الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحمد لله على نعمة الإختلاف

محمد الشريف قاسي

2014 / 12 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إن إختلاف الناس فيما بينهم يرجع إلى ختلاف البيئة والمحيط، الوراثة والتقاليد، التربية والثقافة، إختلاف العقول (من حفظ وفهم وإستدراك
وتحليل وإستنتاج) إختلاف الحالات النفسية والعاطفية، إختلاف المصالح
والأهداف، هذه الأسباب تجعل لكل منا شخصيته التي تميزه عن الأخرين،
ومن أجل ذلك يحق للأخرين أن يختلفوا معنا، لكن بشرط عدم التعدي على حريات وحقوق الغير(أنت حر ما لم تضر) ومن هاته الحقوق، حق الإختلاف والخلاف، سواء الفطري أو المكتسب، لكن في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، لا حق للفرد أن يمارس حياته كما يريد، وأن يظهر شخصيته بكل تلقائية، لبد له أن يدخل مع القطيع، فتذوب شخصيته المستقلة وإرادته الحرة، وأن لا ينقد أخطاء الأغلبية وتصرفاتها، وإلا سلطت عليه كل أنواع العقوبات وأتهم بالخيانة العظمى والكفر واللادينية، فلبد من إتباع أهــواء
وأراء ومعتقدات وسلوكات القطـيع بالإكراه والتضييق( بالسيف). إن الإختلاف بين الناس أمر طبيعي وفطري، سواء كان هذا الإختلاف في اللون والبصمة أو إختلاف في التأثير والتأثر أو إختلاف في الفكر والعاطفة أو إختلاف في التفسير للأحداث والحوادث أو إختلاف في القدرات العقلية
والذهنية أو إختلاف في القدرات والحظوظ. لا يمكن أن نجد إنسانا يشبه إنسانا أخرا في كل شيء، ولو حدث ذلك لفسدت الحياة وفقدت حيويتها،
ولذلك قيل: إذا وجدت زوجين متفاهمين في كل شيء فأعلم أنهما غير سويان، لماذا؟ لأنه يوجد واحد منهما يتبع فقط بلا تفكير ولا رأي له، وهذا أمر غير صحي، لكن كيف نفسر التجمعات البشرية سواء السياسية أو الدينية أو المذهبية والإجتماعية؟ إنها إما المصلحة المشتركة أو الثوابت المشتركة في الفكر والمعتقد أو الظروف القاهرة. وكل ذلك يعتمد على قوة التأثر والتأثير في الأخر، سواء بوسائل الإقناع والتربية أو بوسائل الإكراه والترغيب والترهيب. فالأمم المتحضرة تسعى إلى هذه التجمعات بوسائل الإقناع والدعاية وإعطاء الحرية للأخرين في حسن الإختيار. أم المجتمعات العربية والشرقية فهي تعمد إلى وسائل الإكراه والتضييق بالترهيب بالسلطة المادية، لتجميع بشر ما (كقطيع من الأغنام) أو بمحاولة السيطرةعليهم بوسائل الإكراه الميتافيزيقية كإستعمال الجن والسحر وغير ذلك من وسائل التخويف والإكراه، أو بالترغيب في الإنظمام للجماعة بالدعاية الكاذبة عن طريق غسيل مخ المتلقي، وبالتالي لا تترك للفرد حرية الإختيار في الإنظمام للجماعة أم لا بكل طواعية. ولذلك فإن إنظم الفرد لجماعة ما عن طريق القهر والإكراه وليس عن طريق الإقناع، تجده مراوغا منافقا ومصلحيا فقط، ومتى وجد الحرية إنقلب (قلب المعطف) بكل سهولة وترك الجماعة( السجن) وتحرر وحلق كما يريد. وهذا ما يفسر التصرفات الطائشة والمتعطشة لبنات وأبناء الأرياف والبدو عندما يدخلون المدن الكبرى، وهذا ما يفسر إنبهار وسرعة ذوبان شبابنا العربي عندما تتاح لهم الفرص في زيارة دول أوروبا وأمريكا، فتراهم يطلقون العنان لشهواتهم المكبوتة في عالمنا العربي المسلم. وهذا كله نتيجة لأسباب، منها تراكمات تاريخية ودينية وسياسية أصبحت في اللأشعور للفرد العربي. والجماعة هذه التي أعنيها، يمكن أن تكون جماعة إرهابية، ويمكن أن تكون دولة وطنية ويمكن أن تكون طائفة دينية ومذهبية، لأن كل من هؤلاء يمارسون الضغط والإكراه بالترغيب والترهيب على أفرادهم من مريدين ومنخرطين. فالشعوب التي كانت تحت ما سمي بالإتحاد السوفياتي(سابقا) لما وجدت طريق الحرية وسقط الصنم الشيوعي المادي تحررت، لأنها لم تكن تحمل إقتناع بمشروع هذه الدولة الوطنية، بل كانت تعاني في داخلها من كبت وظلم وتحمل من حقد دفين وثأر قديم على السلطة القائمة، ولنرجع للتاريخ الإسلامي، وبعد وفاة الرسول محمد صلى الله عليه وآله وما وقع من ردة، فالمجتمع لم يكن كله يحمل نفس العقيدة والإستراتيجية المستقبلية لبناء الدولة، ولأنه اعتمد على الكم بدل الكيف وكثر المصلحيون والوصوليون الطفيليون(بالتعبير القرآني المنافقون) فلا يمكن أن نبني دينا بالإكراه (لا إكراه في الدين)(أفا أنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين) كما لا يمكن أن نبني مذهبا ولا حركة ولا حزبا بالإكراه والتضييق. وللننظر إلى أكبر مذهبين مسلمين اليوم، وما يقوم به أتباعهما، من الدعوة لمذهبه بالإكراه والكذب على المذهب المخالف له، وبالحديد والنار ووسائل الدعاية الكاذبة والمغرضة. ولما إستطاع أتباع هذا المذهب أو ذاك في هته البلاد أو تلك وفي هته المرحلة أو تلك، الوصول إلى الحكم والسلطة، فرضوه على الأمة بقوة الإكراه، وقاموا بالكذب والدعاية إلى تزيين مذهبهم وإعطائه من القداسة والحصانة ما يجعله فوق كل المذاهب والأفكار الأخرى. وخير دليل على ذلك هم أصحاب الطرق الصوفية والأحزاب السياسية عندنا، فكل طريقة أو حزب يدعي أهله أنه خير وأعظم من غيره على الإطلاق( فولي طياب)، فالكل فيهم مداح لشيخه أو رئيس حزبه، وذام لغيره من المشايخ والرؤساء، وهذه من الأفات الكبرى عند المتحزبين السياسين والمذهبين الدينيين، الغلو ونفي الأخر ومحاولة إستئصاله من الوجود بكل الوسائل والطرق(الغاية تبرر الوسيلة). ولذلك فعلى العاقل أن يترفع عن هذه المذاهب والطرق والطوائف والأحزاب ولينظر إليها من فوق، أي من خارج الدائرة المغلقة والسجن المظلم، وليعلم أن ماهي إلا إجتهادات بشر يخطؤون ويصيبون، وأنهم قد يكونون غير أسوياء مع أنهم أذكياء، والحقيقة، أن المشكل في هؤلاء الأتباع( الذين عطلوا عقولهم) وأصبحوا كالآلة (الروبوتيزم) والمسجونين الذين لا يرون ما حولهم، أو كالأحصنة التي تجر العربات، وبالتالي لا ترى إلا أمامها ووفق ما يريده لها قائدها ورئيسها، شعارهم (الله وأمعمر وليبيا وبس)(بالروح بالدم نفديك يا صدام) فبقيت الشعارات ولم يبقى لا معمر ولا صدام ولا انتصرت الشعوب الهاتفة بهته الشعارات، لذلك فلبد من تحرير عقولنا من التبعية والتقليد والإتباع للأخرين مهما كان هؤلاء الأخرين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عادات وشعوب | مجرية في عقدها التاسع تحفاظ على تقليد قرع أجرا


.. القبض على شاب حاول إطلاق النار على قس أثناء بث مباشر بالكنيس




.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت




.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا