الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإلحاد وإتهامه بالكفر الجزء الثالث :

دروست عزت

2014 / 12 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


فلا يمكن أن يكون العلماني على صواب إن كان يدعي العلمانية وهو يضر بالمجتمعات من أجل مصالحه الشخصية أو القومية أو الإقتصادية أو الجغرافية .. ولا المتدين يكون متديناً إن كان يُسخر الدين لنفسه ولمصالحه ولقوميته وللغته ولجغرافيته بأسم الله والكتب .. فإن كانوا حقاً مؤمنين بمعتقداتهم فيجب أن تبقى القيمة الإنسانية هي بالفعل عند الفاعل غاية وهدف وليس أي شيء أخر .. سواء أكان علمانياً أو متديناً ..
لأن الغاية الحقيقية من الإيمان بشيء ما تظهر في فعله وممارسته ..كما نفهم منهما .. وكما يدعون على الملء بمفاهيم عبر التاريخ وزعمهما في فلسفتهما لخدمة البشر ويظهرون بأن ( الأنسان هو أولاً ) ...
إذاً المسألة هي ليست في إنكار وجود الإله أو إثبات وجوده .. بقدر ما هو مطلوب منهما .. كيفية خدمة الإنسان ووجوده من خلال فكرهما اللذان هما بالأساس قد أتيا لتطوير المجتمعات الإنسانية وكل منهما بطرقه وسبله المناسبة لأفكارهما ..
فالله لم يرسل رسله هباء منثورا في دنيانا بل أرسلهم لخدمة البشر .. ليكون كل منهم بشيراً على قومه و يكون للبشرية جمعاء فيما بعد .. أي بالتدرج حسبما يزعمون .. والذي نفهم منهم بأن الله أرسلهم لهداية أقوامهم على ما كانوا فيه من تخلف ٍ وشرور ٍ في معتقداتها .. و لقبول بأفكار الرسل لتحل محل الأفكار القائمة آنذاك .. والتي كانوا يؤمنون بها ويمارسونها .. فجاءت الرسل ليخلصوا تلك الأقوام مما كانوا هم فيه .. أي التغير في الموجود بين أقوامهم ..
وكما إن العلمانية ونتاجها التاريخي و التي تراكمت وأجتمعت من الفكر البشري لخدمة الإنسان من خلال العلماء والمفكرين وجهودهم وتضحياتهم التي بذلت في الإختبارات والعمل الدؤب .. ما كانت هي إلا خدمة للمجمتمع البشري عموماً .. وكان الإنسان هو الغاية الحقيقية لديهم ..
هنا يبدأ السؤال : فإذا كان حقاً همهم وغايتهم هي خدمة البشرية و خدمة قيمة الإنسان .. فعليهم أن لا يلغوا حلفائهم الأخرين في الطرف الأخر من التناقض و حتى إن كانوا مختلفين في السبل والطرق لأن الغاية عندهم هي الإنسان وليس غيره ..
فمن الواجب الألتزام الأخلاقي والإنساني البحت هو أن يحترموا بعضهم البعض وإن كانا الطرفان متناقضان في السبل .. لأن الهدف يجمعهم في الجوهر والغاية .. فأصحاب الفكر الديني والعلماني هما أقرب الناس لبعضهم البعض من عامة البشر إن كانوا صادقين في مبادئهم .. كونهم غارقون في أبعاد سر الكون وجماله وسموا هدفهم لخدمة البشر ..
أما اللذين يستخدمون العلم والدين كتجارة لمنافعهم ولقتل البشر من خلال نتاجهم التكنيكي والفكري .. فكل هذا علينا أن نقف عليه بدقة شديدة لنميز بين الحق والباطل في فكرهما وغاياتهما .. فالتجار العلمانيون لا يقلون سوءاً عن فساد رجال الدين وممارساتهم عندما يكون كل نتاجهم في خدمتهم الشخصية أو غاية تلبي مطامعهم الخفية من ربح ٍ أو هدف ٍ غير ما يدعون به في الظاهر ..
فالمتدينون اللذين يستخدمون الدين للوصول إلى غاياتهم الخسيسة من خلال الأهداف السامية التي يدعونها ماهم إلا مجرموا الحروب والفساد والتخلف .. فلو أخذنا الخلافات بينها كأديان ٍ ضد أديان ٍ .. وكدين ٍ فيما بينها من الصراعات الطائفية والمذهبية .. وهدر دماء شعوبها لغاياتهم الدنئة بحجة التوسع في ملك الله لرأينا فظائع وجرائم لا تغتفر في سطور التاريخ .. ولرأينا المآسي والويلات في حق الإنسانية والإنسان .. منذ ظهور الأديان وحتى يومنا هذا ..
وكل ما جرى عبر التاريخ من خلال الأديان لا يستفيد منها غير حفنة من التنابل والكسالة والمتكلين على أرزاق غيرهم وأتعاب الفقراء والسذج .. وأدواتهم هي الكذب والنفاق وخلق الكراهية والتفرقة في المجتمع كي يصطادوا أرزاقهم من العقول الميتة .. علينا أن نقف ضد هذه الحفنة المتعفنة في خداعها للناس إن كنا حقاً مؤمنين بالله وسنته ...
لأن هؤلاء يعرقلون الفكر والتطور في مجتمعاتنا من أجل أن لا تنتزع مكانتهم .. فيخلقون الأحقاد والكراهية والأنشقاق حتى يستطيعوا من الإستمرار في نعمتهم .. ويصنعون الحروب بهدف ٍ كي يشغلوا الناس ببعضهم البعض .. حتى يحافظوا على ما هم عليه .. هؤلاء لا يهمهم الهدف المطروح بقدر ما يهمهم الإطالة بأعمارهم بالهدف حتى ينعموا في نِعَمِهِم ..
أمثال هؤلاء يشكلون الخطر الأكبر على سيرورة التاريخ بأتجاهه الصحيح .. وعليهم أن يحاكموا قبل أن يحاكم السلطات السياسية في الدولة .. لأنهم حقن لشل الفكر وللسكوت والأتكال وإشغال الناس بفكرة السماء .. ليتركوا الطغاة في التصرف بما يملكونه في الأرض ويبقوا هم كشهود زور ٍ للحكام على حساب الأهداف ودماء الناس .

دروست عزت








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - علي الحکومات الاسلامية منحنا صوتنا!
HAMID KIRKUKI/ SAYADI ( 2014 / 12 / 25 - 21:30 )
نقولها بصراحة وشجاعة على المثقفين ومعلمي دروس العلوم والأحياء والفيزياء وأساتذة الجامعات تشكيل حزب علماني والطلب في حقنا في الپرلمان كما الحق للمشعوذين الإسلامين في پرلمان كوردستان و العراق كذلك.
لايمكن الحياة خائفا وساكتا حيث الخرافة يتعشعش على ديمقراطيتنا وكوردايتي التي ناضلنا من أجلها.. هؤلاء هم المستفيدين من دما شهدائنا ونحن نتحسر للقمة عيش و مرعبين بشريعتهم المتخلفة. يا علماني كوردستان إتحدوا ضد النفاق وتعبيد النساء.


2 - إحتكار الحقيقة
مهاجر ( 2014 / 12 / 26 - 00:17 )
بالفعل أن من يستفيد من الأديان هم حفنة من التنابل والكسالة والمتكلين على أرزاق غيرهم وأتعاب الفقراء والسذج ، وأنا أسميهم مرتزقة الدين .

وهؤلاء المرتزقة تراهم يصرخون ليل نهار سواء في صفحات التواصل الإجتماعي أو في قنواتهم الأفيونية ، والسبب لأنهم أدركوا أن زمن إحتكارهم لحقيقة الكون والحياة أصبحت أضحوكة ، ولم تعد تنطلي على إنسان هذا العصر ، وتعرية فكرهم الضحل والساذح أصبحت مسألة أخلاقية ، وهو ما تقوم به الحوار المتمدن وأمثال كاتب المقال .

تقبل تحياتي ، وعام سعيد

اخر الافلام

.. ترمب يغازل المانحين اليهود بالورقة الفلسطينية ويطلق سلسلة من


.. حلمي النمنم: فكر الإخوان مثل -الكشري- | #حديث_العرب




.. 40-Ali-Imran


.. 41-Ali-Imran




.. 42-Ali-Imran