محنة ابراهيم لأن ابراهيم محنته بين واجبات الطاعة الدينية وبين واجبات الطاعة الإخلاقية ولكن ابليس كان بين واجبات الطاعة للأوامر الإلهية فحسب بعبارة أخرى ،واجه ابليس الرب وهو يناقض نفسه بصورة مباشرة ومفضوحة فذهب ضحية هذا التناقض وضحية الموقف الذي اختاره ووقفه.فجحود ابليس هنا كان أعظم تقديس للذات الإلهية وأكبر مثل على التمسك بعقيدة التوحيد.فوقع بالإثم عندما جادل ربه ولكن الله هو الذي سمح له بذلك واصغى له عندما قال: <<أنا خير من خلقتني من نار وخلقته من طين>>.وهنا تتجلى شخصية ابليس المأساوية باعتبارها مزيجا من البراءة والإثم،من الجمال والقبح والحق والباطل ومن الخير والشر يتصف بكل هذه الصفات شأنه شأن الأبطال المأساويين الذين عرفناهم من خلال التراجيديات الكبرى في تاريخ الأدب.
هذا التوتر المأساوي لايتحمله إلا أشدهم بأسا واصلبهم عودا أي أنه لايتحمله إلا إن كان معدنه من معدن الأبطال.

3- يقسم الدكتور صادق جلال العظمة هذه المأساة إلى نوعين : الأولى مأساة الغربة والثانية مأساة المصير أو القدر فمحنة ابليس تمثل كلا النوعين بحيث ينتج مأساة الغربة بسبب انفصال عن موضع معين كان البطل ابليس يشارك فيه قبلا ولكن يجد نفسه غريبا عنه الآن .
ومن أكبر الأمثلة عن مأساة الغربة كتاب <<الغريب>> لكامو الذي أصبح مجرما ومتهما من قبل كل الأشخاص الذين صادفهم في رحلته لحضور جنازة أمه.
يصف الخلاج مأساة الغربة لإبليس فيقول : <<أفردني،أوحدني،حيرني طردني لئلا اختلط مع المخلصين،مانعني عن الأغيار لغيرتي،غيرني لحيرتي،حيرني لغربتي،حرمني لصحبتي،قبحني لمدحتي،أحرمني لهجرتي،هجرني لمكاشفتي،كشفني لوصلتي..>> .
ابليس كان مسيرا في جميع خطواته وفقا للقدر الذي كتبه الله عليه شأنه شأن كل كائن في ملكه بدليل الحديث القدسي القائل:
<<أن أول ماخلق الله القلم فقال له اكتب قال يارب وما اكتب قال مقادير كل شيئ حتى تقوم الساعة من مات على غير هذا فليس مني>>
وعبر الحلاج عن هذه الحقيقة الحلاج بانشاده عن ابليس:
<<القاه في اليم مكتوفاً وقال له اياك اياك أن تبتل بالماء>>.فكان ابليس خاضعا في أحواله واختياره وطرده ولعنته وتشويهه لأحكام الإرادة الإلهية ولأمر قضائه الذي لايرد،كان مجبورا بحكمته ومقهورا بمشيئته بدليل قوله تعالي : (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ)(سورة القمر الآية 49).
كتب الحلاج الكلمات التالية حول خضوع ابليس لقضائه وقدره:
<<قال الحق سبحانه لابليس:الإختيار لي لا لك،فأجاب ابليس:الإختيارات كلها واختياري لك،قد أخترت لي يابديع ،إن منعتني عن سجوده فأنت المنيع وإن أخطأت في المقال فأنت السميع وإن أردت أن أسجد له فأنا المطيع،لا أعرف في العارفين أعرف بك مني،لاتلمني فاللوم مني بعيد،وأجر سيدي فإني وحيد>>.
فآدم عصى ربه شأنه في ذلك شأن ابليس ولو شاء ربك لآدم الا يعصي لما عصى ،ولما عاتبه الله على معصيته لم يبد آدم أي رد فعل ايجابي بل قال : << قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ >> (سورة الأعراف آية 23) ،أما البطل المأساوي الذي يصارع مصيره فلا يقول <<إني ظلمت نفسي>> لأنه يعلم حق العلم أن قدره المحتوم هو الذي ظلمه،أما ابليس فإنه استجاب بصورة إيجابية لعتاب ربه فقال: << قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ>> (سورة الحجر الآية 39) فنفى بذلك أن يكون قد ظلم نفسه أو أن يكون مسؤلاً عن مصيره ومآله.
فآدم خاف من الإعتراف بهذه الحقيقة لما عاتبه ربه بينما ناقشه ابليس وحاول أن يدافع عن فعله وأن يبرر اختياره بالرغم من علمه أنه لامفر له مما قدره الله عليه مع العلم أن فشله كان محتوما ومتوقعا.
من خلال الحوار الذي تم بين ابليس والإلـه تلاحظ أنها أشبه بالمحاكمة حيث أتيحت لإبليس فرصة ليدافع عن نفسه قبل أن يقضي أمراً كان مفعولاً.

4- الكبرياء دائما يلعب دورا مهما في حياة الأبطال المأساويين فحين رفض ابليس السجود فهذا دافع إلى الكبرياء والفخار،قال الحق لإبليس لما طرده من الجنة << قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ >> (الأعراف آية 13).
وهناك فرقا بين الكبرياء والعجرفة الدونكيشوتية اللتان لايجلبان لصاحبهما سوى الشفقة والسخرية،أما الكبرياء المأساوية فإنها تفرض علينا موقفا جديا تجاه البطل فيه الكثير من الإعجاب والتقدير لو كان موقفه مخالفا لكافة مبادئنا ومواقفنا الخاصة.
لذلك كانت الكبرياء دوماً من أهم الدوافع التي حركت الشخصيات المأساوية من الملك أوديب إلى كارامازوف.
يتكون جوهر الكبرياء المأساوية من رفض البطل لأن يبقى سلبيا في وجه مايعتبره تحديا لواجبه ومنزلته وكرامته حتى لو كان يعلم أن هذا التحدي هو جزء من مصيره وأن كبريائه ستنتهي به إلى الدمار واليأس والموت.
إذن هكذا أنتهى أوديب وهكذا أنتهت انتيجونا وهكذا انتهى ابليس.أما آدم لم يعرف هذا النوع من الكبرياء على الإطلاق ولو كان مقدرا له أن يكون شخصية مأساوية لما قال : << قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ >> (سورة الأعراف آية 23).
نستنتج من ذلك أن كبرياء ابليس لم تكن ناتجة عن عجرفة فارغة ولا عن تطاول على معبوده بل كانت كبرياء مأساوية دفعته لأن يلجأ إلى الله من قضاء الله عليه.حتى بعد طرده ظل يعترف بسلطان الله وقوته ويخاف منه بدليل قوله تعالي :<< كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ >>(سورة الحشر الآية 16).وبدليل جواب ابليس عندما أقسم أمام الله : << قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ،إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ >>(سورة ص الآيات 82 و 83).أي أنه بيّن أن لاشيء أعز عنده من عزة ربه حتى بعدما أنزلت عليه اللعنة.

النظرة المأساوية لابليس على المستوى الديني

تتطلب النظرة المأساوية للأشياء أن يتكبد الأبطال خسائر فادحة لايمكن أن تعوض على الإطلاق ويرمز لها بالموت أو اليأس التام ويتطلب من الأبطال أن يتحملوا بلاءاً وعذاباً لم يستحقوهما ولم يريدهما لأنفسهم.أما الدين فلا يقبل بهذا المنطق المأساوي ويقول بأن الخسائر التي يتكبدها الصالحون ستعوض عليهم في يوم ما كما عوض الله النبي أيوب على المصائب التي حلت به وكافأه على صبره الطويل.أما الخسائر التي يتكبدها الأشرار فإنها عقاب عادل استحقوه بسبب آثامهم وأفعالهم الشريرة بدليل << فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ،وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ >> (سورة الزلزلة الآيات 7 و 8 ). وحتى فاجعة الموت بالنسبة للدين لايقبل المأساه إلا بصورة مؤقتة ومرحلية ويتبع من ذلك أنه لابد لمأساة ابليس من أن تكون مأساة مؤقتة ستتلاشى في يوم من الأيام.وهما سؤال مهم لماذا الله أمر ابليس بالسجود لآدم والجواب ليختبره ويمتحنه من توحيد الله وحده لا شريك له كما اختبر أيوب وابراهيم في الأرض من بعده وتجربة ابليس واضحه بقوله : << بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ >> (سورة الحجر الآية 39) و << قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ>> (سورة الأعراف الآية 16) أي أنه سيغوي البشر كما أغواه الله ،وبرهن ابليس عن استعداده لأن يضحي بكل شيئ في سبيل دعواه بمعبود واحد، فهذا إن دل على شيئ فإنه يدل على حب ووفاء ابليس لله رب العالمين وإخلاصه له.
فابليس هنا من خلال التجربة الدينية فقد اجتاز اختبار الله بنجاح تام والدليل على ذلك النقاط التالية :-

1- ابراهيم نجح بالامتحان وتفضيله قتل ابنه والتخلي عن الإخلاقيات الأبوية والخضوع للأوامر الإلهية أما ابليس فلقد علق مفعول واجبات الطاعة الجزئية ليذعن للمشيئة الإلهية ويتمسك بواجبه المطلق في التوحيد والتقديس.
2- تحول ذبح اسماعيل من مجرد جريمة نكراء إلى تضحية كبرى ،حوّل تمسك ابليس بواجبه المطلق،جحوده من مجرد عصيان إلى أسمى تقديس توجه به مخلوق إلى الذات الإلهية.
3- جعل الأمر الإلهي من واجبات ابراهيم الأبوية والتزاماته الإنسانية،واجبات إبتلاء لو أذعن لها لفشل في التجربة،كذلك ابليس كانت واجباته الجزئية واجبات ابتلاء بالنسبة للواجب المطلق،لو امتثل لها لفشل بالتجربة.
4- أما ابراهيم لم يسلك سلوك الآباء العاديين فهو نبي فظهرت حقيقته من خلال التجربه وأما ابليس لم يسلك سلوك الملائكة بالنسبة لواجباته الجزئية نحو الله بل سلك سلوك القديسين والصالحين والمقربين فبانت بذلك حقيقته بكل صفائها ونقائها .
5- أصبح من الجلي أن الإبتلاء الإلهي هو مصدر البلاء والعذاب واليأس الذي يمر به الممتحن.كانت رغبة ابراهيم الشديدة في إنقاذ إسماعيل والإحتفاظ به مصدر عذابه وشقائه،ولولا هذه الرغبة العنيفة لما استحقت تجربته كل هذا الإهتمام لأنه يكون قد قدم إلى ربه شيئا لايعز عليه إلا قليلا ولا يشكل فقدانه بلاء عظيما .كذلك الأمر بالنسبة إلى ابليس عندما جربه الله كان يشعر برغبة جامحة لأن يذعن لأمر السجود وعز عليه إلى أقصى الحدود أن يضحي بهذه الرغبة في سبيل تمسكه بحقيقة التوحيد وإلا يكون قد ضحى بشيئ لم يكن يرغب فيه أصلا إلا رغبة طفيفة.كان ابليس وابراهيم يعلمان أن الله يجربهما وأنه يطلب منهما أشق أنواع التضحيات وأغلاها على الإطلاق ولكن ما من تضحية تصعب عليهما في سبيل وجهه تعالي،لذلك رفض ابليس السجود ورفض ابراهيم روابط الأبوة والإنسانية.
من خلال كل هذه المحن المأساوية نجد أن مأساة ابليس هي مأساة المآسي لأن محنة ابراهيم عجزت الوصول إلى قمة المأساة بسبب ذلك الكبش المشهور هنا تعذر وجود المأساة الحقيقية في الدين.وأما محنة انتيجونا تليها في الأهمية من حيث أنها تمثل مأساة حقيقية أما محنة ابليس تعبر عن المأساة بأجلى صورها وأقصى دودها وأبعد معانيها.غير أن عندما ندرس الموضوع من التجرية الدينية نضطر من أن نغير هذا التصنيف ونستعيض عنه بتصنيف جديد ينسجم مع منطق الدين وموقفه من المأساة.ولو قدّر لحقيقة ابليس أن تتجلى على المستوى المأساة فحسب لانتهت مشاغلنا عند التصنيف الأول.أما التصنيف الجديد فإنه يضع محنة انتيجونا في أسفل السلم لأن تجربتها فرضت عليها الإختيار بين أمر السلطة الزمنية وبين أمر السماء وكل منهما يعود إلى مصدر غير المصدر الذي يعود إليه الآخر.بينكا نجد أن تجربة ابراهيم كانت اهم مغزى وأقوى مفعولا لأنها خيرته بين أمر الله المباشر وبين الواجبات الأبوية والإلتزامات الإخلاقية والإنسانية التي كان يعتقد ابراهيم أنها مقدسة ومنزلة من عند الله .أي أن اختياره كان بين أمرين نبعا من مصدر واحد هو الله .أما تجربة ابليس فهي تجربة التجارب وأعظمها شأنا واشدها مرارة لأنها اضطرته للإختيار بين متطلبات المشية الربانية من ناحية وبين الأمر الإلهي المباشر من الناحية الأخرى.أي لم يكن على ابليس أن يختار بين الدنيوي والأزلي كما كان على انتيجونا أن تفعل،ولم يكن عليه أن يختار بين الإلهي والإخلاقي كما كان على ابراهيم أن يفعل،بل كان عليه أن يختار بين الإلهي والإلهي أو بين الأزلي والأزلي كان ابتلاؤه لايطاق وبلاؤه لايقاس ويأسه لايوصف.
ومن شروط التجربة الناجحة أن يعتقد الممتحن اعتقادا راسخا لايتطرق اليه الشك بأن تجربه ستسفر عن خاتمة مفجعة وكم عندئذ ستكون فرحته عظيمة عندما يكشف أنها أسفرت عن نهاية سيعدة،كما حدث لابراهيم عندما استعاد ولده،ولأيوب لما أعاد الله اليه أمواله وذريته أضعافا مضاعفة.وبما أن الله كافأ أيوب وابراهيم على صبرهما ونجاحهما وتمسكهما بواجبهما المطلق نحوه يجوز لنا أن نستنتج بأنه سيكافئ ابليس ايضا على نجاحه وتضحيته ويعوض عليه ماتكبده من خسارة مفجعة وماعاناه من شقاء وبلاء وغربة.ولكن إذا كان كذلك لماذا لعنه الله إلى يوم الدين ؟! الجواب بسيط: لعنه إلى يوم الدين لأن التجربة بحد ذاتها تتطلب ذلك،فلو اعتقد ابليس مثلا أن اللعنة التي نزلت به كانت مؤقتة فأمل بالعودة إلى الجنة لفقدت تجربته مغزاها ومعناها،ذلك لأن تمسكه بحقيقة التوحيد،بالرغم من يأسه التام من النجاة،هو دليل اجتيازه التجربة بنجاح،تماما كما كان يأس ابراهيم من إنقاذ إسماعيل وتعويضه بالكبش المزعوم .
بعبارة أخرى لاتبين اللعنة الأبدية مصير ابليس الحقيقي بقدر ماتشكل جزءا لايتجزأ من امتحانه.أما مصيره الحقيقي فهو أمر يجب أن يظل سرا مكتوما عنه إلى أن يحين موعد إفشائه،تماما كما ظل مصير إسماعيل سرا مكتوما على ابرهيم حتى حان الوقت المناسب لإعلانه.كما أنه لايجوز لابليس أن يظل ملعونا إلى الأبد بعد إجتيازه التجربة بنجاح،لأن بقاءه على هذه الحال يشكل مأساة كبرى وحقيقية في الكون،ومنطق الدين،كما مرّ علينا سلفا لايسمح بذلك على الإطلاق.
من كل ماسبق يتضح أن الصفة الإلهية التي نبحث عنها هنا هي المكر والآيات القرآنية تبين هذا المكر كالتالي :
<< وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ >> (آل عمران الآية 54)
<< وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ >> (الأنقال الآية 30)
<< وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِّن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُم مَّكْرٌ فِي آيَاتِنَا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ >> (يونس الآية 21)

فالخاتمة النهائية المتوقعة لإبليس كما قلت أن الله سيكافئه على نجاحه في التجربة التي إبتلاه بها ويعيده إلى الجنة يوم تشرف هذه الدراما الكونية على الإنتهاء ،والدليل على ذلك:

1- تمسك ابليس بحقيقة التوحيد تمسكا لامثيل له ولذلك لايمكن أن ينتهي في جهنم عملا بالحديث القدسي القائل<<قال الله عز وجل إني أنا الله لا إله إلا أنا لي بالتوحيد دخل حصني ومن دخل حصني أن عذابي>>.
2- نجح ابليس بالتجربة التي إبتلاه الله بها وصبر على البلاء الذي حل به من جرائها وعليه فإن مكافئته النهائية مضمونة بدليل الحديث القدسي القائل : <<قال عز وجل إذا ابتليت عبداً من عبادي مؤمناً فحمدني وصبر على ما ابتليته فإنه يقوم من مضجعه ذلك كيوم ولدته أمه من الخطايا ويقول الرب للحفظة إني قيدت عبدي هذا وابتليته فاجروا له ماكنتم تجرون له قبل ذلك من الأجر>>.ولولا هذه النهاية السعيدة المتوقعة لإبليس لكانت خاتمته مأساة حقيقية ونهاية لايمكن لمنطق الدين أن يقبل بوجودها كما مر معنا في السابق.
فمكر الله هنا كما سبق، أي أنه أبدى لهم من أحكامه عند بداية التجربة غير ماأضمر لهم بالنسبة لخاتمتها،فينطبق هذا على ابليس إذ أن مكر الله يتطلب أن يعتقد ابليس إعتقادا جازما بأن خاتمته لن تكون تعيسة ويائسة.نستنتج إذن أن اللعنة التي نزلت بإبليس لم تكن تعبيرا عن نهايته الحقيقية التي شاءها الله له وإنما كانت مكراً الهياً غايته تنفيذ أحكام المشيئة فيه.
وأخيراً يقول الدكتور صادق العظم <<يجب علينا ادخال تعديل جذري على نظريتنا التقليدية إلى ابليس وإحداث تغيير جوهري في تصورنا لشخصيته ومكانته ثم يجب أن نرد له اعتباره بصفته ملاكاً يقوم بخدمة ربه بكل تفان وإخلاص وينفذ أحكام مشيئته بكل دقة وعناية.وأخيرا يجب أن نكف عن كيل السباب والشتائم له وأن نعفو عنه ونطلب له الصفح ونوصي الناس به خيرا بعد أن أعتبرناه زورا وبهتانا مسؤولاً عن جميع القبائح والنقائض>>.
______________________________________________________

المراجع /
1- مسرح سوفوكليس من التراث الأدبي اليوناني الغربي
2- قصة النبي ابراهيم من التراث الديني السامي
3- كير كجورد - قصة ابراهيم - كتاب (الخوف والقشعريرة)
4- أنتيغون (سوفوكليس)
http://en.wikipedia.org/wiki/Antigone_(Sophocles)
5- الأحاديث القدسية (الإتحافات السنية في الأحاديث القدسية) - الشيخ محمد المدني
6- بتصرف - نقد الفكر الديني – صادق جلال العظم
7- ابليس في الإسلام
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A5%D8%A8%D9%84%D9%8A%D8%B3_%D9%81%D9%8A_%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85
8- القرآن الكريم
http://www.holyquran.net/quran/index.html
9-قصة أوديب
http://en.wikipedia.org/wiki/Oedipus
10-رواية الغريب – البير كامو








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق الى سامي القسيمي
ايدن حسين ( 2014 / 12 / 24 - 08:10 )
تحية طيبة

لم افهم هذه العبارة

((لما قيل لإبليس اسجد لآدم ! خاطب الحق : أرفع شرف السجود عن أسري إلا لك حتى اسجد له؟إن كنت أمرتني قد نهتني))

هل من توضيح .. هل هناك خطأ مطبعي ام ماذا

و سلامي

..


2 - تعليق الى سامي القسيمي
ايدن حسين ( 2014 / 12 / 24 - 08:43 )

بعد التحية

انت قلت .. ان ابليس قال ردا على الامر .. خلقتني من نار و خلقته من طين

ثم ناقضت نفسك .. فبدأت بادخال امور اخرى الى الموضوع .. اي انك قلت .. تردد ابليس بين السجود لله و بين السجود لادم

هذا لا يجوز لك .. فذنب ابليس انه تكبر عن امر الله .. بسبب تفكيره انه خير من ادم .. و ليس شيء اخر

و سلامي

..


3 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 12 / 24 - 09:03 )
- إبليس كان بكامل حرية الإرادة ؛ عندما رفض السجود .
- (الهداية) و (الغواية) و (الضلال) ... الخ , كل هذه شبه تم الرد عليها آلاف المرات , و منذ مئات السنين .
الله يهدي العبد الذي أختار الهداية بأن ييسر له سبيل الهداية , و يضل الضال بأن يتركه -بحريته- على ضلاله , هل هذه المسألة تعتبر معضله على الكاتب؟ .
لو أراد الله هداية البشر بالتدخل لأراد , و لكن جعل لهم حرية الاختيار , و من حرية الاختيار ينتج (الثواب و العقاب) .
- بما أن الكاتب (مسيحي متطرف) , نسأله :
ما رأيك بهذه النصوص المقدسة عندك؟ :
(فإذا ضل النبي و تكلم كلاما فأنا الرب قد أضللت ذلك النبي و سأمد يدي عليه و أبيده من وسط شعبي إسرائيل) [حزقيال14: 9] .
هل يرى القُراء الكرام مكر (يهوّه - يسوع)؟ .


4 - ضمير
ماجدة منصور ( 2014 / 12 / 24 - 09:08 )
لقد نجح سيدنا إبراهيم في إمتخان الطاعة و العبودية و سقط في الوقت عينه ..في إمتحان الضمير!!0
أليس من الجائز أن الله يمتحن ضمير أبو الأانبياء؟؟
للأستاذ إحترامي


5 - تعليق الى ماجدة منصور
ايدن حسين ( 2014 / 12 / 24 - 09:17 )

تحية طيبة

ابراهيم هو الذي جلب لنفسه مشكلة ذبح ابنه .. حيث نذر نذرا لله .. لو تحقق .. ليذبحن ابنه

فطلب الله منه ان يقوم بما وعد به .. فاضطر ابراهيم لذبح ابنه

و سلامي

..


6 - شكرا
ماجدة منصور ( 2014 / 12 / 24 - 09:43 )
شكرا للتوضيح.0
وأشكر كل من يصحح لي معلوماتي و يصلح إعوجاجي.0


7 - الله وإبليس وجهان لعملة واحدة
مدحت محمد بسلاما ( 2014 / 12 / 24 - 10:00 )

الرجاء مراجعة المقال في الحوار : هل بميّز القرآن بين الله والشيطان

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=280022ر


8 - تاريخ الشيطان
محسن المالكي ( 2014 / 12 / 24 - 11:07 )
ان فكرة الشيطان موجودة منذ الاف السنين ومازالت الفكرة قوية ومؤثرة الى اليوم والشيطان هو رمز للشر والسؤال هنا اين بدأت قصة الشيطان يعتقد ان الشيطان ولد في الكتاب المقدس ففي هذا الكتاب تظهر شخصية الشيطان وعندما تقرأ العهد القديم تجد هذه الشخصية الظلاميه الشيطان لم يكن غفريتا ولم يكن في النار حيث ان فكرة النار لم تكن موجوده عند اليهود القدماء السؤال التالي اين هو ذلك الشيطان الذي نعرفه اليوم اين ذلك الوحش الذي اشعل حربا مع قوى الشر اين ذلك الشرير الذي يحكم فوق لهيب الجحيم اذا لم تأتي صورة الشيطان من العهد القديم فمن اين جاءت يعتقد ان صورة الصراع بين الخير والشر ظهرت قبل 3500سنه في بلاد فارس القديمة كان هناك الكثير من الالهة الخيرة منها والشريره حتى جاء زرادشت وقلل عدد الالهة الى اثنين وقسم الى اله للخير واله للشر هذه الفكرة شكلت اساس المفاهيم الثنيوية بين الخير والشر خلال الفترة التي كتبت فيها الاناجيل المسيحية اي عند القرن الاول للميلاد تحول الشيطان الى شخصية قويه ونافذة وفي كتاب (الرؤيا)اعطى كاتبه للشيطان واحدا من اكثر القابه غرابة الوحش 666 ي


9 - تاريخ الشيطان
محسن المالكي ( 2014 / 12 / 24 - 11:23 )
تكملة ....حيث سيسجن مدة الف عام وعندما سيخرج ستكون نهاية العالم سينطلق الشيطان من الهوة محاولا السيطرة على العالم يختلف رجال الدين المسيحيون كثيرا فيما بينهم حول شكل الشيطان بعد اربعة قرون من المسيح اعتنق الامبراطور الروماني قسطنطين الععظيم الديانة المسيحية وخلال جيل واحد اصبحت الديانة التي كانت اكثر اضطهادا هي الديانة الرسمية لاعظم امبراطوريه على وجه الارض واصبح الاساقفة يتمتعون بسلطة فعلية مدعومه من قبل الدولة هولاء الاساقفة استخدموا فكرة الشيطان للحفاظ على الدولة وقد صرح هولاء ان الذين يخالفونهم من جميع المذاهب هم عملاء للشيطان كان علماء اللاهوت الكاثوليك يقولون ان الهراطقة يعبدون الشرير عدو الله احد اعظم المفكرين للكنيسة اوغسطين بين ان الهة الطبيعة ماهي الا عفاريت خطيرة وخلال العصور الوسطى وبعد الف عام على تعاليم المسيح تمكنت الكنيسة من اقناع اتباعها بأن الشيطان واتباعه حقيقيون وان الشيطان عدو قوي في اوربا القروسطيه كان ينظر الى الاسلام بوصفه هرطقة من صنع الشيطان كان مطلوبا من المسلمين تطهير اعداءهم المشبعين بالشر وفي القران امر المسلمين بمحاربة غير المسلمين لانهم انصار الشيطان


10 - تاريخ الشيطان
محسن المالكي ( 2014 / 12 / 24 - 11:28 )
تكملة ...كلا الطرفين يتبنيان الفكرة الفارسية القديمة التي ترى العالم منقسما الى قوى الخير وقوى الشر مبررين من خلالها اعمال الحرب والغزو في الختام نستطيع القول ان الشيطان هو فكرة اختلقها وصنعها البشر من وحي خيالهم وذلك لحاجتهم اليه كما صنع الاديان للسيطرة على البشر


11 - ارادة الله
بلبل عبد النهد ( 2014 / 12 / 24 - 22:40 )
هناك اشياء امر بها الله وما ارادها امر ابليس ان يسجد لادم وما اراده ان يسجد وامر ادم ان لا ياكل من الشجرة واراده ان ياكل منها لتكون ارادته هي الاقوى ومن هنا يكون ابليس وادم مجرد ضحايا هذا الله الماكر


12 - مشكلة مؤلف القرآن 1
محمد البدري ( 2014 / 12 / 24 - 23:06 )
للوهلة الاولي نكتشف ان مسألة التصنيف للرموز الميتافيزيقية شبه منعدمة عند مؤلفي النص القرآني. اضافة الي تلك المماحكات اللفظية وفقة اللغة الذي يكشف فقر كتاب النص القرآني لحظة تدوينهم اياه. فالله ذو طبيعة مبهمة يستحيل تحديدها ولا يمكن تصنيفة لعدم وجود ما يشاركه الصفة في الاسلام (ليس كمثله شئ)، اما الملائكة والشياطين والجن وما تعج به السماء الاسلامية من ملأ اعلي فلا تعريف حقيقي لاي منهم الا بعمل فروق مصطنعة ليس في طبيعة كل منهما انما في مدي انصياعهم لاوامر ذلك الاله الغير محدد الطبيعة وله من الصفات والوظائف بما لا يقبله عقل ومنطق. كل همه اعطاء اوامر لكن اوامره مبهمة كطبيعته لا يعرف الي من يوجهها. فامره للملائكة ان يسجدوا ذهب الي آخرين اتضح انهم جن عندما غضب عليهم لانهم لم يسجدوا!! أو ربما أعيد تصنيفهم لاحقا عندما اخطأ كاتب النص ولم يعد ممكنا تدارك الخطأ في مراحل تدوينية لاحقة تاريخيا. فقبل ان نكيل التهم الي ابليس علينا اكتشاف الارتباك في منظومة ذلك الخالق الذي يعي نفسه من اي مسؤلية ويلقي بها الي من ابلس من مخلوقاته. اليس من الطبيعي أن يفلس المخلوق كونه مفعول به في مملكة ... يتبع


13 - مشكلة مؤلف القرآن 2
محمد البدري ( 2014 / 12 / 24 - 23:06 )
الخالق المسؤول مسؤولية كاملة عن خلقه. حتي المسؤولية فات علي كاتب أو كتاب النص القرآني ان يوظفوها توظيفا جيدا. فغالبا كان الشكل الذي صيغت علي اساسه يخدم اهدافهم في الحياة الدنيا بجعلها لا تتحمل تبعات افعالها. لهذا كان القتل والذبح والاستحلال والسبي ونهب الجيران من القبائل والاوطان هدفا سهلته لهم خلو مسئولية الله الاخلاقية منها. فلفظ ابليس مشتق من الفعل -ابلس- اي فقد الحيلة وسكت سكت غما وحزنا لافتقاره الحجة وافتقاره الاداة سوي من تلك التي سلحه بها مؤلف القرآن ليلقي عليه تبعات كل ما يبرر تجريمه لانه لم يطع. وبالتالي فقد جعل طاعة من يدفع المؤمنين به الي القنال والنهب والسرقة امرا يكافأ عليه. سجد محمد وعصابته فاصبح لهم مبررا في فعل اي شئ الي حد مضاجعة الاطفال من ابناء رجاله الاقربون ، أما ابليس الذي ابلس ولم يرتكب شئئا سوي عدم السجود فتلك جريمة لا تغتفر. انها الوظيفية التي يعج بها النص القرآني وتشيح بعقل القارئ أو المؤمن بعيدا عن تناقضات النص ومدي الفعل الاجرامي لو آمن به هؤلاء السذج من المسلمين. تحياتي واحترامي وتقديري


14 - تبرر لابليس ما لم يبرره لنفسه
عمر و أحمد ( 2020 / 9 / 27 - 18:43 )
الغريب فى الأمر أنك تعطى لابليس تبرير هو نفسه لم يعطه لنفسه
فهل حقا خطأه لأنه أراد التوحيد فرفض السجود لسيدنا آدم ؟؟
بالطبع لا

فهو نفسه حدد السبب ، فالسبب ليس له أى علاقة بالتوحيد لأن أصلا السجود هنا كان سجود احترام وليس سجود عبادة مثلما سجد سيدنا يعقوب و أبنائه لسيدنا يوسف

ابليس عندما رفض طاعة أمر الله عز وجل فهو خالف شرط أساسى من شروط العبادة الصحيحة وهو التسليم لأوامر الله عز وجل ، ومنه جاء اسم الاسلام

ابليس عصى ربه لأنه تكبر و ليس لأنه أراد التوحيد لأن السجود هنا لم يكن سجود عبادة والا كان هو نفسه قال بهذا
ابليس خالف شرط الايمان بطاعة رب العالمين و التسليم له

وهذا الشرط ستجده واضحا فى رسالة يعقوب بالكتاب المقدس

2 :17 هكذا الايمان أيضا ان لم يكن له أعمال ميت في ذاته
2 :18 لكن يقول قائل أنت لك ايمان و أنا لي أعمال ارني ايمانك بدون اعمالك و أنا اريك باعمالي ايماني
2 :19 أنت تؤمن ان الله واحد حسنا تفعل و الشياطين يؤمنون و يقشعرون
2 :20 و لكن هل تريد ان تعلم ايها الانسان الباطل ان الايمان بدون أعمال ميت
2 :21 ألم يتبرر إبراهيم ابونا بالاعمال إذ قدم اسحاق ابنه على المذبح


15 - معصيته الثانية
عمر و أحمد ( 2020 / 9 / 27 - 18:49 )
ابليس لم يعصى فقط بمخالفته أمر الله عز وجل ، ولكن أيضا استمر فى الخطيئة و زاد عليها بالقرار الذى اتخذه بأن يغوى البشر حتى يحيدوا عن عبادة الله عز وجل

يمكن لكائن أن يخطئ ولكن أمامه أن يصحح خطأه ويتراجع
ولكن ابليس أصر على الكبر وعدم التراجع

ابليس فى سبيل اغواء الناس لا يتورع عن القسم بالله كذب
وهذا ما فعله مع سيدنا آدم عليه الصلاة والسلام

قال الله تعالى :- (وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَٰ-;-ذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20) وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (21))
سورة الأعراف

ابليس ليس مجنى عليه بل جانى وهو بنفسه اختار بارادته الحرة هذا الطريق

فالله عز وجل أعطى للملائكة نفس الأمر وهو أطاعوا بينما عصى هو

فالله عز وجل لم يجبر أحد على شئ

ولكن غضب ابليس كان من فكرة أن الله عز وجل يأمره بالسجود لآدم أصلا
لأنه تكبر على خلق الله عز وجل

ومصير ابليس هو مصير كل عاصى يستقوى على خلق الله عز وجل


16 - محسن المالكى
عمر و أحمد ( 2020 / 9 / 27 - 21:11 )
فكرة وجود الشيطان الشرير عدو الاله (أو كبير الآلهة) هي فكرة قديمة قبل الفرس

عند المصريين القدماء سنجد :-

أبيب هو اله الشر والذى صارع رع اله الخير وكبير الآلهة ، ولأن المصريين القدماء جسموا الاله لذلك من الطبيعى أن يبحثوا عن شئ مجسم يمثلوا به شخصية أبيب فكروا أن يكون على شكل حية
عدو الإنسان الذي تراه العيون

و يوجد أيضا أبو فيس وهو أيضا اله الشر و الذي تم تمثيله على شكل حية


في الحضارة السومرية سوف نجد :-
عسق (Asag) وهو شيطان وحشى ، ورد في قصيدة سومرية على أن وجوده يجعل السمك يغلى في الأنهار

راجع هذا الرابط :-

https://en.wikipedia.org/wiki/Asag

وعند البابليين كان هانبى (Hanbi) أو هانبا (Hanpa) ، وهو اله الشر

راجع هذا الرابط :-

https://en.wikipedia.org/wiki/Hanbi

بازوز (Pazuzu) هو ملك شياطين الريح وهو ابن اله الشر هانبى

للمزيد عنه راجع هذا الرابط :-

https://en.wikipedia.org/wiki/Pazuzu

(يتبع)


17 - من أين جاءت فكرة الشيطان
عمر و أحمد ( 2020 / 9 / 27 - 21:15 )
يعني فكرة وجود شيطان أو رمز للشر هي فكرة قديمة وموجودة في كل حضارة لأنها الحقيقة التي حرفها البشر
يعني الفكرة صحيحة ولكن البشر حرفوها كلا حسب هواه وبيئته لأن ببساطة شديدة الإنسان لا يخترع شئ من العدم و لا حتى الفكرة

إذا كان للانسان قدرة على عمل اختراع بدون أن تكون نظريتها موجودة في الطبيعة فعندها يكون كلامك صواب

ولكن هذا غير صحيح فجميع المخترعات ترجع نظريتها إلى أشياء موجودة بالطبيعة قام الإنسان بمحاكاتها

وكذلك القصص فجميع القصص لها أصل من الواقع

لذلك كلامك غير صحيح

راجع موضوع :-
الإنسان لا يخترع شئ من العدم ولا حتى الفكرة

https://www.ebnmaryam.com/vb/showthread.php?t=205960


لذا إذا كان الإنسان لا يخترع شئ من العدم وفى نفس الوقت هو لا يرى الملائكة والشيطان ، فمن أين جاء بالفكرة ؟؟!!!

الذي خلقه وعلمه و فهمه هو الذي أعلمه بوجود الشيطان والملائكة ولكن كان البشر يحرفون تلك الفكرة في أساطيرهم ويحاولون تجسيمه على شكل يعرفونه


18 - الشمس و القمر و انسان أعمى
عمر و أحمد ( 2020 / 9 / 28 - 17:23 )
تخيل انسان مولود أعمى ، لم يرى الشمس أو القمر ولم يحدثه أحد عنهما

هل سيعرف هذا الانسان بوجود الشمس والقمر ؟؟

بالنسبة للشمس : سوف يشعر بوجود شئ تسبب الحرارة فى أوقات معينة وتختفى فى أوقات أخرى ، سوف يشعر بوجودها ولكنه لن يدرك كيف تكون ولا ما هو لونها لأنه لم يراها ، و لم يرى شبيه لها ، لذلك لن يستطيع تخيلها

أما بالنسبة للقمر :-
فلن يدرك وجوده ولن يشعر به مطلقا ولن يعرف أن هناك شئ موجود فى السماء اسمه قمر ولن يتخيل وجوده حتى
الا فى حالة واحدة
وهى أن يخبره أحد بوجوده

نفس الأمر بالنسبة للشيطان
الانسان لم يرى الشيطان ولم يدرك وجوده
فكيف سيقول أن هناك كائن اسمه شيطان
مستحيل أن يفعل الانسان هذا الشئ من ذاته

الا اذا كان هناك من أخبر به
من أخبره يعرف بوجوده و شاهده
من أخبره هو الخالق سبحانه وتعالى
،


19 - الوثنيون عبدوا الطبيعة لأنها أمامهم
عمر و أحمد ( 2020 / 10 / 2 - 09:05 )
الإنسان يتجه إلى ما تراه عينه ولذلك نجد الوثنيين عبدوا النجوم والحيوانات
ولكن أن يفكر في وجود كائن لا يراه ، وفى نفس الوقت هذا الكائن هو عدوه
لا يمكن للانسان أن يصل الى هذه الفكرة بمفرده اطلاقا ، فلابد وأن هناك من أدخل الفكرة إلى عقله

اخر الافلام

.. خدمة جناز السيد المسيح من القدس الى لبنان


.. اليهود في ألمانيا ناصروا غزة والإسلاميون أساؤوا لها | #حديث_




.. تستهدف زراعة مليون فدان قمح تعرف على مبادرة أزرع للهيئة ال


.. فوق السلطة 387 – نجوى كرم تدّعي أن المسيح زارها وصوفيون يتوس




.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال