الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللعنة على اليهود

زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)

2014 / 12 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عبارةٌ قالتها لي جارتي المتعصبة جداً لانتمائها السياسي لحزب أنصار الله الديني..كما أخبرني بها شخصٌ أعرف أنه لا يؤدي إلى الله فرضاً!!..هذه العبارة -بعد سقوط العاصمة صنعاء في يد مقاتليَّ جماعة الحوثي الشيعية المذهب- أصبحت من العبارات "الاعتيادية" و التي أصبح أيضاً من الممكن أن تسمعها عشرات المرات يومياً مُتنقلةً بقبحها في ممرات محيطك السمعي..بالطبع هذه العبارة ليست وليدة هذه المرحلة و حسب -كما سيعتقد الكثيرون- فحينها سأكون متجنيةً على الحوثيين لأن هذه العبارة قد تكون قديمة كقدم الإسلام في اليمن.

فلو تتبعنا الأصول الفكرية للطفل المسلم -بشكلٍ عام- لوجدنا أن هناك فرضية واحدة على الأغلب يتربى عليها ذلك الطفل و فحواها هو أنه أفضل من الآخرين المنتمين إلى أي أمرٍ آخر يختلف عنه..و كلمة الآخرين في العبارة السابقة لا تعني بالضرورة تفوقه فقط على الإناث و حسب بل تتسع -تلك الكلمة- كما الثقب الأسود لتبتلع كل مختلفٍ عنه..كالأسود البشرة و اليهودي و المسيحي و حتى المسلم من مذاهب أخرى تختلف عن مذهبه هو..و هي نظريةٌ لا تختلف في جوهرها كثيراً عما كان يحرص أدولف هتلر على تربية الشعب الآري عليه..أي فكرة تفوق الفرد الآري و الذي مهما كان يحمل من عيوب فهو سيكافئ حتماً بالأفضلية المجتمعية كونه ينتمي إلى هذا العرق دون غيره.

في فيلم محاكمة في نورمبرغ -المُنتج في عام 1961 م- كانت المشكلة الرئيسية التي واجهها المحامي الألماني أثناء دفاعه عن موكليه المنتمين إلى الحزب النازي هي كيفية تبريره لهيئة المحكمة -كما لجميع الشعوب التي تتابع وقائع المحاكمة- ذلك الصمت الذي أتقنه الشعب الألماني تجاه جرائم هتلر ضد اليهود و خاصةً التجار منهم..ذلك الصمت الذي تعاملت معه المحكمة على أنه خطيئة و تعامل معه الشعب الألماني على أنه من مسلمات الحياة التي لا تستحق الالتفات إليها.

ذات الأمر أجده يتكرر بذات الكيفية تجاه ما يحدث مع اليهود في اليمن و الذين تم تهجيرهم من أراضيهم سلبهم أموالهم بل و حتى عزلهم أمنياً في مجمعٍ سكني مُحصنٍ أمنياً و الذي تكفلت بإنشائه كما بحمايته دولة أجنبية "علمانية"!!..و لكن بالرغم من ذلك أجد أن هذه الصورة التاريخية المكررة لما فعله هتلر باليهود عن طريق عزلهم في غيتو محاصر ما هي إلا نتيجةٌ طبيعية لثقافة الكراهية كما لفكرة التفوق الإنساني التي يموت عليها المسلم و يحيا.

قبل فترة استمعت إلى أغنيةٍ جميلة الكلمات جداً لمطربةٍ يمنية و بعد بحثٍ بسيط اكتشفت أنها أغنية يهودية في الأصل و بعد كثير من البحث اكتشفت أن عدداً لا بأس به من الأغاني اليمنية التي راقت لي -كما راقت لسواي- هي في الأصل من التراث الإنساني اليهودي الذي يُعاد تجديده كما سرقته أمام الجميع و دون السماح لليهود حتى بإعلان عودته إليهم..فهل ستقوم وزارة الثقافة اليمنية يوماً بالاعتراف بالدور اليهودي الكبير المكون لتراث كما لثقافة هذا المجتمع؟؟..أشك أنها ستفعل ذلك أو حتى ستمتلك القدرة على المجاهرة بذلك على الأقل حتى في وجود بعض النوايا الحسنة.

عندما شاهدت فيلم قائمة شندلر لأول مرة -و الذي ما زال يُمنع بثه في كل القنوات الفضائية العربية في عنصريةٍ مقيتة لا تخفى على أحد- لم أتوقف عن البكاء بسبب مدى التوحش الذي قد يمارسه الإنسان تجاه المختلف عنه..و قد يظن البعض أن تلك المرحلة التاريخية أصبحت ماضياً انتهى و ولى الأدبار و لكنها حقيقةً ما زالت مستمرة رغم تجاهل البعض لذلك الأمر..بالطبع قد لا تصل الأمور إلى مرحلة القتل أو الإبادة الجماعية لأن القانون "قد" يمنعنا من فعل ذلك أو الاستمتاع بممارسته كما في الماضي السعيد..و لكن هناك أساليب أسوء من القتل و ليس الإذلال النفسي و النفي المجتمعي بأقل تلك الأساليب وطأة.

أعلم أني سأتعثر الآن بمن سيصرخ محتجاً بأن اليهود يمارسون في إسرائيل حالياً تجاه الأقليات المسلمة ذات العنصرية التي عانوا منها في ألمانيا أثناء حكم الحزب النازي لدولة الرايخ الثالث فلا بأس من ممارسة قليل من العنصرية المضادة تجاههم..و لكني هنا سأخبره أننا نمارس ما يمارسه أغلب المسلمون في خطابهم و هو الخلط بين أن تكون يهودياً و بين أن تكون صهيونياً..و هو ذات الخلط الذي يحتج المسلمون كثيراً على وجوده عندما يخبرهم أي شخصٍ غربي أنه لا فرق لديه بين أن يكون مسلم أو إرهابي.

المثير للسخرية أن من يدعون أنهم من النخبة المثقفة في هذه البلد -تلك النخبة التي لا أعترف بوجودها في اليمن- يمارسون ذات الأمر الذي مارسه الشعب الألماني في فيلم محاكمة في نورمبرغ..الجميع يصمت و لا يتساءل عن سبب اختفاء جاره اليهودي من منزله أو رحيله عن أرضه ليحل محله جار مسلم..و عندما يتم إقفال محلات اليهود و مصادرة بضائعهم أو شراؤها بثمنٍ بخس -بُغية التهجير السريع لهم من مساكنهم كما من أراضيهم- لا يتحدث أي شخصٍ مسلم عن حقوق المواطنة التي يُطالب دائماً و بإلحاحٍ مزعج بتطبيقها!!.

هناك أكثر من دولةٍ عربية يتواجد فيها اليهود بشكلٍ بسيط..يهود يرفضون ترك أوطانهم من أجل الهجرة إلى إسرائيل و لكننا لا نعمل على تقدير ذلك الحس الوطني الذي يملكونه بل نعمل على عقابهم في كلا الحالتين..فإن رحلوا إليها بسبب الاضطهاد الذي يُمارس ضدهم نعتناهم بالخونة و إن بقوا بيننا وجهنا نحوهم لعناتنا!!..أي أننا سلبناهم كل شيء الأرض و التاريخ و حتى كلمات الأغاني و رغم ذلك لا نكتفي بل نرغب في المزيد و ما لعنهم إلا قليلٌ من ذلك المزيد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 12 / 26 - 12:47 )
[عندما أتت امرأة كنعانية إليه تطلب منه الرحمة (إرحمني يا سيد يا ابن داود) [متى 15: 22]، ثم سجدت له لتستعطفه بذلك [متى 15: 25]، أجابها يسوع وبكل عفوية (ليس حسناً أن يُؤخذ خبز البنين ويُطرح للكلاب) [متى 15: 26]. والبنين هنا هم اليهود، وأما الكلاب فغيرهم من الأعراق مضافاً لهم هذه المسكينة الكنعانية. فلو طبقنا معاييره اليوم كما وردت في الإنجيل لأصبح لدينا صنفين من بني البشر: السادة اليهود، والكلاب، فقط لا غير] .
هكذا كان ينظر (يسوع) و (اليهود) لبقية البشر , يرونهم مجرد كلاب ؛ يجب أن لا تُعامل كالبشر! .


2 - عبدالله خلف
مريم رمضان ( 2014 / 12 / 26 - 22:02 )
ىا عبدالله خلف المسيحيين شوكه في حلقك لا تقدر أن تبتلعها لكنه يأتي اليوم الذي سوف تختنق من هذه الشوكه بإذن اللة.


3 - يامريم غمدان المسلمون شوكة في حلقكم
عبد الله اغونان ( 2014 / 12 / 26 - 23:09 )

راجعي كيف ينتشر دين الله ونور الاسلام يوميا في العالم

أتعرفين كم أسلم هذا الأسبوع ومنهم بعض المشاهير

تلااااااااااااااااااااااااااااااااااااااح


4 - تعليقك في الصميم آنسة رمضان
صخر ( 2014 / 12 / 27 - 04:17 )
والمشكلة أن عبدالله خلف لم يقرأ الإنجيل أبدا وينتقده بكره أعمى...يسوع يا عبد الله عندما قال للكنعانية -- ليس حسنا أن يؤخذ خبز البنين ويعطى للكلاب --المرأة عندما سألت يسوع ليشفي إبنتها كان موجود حين ذاك في المكان كثير من اليهود، واليهود لا يحبون الكنعانيين فإجابته القاسية ظاهريا كانت بمثابة (( تخجيل لهم )) --ولكنك لو كنت منصفا لشكرت يسوع لأنه عطف عليها وشفى إبنتها كما شفى كل من طلب منه مهما كانت قوميته أو دينه
بعدين هل يمكن لإنسان عنصري يكره الآخرين أن يكون قدوسا ويعمل عجائب بشفاء المرضى وإقامة الموتى
يسوع أتى لينشر المحبة ويقضي على كل أنواع الكره والبغضاء للآخرين

إقرأ الإنحيل بضمير وعقل مفتوح ــــــــــــــــــ وإقرأ القرآآآآن أيصا بعقل مفتوح
ولا تردد ما تسمعه من الشيوخ تجار الدين

اخر الافلام

.. شاهد: المسيحيون الأرثوذوكس يحتفلون بـ-سبت النور- في روسيا


.. احتفال الكاتدرائية المرقسية بعيد القيامة المجيد | السبت 4




.. قداس عيد القيامة المجيد بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية برئا


.. نبض أوروبا: تساؤلات في ألمانيا بعد مظاهرة للمطالبة بالشريعة




.. البابا تواضروس الثاني : المسيح طلب المغفرة لمن آذوه