الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإلحاد.. هل هو إيمان أو دين أم عدمية وداعشية ؟!

إسلام بحيري

2014 / 12 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


-1-
سيراً على المبدأ الرئيسي "أنا أكفُر إذن أنا موجود" مع رفع الكتفيْن : يقرر الملحدون كثيراً مبدئاً فرعياً خاطئاً فيقولون (أن الإلحاد ليس بإيمان ولا دين بل هو إنكار للإيمان والدين). "ولا أدري علام هذه العجرفة".. فأنا أرى في الإلحاد عدمية وصعلكة بلا نظامية ولا انتساب! فمع كامل الإحترام: هل تطول أن تكون مؤمناً ؟!

كمثال: حين يسألك شخص ماذا تعمل، فأيهما أفضل : أن تقول أعمل في منظمة س أو مؤسسة ص، أو ترفع كتفيك بفخر وتقول: أنا حالة مختلفة، لا أعمل ولا أنتسب! علام تفتخر!!

وعبثاً يحاول التيار السلفي المتأسلِم أن يقنع الملاحدة بأن الإلحاد منظومة دينية واعتقادية في النهاية، وأنا لستُ مع هذا الاتجاه.. أنا أرى في الإلحاد عدمية وتعطيل للعقل

وأقول: أولاً هذه مناورة نفسية ونزاع على فكرة "أيُنا أعزُّ نَفَرا".. وهذا تخلف في الحقيقة، أن نعتز بعقائدنا ونتصارع عليها صراع الديَكةـ بدلاً من أن يعمل كل منا عمله ويتقنه، ويحقق ذاته ويشق طريق نجاحه بالطرق الشرعيّة كما أمرنا الله، إذا به يستوفي هذه الإحتياجات بأن يغتال غيره من البشر ويعتدي على كرامتهم وينال من آدميتهم من خلال تسفيه مقدساتهم.. وهذا شئ بشِع بمعنى الكلمة، وسقوط وفشل ذريع وليس نجاحاً.. بل أنا أعتبر من يقوم بهذا: من الدواعش، ولو كان ملحداً.

-2-
ثانياً الإيمان وجود والإلحاد عدم..
الإيمان مقترن بالإنسانية وأبعادها المتسامية الراقية..
الإيمان كله تفاؤل وإيجابية.. والإلحاد على طول الخط تشاؤم وسلبية.
وهذا ما أثبته علم النفس في السنوات المتأخرة..

لقد أعلن سيغموند فرويد (مؤسس علم التحليل النفسي) ذات يوم أنه يمكن للإنسان أن يعيش حياة صحية من دون الحاجة للإيمان بالله!! ولكن الدراسات التي أجريت خلال السنوات الماضية أثبتت عكس ما يقول، فالإيمان بالله له فوائد كثيرة ولا يمكن للإنسان أن يعيش حياة هادئة وطبيعية مع الإلحاد!

في عام 2006 قام الباحثان Andrew Clark و Orsolya Lelkes بمسح شامل لمئات الدراسات العلمية .. تبين من خلالها أن الإيمان بالله تعالى هو أقصر طريق للسعادة!! وفي مؤتمر Royal Economic Society الذي انعقد عام 2008 وجد الباحثون أن الإلحاد يؤدي لعدم الاستقرار في الحياة على عكس الإيمان الذي يمنح الإنسان مزيداً من قوة الشخصية والسعادة.

دراسة أخرى نشرت عام 2013 في مجلة Journal of Affective Disorders فتؤكد أن الإيمان بالله يعالج الأمراض النفسية. حتى إن دراسة جامعة ميسوري أظهرت أن الاعتقاد بأي دين أفضل من الإلحاد ويحسن الحالة النفسية. ويقول العلماء إن مجرد أن تعتقد بوجود خالق للكون فإن ذلك يساعدك على الشفاء بشكل أسرع ويمنحك سعادة واطمئنان في الحياة.

وفي دراسة علمية مستفيضة أجريت عام 2013 يقول الباحث Stephen Cranney إن الإيمان بالله تعالى يمنح الإنسان سعادة كبيرة ويساعده على اتخاذ قرارات صحيحة وتصبح حياته ذات هدف وقيمة!

ويقول الباحث Stephen Cranney الذي أجرى الدراسة بإشراف جامعة بنسلفانيا: لقد كانت النتائج مفاجئة جداً لأننا لم نكن نتوقع أهمية الإيمان بالله، حيث أظهر المشككون عدم استقرارهم في الحياة وعدم تمتعهم بنظام مناعي قوي مثل المؤمنين بوجود إله للكون.

-3-
لا أتحدث هنا عن دين بعينه.. فكل الأديان تؤدي في النهاية إلى السعادة وكلها تطلب الله تعالى وتستند إليه وتستهدي به في منهجية الحياة على مستوى المجتمع والأفراد.. وهي في مجملها تؤمن بالله تعالى وباليوم الآخر (العالم الآخر، عالم الملكوت) مع ما أصابها من انحراف عن مسارها الصحيح الذي أنزله الله منذ فجر البشرية.

لكن كلما اقترب الإنسان من الحقيقة وابتعد عن الشطط يميناً أو يساراً، كلما حاز مزيداً من السعادة. فلا إلحاد ولا زندقة من ناحية، ولا تطرف ديني من ناحية، ولا خرافات وثنية من ناحية.. الدين الصافي الحق برئ من هذا كله الذي تم إلحاقه بأيدي البشر.. وكم زاد البشر من زبالات خيالاتهم على جوهر الدين الصافي البسيط جداً ! أنظر إلى نموذج جمال البنا رحمه الله.. هل كنت تشعر أنه يتكلّف تطويع النص لكي يتمشى معه ؟ أم أنه أثبت للفقهاء أنهم هم الذيم كانوا يطوّعون النصوص لتتمشى مع عاداتهم وتقاليدهم ؟!

وكمثال وحيد ولكنه كافٍ جداً برأيي : كتاب "تحرير المرأة في عصر الرسالة" للأستاذ عبد الحليم أبو شقة (مرفوع على الشبكة)، حين تقرأ هذا الكتاب المتخصص في هذا الموضوع - والذي استقى مادته من القرآن الكريم وصحيحي البخاري ومسلم فقط - تشعر أن المرأة كانت في العصر النبوي أكثر تمكّناً من عصرنا الحالي.. ومع ذلك لا نزال نسمع عن بخس "الإسلام" للمرأة!!

أيها المفكّر العظيم.. يا أحد أذكياء العالم : ليس الإسلام.. وإنما فقهاء الإسلام ومحدثيهم ومفسريهم وحكامهم وسلاطينهم، ونحن في هذا العصر لسنا ملزمين بهذا كله.. لأن في كل عصر إمام مجدد من ذرية سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، علينا أن نتبعه بدلاً من أن نتبع كتباً صفراء بالية منذ عصور الماليك أو العباسيين.. نتبع الإمام الوارث المحمّدي كما قال تعالى (كما أرسلنا فيكم رسولاًً منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة) وكما قال (واعلموا أن فيكم رسول الله).

إذن الأمر يحتاج بحث ومعرفة. وليست المسألة حزمة كاملة "باكيدج" نأخذ بها كلها أو نطرحها كلها.. إما أن نتطرف دينياً ونتبع محمد حسان ويعقوب و..! وإما أن ننكر كل شئ بعد أن ننكر عقولنا! لا.. بل اتبع مفكراً إسلامياً محترماً مرموقاً تقتنع بكلامه ودعك من السطحية والباكيدجية وهذا الإستسهال الذي تعودنا عليه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 108-Al-Baqarah


.. مفاوضات غير مباشرة بين جهات روسية ويهود روس في فلسطين المحتل




.. حاخامات يهود يمزقون علم إسرائيل خلال مظاهرة في نيويورك


.. بايدن يؤكد خلال مراسم ذكرى المحرقة الالتزام بسلامة الشعب الي




.. نور الشريف أبويا الروحي.. حسن الرداد: من البداية كنت مقرر إن